- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
حصاد تركيا من قمة الناتو.. مكاسب استراتيجية أم وعود نظرية فيصلها جدية التطبيق؟
حصاد تركيا من قمة الناتو.. مكاسب استراتيجية أم وعود نظرية فيصلها جدية التطبيق؟
- 30 يونيو 2022, 11:53:56 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
وصفت الرئاسة التركية ووسائل الإعلام الرسمية مباحثات الرئيس رجب طيب أردوغان مع الزعماء الغربيين على هامش قمة الناتو واللقاء مع الرئيس الأمريكي جو بايدن والاتفاق الثلاثي مع فنلندا والسويد بأنه “انتصار” و”تحقيق لكافة المتطلبات والشروط التركية” و”خطوة استراتيجية” وغيرها الكثير من العبارات التي أجمعت على وصف ما جرى في قمة الناتو بأنه “انتصار” ومكاسب مهمة لأنقرة.
لكن في المقابل ركزت وسائل إعلام معارضة وكتاب على ضرورة “عدم الإفراط في التفاؤل” والانتظار لحين التأكد من أن ما حققته تركيا وجرى الاتفاق عليه نظرياً في القمة سيتحول بالفعل إلى إجراءات عملية ونتائج ملموسة على الأرض وهو ما شكك به الكثير من الصحافيين والكتاب الأتراك، محذرين من “الخداع الغربي المعتاد”.
وعلى الرغم من تأكيد كبار المسؤولين الأتراك طوال الأسابيع الماضية على أن بلادهم لن تسمح بانضمام فنلندا والسويد لحلف شمال الأطلسي بهذه السرعة، إلا أنه جرى الثلاثاء التوقيع على اتفاق ثلاثي يقضي برفع الفيتو التركي على انضمام البلدين مقابل تعهدات مختلفة جرى تقديمها لأنقرة، اعتبرتها بيانات ووسائل إعلام رسمية أنها “انتصار تركي وتشمل تحقيق لكافة المطالب التركية المعلنة.
وتضمنت الوثيقة التي وقعت عليها البلدان الثلاث تعهداً برفع كافة العقوبات والقيود المفروضة على الصناعات الدفاعية وصادرات الأسلحة إلى تركيا، وهو ما يعتبر انجازاً في هذه المرحلة، إلا أن الكثير من التساؤلات تبقى مطروحة أمام الضمانات التي تمنع البلدين من العودة لسياسة العقوبات مع تركيا في حال الدخول بجولة جديدة من الخلافات ومنها على سبيل المثال أي تصعيد أو صدام عسكري مع اليونان أو القيام بعملية عسكرية ضد الوحدات الكردية في شمال سوريا، كما جرى سابقاً عندما فرض البلدين عقوبات وحظر على صادرات الأسلحة لتركيا رداً على عمليات الجيش التركي شمالي سوريا.
وفي نقطة أخرى، تعهد البلدان بالعمل على تعديل قوانين مكافحة الإرهاب وتضمن البيان لأول مرة عبارات من قبيل وصف تنظيم بي كا كا وأذرعه في سوريا بـ”التنظيم الإرهابي” حيث كانت على الدوام الدول الغربية تؤكد تمييزها بين تصنيف بي كا كا على أنه تنظيم إرهابي وبين ما تقول تركيا إنها امتداداته في سوريا تحت مسمياته المختلفة “ب ي د/ واي بي جي” وغيرها من المسميات، إلى جانب ذكر غولن كـ”تنظيم إرهابي” لأول مرة من قبل دول غربية وفي نص اتفاق ما اعتبرت بمثابة “اتفاقية دولية”، إلى جانب التعهد بالتجاوب مع الطلبات التركية لتسليمها المطلوبين.
لكن في المقابل، طرحت الكثير من التساؤلات حول مدى إمكانية تطبيق هذه التعهدات وخاصة فيما يتعلق بنشاط تنظيمات غولن وأنصار بي كا كا، وكتبت مئات التغريدات من قبل صحافيين ومواطنين أتراك عبر تويتر تضمنت: متى ستخرج أول تظاهرة لأنصار بي كا كا في فنلندا والسويد؟ كيف ستتعامل الشرطة معهم؟، هل ستغير البلدان قوانين مكافحة الإرهاب بالفعل؟، أم أنها سوف تستمر في لعبتها المعتادة بالتذرع بالقوانين والقول إنها تحارب بي كا كا الذي ينشط بقوة بأسماء أخرى؟.
والأربعاء، أعلن وزير العدل التركي بكير بوزداغ أن بلاده ستطالب فنلندا والسويد بتسليمها 33 شخصا ينتمون إلى بي كا كا وتنظيم غولن، وقال الوزير: “في إطار الاتفاق الجديد، سنطلب من فنلندا تسليم ستة عناصر من بي كا كا وستة من حركة ‘فيتو’ (غولن)، ومن السويد تسليم عشرة عناصر من ‘فيتو’ و11 من حزب العمال الكردستاني”، وهو ما سيعتبر بمثابة اختبار سريع لمدى إمكانية تطبيق التعهدات النظرية فعلياً على الأرض.
وفي ملف آخر، يعتقد أن المباحثات غير المباشرة والتفاهمات التي قادت إلى موافقة أنقرة على انضمام فنلندا والسويد شملت بعض التفاهمات مع الإدارة الأمريكية، وعلى الرغم من عدم وجود تأكيدات في هذا الإطار إلا أن إدارة بايدن أعطت إشارات جديدة على دعمها تمرير صفقة بيع تركيا طائرات إف 16 لا سيما عقب اتصال هاتفي وقمة عقدت بين أردوغان وبايدن في خطوة اعتبرتها وسائل إعلام تركية أنها بمثابة “دليل على محورية دور تركيا” في قمة الناتو.
وقالت سيليست والاندر مساعدة وزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي للصحافيين في تصريحات عبر الهاتف إن تعزيز القدرات الدفاعية التركية هو تعزيز لدفاعات الأطلسي. وأضافت “الولايات المتحدة تدعم تحديث تركيا لأسطولها من الطائرات المقاتلة لأن في ذلك إسهام في أمن الأطلسي وبالتالي الأمن الأمريكي.. هذه الخطط في طور الإعداد ويجب الدفع بها لعمليات التعاقد”.
ورغم تأكيد إدارة بايدن حثها الكونغرس على تمرير الصفقة، إلا أن شراء تركيا 40 مقاتلة من طراز إف 16 وتحديث 80 طائرة أخرى بحاجة إلى تمرير فعلي من الكونغرس الذي يمكن ألا يمرر هذه الصفقة بالفعل، وستلجأ إدارة بايدن كإدارات أمريكية سابقة لتبرير الأمر بالقول إن الرئيس ليس لديه سلطة لفرض الصفقة على الكونغرس وأنه قام بما هو عليه من حثه على القيام بذلك، بحسب ما حذر كتاب أتراك.
وفي سياق آخر، يتوقع أن تستغل تركيا مخرجات قمة الناتو للبدء بعملية عسكرية جديدة ضد الوحدات الكردية في شمالي سوريا تهدد بتنفيذها منذ أشهر، حيث يتوقع أن تساعد الاتصالات مع الإدارة الأمريكية والتعهدات التي حصلت عليها أنقرة من فنلندا والسويد بدعم جهودها في مكافحة الإرهاب ولقاءات أردوغان المكوكية مع زعماء أمريكا وبريطانيا وألمانيا وإسبانيا وغيرهم حيث ركز الرئيس التركي على شرح حاجات تركيا الأمنية للقيام بالعملية العسكرية في سوريا.
وفي هذا الإطار، ستعتبر عملية عسكرية جديدة في سوريا بمثابة اختبار كبير لكافة التعهدات والاتصالات السابقة، وسكون السؤال الأكبر هل ستتلقى تركيا دعماً غربياً في العملية العسكرية المقبلة؟، أم أنها ستواجه إدانات وانتقادات وربما عقوبات كمان كان في السنوات الماضية؟.