- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
حضور تركي وإماراتي.. هكذا قلبت الطائرات المسيرة الحرب لصالح حكومة إثيوبيا
حضور تركي وإماراتي.. هكذا قلبت الطائرات المسيرة الحرب لصالح حكومة إثيوبيا
- 25 ديسمبر 2021, 11:05:16 ص
- 549
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
اتخذت الحرب الإثيوبية منعطفًا دراماتيكيًا، حيث تمكنت حكومة رئيس الوزراء "آبي أحمد" من قلب المعركة لصالحها باستخدام طائرات مسيرة من تركيا والإمارات.
وانهارت قوات "الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي" وتخلت عن خططها للسيطرة على العاصمة أديس أبابا، وانسحبت إلى حدود منطقة تيجراي، في وقت ما يزال فيه سكان التيجراي يتضورون جوعا بعيدًا عن الأنظار.
وقبل شهر واحد فقط، كانت أديس أبابا في وضع صعب بعد الهزائم المتتالية التي تعرضت لها قوات الدفاع الوطني الإثيوبية على يد قوات "الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي" التي كان بينها وبين المدينة أقل من 200 ميلًا.
تيجراي.. نجاح عسكري وفشل دبلوماسي
ولكن حتى لو كانت قوات "الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي" انتصرت في ساحة المعركة، فإن نجاحهم السياسي كان مشكوكا فيه حيث لم يشعر الإثيوبيون أو العالم الخارجي بأن لديههم برنامجًا سياسيًا قادرًا على تحقيق السلام والاستقرار.
وفي حين أن خطاب الحكومة انحدر في كثير من الأحيان إلى خطاب الكراهية ونزع الإنسانية عن الخصم، إلا أن الخطاب المهيمن لدى "الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي" كان أكثر إثارة للقلق.
واستحضر الإثيوبيون الممارسات غير الديمقراطية للجبهة عندما كانت في الحكم في الفترة من 1991 إلى 2018، مما جعلهم يخشون وصولها إلى السلطة.
وأعلنت "الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي" عن "جبهة موحدة" من مختلف الجماعات المتمردة، لكن أجنداتهم كانت غامضة.
وباستثناء "جيش تحرير أورومو" الذي لديه أتباع كُثر من جماعة أورومو العرقية الكبيرة، فإن أيًا من الجماعات الأخرى لم يكن ذا وزن كبير.
كما تفوق الهجوم العسكري لقوات "تيجراي" على دبلوماسيتها، وتزامن التقدم العسكري مع هشاشة سياسية، واستطاع "آبي" إعادة تجميع صفوف جيشه، في وقت كان فيه أكبر قلق لدى المجتمع الدولي هو الفوضى التي قد ترافق دخول "الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي" إلى أديس أبابا.
الولايات المتحدة تغير موقفها
وفي وقت سابق من هذا العام، أدانت الولايات المتحدة إثيوبيا وحليفتها إريتريا على "التطهير العرقي" في غرب تيجراي وكلفت الدوائر المعنية بإعداد تقرير داخلي ينظر فيما إذا كانت الجرائم التي ارتكبتها القوات الإثيوبية ترقى لاعتبارها إبادة جماعية، ولكن مع تقدم "الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي" في المناطق المجاورة لأمهرة وعفر، تحول الموقف الأمريكي ودعت واشنطن "الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي" للانسحاب إلى تيجراي وخفضت من إلحاحها على انسحاب القوات الإريترية من إثيوبيا.
وأبقت وزارة الخارجية الأمريكية تقريرها عن الإبادة الجماعية سريًا، بحجة أن النشر سيعقد الوصول عن حل تفاوضي.
وهناك استنتاج منطقي واحد فقط من هذا القرار هو أن التقرير توصل بالفعل إلى أن إثيوبيا وإريتريا مسؤولتان عن جرائم إبادة جماعية بحق التيجراي.
وذكر المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي "جيف فيلتمان" الإثيوبيين بأن أمريكا دعمت رؤية "آبي" ببلد متحرر متعدد الأعراق، وأنهم أعجبوا بفوزه الانتخابي بنسبة 95%.
وفيما لا يبدو الإطراء صادقا، إلا إنه يعكس الرغبة الأمريكية في استرضاء رئيس الوزراء الإثيوبي ليُبقي على الباب مفتوحًا.
تركيا والإمارات تتدخلان
وصورت دعاية "آبي أحمد" الأمر على أن الإمبريالية الأمريكية تتآمر لجلب "جبهة تحرير شعب تيجراي" إلى السلطة، وكان هذا الحشد القومي الإثيوبي إشارة إلى الصين وروسيا وقوى الشرق الأوسط بأن البلاد مستعدة لتكون بمثابة مسرح معارك لمنافسة جيو استراتيجية.
وفي الوقت نفسه، شعر "آبي أحمد" وحلفاؤه الجدد أن أمريكا تفتقر إلى العزم.
وفي رسالة إلى مجلس الأمن في 19 ديسمبر/كانون الأول، قال رئيس جبهة تيجراي "دبرتسيون جيبريمايكل" آسفًا: "لم نتلق رصاصة واحدة، ولا مركبة واحدة، ولا زيًا واحدًا، من أحد غير أنفسنا".
وكانت "تيجراي" بالفعل بمفردها، وتلقى شعب تيجراي أقل من 10% من المساعدات الأساسية اللازمة لإطعام 5 ملايين شخص يعانون من انقطاع الخدمات الأساسية مثل الاتصالات والمصارف.
وفي الوقت نفسه، زار "آبي أحمد" عواصم أجنبية لحشد الدعم وتأمين الأسلحة.
وأرسلت إيران طائرات مسيرة لكن تأثيرها كان ضئيلًا ولم تكن بقدر أهمية طائرات "بيرقدار TB2" التركية التي أثبتت سابقا أنها حاسمة في ليبيا وفي الحرب بين أذربيجان وأرمينيا.
وتم تصميم هذه الطائرات المسيرة وتجميعها في تركيا، لكن المكونات مصنعة في الولايات المتحدة والنمسا وبريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا.
وفي الوقت نفسه، يقال إن الإمارات مدت جسرًا جويًا ضخمًا من الأسلحة لدعم إثيوبيا بطائرات "وينج لوونج" المسيرة الصينية، والتي لديها مدى أطول من النموذج التركي ويمكن أن تضرب ميكيلي عاصمة تيجراي، حيث يوجد قادة تيجراي.
وهناك أدلة سابقة على أن الإمارات قدمت الطائرات بدون طيار من خلال القاعدة الجوية في عصب في إريتريا (كانت تستخدم في وقت سابق للعمليات في اليمن) وذلك في الأشهر الأولى من الحرب قبل عام.
ووفقا لأولئك الذين شهدوا ضرباتها، فإن طائرات "وينج لوونج" دمرت سلاح تيجراي بشكل فعال.
واختفت تلك الطائرات المسيرة من سماء تيجراي عندما رحلت الإمارات من عصب (بضغط من إدارة بايدن)، لكنها عادت الآن.
دوامة الشرق الأوسط تبتلع أثيوبيا
وحاليا، تواجه الولايات المتحدة وأوروبا وعدد متزايد من القادة الأفارقة 3 تحديات متداخلة بشأن الوضع في إثيوبيا.
الأول هو أن "آبي" لا يظهر أي اهتمام بآليات صنع السلام، بل إن أسلوبه يعتمد على صنع الصفقات الشخصية، وتظل الاتفاقية (التي فاز بسببها بجائزة نوبل للسلام) سرا بينه وبين الديكتاتور الإريتري "أسياس أفورقي" ورعاتهما في أبوظبي والرياض، ولم يعثر أي من محاوري "آبي" رفيعي المستوى على صيغة لجعله يشارك بشكل منهجي مع ما هو مطلوب للسلام.
أما الثاني فهو أن إثيوبيا قد ابتلعتها الآن دوامة صراعات القوة في الشرق الأوسط، وأصبح من الممكن جدًا تكرار سيناريو حروب الوكلاء المزعزعة للاستقرار التي رأيناها في ليبيا وسوريا واليمن، وهو ما أشار إليه بوضوح مبعوث الاتحاد الأوروبي الخاص السابق للقرن الأفريقي "أليكس روندوس" في وقت سابق من هذا الأسبوع.
أما التحدي الثالث والأكثر إلحاحا، فهو حدوث إبادة جماعية في تيجراي، وقد أوضح " أفورقي" نيته في سحق تيجراي، وإذا أعادت قواته احتلال المنطقة فلن يظهروا أي رحمة.
وتشير التقارير إلى أن قوات المشاة الآلية الإريترية تحتشد على حدود تيجراي بينما تستنزف الطائرات المسيرة قوات تيجراي.
وقام "آبي أحمد" ومؤيدوه بتصعيد وشرعنة خطاب نزع الإنسانية عن شعب تيجراي بأكمله في الوقت الذي يصرون فيه على أنهم يستهدفون "جبهة تحرير شعب تيجراي" فقط، ولكن يبدو أنهم غير صادقين.
ويعد "أفورقي" هو السيد الكبير في هذه اللعبة، وهو معتاد على القيام بضربته عندما يكون الاهتمام الدولي متجها نحو مكان آخر، فقد سحق حركة الديمقراطية في إريتريا بعد أسبوع واحد من 11 سبتمبر/أيلول، كما تزامن توقيت العمل العسكري ضد تيجراي مع ليلة الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
ومن المتوقع أن يستغل "أفورقي" موسم العطلات القادمة لذلك يجب أن يكون قادة العالم في حالة تأهب حتى لا تصبح احتفالات السنة الجديدة فرصة لذبح الأبرياء.
المصدر | أليكس دي وال/ ريسبونسبل ستيتكرافت