حكايات إحسان عبدالقدوس : قصة غير تقليدية

profile
  • clock 12 يونيو 2021, 5:47:59 م
  • eye 764
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

كانت فتاة في السادسة عشرة من عمرها عندما أحبت، كان يمكن أن تسعد بحبها، لكن طموحها غلف هذا الحب بغلاف سميك فلم تعد تحس به، وظنت أنها تستطيع أن تستغني عنه! 

وسارت في الطريق الطويل الذي اختارته لنفسها وهو لا ينتهي.. ولم يعد الرجال في حياتها سوى درجات سلم تصعد عليه، وبعضهم غذاء لابد منه إلى أن وصلت أو تعبت من كثرة الصعود، فجلست تستريح على إحدى القمم! واسترخى طموحها، وبدأ الغلاف السميك ينزاح عن عواطفها،ةوعادت تشعر بالحب من جديد تجاه ذات الرجل الذي اختارته عندما كانت في السادسة عشرة من عمرها. 

وبدأت تتساءل: هل أخطأت عندما ضحت به من أجل طموحها؟ وبدأت تحس بالندم! وشعرت أنها أضاعت عمرها في سبيل أوهام!! إن كل ما وصلت إليه أوهام.. المال والشهرة والنجاح كلها أوهام! والحقيقة الوحيدة في حياتها أضاعتها بيديها وهي الحب. 

وخرجت تبحث عنه بعد أربعة وعشرين عاماً وهي في الأربعين من عمرها، ووجدته مازال قويا يافعا مرحا كما كان في شبابه. وتقدمت إليه في خطى مرتجفة وعيناها معلقتين بوجهه الأسمر.. ونظر إليها وكأنه تذكر شيئاً ثم صاح في دهشة :"ياه مالك عجزت كدة؟ اللي يشوفك يقول عليك أن أنتي أكبر مني"!! وشعرت كأنه طعنها .. إنها بالفعل تبدو عجوز.. لقد إمتص طموحها كل شبابها، وكل حيويتها، وتركها بالفعل كالبرتقالة الممصوصة!! 

قالت له في صوت حزين: حدثني عن نفسك. 

ولم يحدثها وإنما جذبها من يديها وكأنها طفلة، وسار بها إلى بيته.. بيت متواضع بسيط ليس فيه نجف كريستال ولا مقاعد فخمة، لكن فيه ضحك ومرح وطيبة وحب.. زوجته تضحك وأولاده يضحكون والمقاعد الخشبية تضحك! 

وقال لزوجته وهو يقدمها إليها: ألا تعرفينها.. إنها حبي الأول. 

ردت الزوجة مرحبة بها: أهلا.. وأنا حبه الأخير. 

وعادت المرأة الطموح إلى قصرها الأنيق.. إلى الوحشة والفراغ والندم. 

وبعد.. هذه قصة قصيرة كتبها أبي الراحل إحسان عبدالقدوس عليه ألف رحمة قبل أكثر من ستين عاما سنة 1956. 

وأسألك رأيك.. عن قصة حبيبي أبي، واحترس من أن تكون إجابتك: وهل يريد والدك أن تقتل كل فتاة طموحة! وتتزوج وتجلس في بيتها باسم الحب؟ وإذا تصورت حضرتك ذلك فأنت مخطئ تماماً ولم تفهم ما كتبه، أنه فقط يدعو كل فتاة إلى التوازن بين أحلامها الخاصة والعامة.. بين قلبها وعقلها. وهذا منتهى العقل. 

التعليقات (0)