- ℃ 11 تركيا
- 24 نوفمبر 2024
حمدي عبدالعزيز يكتب : ثم فجأة تصحو الدولة فتطرد المواطن
حمدي عبدالعزيز يكتب : ثم فجأة تصحو الدولة فتطرد المواطن
- 11 يونيو 2021, 9:44:53 م
- 2380
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بادئ ذي بدء - لاأحد يستطيع أن يختلف - مبدئياً - علي أهمية شق طريق أو محور ، ولاأحد يختلف (مبدئياً بالتلازم مع ذلك) حول قيمة ذلك في تطوير وتحديث حياة البشر ..
ومن الممكن ومن الجائز بل ومن الحق أحياناً أن ينشأ الخلاف حول الضرورة والتوقيت وفقاً لفقه الأولويات وظروف الإنفاق العام ، وهذا موضوع آخر يستلزم مساحة مستقلة للحديث ..
ولكن ليس من المنطق أو المقبول ولاحتي المعقول أن ترتب عائلات من المصريين حياتها علي مدي مايقترب من قرن كامل في ديار دفعوا أثمان أراضيها وبأشكال قانونية اعترفت بها الدولة وقننت أوضاعها منذ مايقترب من عشرات السنين ، وتعاملت مع هذه الأوضاع السكنية بشكل قانوني لاتشوبه شوائب ..
ثم تصحوا الدولة فجأة لتتنبه إلي عدم قانونية هذه الأماكن والبنايات والسكنية علي تنوعها ، وتفاوت تكلفتها ، مابين الآلاف ومئات الالآف
وتتالي وتعاقب الأجيال الوارثة لها ، ومشتريها ، لتقوم بالإزالة الفورية لكل هذه المواضع السكنية ليترتب علي ذلك تشريد عشرات الأسر ومئات الأفراد في العراء دون توفير البدائل السكنية ، وبتعويض قدره 75000 جنيها كحد أقصي للتعويض بمالايساوي تكلفة تشطيب حمام في شقة متواضعة (هذا إذا ماحدث وتقرر استحقاق أحدهم للسقف الأعلي للتعويض) .
وعلي كل من لايرضيه هذا أن يقوم بخبط رأسه في الحائط ..
(أو بمعني أصح فليخبط رأسه في أطلال حوائط بيته المنهدمة) ..
هذا بالضبط مايحدث في المناطق التي سيمر منها محور المحمودية المزمع بنائه في القري التابعة لمركز المحمودية ، وغيره من مراكز محافظة البحيرة والقري المتماسة مع المحور بشكل عام ، من اقتلاع لأسر كاملة من منازلها إلي عرض الطريق بلا موضع سكن أو مأوي بديل .
لاخلاف كما قلنا في حال الاتفاق علي أهمية المحور أو فوائده التنموية بشكل مبدئي ..
، ولكن وما أن بدأ المشروع يوضع موضع التنفيذ .. فكان ينبغي أن تتم معالجة عمليات الإزالة بشكل عادل لايترتب عليه تشريد أسرة أو الإضرار الجسيم بمستقبل وحياة بشر ليس ذنبهم إلا أنهم عاشوا عشرات السنوات وتوارثوا وابتاعوا مواضع سكني بأوراق رسمية وقانونية مرت عبر منافذ الدولة ..
أسر عاشت وتعاقبت أجيالها عبر عشرات السنوات علي أوضاع (فلنقل كحد أدني أنها كانت تحت سمع وبصر ورعاية ومباركة أجهزة الدولة) من حقهم علي الأقل أن تدفع الدولة لهم ثمن تصالح وتعايش ومباركة أجهزتها لهذه الأوضاع (حتي وأن اكتشف أنها كانت في الأصل غير محققة من الناحية القانونية) ..
سننحي الأبعاد الإجتماعية والحقوقية التي تحتم معالجة هذه الأوضاع معالجة عادلة ، لاتجعل من لاذنب له يدفع ثمناً لأعمال ارتكبها أولي الذنب والخطيئة الأصلية .. خطيئة التخطيط العشوائي وإهمال التخطيط والتنمية الشاملة لعشرات السنين ، فضلاً عن الفساد الإداري الذي نخر سوسه منذ عقود طويلة في صلب هياكل أجهزة الحكم المحلي والإدارات المحلية فأدي ذلك إلي خلط الباطل بماهو حق وخلط الحقوق بماهو بطلان .. فكانت النتائج فيمانري ونعيش وندفع ، ويدفع الكثيرون من المنضغطين معيشياً في هذه البلد من أثمان لاقبل لهم بفداحتها .
سننحي هذه الأبعاد جانباً الآن لنصرخ في أصحاب القرار والحل والعقد لعلهم يسمعون ..
العدل فوق القوة
والرحمة فوق العدل ..