-
℃ 11 تركيا
-
7 أبريل 2025
حين تتحول المهنة إلى بطولة في غزة.. وداعًا محمود أبو عمشة
حين تتحول المهنة إلى بطولة في غزة.. وداعًا محمود أبو عمشة
-
7 أبريل 2025, 12:59:20 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الدكتور الشهيد محمود أبوعمشة
استُشهد اليوم في قطاع غزة الدكتور محمود أبو عمشة، أحد أطباء مستشفى كمال عدوان، بعد رحلة قصيرة في عمرها، عظيمة في عطائها. لم يكن الدكتور محمود طبيبًا مخضرمًا ولا خبيرًا في سنوات طويلة من العمل الطبي، بل كان لا يزال في بداياته، حديث عهد بالحياة العملية. لكنّ الحرب الصهيونية الوحشية على غزة لم تترك له خيارًا سوى أن يتحول إلى بطل ميداني، يقف وحده في خطوط النار، داخل مستشفى يعجّ بالجرحى والمصابين، ويفتقر لأبسط الإمكانيات.
في خضم العدوان، وجد الدكتور محمود نفسه وحيدًا في قسم الجراحة، لا يملك من الخبرة إلا القليل، لكنّ روحه كانت ممتلئة بالإصرار والإنسانية. دخل غرفة العمليات مرارًا وتكرارًا، متحديًا القصف ونقص الأدوات، من أجل إنقاذ أرواح لا ذنب لها سوى أنها وُجدت في غزة. وعلى الرغم من ظروف الحرب القاسية وخبرته المحدودة، نجح محمود في إجراء عشرات العمليات الجراحية المعقدة، وتعافى عدد كبير من المصابين بفضل جهوده المباركة.

لم يكن محمود وحده في هذا الطريق، فقد وقف إلى جانبه كل من الدكتور حسام أبو صفية والدكتور محمد بريكة، واللذان قدّما له الدعم والتشجيع، وكان لهما دور بارز في رفع معنوياته ودفعه للاستمرار في العمل رغم كل المخاطر. شهادتهما في حق محمود تؤكد أنه لم يكن مجرد طبيب يؤدي واجبه، بل كان جنديًا في معركة الحياة، يعمل بصمت، وينبض بالحب لأهله ووطنه.
رحل الدكتور محمود اليوم، لكنّه ترك خلفه سيرة تفيض بالشرف والتضحية، وسجّل اسمه في سجلّ الأبطال الذين حملوا رسالتهم بإخلاص حتى الرمق الأخير. استشهاده ليس خسارة شخصية فحسب، بل هو فقدان لقيمة إنسانية عظيمة، وطبيب واعد كان يمكن له أن يغيّر حياة كثيرين، لولا أن رصاص الاحتلال باغته قبل أن يكتمل حلمه.
ستظل غزة تذكر محمود أبو عمشة، الطبيب الشاب الذي خاض معركته منفردًا في ميدان الطب والكرامة، ورحل جسده وبقيت روحه تحلّق فوق رؤوس الأحرار.










