- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
خبير استراتيجي: لا أرجح امتداد الحرب في غزة إلى نطاق إقليمي
خبير استراتيجي: لا أرجح امتداد الحرب في غزة إلى نطاق إقليمي
- 10 نوفمبر 2023, 1:05:50 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
سلط أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد، ستيفن والت، الضوء على تداعيات العدوان الحرب في غزة الجيوسياسية بعيدة المدى، مشيرا إلى أن الأحداث في جزء صغير من العالم لا تؤدي عادة إلى إحداث تأثيرات واسعة النطاق في مناطق أخرى، لكن هذه القاعدة ليست على إطلاقها، فلكل قاعدة استثناءات، وربما تكون الحرب الحالية في غزة واحدة منها.
وذكر والت، في مقال نشره في مجلة "فورين بوليسي"، أنه لا يعتقد أننا على شفا الحرب العالمية الثالثة، ولا يرجح حتى امتداد الحرب إلى نطاق إقليمي، لكنه لا يستبعده تمامًا.
وأضاف أن أيًا من الدول أو الجماعات الموجودة على هامش الحرب، مثل إيران وحزب الله وروسيا وتركيا، ليست حريصة على الانخراط في الحرب بشكل مباشر، فيما يحاول المسؤولون الأمريكيون إبقاء الصراع في نطاق غزة فقط، لأن تكلفة الصراع الإقليمي الأكبر ستكون خطرة، ومع ذلك تظل الحرب ذات تداعيات على "جميع أنحاء العالم" حسب تقديره.
وتابع: "لكي نرى هذه العواقب الأوسع نطاقاً، فمن المهم أن نتذكر الحالة العامة للجغرافيا السياسية قبل أن تشن حماس هجومها المفاجئ في السابع من أكتوبر".
فقبل هجوم حماس، كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) يشنون حربًا بالوكالة ضد روسيا في أوكرانيا، وكان هدفهم هو مساعدة أوكرانيا على طرد روسيا من الأراضي التي استولت عليها بعد فبراير 2022.
ولكن الحرب لم تسر على ما يرام، إذ توقف الهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا في الصيف، وبدا أن ميزان القوة العسكرية يتحول تدريجياً نحو موسكو، وتلاشت الآمال في أن تتمكن كييف من استعادة أراضيها المفقودة إما بقوة السلاح أو من خلال المفاوضات.
وكانت الولايات المتحدة تشن آنذاك حربًا اقتصادية فعلية ضد الصين، بهدف منع بكين من السيطرة على إنتاج أشباه الموصلات، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمومية، وغيرها من مجالات التكنولوجيا الفائقة.
وبحسب الرؤية الأمريكية فإن الصين هي المنافس الأساسي على المدى الطويل، ولذا كانت إدارة الرئيس، جو بايدن، تعتزم تركيز المزيد من الاهتمام على هذا التحدي.
ووصف مسؤولو الإدارة الأمريكية القيود الاقتصادية المفروضة على الصين بأنها مركزة بإحكام، أي أن ساحتها صغيرة وسياجها مرتفع، وأصروا على أنهم كانوا حريصين على أشكال أخرى من التعاون مع الصين.
حالة تدهور الأمور في آسيا ستضعف حتماً، حسبما يرى والت، مشيرا إلى أن تقديره هذا بفرض أن الحرب في غزة لن تتوسع لتشمل لبنان أو إيران، لكن هكذا توسع من شأنه أن يدفع الولايات المتحدة وآخرين إلى وضع جديد وأكثر فتكاً ويستنزف المزيد من الوقت والاهتمام والموارد.
ومن زاوية أخرى، يشير والت إلى أن الحرب في غزة تمثل كارثة بالنسبة لأوكرانيا، إذ تهيمن على التغطية الصحفية والإعلامية، وتزيد من صعوبة حشد التأييد لحزمة المساعدات الأمريكية الجديدة، التي يرفضها الجمهوريون في مجلس النواب بالفعل.
وأظهر استطلاع للرأي، أجرته مؤسسة جالوب في الفترة من 4 إلى 16 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن 41% من الأمريكيين يعتقدون أن الولايات المتحدة تقدم لأوكرانيا قدراً أكبر مما ينبغي من الدعم، مقارنة بـ 29% فقط في يونيو/حزيران.
فالصراع في أوكرانيا أصبح حرب استنزاف طاحنة، ما يعني أن المدفعية تلعب دوراً مركزياً في ساحة المعركة، ومع ذلك، لم تتمكن الولايات المتحدة وحلفاؤها من إنتاج ما يكفي من الذخائر لتلبية احتياجات أوكرانيا، ما أجبر واشنطن على السحب من المخزونات الموجودة في كوريا الجنوبية وإسرائيل لإبقاء كييف في حالة استعداد قتالي.
والآن، بعد أن أصبحت إسرائيل في حالة حرب، فإنها ستحصل على بعض قذائف المدفعية أو غيرها من الأسلحة التي كانت ستذهب إلى أوكرانيا.
ومواقف الكثيرين في الجنوب العالمي، حيث لم يدعم زعماء دول الجنوب الغزو الروسي لأوكرانيا، لكنهم كانوا غاضبين مما اعتبروه معايير مزدوجة واهتمامًا انتقائيًا من جانب الولايات المتحدة فيما يخص حرب غزة.
وكان الرد الإسرائيلي على "طوفان الأقصى" ومقتل آلاف المدنيين سببا في التعاطف مع المحنة التي يعيشها الفلسطينيون في بقية أنحاء العالم، بدرجة أكبر كثيراً من التعاطف في الولايات المتحدة أو أوروبا، بحسب والت، الذي أشار إلى أن هذا التعاطف سيزداد كلما طال أمد الحرب وكلما زاد عدد القتلى من المدنيين الفلسطينيين، خاصة عندما تميل الحكومة الأمريكية وبعض السياسيين الأوروبيين البارزين بشدة إلى تأييد إسرائيل.
وكما قال أحد كبار دبلوماسيي مجموعة السبع لصحيفة فايننشال تايمز في الشهر الماضي: "لقد خسرنا المعركة في الجنوب العالمي بكل تأكيد. لقد ضاع كل العمل الذي قمنا به مع الجنوب العالمي انسَ القواعد.. انسَ النظام العالمي. لن يستمعوا إلينا مرة أخرى". ويرى والت أن تصريح الدبلوماسي "قد يكون مبالغا فيه، لكنه ليس خطأ"، خاصة أن أحداث غزة غطت إعلاميا على مآس أخرى حدثت في الجنوب ولم يهتم بها الغرب.
ففي نفس الأسبوع الذي اندلعت فيه حرب غزة، أفادت الأمم المتحدة أن ما يقرب من 7 ملايين شخص نزحوا حاليا في جمهورية الكونغو الديمقراطية، معظمهم نتيجة للعنف هناك، وهو خبر أحدث بالكاد صدى ضئيل في الإعلام الغربي، على الرغم من أن عدد ضحاياه من البشر أكبر كثيرا من مقارنة بعدد الضحايا في إسرائيل أو غزة.
ولذا يتوقع والت أن لا يكون التعامل الغربي مع دول الجنوب العالمي سهلا في المستقبل، وأن لا يعير مسؤولو هذه الدول إلا قدراً ضئيلاً من الاهتمام لكل "الثرثرة حول الأعراف والقواعد وحقوق الإنسان" حسب تعبيره، مشيرا إلى أنه لن يتفاجأ إذا بدأت المزيد من الدول في رؤية الصين كثقل موازن لواشنطن.
وأخيرا، يرى والت أن حرب غزة لا تصب في صالح سمعة الولايات المتحدة فيما يتصل بكفاءة سياستها الخارجية، ففشل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في حماية إسرائيل قد يلطخ سمعته إلى الأبد، لكن مؤسسة السياسة الخارجية الأميركية لم تتوقع حدوث هذا النزيف أيضاً، ولم يساعدها ردها حتى الآن.
وإذا كان هذا الفشل مصحوباً بنتيجة غير سعيدة في أوكرانيا، فإن الدول الأخرى لن تشكك في مصداقية الولايات المتحدة فقط، بل في حكمها أيضا، بحسب والت.