- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
خلافات القوى السياسية تهدد بشلل سياسي وتضع لبنان على مفترق طرق
خلافات القوى السياسية تهدد بشلل سياسي وتضع لبنان على مفترق طرق
- 4 يونيو 2022, 4:17:31 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بيروت – وكالات: قال اللواء عباس إبراهيم مدير عام الأمن اللبناني إن مخاطر الشلل السياسي ازدادت منذ أن أسفرت الانتخابات التشريعية التي جرت الشهر الماضي عن برلمان متشرذم، محذراً من «كارثة» في ظل عدم وجود أغلبية لإقرار القوانين. كما أبدى إبراهيم قلقه بشأن عدم الاستقرار الاجتماعي قائلاً «نحن قلقون من عدم الاستقرار الاجتماعي أكثر من عدم الاستقرار السياسي» في بلد يعاني من واحدة من أسوأ الأزمات المالية في العالم.
وأماطت الخلافات بين القوى السياسية اللبنانية خلال الأيام القليلة الماضية بشأن الشخصية التي ستتولى رئاسة الحكومة ورئاسة البلاد اللثام عن جزء لو بسيط من حجم التحدي الذي يواجه لبنان في المرحلة المقبلة. وتجلى ذلك في إصرار سمير جعجع رئيس حزب «القوات اللبنانية» على رفض أي حليف لحزب الله لمنصب رئيس الوزراء، وتأكيده على مقاطعة الحكومة إذا تشكلت على غرار الحكومات السابقة، قائلاً: «إذا حكومة مثل العادة مع الكل أكيد ما منوافق وما منشارك».
الانقسامات
وعلى الرغم من الانقسامات بين القوى السياسية، ترى مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، بارقة أمل بشأن إمكانية تحجيم نفوذ حزب الله، وسيطرته على شؤون البلاد التي تشهد إحدى أسوء الأزمات الاقتصادية في التاريخ الحديث. وذكرت المجلة أن «لبنان بات لديه الآن تحالف معارض بعد انتخابات برلمانية قضت على طموح الحزب».
وقالت في تقرير لها: «لقد أصبح لبنان دولة فاشلة ومصدراً عالمياً للمخدرات والإرهاب، ومرة أخرى لعدد متزايد من اللاجئين». وإن واشنطن «التي تأثرت بفشلها في نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط، وتدور حول كل ما يتعلق بإيران، قصرت سياستها في لبنان على إدارة الأزمات». وأضافت: «لكن الانتخابات البرلمانية اللبنانية التي أجريت في 15أيار/ مايو الماضي، شهدت أول التحركات لتحالف محتمل قادر على كبح وربما إزاحة حزب الله وسيطرته الحديدية على البلاد، حيث خسرت الجماعة المسلحة وحلفاؤها الأغلبية البرلمانية ويواجهون الآن أكبر معارضة منذ عام 2009».
ورأت «فورين بوليسي» أن هناك «تحالفاً فضفاضاً» من حزب القوات اللبنانية والعديد من المستقلين بما يصل إلى 60 مقعدًا من إجمالي 128 مقعدًا يتألف منها البرلمان.
وقالت إنه على الرغم من أن المجلس الجديد أعاد انتخاب نبيه بري حليف حزب الله، رئيسا للبرلمان، إلا أنه نجح في ذلك بأغلبية ضئيلة بـ65 صوتاً من أصل 128 صوتا، مقابل 98 صوتا حصل عليها عام 2018، «وهو مؤشر على تراجع التأييد للحزب».
وأضافت المجلة: «تعمل المعارضة على تحفيز السياسة الخارجية أيضًا». ودللت على ذلك بتحميل البطريرك الماروني بشارة الراعي، حزب الله مسؤولية زعزعة الاستقرار وصد الاستثمارات الأجنبية وقتل النمو الاقتصادي بالبلاد، حيث يرى الراعي أن المخرج من أزمة لبنان هو نزع سلاح حزب الله والحياد الإقليمي، وكذلك إحياء هدنة الأمم المتحدة عام 1949 بين لبنان وإسرائيل.
وتابعت: «اشترطت المنظمات الدولية الإصلاح لمساعدة لبنان مالياً، لكن حلفاء حزب الله السياسيين أوقفوا الإصلاح، خشية أن تجف تدفقات الأموال الفاسدة التي اعتادوا عليها. وكان الراعي من أوائل من لفت الانتباه إلى الرواية القائلة إن الإصلاح لن يحدث دون نزع سلاح حزب الله أولاً.
واختتمت «فورين بوليسي» تقريرها بالقول: «وفي ظل مكانته كزعيم ديني لا يمكن المساس به، أصبح الراعي صوت الحركة المعارضة الجديدة التي تطالب بنزع سلاح حزب الله». ورأت أنه «يجب على واشنطن أن تؤيد رؤية الراعي الوطنية والإصلاح الشامل وأن تنظر في دعوته لزيارة البيت الأبيض».
أما صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، فلم تعول كثيراً على ما أفرزته نتائج الانتخابات البرلمانية، معتبرة أنها لم تأت بمفاجآت من العيار الثقيل تتمثل في وجوه جديدة يمكنها إقالة البلاد من عثرتها الاقتصادية العنيفة التي يعاني منها حوالي ستة ملايين لبناني بسبب تكاثر الضغوط على البلاد التي أصبحت على حافة الإفلاس. وأشارت إلى رؤية البنك الدولي للأزمة الاقتصادية الطاحنة التي يعانيها لبنان والتي أرجعها إلى «كساد متعمد» بسبب سياسات النخبة الحاكمة، مرجحا أن التقسيم الطائفي للمناصب السياسية العليا كان وراء فشل الإدارة في تفادي تلك الكارثة. وقالت «الإندبندنت» إن الانتخابات البرلمانية، في لبنان الذي فقدت عملته المحلية (الليرة) حوالي 90 % من قيمتها، «لم تسفر عن تحول كبير».
وأضافت أن الانتخابات البرلمانية جاءت بنفس القوى السياسية والأحزاب التي كانت تسيطر على المشهد السياسي في البلاد، «وعلى الرغم من أن تلك القوى أصابها بعض الوهن، لكنها لا تزال تتمتع بالقدر الكافي من القوة للسيطرة على البرلمان».
ونقلت الصحيفة عن راندا سليم، مديرة وحدة فض المنازعات بمعهد دراسات الشرق الأوسط، قولها إن «التكتلين المتعارضين في كل شيء تقريبا، سوف يضبطان الإيقاع السياسي في البلاد. إنهما لا يتقابلان وجها لوجه وهما نتاج للمؤسسة السياسية».
ورجحت أن «العملية التشريعية لن تصبح كما كانت عليه من قبل. فقد تسفر هذه الأفكار المتعارضة عن مأزق سياسي ممتد».
وترى مها يحيى، مديرة مركز مالكولم كير كارنيجي لدراسات الشرق الأوسط، أن الانتخابات أسفرت عن «برلمان منقسم» وأكثر تفتتا مما كان عليه قبل هذه الانتخابات، «وهو ما قد يؤدي بدوره إلى معوقات، تعترض طريق قرارات مصيرية مثل تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي يحتاجها قرض صندوق النقد الدولي».
الانتخابات
جاءت تصريحات مدير الأمن عباس إبراهيم خلال مقابلة نشرتها أمس الخميس مجلة الأمن العام التي تصدرها المديرية العامة للأمن العام اللبناني. وقال «هذه النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات يمكن أن تُحدث كارثة، لأن لدينا تكتلات سياسية كبيرة مع اتساع الفجوة بينها في مختلف القضايا، ولا توجد أغلبية لإقرار القوانين». وأسفرت الانتخابات التي جرت في 15 مايو/أيار، وهي الأولى في لبنان منذ الانهيار الاقتصادي في عام 2019، عن خسارة جماعة حزب الله المدججة بالسلاح والمدعومة من إيران وحلفائها لأغلبيتهم في مجلس النواب. وفاز مرشحون جدد يتبنون أفكاراً إصلاحية وحزب القوات اللبنانية وهو حزب مسيحي متحالف مع السعودية بمزيد من المقاعد. ويقول محللون إن المزيد من الانقسام في البرلمان يعزز احتمالات الشلل السياسي والتوتر بين الفرقاء السياسيين اللبنانيين، في وقت تمس فيه حاجة البلاد إلى قرارات حكومية لمعالجة الأزمة الاقتصادية.