- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
دبلوماسية أردوغان قبل الانتخابات.. بين الحاجة للخطاب “الشعبوي” والحفاظ على مكتسبات “صفر مشاكل”
دبلوماسية أردوغان قبل الانتخابات.. بين الحاجة للخطاب “الشعبوي” والحفاظ على مكتسبات “صفر مشاكل”
- 7 أبريل 2023, 8:46:06 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
إسطنبول- “القدس العربي”:
يجد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يستعد لخوض أهم انتخابات في تاريخه السياسي، صعوبةً بالغةً في استخدام خطابه الانتخابي التقليدي القائم على “الخطاب الحاد” والسياسات “الشعوبية” خاصة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، وذلك في محاولة للحفاظ على مكتسبات الحملة الدبلوماسية الواسعة والمرهقة التي خاضها طوال العامين الماضيين، والتي سعى من خلالها إلى العودة لسياسة “صفر مشاكل”.
وفي الانتخابات التي خاضها طوال العشرين عاماً الماضية، كان أردوغان دائما ما يستخدم الخطاب الشعبوي ضد العديد من الدول والجهات التي تقف على خلاف مع تركيا، وذلك في محاولة لجذب أصوات القوميين والمحافظين الأتراك الذين يمثلون أوسع شريحة من الناخبين، وهم مَن يمثلون أيضاً القاعدة الشعبية الأساسية التي تدعم أردوغان وتحالفه المكون من حزب العدالة والتنمية المحافظ، وحزب الحركة القومية القومي المتشدد.
لكن هذا الخطاب كان على الدوام يتسبب في “خسائر دبلوماسية” حيث ساهم في تعميق الخلافات مع العديد من الدول والأطراف الدبلوماسية وكان يحتاج إلى أشهر طويلة عقب الانتخابات من أجل ترميم هذه الأضرار وإعادة بناء العلاقات مع الدول والزعماء الذين كان يهاجمهم ويهينهم ويتوعدهم في كثير من الأحيان.
أما اليوم، فإن الكثير من المتغيرات والظروف الداخلية والخارجية تجعل من هذا الخطاب غير صالح لهذه المرحلة، كما أنه يبدو مغامرة كبيرة قد تلحق أضرارا لا يمكن إصلاحها في حال تمكن بالفعل من الفوز في الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة في الرابع عشر من أيار/ مايو المقبل.
ففي حين أن الخطاب القومي والهجومي يساهم في تعزيز فرصه بالفوز في الانتخابات التي تعتبر الأصعب، وتشكل خطراً حقيقياً على استمراره في الحكم، وهو ما يولد حاجة ماسّة لكل صوت، إلا أنه يحمل في ذات الوقت مغامرة كبيرة بخسارة كل الجهود التي بذلها على مدار السنوات الماضية لترميم العلاقات التي ساءت مع الكثير من الدول حول العالم، وهو ما يعني مشاكل عميقة جداً لفترته الرئاسية المقبلة في حال فوزه بالانتخابات.
وحتى الآن، وعلى الرغم من عدم اشتداد الحملة الانتخابية بعد، إلا أن أردوغان لم يظهر أي خطاب شعبوي يتعلق بالسياسة الخارجية ويظهر كمن يحاول الحفاظ على هدوئه وتقديم خطاب وسطي يلامس شريحة المحافظين والقوميين، ولكن من دون تصعيد كبير في الخطاب، قد يؤدي إلى أزمات دبلوماسية وخسارة مسار العودة إلى سياسة “صفر مشاكل”.
وبفضل المسار الدبلوماسي الجديد، نجح أردوغان في إعادة تطبيع العلاقات مع العديد من الدول حول العالم، على الرغم من وصول بعضها إلى مستوى القطيعة والعداء، حيث نجح تباعاً في إعادة تطبيع العلاقات مع الإمارات والسعودية ومصر وإسرائيل وغيرها الكثير من الدول، وسط تراجع ملحوظ في الخلافات مع الاتحاد الأوروبي والإدارة الأمريكية.
لكن ذلك لا يخلو من بعض المواقف التي تحمل طابع الخطاب القومي الذي يشتد قبيل الانتخابات، ولكن هذه المرة بحذر أكبر، بحيث لا يمس دولا يصعب ترميم العلاقات معها كمصر والسعودية والإمارات، ومن دون التصعيد الكبير الذي قد يصعب ترميمه كما جرى مع إسرائيل وأمريكا مؤخراً.
فقبل أيام، وجّه أردوغان انتقادات حادة للسفير الأمريكي في أنقرة، جيف فليك، على خلفية زيارة الأخير لزعيم حزب الشعب الجمهوري ومنافسه الرئاسي كمال كليتشدار أوغلو، وقال أردوغان في كلمة خلال افتتاح مشاريع في إسطنبول: “أدعو السفير الأمريكي في تركيا إلى عدم تجاوز حدوده، والالتزام بمهام منصبه”، مضيفاً: “في الانتخابات القادمة علينا تلقين الولايات المتحدة درسا”، مشيرا إلى أن “بايدن يتكلم من هناك (من الولايات المتحدة)، وسفيره هنا ماذا يفعل؟ يذهب لزيارة كمال.. هذا معيب”.
وتعقيباً على التصعيد الإسرائيلي في القدس المحتلة والاقتحام الأخير للمسجد الأقصى، اعتبر أردوغان ما جرى “تجاوزاً للخط الأحمر”، مضيفاً: “لا يمكن أن تبقى تركيا صامتة عن هذه الهجمات. إن الاعتداء على المسجد الأقصى هو خط أحمر بالنسبة لنا.. الفلسطينيون ليسوا وحدهم”.
من جهته، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو: “ندين بشدّة هذه الهجمات.. التطبيع مع إسرائيل بدأ لكنّ التزامنا لا يمكن أن يكون على حساب القضية الفلسطينية ومبادئنا”، معتبرا أن “هذه الهجمات تخطّت الحدود”.
وفيما يتعلق بسوريا، وبدلاً من التنديد بنظام الأسد الذي ساد طوال الانتخابات الماضية، كثفت تركيا مساعيها للانتقال إلى خطوات عملية في مسار تطبيع العلاقات مع النظام السوري بوساطة روسية.
وعلى عكس المعتاد، يتوقع أن يعتمد أردوغان في جزء من خطابه الانتخابي على “إنجازات” مسار إعادة تطبيع العلاقات، بالتأكيد على أنه نجح في إنهاء خلافات تركيا مع العديد من الدول، وأن هذه الخطوات سوف تساهم في علاقات سياسية واقتصادية أفضل ستعود بالنفع على الشعب التركي خلال المرحلة المقبلة، إلا أن نوع الخطاب سوف تحدده تطورات الأوضاع داخلياً وخارجياً مع اقتراب موعد الانتخابات الأهم منذ عقود.