- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
د. لبيب جار الله المختار يكتب: الدبلوماسية والصراع في السودان
د. لبيب جار الله المختار يكتب: الدبلوماسية والصراع في السودان
- 27 يناير 2024, 11:48:28 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في كل أنواع التوترات والصراعات التي تحدث تظهر الدبلوماسية كوسيلة ذات تأثير إيجابي تحمل في طياتها حلول وطروحات تتبناها الدول القائمة بالمساعي الدبلوماسية لفرض رؤى وتوجهات ذات مبتغى معين ، قد تكون لإيقاف الصراع او لإطالة أمد الصراع أو غير ذلك ، ولعل مايحدث في السودان صورة واضحة وجلية لهذه الحالة ، فدائماً ما يفهم من الدبلوماسية لدولة معينة طبيعة سياستها تجاه القضايا الدولية.
الصراع على النفوذ يحرق السودان
بدأ النزاعٌ المسلَّحٌ في الخامس عشر من أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية التي يقودها الرئيس الفعلي للبلاد الفريق عبد الفتاح البرهان وبين قوات الدعم السريع تحتَ قيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي).وقد اندلع القتال بين الفصيلين المسلحين في الخرطوم ومدينتي أم درمان وبحري وكذلك منطقة دارفور في غرب البلاد وولاية شمال كردفان ومناطق أخرى بعد انهيار شراكتهما في الحكومة الانتقالية، التي تشكلت بعد الانقلاب في 2019 ، بسبب الخطوات المرتقبة التي كانت تتطلب اندماج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة النظامية في السودان.
أدت الحرب إلى نزوح 7,1 مليون شخص، بينهم 1,5 مليون لجأوا إلى البلدان المجاورة وفق ما أعلنت الأمم المتحدة، واصفة إياها بـ"أكبر أزمة نزوح في العالم".
كما أسفرت الحرب عن سقوط أكثر من 12 الف قتيل حتى مطلع ديسمبر وفقاً لحصيلة بالغة التحفظ لمنظمة أكلد المتخصصة في احصاء ضحايا النزاعات.
وذكرت الأمم المتحدة إن النظام الصحي في السودان على حافة الانهيار مع خروج 70% من المستشفيات عن الخدمة في مناطق القتال و"اكتظاظ المراكز الصحية في المناطق التي لم يمتد اليها القتال بالنازحين".
قال ألان بوسويل، مدير مشروع القرن الأفريقي بمجموعة الأزمات الدولية "إذا استمروا في القتال، فإن الدولة السودانية ستنهار، وقد يستغرق الأمر أجيالاً لمحاولة إعادة الوحدة".
دبلوماسية اسقاط الفرض
اعربت حكومات كينيا وجنوب السودان وجيبوتي في السابع عشر من أبريل عن استعدادهم لذهاب رؤسائهم إلى السودان للعمل كوسطاء، لكن بسببِ إغلاق مطار الخرطوم الدولي الذي شهدَ اشتباكاتٍ عنيفةٍ على مقربةٍ منه وداخله، أصبحَ وصول رؤساء الدول جواً صعباً للغاية ومحفوفًا بالمخاطر.
وقد احتضنت القاهرة قمة دول جوار السودان فى 13 تموز/ يوليو، لبحث سُبل إنهاء الصراع والتداعيات السلبية له على دول الجوار، ووضع آليات فاعلة بمشاركة دول الجوار، لتسوية الأزمة في السودان بصورة سلمية، للحفاظ على الدولة السودانية ومُقدراتها، والحد من استمرار الآثار الجسيمة للأزمة على دول الجوار وأمن واستقرار المنطقة ككل.
فى سبتمبر 2023 عُقد الاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول جوار السودان، في مقر البعثة الدائمة لمصر لدى الأمم المتحدة بنيويورك واتفق وزراء الخارجية على استمرار التنسيق والتواصل .
كما رعت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية جولة محادثات في مدينة جدة في أواخر تشرين الاول / أكتوبر بين طرفي النزاع بهدف وقف إطلاق النار، لكن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود، فيما لم تسفر محاولات الوساطة السابقة إلا عن هدن قصيرة، سرعان ما انتُهكت.
وقد ذكرت (رويترز) – بأن فشل مساعي ايقاف الصراع أظهرت محدودية النفوذ الذي تحظى به الولايات المتحدة والسعودية وقوى أجنبية أخرى.
لا الجيش ولا قوات الدعم السريع شبه العسكرية محاصرين بما يكفي حتى يأخذا محادثات وقف إطلاق النار في مدينة جدة السعودية على محمل الجد، وهو ما يلقي الدبلوماسيون باللوم فيه جزئيا على القوى المتنافسة في المنطقة والتي يتحالف كل منها مع طرف مختلف في الصراع.
وقال مسؤول أمريكي إن جلب المزيد من اللاعبين الإقليميين لدعم المحادثات، مثل مصر، التي ترى الجيش أفضل رهان على الاستقرار في البلد المجاور، والإمارات، التي دعمت قائد قوات الدعم السريع في السابق، قد يكون مهما لإحراز تقدم.
كما كشف المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، لويس ميغيل بوينو، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، عن خطة التكتل التي تستهدف وقف الحرب في السودان، في خضم تصاعد الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وقال بوينو إن "الاتحاد الأوروبي يشعر بالفزع من الوحشية والتجاهل التام اللذين أظهرتهما الأطراف المتحاربة تجاه المدنيين في الصراع في السودان، وبوجه خاص الوضع في دارفور مثير للقلق".
أما المبعوثة الخاصة للاتحاد الأوروبي للقرن الإفريقي أنيت ويبر تواصل جهودها الدبلوماسية في هذا الإطار، والهدف هو وقف إطلاق النار والعودة إلى المرحلة الانتقالية من أجل تشكيل حكومة يقودها المدنيون، إذ يجب أن يكون الجيش في الثكنات وليس في السياسة.
وفي ذلك ذكر مجدي الجزولي المحلل في معهد الأخدود العظيم "لن يتفاوض أحد بجدية حتى يشعروا بأن التوازن العسكري لم يعد قابلاً للتغير... وأن الديناميكية الداخلية لهذه الحرب تتعدى بعض الشيء مسألة النفوذ الذي يمكن لطرف خارجي أن يمارسه فعلا".
وأضاف ألان بوسويل "سيكون هذا صداعاً كبيراً لأفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا لفترة طويلة قادمة ما لم يتعامل الناس بجدية أكبر لمنع هذا".
السودان الى أين.
أن الدبلوماسية الخجولة التي تستخدمها كافة الدول في قضية الصراع السوداني هي احد أهم الاسباب في استمرار الصراع بين الطرفين ، وذلك لعدم وجود لا وساطات فاعلة ولا حتى قرار اممي ملزم لوقف القتال ، وانما عبارة عن دبلوماسية أسقاط فرض لا أكثر .
اذا استمر هذا الصراع فأن اعداد القتلى سيتضاعف من المدنيين العزل وكذلك اعداد النازحين سيفوق طاقات الدول المجاورة وكأن التغريبة السورية تتكرر في السودان ، وسينقسم السودان مرة اخرى كما حدث مع جنوبه ، وسيصبح عدة دويلات ضعيفة ومتناحرة ، وعلى مصر ان تزيد من تحركاتها على كل الاصعدة لمنع ماسيحدث في السودان لانها الخاسر الاكبر من هذا الصراع .