- ℃ 11 تركيا
- 25 نوفمبر 2024
د. محمد إبراهيم المدهون يكتب: رسالة إلى مؤتمر المانحين
د. محمد إبراهيم المدهون يكتب: رسالة إلى مؤتمر المانحين
- 16 نوفمبر 2021, 11:01:35 ص
- 3802
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
منذ دشنت الأونروا ديسمبر/1949 أرادوها على شفا جرف هار ترقبا لالتقاط آخر أنفاس قضية اللاجئين، بجعل الأونروا رهينة القرار السياسي وفق متغيرات دولية. فكان تفويض نشأة الاونروا عبر الأمم المتحدة مؤقت لثلاث سنوات ومنحه قُبلة الحياة كل 3 سنوات بتجديد التفويض، وفي الوقت الذي تتغير فيه الموازين وتبدو البيئة مهيئة برفع الاكسجين السياسي عن الاونروا ببساطة "لم تحصل على تمديد التفويض".
وهذا يستدعي معالجة بمنح تفويض مفتوح من الأمم المتحدة للأونروا أسوة بسائر المنظمات واللجان المنبثقة عن الأمم المتحدة والتي تحصل على تمويل وموازنة مستقرة ومنتظمة، بدل أن ترهن الأونروا الى تمويل المانحين الذي يتجدد أو يتبدد فيتزايد أو يتناقص وفقاً لمزاج الدولة المانحة. وهذا كان مدخل ترامب في صفقة القرن بإيقاف تمويل الأونروا تمهيداً لشطبها كشاهد على قضية اللاجئين.
ومطلع 2021 حين أعاد بايدن التمويل اتضح انه بشروط اتفاق (إطار التعاون) التي ستفضي إلى جعل الاونروا رهينة سياسية وأمنية ومالية لدى أمريكيا و (إسرائيل). المعالجة الجوهرية تستدعي ان تتعامل الأمم المتحدة مع الاونروا أسوةً بباقي المؤسسات المنبثقة عنها وذلك باعتماد موازنة خاصة ان موازنة الاونروا التي تصل الى المليار سنوياً وقد تزيد قليلاً ولا تمثل قيمة مالية كبيرة بالنظر الى المؤسسات المنبثقة عن الأمم المتحدة وموازناتها.
على مدى 72سنة تراجعت خدمات الاونروا بشكل مريع للاجئين حتى أصبحت شيءً لا يكاد يذكر في المجال الاغاثي مع بقاء خدمات صحية وتعليمية ونظافة وتتقلص عاما بعد عام مما يستدعي تعزيز موازنة للأونروا لتقوم بإغاثة وتشغيل اللاجئين وفق التفويض الممنوح لها.
وهذه الإغاثة ليست مرتبطة بمدى الحاجة وفق مقياس خط الفقر وإنما تعويض للاجئ عن المعاناة التي سببها من طرد اللاجئين من ارضهم ليسلمها للعصابات وفق وعد بلفور الذي نستحضر ذكراه مطلع شهر مؤتمركم هذا العام في بروكسل.
والتفويض الممنوح للأونروا لتشغيل اللاجئين، هذا التشغيل أيضا تراجع بشكل مريع مع اشتراطات تتزايد لتخلي اللاجئ عن قضيته والرقابة المتزايدة عليه ودعوته ليتنصلً من ذاته لترضى عنه الاونروا, بدعوى الحيادية التي تمثل كلمة حق يراد بها باطل، فالحيادية كمبدأ للأونروا يقصد به حيادية الأونروا وليس حيادية اللاجئ عن أصل قضيته التي تسبب به ما يعرف بالإرادة الدولية التي ورثته أمريكا عن بريطانيا لتتم وعد بلفور بصفقة القرن وشطب الأونروا.
ومؤخراً دخل اتحاد الموظفين في الأقاليم الخمس في نزاع عمل مع الاونروا حيث الانتفاص من حقوقهم يتزايد وإيقافهم عن العمل بدعاوي واهية أصبح موضة. فضلاً عن تراجع غير مسبوق لتشغيل اللاجئين من حيث الأعداد الذين يدرجوا في قوائم الموظفين بشكل سنوي. علاوة على إيقاف العشرات من الموظفين عن العمل بدعاوي متعددة مما فاقم عدد من الازمات المتتابعة وأحدث إرباكا في تقديم الخدمات لمجتمع اللاجئين.
غياب الاونروا عن مشهد القضية الفلسطينية يشكل إزالة لآخر أمل ما زالت جموع اللاجئين ترى فيها بقية من منح الفرصة لمزيد من الوقت للانتظار، ولعل غيابها يدفع جموع اللاجئين الى الاسلاك الزائلة لطرق أبواب عودتهم وفرض وقائع جديدة على الأرض وهذا ما تراه (إسرائيل) تهديدا استراتيجيا محتملا.
دعوتنا الى مؤتمر المانحين في بروكسل اليوم 16 نوفمبر الى تقديم التمويل الكامل والكافي للأونروا بعيداً عن الابتزاز الأمريكي.