- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
د ناصر محمد معروف يكتب: معالم المسجد الأقصى (باب العامود).
د ناصر محمد معروف يكتب: معالم المسجد الأقصى (باب العامود).
- 2 فبراير 2023, 6:21:57 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
البطاقة الثانية: باب العامود:
باب العامود أو "باب دمشق" أحد أبواب البلدة القديمة في مدينة القدس، ويقال له أيضا "باب نابلس" وهو من أهم وأجمل أبواب مدينة القدس، وهو الباب الأكثر فخامة بين أبواب المدينة من ناحية الزخارف والارتفاع، وكان على مر العصور الممر الرئيسي لجميع القوافل التجارية والأفواج السياحية المتجهة إلى القدس.
يقع باب العامود في الجهة الشمالية من السور المحيط بالبلدة القديمة في القدس، عند بداية انحدار الوادي الذي يقطع البلدة القديمة من الشمال إلى الجنوب، والذي يعرف حاليا عند أهل القدس باسم "طريق الواد" ويرجع بناء الباب إلى عهدالسلطان سليمان القانوني (سنة 1538)، وخلافاً لسائر الأبواب في البلدة القديمة، فإن ثمة مدرجاً كبيراً يؤدي إلى ساحة كبيرة أمام الباب ومن ثَمَّ الدخول إلى الباب الذي يفضي إلى المركز التجاري في مدينة القدس والأماكن الدينية في المدينة وأبرزها المسجد الأقصى وكنيسة القيامة.
وقد شكلت ساحة باب العامود متنفسا لسكان مدينة القدس، حيث كانوا يلجؤون إلى مدرجاته للترويح عن أنفسهم، وتناول المشروبات في مقاهيه. ويرتاده الرسامون والسياح ليلتقطوا الصور التذكارية.
وسمي باب العامود، نسبة إلى عمود من الرخام الأسود ارتفاعه (14 مترا)، وضع في الساحة الداخلية للباب في الفترة الرومانية والبيزنطية، وعن طريق هذا العمود كان يتم قياس بعد المسافات عن القدس، بواسطة حجارة ميل التي وضعت على طول الطرق وقد بقي هذا العامود حتى الفتح الإسلامي، ولم يعد الآن موجودا، لكن يشار إلى موقعه بعلامة.
ويطلق على باب العمود اسم "باب دمشق" لأن القوافل كانت تخرج منه متجهة إلى دمشق، ويطلق عليه أيضا "باب نابلس" كونه على الطريق المؤدية إلى نابلس.
وعندما هدمت المدينة في العهد الروماني (عام 70م) في حروب إخماد ثورات اليهود، وأعاد بناءها الإمبراطور هادريان، بنى ثلاث بوابات متجاورة أوسطها كان نواة لباب العامود الحالي، وقد عثروا عليه في حفريات عامي (1936 و1966)، وموقعه تحت الباب الحالي ولكنه أصغر بكثير من باب العمود الحالي العثماني وأقل فخامة .
ويعتبر باب العامود بابا أمنيا حيث يتميز بالانحناء وفقاً لنمط العمارة العثمانية للمحافظة على المدينة والدفاع عنها، وهذا ما كان يحقق الأمن لحراس المدينة وصعوبة اختراقه.
يكتسب باب العامود الأهمية لكونه المدخل الرئيسي للـمسجد الأقصى وكنيسة القيامة وحائط البراق، ومنه إلى الأسواق التجارية الشهيرة في القدس، ويمكن عبره الوصول إلى الحي المسيحي والمسمى "حارة النصارى" من الجهة اليمنى و"الحي الإسلامي" إلى اليسار والأمام، ومن بين الأسواق يعتبر سوق "باب خان الزيت" الشارع الرئيسي الذي يقطع البلدة القديمة، ومن وسطها تقريبا من الشمال ويتجه نحو الجنوب.
وقد عانى باب العامود الهدم على مرِّ العصور، إلى أن أعاد بناءه السلطان سليمان القانوني، واليوم يعاني الباب من اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي الذي استهدف إجراء تغييرات ديمغرافية تعسفية بالمنطقة، حيث بدأت مع اندلاع الانتفاضة الثانية (عام 2000) محاولاً تقليص عدد المارة من باب العامود لتصل ذروتها مع انطلاق الهبة الشعبية في أكتوبر (عام 2015) حيث بدأ باب العامود ومحيطه يتحولان إلى منطقة عسكرية تدريجيا.
وقد أصبح باب العامود رمزا للسياسات الإسرائيلية التعسفية والانتقامية بالمدينة، بدءا من القمع والاغتيال، مرورا بمحاولات التهويد، والتضييق على ساكنيه.
و قد أطلق المقدسيون في السنوات الأخيرة على ساحة باب العامود، اسم: (ساحة الشهداء) نظرا إلى ارتقاء أكثر من (20) شهيدا في المنطقة برصاص دفاعا عن المنطقة.
و يحاول الإحتلال السيطرة الكاملة على البلدة القديمة من خلال السيطرة على هذا الباب، باعتباره المدخل الأساسي للبلدة، ولذلك تمنع شرطة الاحتلال المقدسيين بشكل عام والشبان بشكل خاص من الجلوس على مدرجاته، ومعاقبة من يفعل ذلك بالضرب بالهراوات والأسلحة أو الاعتقال، ليخفض عدد المارين عبر باب العامود إلى البلدة القديمة وإلى الأماكن الدينية الإسلامية والمسيحية والمحال التجارية والسكان، محاولا بذلك تفريغ البلدة القديمة من سكانها الأصليين لمصلحة المستوطنين اليهود الذين يسعون للاستيلاء على مزيد من المنازل العربية في البلدة، وتحديدا طريق الواد.
د ناصر محمد معروف