رئيس تحرير 180تحقيات يكتب: 16 عاماً على تحرير غزة مقاومة أجبرت الاحتلال على الهروب

profile
رامي أبو زبيدة كاتب وباحث بالشأن العسكري والامني
  • clock 12 سبتمبر 2021, 8:38:35 ص
  • eye 5309
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

في مثل هذه الأيام من العام 2005، اندحرت (إسرائيل) من قطاع غزة، في حدث تاريخي، حيث لم يسبق لها أن أخلت أرضا تستولي عليها منذ احتلالها فلسطين التاريخية عام 1948.

وشملت المناطق المحررة 21 مستوطنة كانت تحتل نحو 35% من مساحة قطاع غزة، الذي لا تتعدى مساحته 360 كيلومترا مربعا.

وخلال عقد ونصف من الزمن، استطاعت المقاومة الفلسطينية مراكمة قوتها في قطاع غزة، وخلقت معادلة صراع جديدة أوجدت حالة ردع لدى جيش الاحتلال وهو أمر غير مسبوق في تاريخ الصراع. اليوم المقاومة الفلسطينية في ذكرى الاندحار السادس عشر من قطاع غزة باتت تشكل خطر وجودي على الاحتلال وتهدد أمنه ومصدر قلق مستمر له.

أن ما كان من قوة لدى المقاومة قبل الانسحاب الإسرائيلي من القطاع تغير بشكل جذري، لا سيما وأن الانسحاب جاء نتيجة التكلفة الباهظة التي دفعها الاحتلال بعد العمليات عبر الأنفاق والصواريخ وضرب عمق المستوطنات في القطاع مما أجبر شارون وقتها على الهروب والاندحار.


كما أن المقاومة بعد الانسحاب تمكنت من إيجاد بيئة مقاومة ملائمة لها وانتقلت من التدريب على شكل أفراد إلى تنظيم متكامل ومتطور عسكري ويمتلك الوسائل والأدوات التي أثبتت نجاعتها في مواجهة الاحتلال.

الحروب المتفاوتة على القطاع شكلت تجارب عديدة للمقاومة ونجحت الأخيرة من خلالها في الاستفادة من تجاربها، ففي الحرب الأولى عام 2008 كانت صواريخ المقاومة لا تصل مدى أكثر من 20 كيلو داخل الكيان، فيما نجحت المقاومة بتطويرها حتى أصبحت تصل ما يزيد عن 250 كيلو متر كما جرى في الحرب الأخيرة.

إلى جانب ذلك استطاعت المقاومة تعزيز قواتها واستحداث عناصر الكوماندوز البحري وتنفيذ عملية زيكيم التي شكلت صدمة للاحتلال وغيرها من عمليات الانزال خلف الخطوط عبر الأنفاق وتوجيه ضربات نوعية.

كما اهتمت المقاومة بتطوير قدراتها خاصة بعد كل عدوان واسع على القطاع، بدءًا من عدوان 2008، ثم عدوان 2012، ثم معركة "العصف المأكول" عام 2014 التي امتدت 51 يومًا هزت فيها المقاومة أركان الاحتلال، واستطاعت اقتحام قواعده العسكرية من "مسافة صفر"، وصولًا لمعركة "سيف القدس" التي ضربت فيها جبهة الاحتلال الداخلية في كل فلسطين المحتلة.

عوامل أدت إلى هزيمة الاحتلال بغزة

إن اندحار الاحتلال من قطاع غزة جاء نتيجة الفعل المقاوم والضربات التي كانت تسددها المقاومة، خاصة عمليات الأنفاق في فترة ما قبل الانسحاب.

ضربات المقاومة وعمليات اقتحام المستوطنات أجبرت الاحتلال ومستوطنيه على الاندحار من قطاع غزة، مشيرًا إلى أن استمرار المقاومة بتطوير قدراتها عقب انسحاب الاحتلال كان له أثر كبير لما وصلت إليه الآن، إذ إنها تمكنت من بناء قدراتها العسكرية في مختلف المجالات وتشكيل خلايا بما يشبه الجيوش النظامية.

حرب الأنفاق

قامت المُقاوَمَة الفلسطينية خلال انتفاضة الأقصى بعدد من العمليات النوعية عبر الأَنْفاق، ويمكننا هنا الحديث عن ظاهرة اشتهرت بتلك الفترة بـاسم "حرب الأَنْفاق"، حيث لم تعد لغرض تهريب السلاح فحسب، بل استطاعت المُقاوَمَة الاستفادة من خبراتها في حفر الأَنْفاق لزرع الرعب في قلوب الصهاينة، من خلال تفجير العبوات أسفل المواقع العسكرية الصهيونية المنتشرة في قطاع غَزَّة، أو استخدامها في وصول المقاومين لهذه المواقع.

حققت حرب الأَنْفاق في هذه الفترة نجاحًا باهرًا، وكان لها أثر كبير في بث الفزع والرعب في صفوف قوات الاحْتِلال الإِسْرائيليّ، وكان لهذه العمليات أثر كبير في إيجاد قناعة لدى قادة الاحْتِلال بأن هذا الشَّعْب وهذه المُقاوَمَة لا تعرف لليأس طريقًا، بل تشق كل الصعاب من أجل الوصول لقلب مراكز العدو، وإلحاق الهزيمة به، وكان لهذه العمليات بالغ الأثر في تفكير الاحْتِلال الإِسْرائيليّ بالانسحاب من قطاع غَزَّة أمام إصرار وعزيمة المُقاوَمَة، بعد أن أعلن إرييل شارون، رئيس الحكومة الإسرائيلية في حينه، أن مستوطنة نتساريم وسط غزة تساوي في مكانتها (تل أبيب)، لكنهم اندحروا من هذه البقعة الثائرة، بعد احتلال مباشر دام قرابة أربعة عقود، تحت ضغط المقاومة المسلحة في غزة.

بفضل صمود المقاومة وما تراكمه من إنجازات بعد اندحار الاحتلال، بتنا اليوم أمام مقاومة لها إمكانات ومنظومة متكاملة في العمل العسكري، تتعلم الدروس من كل عدوان، وتعلم نقاط ضعف الاحتلال وتعمل على ضربها. مقاومة تواصل تطويرها العسكري وتتجه نحو الأفضل، إذ إنها اعتادت مفاجأة الشعب الفلسطيني في كل عدوان، وخير دليل على ذلك ضربها العمق الإسرائيلي في المعركة الأخيرة.


التعليقات (0)