- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
رسائل دون دماء.. تهديد المصالح الأمريكية في العراق وسط المفاوضات النووية الإيرانية
رسائل دون دماء.. تهديد المصالح الأمريكية في العراق وسط المفاوضات النووية الإيرانية
- 9 يناير 2022, 11:51:16 ص
- 642
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
حذر دبلوماسي عربي تحدث إلى موقع "المونيتور" بشرط عدم الكشف عن هويته من أن كل يوم تتعرقل فيه محادثات فيينا يعني تقدم البرنامج النووي الإيراني، وقال: "الإيرانيون يشترون الوقت الثمين بحيث يصلون إلى نقطة اللاعودة".
وبدأت ايران والقوى العالمية جولة أخرى من المحادثات يوم 3 يناير/كانون الثاني، ولكن لا تزال هناك العديد من النقاط العالقة، خاصة بالنسبة لجيران إيران في المنطقة، حيث توجد مخاوف جدية في الشرق الأوسط من أن إيران تحاول فرض أمر واقع عبر المحادثات النووية بحيث يتاح لها الحفاظ على مصالحها.
وأوضح الدبلوماسي العربي أن السعودية ودولًا عربية أخرى قبلت فكرة تطبيع العلاقات مع إيران، مضيفًا: "لكن النظام الإيراني استغل حسن نيتهم للحفاظ على موقفه في فيينا في الوقت الذي يواصل فيه زعزعة استقرار المنطقة".
وشهد الأسبوع الأول من 2022 عدة هجمات على مصالح الولايات المتحدة في العراق، وإن كان ذلك بدون إراقة قطرة دم.
وقال قائد في "وحدات الحشد الشعبي" العراقية إن هذه الهجمات "ترسل رسالة قاسية إلى الأمريكيين دون إراقة أي قطرة دم، وذلك في الذكرى الثانية لاغتيال الجنرال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، وأيضا تعد هذه الهجمات استعراض للقوة تحاول إيران استخدامه على طاولة المفاوضات في فيينا لتقوية موقفها".
صحيح أن الطرفين الرئيسيين - الولايات المتحدة وإيران - لا يتقابلان بشكل مباشر، إلا إنهما يتحديان بعضيهما لكسب النفوذ.
ففي حين تصر إيران على رفع كافة العقوبات جنبا إلى جنب مع نظام التحقق، فإن الولايات المتحدة وشركاءها في الاتحاد الأوروبي يهددون بإعادة ملف إيران إلى مجلس الأمن الدولي وتطبيق آلية استعادة العقوبات التي سيُعاد بموجبها تنشيط كل عقوبات الامم المتحدة بالإضافة إلى عقوبات الاتحاد الأوروبي، وأكد مصدر إيراني أنهم يهتمون بهذا السيناريو بالرغم أنهم لا يعتبرونه تهديدا.
ويرى "علي فايز"، مدير "مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية"، أنه ما يزال بإمكان الولايات المتحدة تطبيق هذا الإجراء بمزيد من الصرامة ويمكنها تعميق المشاكل الاقتصادية في إيران وعزلها دبلوماسيا من خلال العمل مع الأوروبيين لاستعادة عقوبات الأمم المتحدة والاتحاد الاوروبي.
وأوضح أن هذا ممكن بالرغم إدارة "ترامب" استنفدت تقريبا حدود العقوبات الأمريكية.
واعتبارا من 8 مايو/أيار 2018 (التاريخ الذي أعلن فيه ترامب الانسحاب الامريكي من الاتفاقية النووية) فرضت الولايات المتحدة وأعادت مئات العقوبات ضد الكيانات والأفراد في إيران.
وقال "اسفنديار باتمانجيليدج"، الزميل الزائر في "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية" والرئيس التنفيذي لمؤسسة "بورصة وبازار" الفكرية: "أظهرت إجراءات ترامب أن حملة العقوبات لا يشترط أن تكون متعددة الأطراف لتحقيق أقصى قدر من الضغط".
وأوضح "باتمانجيليدج" أن الصدمة الاقتصادية التي شهدتها إيران في 2018 كانت ذات حجم مماثل للصدمة التي شهدتها بعد فرض العقوبات المتعددة الأطراف في عام 2012.
وأضاف: "السؤال الرئيسي بالنسبة لإيران هو ما إذا كانت الصين ستدعم استعادة عقوبات الأمم المتحدة اذا فشلت المحادثات النووية".
وتابع: "إذا دعمت الصين تلك التدابير، وقلصت مشترياتها من النفط الإيراني، فسيكون لها تأثير كبير على الإقتصاد الإيراني، ولكن الصين ستتردد إزاء الموافقة على تعزيز العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة وسترغب في الاستمرار في استيراد النفط الإيراني بأسعار مخفضة".
وذكرت شركة استخبارات السوق "كبلر" في وقت سابق أن الصين استوردت نحو 18 مليون برميل من إيران في نوفمبر/ تشرين الثاني بمتوسط 600 ألف برميل في اليوم بالرغم أن البيانات الصينية الرسمية تشير إلى أن بكين لم تأخذ نفطًا من طهران منذ ديسمبر/كانون الأول 2020.
وكانت استعادة العقوبات هدف إدارة "ترامب" في أغسطس/آب 2020 عندما أبلغت واشنطن مجلس الأمن الدولي أنها ستطلق عملية لمدة 30 يوما لإعادة عقوبات الامم المتحدة ضد ايران، ولكن مجلس الأمن عرقل المحاولة على أساس أن معظم الدول الـ 15 الأعضاء في المجلس عارضوا هذه الخطوة لأن الولايات المتحدة انسحبت من اتفاق 2015.
وفي حين أن تأثير خطوة من هذا القبيل على الاقتصاد الإيراني أمر مشكوك فيه، فإن رد ايران على مثل هذه الخطوة قد يمهد الطريق لأزمة أخرى.
ويقول "محمد ماراندي"، وهو أستاذ في جامعة طهران ومستشار للوفد الإيراني المفاوض: "ستكون لدى الإيرانيين فرصة لطرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وخفض التعاون إلى الحد الأدنى وإزالة الكاميرات"، كما حذر من أنه إذا حدث ذلك فسيحتاج الأوروبيون والأمريكيون سنوات لاكتشاف ما يجري في إيران.
وأوضح "ماراندي" أن هناك العديد من الخيارات المطروحة بالنسبة لإيران، قائلًا: "يمكن لإيران أن توسع برنامجها النووي على مستويات متعددة وفي أجزاء مختلفة من البلاد، ويمكن لإيران أيضا زيادة الضغط على الولايات المتحدة خارج الحدود في وقت تحتاج فيه الولايات المتحدة بشدة إلى خفض التكاليف".
ويرى "فايز" أن توسيع إيران لبرنامجها النووي لا بد أن يدفع الولايات المتحدة وإسرائيل إلى العمل العسكري في الأشهر المقبلة.
فقد حذرت إسرائيل من أنها لن تسمح لإيران بالحصول على قنبلة نووية، وأفادت عدة تقارير بأن الولايات المتحدة وإسرائيل كانتا تدرسان خياراتهما وتجهزان "الخطة ب" في حال وصول المحادثات إلى طريق مسدود، لكن "فايز" يعتقد أنه لا يزال هناك خيار ثالث.
وقال: "إذا فشلت الأطراف في إيجاد طريقة لاستعادة الصفقة النووية، فإن الطريقة الوحيدة لمنع مواجهة عسكرية محفوفة بالمخاطر هي اتفاق مؤقت يمكن أن يمنح المزيد من الوقت للدبلوماسية".
ومع ذلك، فإن الصفقة الجزئية ليست مطروحة على الطاولة، وفق ما يراه "ماراندي" الذي أوضح: "لا توجد مناقشة لصفقة جزئية.. إيران تريد تنفيذ الاتفاق الأصلي بشكل كامل وليس كما جرى في الماضي. وبعبارة أخرى، امتنع الأمريكيون في الماضي عن تنفيذ الصفقة لكن هذه المرة يقول الإيرانيون إن هذا ليس خيارا".
وفي عدة مناسبات، أوضح المسؤولون الإيرانيون أنهم ليسوا في عجلة من أمرهم لعقد أي صفقة؛ بل إنهم يفضلون عدم التوصل إلى أي صفقة بدلا من عقد صفقة لن تلبي شروطهم.
ويعتقد "باتمانجيليدج" أن إيران تسعى إلى ضمان رفع العقوبات بشكل فعلي وضمان عدم انسحاب الولايات المتحدة مجددا، حيث تعلمت طهران أن الكثير من الفوائد المتوقعة للصفقة لم تتحقق في ظل استمرار العقوبات عمليا وأن جميع فوائد الصفقة يمكن القضاء عليها إذا انسحبت الولايات المتحدة من جانب واحد.
لذلك فإن طهران تطالب بنهج فني لتخفيف العقوبات مما سيساعد في ضمان إجراء المزيد من التجارة والاستثمار بسرعة أكبر ويضمن استمرارية فوائد هذه المشاركة الاقتصادية.
وبالرغم أن "باتمانجيليدج" يعتقد أن هذا لن يكون سهلا، إلا أنه يقول إن "تجربة تخفيف العقوبات في عام 2016 تظهر لنا أن العديد من الفوائد الاقتصادية ستتحقق تلقائيا بعد رفع العقوبات ولا تحتاج إلى تدخلات سياسية إضافية من أطراف الاتفاقية النووية."
وقال: "يمكن لإيران أن تبيع المزيد من النفط، وتجري المزيد من التجارة وتستعيد الوصول إلى معظم أصولها المالية، وكل هذا سيعزز الاقتصاد ويشتري الوقت اللازم لنجاح المعاملات الأكثر تحديا، مثل اكتمال الاستثمارات الأجنبية في قطاع النفط والسيارات وهو ما فشل في الفترة بين 2016-2018".
المصدر | علي هاشم/المونيتور