- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
ريسبونسبل ستيتكرافت: احتضان الشرق الأوسط لحقبة جيوسياسية جديدة ترك أمريكا معزولة
ريسبونسبل ستيتكرافت: احتضان الشرق الأوسط لحقبة جيوسياسية جديدة ترك أمريكا معزولة
- 17 يونيو 2023, 4:35:00 ص
- 647
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
اعتبر تحليل نشرته مجلة ريسبونسبل ستيتكرافت الأمريكية، أن احتضان الشرق الأوسط لحقبة جيوسياسية جديدة انتقلت خلاله بلدان من سياسة التوتر للحوار والتعاون ترك الولايات المتحدة الأمريكية معزولة بعد أن فشل سياساتها في التكيف مع الحقائق الإقليمية الجديدة.
ووفق التحليل الذي كتبه مهران هاجيريان المتخصص في الشؤون الاقتصادية في الشرق الأوسط، وأمريكا الوسطى، فإن سياسات واشنطن لم تلقى صدى لدى شركائها بالمنطقة.
واستشهد بفشل زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن للسعودية الأسبوع الماضي، معتبرا أنه المسؤول الأمريكي جاء بأجندة عفا عليه الزمن، وسط ديناميكيات الجيوسياسية المتغيرة في الخليج والدول العربية.
وأكد أن سياسيات واشنطن أصحبت عائقا أساسيا أمام مشاركاتها الدبلوماسية وكذلك أي جهود للتنمية الاقتصادية والتكامل في الشرق الأوسط الكبير في المنظور القريب.
وأوضح أن منطقة الخليج التي شهدت منذ 2019 فترات من توترات متزايدة مع إيران، شهدت مؤخرا تحولات لافتة باتجاه دولها (باستثناء البحرين) بإصلاح خلافتهم وعلاقات مع الدول الفارسية.
ولم يتوقف الأمر عند حدود الدول الخليجية بل أن البلدان المعادية تقليديًا لإيران، مثل مصر والأردن، تستكشف إمكانيات التقارب لمواءمة سياساتها مع التطورات الجيوسياسية المتطورة في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وذكر المحلل أن هذا التحول ينبع من إدراك تلك الدول لاسيما الخليجية بأن الصراع الدائم مع طهران يشكل تهديدًا لأجندات التنمية الاجتماعية والاقتصادية قصيرة وطويلة الأجل.
وبالرغم من ذلك، يبدو أن واشنطن مصممة على إدامة الصراع في الخليج العربي. فمنذ عام 2017، بذلت الولايات المتحدة عدة محاولات لإنشاء تحالف مناهض لإيران.
وتجسد هذه الجهود مبادرات مثل التحالف الاستراتيجي للشرق الأوسط (MESA)، الذي كان يهدف إلى إنشاء منظمة شبيهة بحلف الناتو تضم دولًا عربية وواشنطن وتل أبيب.
كما سعت قمة وارسو في عام 2019 إلى تحقيق أهداف مماثلة، بحسب هاجيريان.
وذكر أنه تحت دعم ومشاركة إدارة الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، عقدت إسرائيل قمة في النقب، جمعت وزراء خارجية الإمارات والبحرين ومصر والمغرب.
صرح وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك يائير لابيد أن القمة تهدف إلى بناء هيكل أمني جديد يركز في المقام الأول على ترهيب وردع "أعدائنا المشتركين، وفي مقدمتهم إيران ووكلائها".
والجدير بالذكر أن الإمارات قد صاغت تطبيع علاقاتها مع إسرائيل من منظور اقتصادي في المقام الأول وامتنعت عن التأييد العلني لأي مبادرات أمنية أو عسكرية تستهدف إيران.
في العام الماضي، أثناء سفر بايدن إلى جدة، تم تقديم اقتراح لعلاقة أمريكية سعودية جديدة بموجب "ميثاق استراتيجي"، بالإضافة إلى إنشاء شراكة دفاعية جوية وصاروخية مشتركة بين الدول العربية والولايات المتحدة وتهدف إسرائيل، التي أطلق عليها اسم "تحالف الدفاع الجوي للشرق الأوسط"، إلى مواجهة إيران وعزلها.
ومع ذلك، توقفت هذه المقترحات، وحتى المبادرة البحرية النشطة التي تقودها الولايات المتحدة في الخليج تتفكك الآن، ويبدو أن الدول العربية لديها وجهة نظر مختلفة.
واليوم، تشير التطورات الدبلوماسية غير المتوقعة في المنطقة إلى أن الدول العربية نفسها ترسم الآن طريقًا للمستقبل، مسارًا يجب أن تتعلم فيه إيران وإسرائيل التعايش مع جيرانهما العرب ومع بعضهما البعض.
نظام متعدد الأقطاب
سيؤدي الانفراج الإيراني السعودي بلا شك إلى توسع التنافس والمنافسة بين طهران والرياض، ليس فقط في الشرق الأوسط ولكن أيضًا في السياق الأوروآسيوي الأوسع.
وبحسب هاجيريان، لا تريد الرياض أن تتحالف الصين وروسيا، القوتان العالميتان، مع طهران فقط. وبالمثل، فإن إيران ليست حريصة على أن تكون ثاني مرشح لبكين وموسكو.
كما أن الاتجاه المتنامي لإيران والسعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى للانضمام إلى التكتلات الاقتصادية والأمنية غير الغربية يندرج أيضًا في هذا السياق.
تشير هذه التحولات إلى نظام جديد متعدد الأقطاب حيث يعطي اللاعبون الإقليميون الأولوية للتنمية الاقتصادية الخاصة بهم لضمان البقاء والازدهار في حقبة ما بعد النفط.
فعلي سبيل المثال فتح غياب الولايات المتحدة في هذه التطورات الإقليمية الأخيرة فرصًا للاعبين العالميين الآخرين لتأكيد نفوذهم وتعزيز التعاون متعدد الأطراف.
بينما لا تزال الولايات المتحدة بعيدة عن المشهد الجيوسياسي المتطور في الخليج العربي، انتهزت الصين والاتحاد الأوروبي الفرصة لتعزيز مشاركتهما الإقليمية.
أدت جهود الصين إلى توقيع الانفراج الإيراني السعودي، وتخطط الدولة لعقد قمة على مستوى المنطقة في بكين في وقت لاحق من هذا العام لتعزيز نهجها متعدد الأطراف.
في غضون ذلك، نشر الاتحاد الأوروبي رسالته المشتركة حول "الشراكة الاستراتيجية مع الخليج" في مايو/ أيار 2022، وفي أبريل/ نيسان 2023، تم تعيين لويجي دي مايو/أيار في منصب المستشار الخاص للاتحاد الأوروبي لمنطقة الخليج.
لعب الاتحاد الأوروبي دورًا محوريًا في دعم مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة، الذي جمع دول المنطقة معًا في أغسطس/ آب 2021 ومرة أخرى في ديسمبر/كانون أول.
توفر القمة الإيرانية-الخليجية-الصينية المرتقبة في بكين والاجتماع الثالث لمؤتمر بغداد في وقت لاحق من هذا العام سبلاً متعددة الأطراف للحوار والتعاون.
إعادة تقويم
والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة ستكون غائبة عن كلا الحدثين، مما يبرز عزلتها وتقلص نفوذها في المنطقة.
في حين أن نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة قد تضاءل في السنوات الأخيرة، لا يمكن استبعاد دورها كلاعب رئيسي في الشرق الأوسط.
ومع ذلك، فإن الديناميكيات المتغيرة وظهور مراكز قوة بديلة يستلزمان إعادة تقويم سياسات الولايات المتحدة لتتماشى مع التحولات الجيوسياسية الجديدة في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وخلص هاجيريان إلى أنه بينما تستهدف المنطقة إلى تبني نظام متعدد الأقطاب وتعزيز التنمية الاقتصادية، لضمان ازدهارها واستقرارها، يجب أن تسمح واشنطن للمنطقة بمزيد من استكشاف هذه السبل الدبلوماسية وعدم إعاقتها.