- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
زيد اسليم يكتب: التقارب الاستراتيجي بين تركيا ودول الخليج.. فرص استثمارية واقتصادية متعددة
زيد اسليم يكتب: التقارب الاستراتيجي بين تركيا ودول الخليج.. فرص استثمارية واقتصادية متعددة
- 20 يوليو 2023, 6:53:09 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
انتهى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من زيارته للإمارات يوم الأربعاء 19 يوليو / تموز، ليختتم بذلك جولته الخليجية التي استمرت ثلاثة أيام بعد زيارته للسعودية وقطر. خلال هذه الجولة، تم توقيع عدة اتفاقيات، وتأتي هذه الجولة عقب حضوره قمة حلف شمال الأطلسي في العاصمة الليتوانية فيلنيوس.
وما يبرز مدى أهمية هذه الجولة لتركيا هو توجه نائب الرئيس التركي جودت يلماز، ووزير المالية محمد شيمشك، والفريق التقني المرافق لهما للزيارة والقيام بخطوات تحضيرية والتواصل المباشر مع المؤسسات الخليجية، ولفهم أعمق لمآلات هذه الجولة سننظر لها من 3 جوانب، تحدد معالمها ونتائجها على المستويين القريب والبعيد.
- تكمن أهمية هذه الجولة في كونها أول جولة خارجية ذات توجه سياسي واقتصادي، بعد فوز الرئيس التركي أردوغان بالانتخابات الرئاسية 2023، كما تعبر الوجهة إلى السعودية والإمارات وقطر عن نقطة مهمة في سياسة تركيا الخارجية مع دول الخليج، إذ تشير إلى أن أنقرة تحرص بشكل مؤسسي على مواصلة التعاون مع دول الخليج. علماً بأنها تعتبر الزيارة الثانية إلى الإمارات منذ استعادة العلاقات الدافئة بين البلدين في نهاية عام 2021، بعد فترة توتر دامت لسنوات.
- أما عن الجانب الثاني، وهو توقيت الجولة، فقد جاءت تباعاً لقبول تركيا لطلب انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي بعد القمة المنعقدة للحلف مؤخراً، بالإضافة للتقدم الملحوظ في العلاقات مع الولايات المتحدة، وتسهيل صفقة بيع طائرات إف-16، وإعادة إحياء المناقشات حول انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي. لذا تأتي زيارة أردوغان لدول الخليج في إطار استراتيجية أنقرة لضبط بوصلة سياساتها الخارجية بشكل عام، دون الانحياز لمصالح الغرب على الشرق، إذ تسعى تركيا إلى اعتماد دبلوماسية متوازنة في سياستها الخارجية، وهي الطريقة نفسها التي تحافظ بها على التوازن الحساس في علاقاتها مع الغرب وروسيا.
- أما الجانب الأهم لتلك الجولة فهو الاقتصاد، إذ تسعى تركيا لتحسين اقتصادها الذي يمر بأزمة ليست سهلة، زادت التضخم وسعر الليرة التركية بشكل كبير، لذلك تعول تركيا لحل جزء من هذه الأزمة عن طريق جذب الاستثمارات الخليجية إلى قطاعاتها المختلفة.
وما يبشر بنجاح هذه الخطة، هو استعداد دول الخليج للاستثمار في بلدٍ ذي أهمية استراتيجية مثل تركيا، فهو بلد خصب للمشاريع التي ربما تخلق فرصة شراكة لدول الخليج تساعدها في خطتها لتحويل نظامها الاقتصادي القائم بشكل كبير على صادرات النفط والغاز.
لذلك، يتضح أن عملية التقارب والتطوير والتعاون بين تركيا ودول الخليج لن ترتكز فقط على جذب المستثمرين الأجانب، بل أيضاً على تحقيق الفوائد المتبادلة، وعليه، يمكن أن نفهم هذا التقارب على أنه جزء من عملية جيوبوليتيكية متعددة الأبعاد.
نتائج جولة تركيا في الخليج
ويمكن القول إن الجولة آتت ثمارها على المدى القريب، فقد تم عمل منتديات أعمال بين تركيا وكل من السعودية وقطر والإمارات، وأثمرت هذه المنتديات توقيع اتفاقيات في مجالات متنوعة، خاصة في مجالات الاقتصاد والصناعات الدفاعية والطاقة، وتهدف تلك الاتفاقيات إلى تعزيز التعاون وتوسيع نطاق الشراكة بين الدول، وتفتح آفاقاً جديدة لتعاون مشترك يعود بالفائدة على الجانبين، ويعزز العلاقات بينهما.
ولعل صفقة التعاون في مجال الصناعات الدفاعية مع السعودية كانت خير دليل، إذ إنه يعد الاتفاق الأكبر في تاريخ الصناعات الدفاعية التركية في قطاع المسيّرات، إذ أعلن وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، توقيع عقدين لشراء طائرات مسيرة تركية، إضافة إلى "خطة تنفيذية للتعاون الدفاعي" بين البلدين.
أما عن الإمارات، فقد اتفقت مع تركيا على المضي قدماً في الإجراءات المتعلقة باعتماد وتفعيل اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة؛ تمهيداً لدخولها حيز التنفيذ في سبتمبر القادم، وذلك بعدما صادقت الدولتان على الاتفاقية رسمياً نهاية مايو الماضي، والتي تستهدف تحفيز التجارة البينية غير النفطية من 18 مليار دولار إلى أكثر من 40 مليار دولار سنوياً. كما شهد الرئيس التركي مع نظيره الإماراتي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إبرام سلسلة اتفاقيات مشتركة بقيمة 50.7 مليار دولار.
أما في قطر، فقد تم التوقيع على البيان المشترك بين الدوحة وأنقرة بمناسبة مرور 50 عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية القطرية – التركية، بالإضافة إلى توقيع بعض الاتفاقيات الاقتصادية الخادمة لكلا الطرفين.
نتائج جولة أردوغان في السعودية وقطر والإمارات تدل على أن التحول من مرحلة التطبيع إلى الشراكة الاستراتيجية قد تم بنجاح، لكن يبقى من المهم على تركيا ودول الخليج التصدي للتحديات المحتملة في المستقبل، بما يشمل إدارة المصالح الإقليمية المتباينة، وضمان التواصل الفعال لتجنب أي سوء تفاهم.