- ℃ 11 تركيا
- 18 نوفمبر 2024
سعيد البدري يكتب: دروس من ثبات الشهيد السنوار في الميدان
سعيد البدري يكتب: دروس من ثبات الشهيد السنوار في الميدان
- 18 أكتوبر 2024, 9:16:56 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تمثل شهادة رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية حماس يحيى السنوار بوصفه قائدا ومجاهدا، منطلقا جديدا للصمود والمواجهة وعدم التنازل ،وهي وان وقعت في وقت حساس ،لكنها لم تشكل مفاجأة لجمهور المقاومة وابناء الساحة الفلسطينية ،فالشهيد طالما كان هدفا لعمليات التصفية والاغتيال ،ووجوده في ساحة المعركة وقيادته للعمليات الميدانية في ظروف بالغة التعقيد يشير بوضوح، الى حالة التفاني وهي بمثابة اعلان استعداد للموت في سبيل قضية محقة ،يدعمها نضال شعبه وابناء امته ،كما انه المكافأة الاسمى التي ينتظرها كل غيور مؤمن بعدالة النهج وثبات المبدأ .
نعم انها النهاية المشرفة له والتضحية التي لابد منها و تحتاجها المعركة ،حيث تشتد عزيمة الرجال الذين وضعوا هذا الخيار نصب اعينهم وهم يواجهون عدوا جبانا بلا اخلاقيات ،لذا فأن ما سجله من موقف بطولي شجاع سيكون درسا كبيرا في العطاء والبذل ،ودافعا للمقاومين في مواصلتهم المواجهة مع الكيان الصهيوني المارق ،ولاشك ان روح الثورة والجهاد لن تخمد في قلوب الغزاويين وعموم المقاومين في الاراضي الفلسطينية المحتلة ، و لقد ترجل السنوار طالبا المجد بشجاعة وبسالة ،لم يهادن ،لم يخضع ،لم يقبل بأن تصفى قضية فلسطين، فكان احد انبل الفرسان واكثرهم صلابة في مواجهة الموت غير مبال بمواقف كل اؤلئك المتصهينيين المرجفين ممن شككوا وطربوا وتراقصوا فرحا ،لانه نال الشهادة في سبيل الله والوطن، وباءوا هم بخزي الدنيا وعار العمالة وشنارها ولهم في الاخرة .
في الجبهة الاخرى كأن دأب المجرم نتنياهو هو اعتبار الشهيد السنوار ، العقل المدبر وراء كل ما يشعر الكيان الاسرائيلي بالخوف والخشية ، فهو المفكر السياسي والمخطط الاستراتيجي الابرز بين قيادات (حماس ) طوال العقدين الاخيرين ،وهو بحسابات الكثيرين من الغربيين المنحازين للكيان الغاصب عدو شرس ،مدرك لما تعنيه المواجهة ،فمنذ انطلاقة معركة طوفان الاقصى قبل اكثر من عام مثل شخصه وجناحه المقاوم الذي يمثل بنية المقاومة في غزة عقبة أمام عودة الاسرى الصهاينة تحت تهديد السلاح والدمار الصهيوني ،واعتبره اكثرهم قائدا عنيدا، متطلبا باشتراطاته ومطالبه ، نعم لقد خط السنوار معادلات جديدة لا ترغب القوى الداعمة للتمدد الاسراييلي في قبولها ،وهي معادلات اجبرت المستكبرين على الاعتراف بشرعية مواجهة الاحتلال الاسرائيلي البغيض وصعود محور مقاوم يمنع تحقق احلام التوسع مستقبلا .
لقد بات الوهم الصهيوني بضرورة انهاء المقاومة اشبه بالحل الاستراتيجي، والذي رسخه هو ذلك الدعم الامريكي الغربي اللامحدود، حيث سمح لنتنياهو وحكومة اليمين المتطرف بالتفكير لما هو ابعد من غزة ، ولعل في ذلك من التخيل والوهم ما سيؤدي لضرب هذا الكيان المجرم وانهاء وجوده ، حيث تشير المعطيات والتصريحات التي يرددها اركان حرب جيش الاحتلال، إن الوضع الحالي يمثل فرصة ذهبية لتوجيه ضربات اكبر للمقاومة ، مما يزيد من احتمالات استمرار هذه المواجهة عسكريا ،ويستدعي عدم الاطمئنان للهجة تخفيف التوتر والتصعيد التي ترددها اميركا لغايات انتخابية ،يعتقد انها لن تدوم طويلا ،سيما وان التسويات المقترحة التي يتحدث عنها فريق نتنياهو تشير لاشتراطات يريد من ورائها اعلان نصره الموهوم الذي لن يتحقق بأي حال من الاحوال .
ان ما اثبتته الوقائع وكل التجارب الانسانية السابقة ،بأن اغتيال وشهادة القادة لا تعني نهاية قضيتهم، التي حاربوا جاهدوا وافنوا اعمارهم من اجلها ، وهو امر لا يريد الصهاينة الاقرار به، لاسباب تتعلق بوهم اسطورية الكيان المجرم وقدرته على الفتك ،وحتى مع تمرغ انف جيش الاحتلال بوحل الهزيمة ،مازال نتنياهو المرتجف يظن ان حل التصفية سيؤمن لكيانه اللقيط ما يسميه بالسلام والاستقرار، نعم لقد رحل السنوار شهيدا ،ولكن حتى مع استشهاده تبقى حقيقة ان رفضه لتسوية مذلة سيستمر، بوجود من يستكملون طريق الجهاد والمواجهة ، فمن يؤمن بالحق ويرى الخيانة في التنازل عنه ،لن يقبل بمثل ما يربد الصهاينة المارقين، وذلك عين ما دفعه للتضحية في سبيل القضية وديمومتها ، فسلام على الشهداء وعلى السنوار المجاهد يوم انتصر لله ووطنه ،ويوم وقف في الميدان ملبيا نداء ربه شجاعا ابيا ..