- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
سهير الشربيني تكتب: كيف تساعد اقتصاديات العمل الخيري المجتمعات في أوقات الأزمات؟
سهير الشربيني تكتب: كيف تساعد اقتصاديات العمل الخيري المجتمعات في أوقات الأزمات؟
- 9 أبريل 2023, 8:15:52 م
- 352
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تتأسَّس اقتصاديات العمل الخيري على مجموعة من العوامل المرتبطة بدافعية الفرد نحو التبرع؛ إذ يختلف دافع الفرد للتبرع باختلاف المكان والزمان، وباختلاف نوع المنظمة التي يُتبرَّع لها، وكذلك نوع المناسبة المرتبطة بذلك السلوك. أضف إلى ذلك بعض العوامل الاجتماعية والديموغرافية المعروفة التي تؤثر على العطاء، كمستوى الدخل، والعمر، ومستوى التعليم، فضلاً عن العوامل النفسية المتعلقة بالعطاء المتمثلة في معنى الإيثار، والتصورات حول المال، وأخيراً الدين بصفته دافعاً أساسياً آخَر للعطاء، الذي يظهر دوره بوجه خاص في أوقات عدم اليقين الاقتصادي؛ عندما تدفع المناسبات الدينية الناس على اختلاف ظروفهم إلى التآخي والتبرُّع، بما يحقق التكامل والتآزر الاجتماعي في النهاية، رغم ما تحمله الظروف الاقتصادية الصعبة من تحديات أمام العمل الخيري، وتراجع التبرع والحافز نحو العطاء.
فبحسب ما أفاده مسح كبير أجرته مجلة Chronicle of Philanthropy أثناء جائحة كوفيد–19، فإن واحداً من كل خمسة متبرعين، أكَّد أنه لن يتبرَّع للأعمال الخيرية حتى يعود الاقتصاد للعمل، خاصةً أن الوباء تسبَّب في رفع مستوى التوتر والقلق بشأن فقدان الوظائف وخسائر الاستثمارات نتيجة اضطراب سوق الأوراق المالية/ وعدم اليقين الاقتصادي؛ ما أثر كثيراً على سلوك العطاء والرغبة في التبرع.
قيمة اقتصادية
ترتبط المناسبات الدينية – وعلى الأخص شهر رمضان – برواج العمل الخيري، والميل الشديد للتبرع وفعل الخيرات، لكن المسألة لا يمكن قراءتها في سياق ديني فحسب؛ إذ يتأتى من ورائه قيمة اقتصادية كبيرة، وخاصةً مع تعامل البعض مع العطاء من منظور أكثر رحابةً بحيث يتسع العطاء ليشمل مجالات عدة تُحقِّق الصالح العام. ومن هذا المنطلق، تم صك مصطلح الإحسان الاستراتيجي strategic philanthropy، الذي يستهدف إحداث تغييرات مجتمعية فعلية، ومساعدة الأفراد على تطوير قدراتهم ومهاراتهم بصورة تكفل لهم تحسين مستويات معيشتهم، وهكذا يصبح العطاء أكثر استدامةً وفاعليةً؛ لأنه يسعى إلى تسوية جذرية لأسباب الأزمات المجتمعية، لا إلى مجرد تسكين مؤقت لأعراض تلك الأزمات. وبوجه عام، يمكن تناول دور العطاء والعمل الخيري في اقتصاديات الدول من خلال ما يأتي:
1– مساهمة العمل الخيري في النمو الاقتصادي: مع بداية شهر رمضان هذا العام، ركَّز الخبراء على دراسة تأثير العمل الخيري المُحتمَل على الاقتصاد؛ حيث يعتقد البعض أن بإمكان ذلك أن يساهم في النمو الاقتصادي وسط ظروف اقتصادية عالمية استثنائية وغير مسبوقة، عانى فيها العالم من موجات التضخُّم، وارتفاعات قياسية في أسعار السلع الأساسية، فضلاً عن اضطرابات سلاسل التوريد، وزيادة تكاليف التمويل والاقتراض، من بين عوامل أخرى ضغطت على ميزانيات الأسر.
وفي الوقت الذي كانت هناك توقعات بأن يؤدي شهر رمضان إلى تباطؤ النمو في الدول العربية والإسلامية، وأن يؤثر سلباً على عمليات الإنتاج؛ بسبب انخفاض ساعات العمل، فإن بعض الخبراء اتجهوا إلى القول بأن شهر رمضان فرصة للتعافي، وبإمكانه أن يسهم في تنشيط النمو الاقتصادي.
ويدللون على ذلك بأنه رغم التحديات التي يفرضها الوضع الاقتصادي العالمي، فإن الطلب المتزايد على المنتجات خلال شهر رمضان، يمكن أن يؤدي إلى أرباح ضخمة للاستثمارات والشركات الصناعية؛ إذ تستمر العديد من الشركات والمطاعم التي تقدم الطعام الحلال في العمل جيداً، حتى في البلدان التي تعاني بالفعل من الركود، وهو كذلك فرصة للشركات للتركيز على مسؤوليتها الاجتماعية، ورد الجميل للمجتمع من خلال الأنشطة الخيرية والتبرعات التي تعلن عنها عبر شاشات التلفاز خلال شهر رمضان.
2– توفير فرصة لإظهار التضامن الاجتماعي: يغتنم المسلمون شهر رمضان لزيادة أعمالهم الخيرية، سواء من خلال التبرعات المالية أو أعمال اللطف والكرم تجاه الآخرين؛ حيث يُنظَر إلى العطاء للمحتاجين على أنه وسيلة لتنقية ثروة الفرد، وأداء لواجباته الدينية، ووسيلة لإظهار التعاطف والتضامن مع المحتاجين والمساعدة في تقليل المعاناة في المجتمع.
علاوةً على ذلك، تساعد الأعمال الخيرية خلال شهر رمضان على تعزيز الشعور بالمسؤولية المجتمعية المشتركة؛ حيث يجتمع الناس على دعم بعضهم بعضاً، وإحداث تأثير إيجابي في محيطهم؛ ما يساعد على تقوية الروابط وخلق شعور بالانتماء وكسر الحواجز وتعزيز التفاهم والتعاطف بين مجموعات مختلفة من الناس، ومن ثم بناء مجتمعات أقوى وأكثر مرونةً.
3– دور العمل الخيري في حل المشكلات الاجتماعية: يتجاوز التبرُّع للمؤسسات الخيرية دوره باعتباره عملاً خيرياً مجتمعياً أو فرضاً دينياً لأداء دور اقتصادي مهم، من خلال المشاركة في خفض الفقر والبطالة ودعم التعليم والعلوم وتشجيع ريادة الأعمال الاجتماعية؛ حيث أصبحت الأعمال الخيرية عالمية واستراتيجية ومُنظَّمة، وتُعالِج جذور المشكلات التي تتجاوز ما بإمكان التبرعات الشخصية الفردية فعله؛ إذ يُفضِّل المانحون استثمار أموالهم في صناديق ذات أهمية اجتماعية، يمكن من خلالها أن تعطي عائداً وتؤسس أوقافاً تمثل استراتيجية تمويل طويلة الأجل لدعم مجتمعاتهم بصورة منظمة ومحددة.
4– تحقيق التوازن في تخصيص الموارد: تُسهِم الأعمال الخيرية وإبداء الصدقات والزكاة في شهر رمضان، على وجه الخصوص، في تحقيق التوازن في تخصيص الموارد في المجتمع، نظراً إلى فوائدها العديدة على المانح والمتلقي والمجتمع؛ فإن كان الإحسان ضرورياً لمحاربة الفقر، فإنه كذلك له أهمية فارقة في تطوير المؤسسات الإسلامية، مثل المساجد والمؤسسات التعليمية؛ فعلى سبيل المثال، يتم التبرع في الولايات المتحدة وكندا بأكثر من 410 مليارات دولار سنوياً، يذهب أكثرها للمؤسسات الدينية التي تعد أكبر المُتلقِّين للمساهمات الخيرية.
5– توفير سيولة اقتصادية: من الناحية الاقتصادية، يعتبر رمضان وقت إنفاق المال؛ حيث ترتفع مستويات الإنفاق بدرجة كبيرة خلال هذا الأشهر، نظراً إلى اهتمام المسلمين خلاله بالتفاخر بألوان الطعام والهدايا وملابس العيد. وتشير التقديرات إلى أن الإنفاق في رمضان يصل عادةً إلى أكثر من 200 مليون جنيه إسترليني للاقتصاد البريطاني وحده، ومليارات في جميع أنحاء العالم الإسلامي.
هذه السيولة الاقتصادية التي تشتد الحاجة إليها خلال الظروف الاقتصادية الراهنة، لا تتعلق فحسب بالإنفاق الاستهلاكي، بل تشمل أيضاً العمل الخيري، الذي يتزايد كثيراً في شهر رمضان بفعل الزكاة؛ حيث يقدر العديد من جهات جمع الزكاة أن 85% من تبرعاتهم تأتي خلال الشهر الكريم، وهذا يعني أن ما يحدث خلال الشهر الفضيل أشبه بحزمة تحفيز بمليارات الدولارات في جميع البلدان ذات الأغلبية المسلمة، والدول التي بها أقليات مسلمة كبيرة.
ووفق تقديرات البنك الدولي، فإن أموال الزكاة العالمية تصل إلى 600 مليار دولار كل عام، وهو ما يكون بمنزلة دفعة هائلة للاقتصاد العالمي، ويمكن توظيفها إذا ما وُجهت في الأمكنة المناسبة في دعم المناطق الأكثر تضرراً من الكوارث الإنسانية وتخفيف وطأة الضغوط الاقتصادية على المواطنين.
اتجاهات العطاء
وفق ما خلص إليه مؤشر العطاء العالمي الذي تجريه مؤسسة المساعدات الخيرية The Charities Aid Foundation، فإنه لا توجد سمة واحدة تشير إلى كرم دولة ما وأفضليتها على دولة أخرى؛ حيث تتوقف خيرية الدولة على مستويات مختلفة من الثروة والثقافة وعقيدة الدولة، كما تختلف درجة الخيرية بحسب المناطق الجغرافية؛ فعلى سبيل المثال تصنف الأمم المتحدة ميانمار وسريلانكا وإندونيسيا على أنهما من البلدان ذات الدخل المتوسط الأدنى، ومع ذلك تمثل تلك الدول ثلاثة من أفضل عشر دول خيرية في العالم. وفيما يأتي يمكن تناول أبرز اتجاهات العمل الخيري عالمياً.
1– ثقافة الأعمال الخيرية التقليدية في منطقة الخليج: تتمتعمنطقة الخليج بثقافة طويلة من الأعمال الخيرية التقليدية، تتبدى ملامحها في اهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة الواسع بالأعمال الخيرية؛ حين أطلقت على عام 2017 عام الخير، وسعت خلاله إلى تعزيز المسؤولية الاجتماعية للأعمال والتطوع ورد الجميل للمجتمع. ويتصدر العمل الخيري في الدولة عدد من المؤسسات مثل بوابة الإمارات الخيرية، ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان، ومؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية.
على صعيد آخر،يوجد في المملكة العربية السعودية ما يقرب من ألف منظمة غير ربحية، ومؤسسة خيرية. وتشمل المؤسسات الرئيسية كلاً من مؤسسة الملك فيصل ومؤسسة الملك خالد ومؤسسة الملك عبد الله ومؤسسة سلطان بن عبد العزيز ومؤسسة مسك ومؤسسة الوليد بن طلال. ووفق رؤية المملكة 2030، فإن الدولة تسعى إلى منح القطاع غير الربحي دوراً أكبر في الرعاية الصحية، والتعليم، والإسكان، والبرامج الثقافية والاجتماعية، كما ترمي إلى تعزيز تطوير المنظمات غير الربحية، وتسهيل تدريب الموظفين وتعزيز العمل التطوعي والوظائف في هذا القطاع.
2– قوة العطاء وريادته في الولايات المتحدة: يعدتقليد العطاء الخيري موجوداً بقوة في الولايات المتحدة، فوفقاً لـGiving USA 2018، قدَّم الأمريكيون نحو 410 مليارات دولار للجمعيات الخيرية في عام 2017 وحده، وهو ما يعكس ازدهار الاقتصاد الأمريكي في ذلك الوقت، وقوة سوق الأسهم، والمزايا الضريبية السخية للعطاء الخيري.
ووفق مسح أجرته The Charities Aid Foundation، فإن الولايات المتحدة قد احتلَّت المرتبة الأولى في العالم في العطاء للسنوات 2009–2018. بيد أنها تراجعت إلى المرتبة الـ19 في العالم في عام 2020، لكن في حقيقة الأمر لم تكن الدولة الوحيدة التي تراجعت في مستوى العطاء؛ حيث أظهر مؤشر العطاء العالمي لعام 2021، أن عام 2020 تأثر كثيراً بجائحة كوفيد–19، وتراجعت فيه مراتب الدول التي سبق أن احتلت المراكز العشر للدول الأكثر خيرية خلال سنوات ما قبل الجائحة.
3– تقاليد هندية واسعة في العطاء: بالنسبة إلى الهندوس، تعتبر الأعمال الخيرية جزءاً مهماً من الواجب الديني، ويطلق عليها مسمى “دانا”؛ أي مساعدة الآخرين والخدمة المتفانية؛ حيث يدور مفهوم الإحسان في الهندوسية حول مساعدة الآخرين دون توقع شيء في المقابل؛ لأنه الشيء الصحيح الذي يجب القيام به.
وإن كان لا يتم دائماً رصد وإحصاء العطاء غير الرسمي، فإن العائلات الثرية مثل Birla وBajaj وGodrej وTata لديها تقاليد واسعة في العطاء. ووفقاً لتقرير صادر عن الأعمال الخيرية في الهند لعام 2019، فإن العطاء والعمل الخيري المتأتي من الأفراد، يمثل جانباً كبيراً من العمل الخيري في الدولة؛ إذ يُكرِّس ممثلو بوليوود، مثل شاروخان وسلمان خان، الكثير من ثروتهم للأعمال الخيرية والقضايا الخيرية.
ويُذكَر في هذا الصدد التبرع الذي قام به عظيم بريمجي المليادرير ورئيس شركة ويبرو لخدمات تكنولوجيا المعلومات، الذي قُدِّر بنحو 21 مليار دولار من خلال مؤسسته، وهو أول هندي يوقع على تعهد العطاء الذي أطلقه الملياردير الأمريكي وارن بافيت، مع مؤسسة “بيل وميليندا جيتس” الخيرية، والذي يستهدف تشجيع أثرياء العالم على التبرع والمساهمة بجزء من ثرواتهم في مشاريع خيرية.
4– الصين الأقل عطاءً عالمياً: تحتل الصين المرتبة الأولى من بين الدول الأقل عطاءً وفق مؤشر العطاء العالمي في الفترة بين 2009–2018، وكذلك في 2020 وإن كان العطاء معروفاً تقليدياً في الصين في التدريس الأخلاقي الكونفوشيوسي، على أنه دعم الآخرين الذين يتعاطف المرء معهم.
لكن خلال الحكم الماوي، لم يعتنِ النظام بالجمعيات الخيرية، واعتبرها غير ضرورية. وفي الوقت الحاضر، ما زال العمل الخيري في الصين لا يحظى باهتمام كبير من قبل النظام أو الشعب الصيني على السواء؛ فلا يمكن أن تجتذب كارثة طبيعية كبرى دعماً تلقائياً من ملايين الصينيين مثلما يحدث مع دول وشعوب أخرى، كما أن العمل التطوعي من أجل الصالح العام لم يَعُد جزءاً من حياة الناس؛ حيث أدى الافتقار إلى الشفافية وانعدام الثقة بالدوافع من وراء جمع التبرعات، وسياسة الحكومة بشأن التسجيل والضرائب، إلى تقييد نمو القطاع الخيري في الصين.
5– تصدُّر النساء العمل الخيري في أستراليا: على مدار العقد الماضي، حصلت أستراليا على ثامن أعلى معدل للتبرع للجمعيات الخيرية بنسبة 68%، وتاسع أعلى معدل لمساعدة الغرباء بنسبة 64%، بحسب مؤشر العطاء العالمي؛ حيث كان مستوى العطاء في أستراليا مستقراً نسبياً خلال تلك السنوات. ولعل الجمعيات الخيرية والنوادي والمنظمات غير الحكومية تلعب الدور الأبرز في الوصول إلى ذلك المستوى الرفيع من العطاء، وتخصص الحكومة جانباً كبيراً من تلك التبرعات للقطاع الديني.
كذلك يُعَد نموذج الأعمال التجارية واسع الانتشار ومقبولاً دون أدنى شك في قطاع الخدمات الإنسانية الخيري. ويُشكِّل النساء نحو 87% من العاملين في القطاع الخيري، وهو ما يمثل أغلبية ساحقة؛ حيث احتلت النساء جميع أعمال الرعاية بجميع أشكاله وحالاته المختلفة، حتى أصبح عملاً نسائياً في المقام الأول.
6– شكوك حول شفافية العمل الخيري في إندونيسيا: تحتل إندونيسيا المرتبة العاشرة بين أكثر الدول خيريةً في العالم؛ حيث بلغ مستوى العطاء الإجمالي 50% بحسب مؤشر العطاء العالمي، ومن بين الذين شملهم الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة المساعدات الخيرية، أفاد 69% بأنهم يوجهون تبرعاتهم للجمعيات الخيرية وهي بذلك سابع أعلى معدل على مستوى العالم.
غير أن قوانين العمل الخيري في إندونيسيا أصبحت في دائرة الضوء مؤخراً بعد إدانة رئيس مؤسسة خيرية إسلامية باختلاس 7.8 مليون دولار من صندوق أنشأته بوينج لضحايا تحطُّم طائرة ليون إير 2018، وقد اعترف بعد فترة وجيزة من اعتقاله بأن المؤسسة الخيرية تحصل بانتظام على أكثر من 13% من التبرعات، بدلاً من الـ10% المنصوص عليها في القانون الإندونيسي.
معضلة فارقة
على الرغم من وجود عدد من الخصائص الديموغرافية المفيدة في التنبؤ بمستوى العمل الخيري، فإن دخل الفرد المتأثر – بكل تأكيد – بحالة الاقتصاد الكلي والعالمي، هو إلى حد بعيد أهم مؤشر على سلوك العطاء؛ وذلك وفقاً لآراء الاقتصاديين روبرت ماكليلاند وآرثر بروكس؛ ما يعني أن صناعة الأعمال الخيرية تستمر في الازدهار، ما دام اقتصاد الدولة مزدهراً، وما دامت دخول الأفراد – بالتبعية – مرتفعةً، والعكس صحيح في أوقات الأزمات الجيوسياسية وعدم اليقين الاقتصادي.
فعلى الرغم من وجود أناس كرماء بطبيعتهم، فإن علم الاقتصاد يُخبِرنا أن الدافع المهيمن هو الرضا الداخلي الذي يستمده الأفراد من فعل العطاء؛ حيث يستمد الأفراد الرضا من إعطاء الكثير بالطريقة التي يحصلون بها على الرضا من شراء سيارة جديدة أو تناول طعام في مطعم على سبيل المثال، خاصةً عندما يكون عدد المتبرعين كبيراً؛ فإن السياق الاجتماعي لعطاء الآخرين يطغى عليه رضا المرء عن عطائه عند التفكير في مقدار ما يجب تقديمه.