- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
سيناريوهات الحرب الأهلية القادمة في الولايات المتحدة
سيناريوهات الحرب الأهلية القادمة في الولايات المتحدة
- 22 يناير 2022, 4:38:22 م
- 503
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
أثار حادث اقتحام مبنى الكابيتول في يناير من العام الماضي، صدمة كبيرة لم تقتصر على الداخل الأمريكي، بل امتدت إلى كل دول العالم، لا سيما أنه شكَّل محاولة لتعطيل الانتقال السلمي للسلطة باستخدام العنف في أعرق الديمقراطيات في العالم، وهو ما اعتُبر نقطة تحول، سواء للدول التي تنظر إلى النظام السياسي في الولايات المتحدة على أنه غايتها، أو الدول المُنافِسة التي تنتظر مسار ومآل هذه الأحداث حتى تزاحم الهيمنة الأمريكية على النظام الدولي.
حتى إن البعض بدأ يؤرخ لمستقبل الولايات المتحدة من مرحلة ما بعد اقتحام الكابيتول، باعتبار أن تلك اللحظة تمثل بداية التراجع الأمريكي في ظل تعدد أزمات الداخل، مع تصاعد حوادث العنف وتشكيك البعض في الديمقراطية الأمريكية وتزايد حدة الاستقطاب الداخلي بدرجة كبيرة، والجدل المتعلق بعلاقة الجيش بالسلطة. وفي ضوء هذا، يأتي كتاب “الحرب الأهلية القادمة: قراءات من المستقبل الأمريكي” للكاتب ستيفن مارشيه، الذي صدر في يناير 2022؛ وذلك بعد عام من أحداث الكابيتول؛ إذ يرى أن الولايات المتحدة لا تنقصها إلا شرارة لاندلاع حرب أهلية جديدة؛ حيث يطرح الكتاب مؤشرات الحرب الأهلية المحتملة ومحفزاتها في الوقت الراهن جنباً إلى جنب مع استعراض أبرز سيناريوهات الحرب الأهلية واحتمالية تجنبها.
مؤشرات الحرب الأهلية الأمريكية
تناول التقرير عدة مؤشرات كاشفة عن اقتراب الولايات المتحدة من سيناريو الحرب الأهلية؛ وذلك على النحو التالي:
1- اقتحام مبنى الكابيتول وعرقلة انتقال السلطة: أشار الكاتب، في بداية كتابه، إلى أن أحداث 6 يناير 2021 أكدت أن ما لا يمكن تصوره أصبح حقيقة واقعة في الولايات المتحدة من عصابات تدنس مبنى الكابيتول، ودبابات تتجول في شوارع العاصمة (واشنطن)، ومعارك تدور بين المتظاهرين والمتمردين المسلحين الذين يحاولون اقتحام الكونجرس ورجال الشرطة، بالإضافة إلى عدم اليقين بشأن الانتقال السلمي للسلطة. وكلها أمور يرى الكتاب أنها لو حدثت في بلد آخر فستكون كاشفة عن بداية الحرب الأهلية بالفعل.
2- تزايُد رسائل التهديد للسياسيين وأعضاء الكونجرس: أوضح الكاتب أن شرطة الكابيتول تواجه زيادة التهديدات ضد أعضاء الكونجرس، كما شارك فريد أبتون الممثل الجمهوري عن ميشيجان، مؤخراً رسالة تلقاها تقول: “أتمنى أن تموت.. أتمنى أن يموت كل فرد في عائلتك”. ولم تقتصر رسائل التهديد على السياسيين فحسب، بل طالت أي شخص يشارك في إدارة النظام الانتخابي. جدير بالذكر أن جامعة جورج تاون أجرت في عام 2019 استطلاعاً تضمن سؤال الناخبين عن مدى قرب البلاد من “حافة الحرب الأهلية”، على مقياس من 0 إلى 100، وكان متوسط إجاباتهم 67.23، أي ما يقرب من الثلثين.
3- تراجُع الثقة بالسلطات والمؤسسات الفيدرالية: أوضح الكاتب أنه يوماً بعد يوم يصبح النظام القانوني للولايات المتحدة أقل شرعية؛ حيث إن الثقة بالحكومة على جميع المستويات آخذة في التراجع؛ ففي الوقت الحالي، يشجع العديد من المسؤولين المنتخبين محليّاً علناً على مقاومة السلطة الفيدرالية، وتتدرب الميليشيات وتسلح نفسها استعداداً لسقوط الجمهورية، وتنتشر عقائد الحرية المسيحية الراديكالية.
4- جدل حول توظيف الجيش لمواجهة التمرد الداخلي: أشار الكاتب إلى المنشور المشترك رقم 3–27 الذي يوضح دور القوات المسلحة في الدفاع عن الوطن بأنه “حماية السيادة والأراضي والسكان المحليين والبنية التحتية الحيوية ضد التهديدات الخارجية والعدوان أو التهديدات الأخرى، وفقاً لتوجيهات الرئيس”. إذن هل الجيش موجود فقط للحماية من “التهديدات الخارجية”؟ أم أن مصطلح “التهديدات الأخرى” واسع بما يكفي ليشمل الميليشيات المتمردة؟. كما سرد الكاتب بعض القوانين المتعلقة بهذا الشأن، مثل قانون التمرد الذي تم سَنُّه في عام 1807، وينص على قمع التمرد ضد حكومة الولاية بناءً على طلب الحاكم. وهناك أيضاً القسم 253 من قانون الولايات المتحدة، الذي يسمح للرئيس باستخدام القوات المسلحة لقمع التمرد أو العنف المحلي، لكن في حال تحقق بعض الشروط، مثل: إذا كان يعوق تنفيذ القوانين إلى الحد الذي يكون فيه جزء أو فئة من المواطنين محرومة من الحقوق الدستورية، والولاية غير قادرة على حماية هذه الحقوق، أو إذا كانت تعرقل تنفيذ أي قانون اتحادي، أو تعرقل سير العدالة بموجب القوانين الاتحادية.
5- تصاعُد الانتقادات للنظم الانتخابية والتصويتية الحالية: ذكر الكاتب أنه سيكون من الممكن تماماً للولايات المتحدة تنفيذ نظام انتخابي حديث لاستعادة شرعية المحاكم، وإصلاح قوات الشرطة، واستئصال الإرهاب المحلي، وتغيير قانون الضرائب الخاص بها لمعالجة عدم المساواة، وتنظيم ومراقبة آليات العنف. كل هذه الآليات الآجلة ممكنة. ومع ذلك، كرر الكاتب تأكيده أن هناك أزمة شرعية أولية جارية؛ حيث إنه بغض النظر عمن سيتم انتخابه في عام 2022 أو في عام 2024، فإن النظام الفيدرالي لم يعد يمثل إرادة الشعب الأمريكي. فوفقاً لتحليل جامعة فيرجينيا لتوقعات التعداد، فإنه بحلول عام 2040، سيسيطر 30% من السكان على 68% من مجلس الشيوخ. ثماني ولايات فقط ستحتوي على نصف عدد السكان؛ لذا، ففي المستقبل القريب، يمكن لمرشح ديمقراطي أن يفوز في التصويت الشعبي بملايين الأصوات ويخسر وفقاً لنظام المجمع الانتخابي.
محفزات الحرب الأهلية المتوقعة
أرجع الكاتب تصاعد التوقعات باقتراب سيناريو الحرب الأهلية في الولايات المتحدة إلى العديد من الأسباب؛ أبرزها:
1- طغيان الحزبية السياسية المفرطة: تعد الولايات المتحدة الآن حالة نموذجية لدولة على شفا حرب أهلية؛ حيث طغت الحزبية المفرطة التي تجعل كل قرار سياسي، في أحسن الأحوال، يمثل إرادة نصف البلاد فقط، وهو الأمر الذي يزيد الاقتتال السياسي الداخلي.
2- تحفُّز اليمين وانتشار واسع للسلاح: أوضح الكاتب أن اندلاع العنف السياسي على نطاق واسع داخل حدود الدولة سيصبح بالضرورة عملية عسكرية، فلن تكون قدرات الشرطة الأمريكية كافية للتعامل معها، وسيكون الجيش الأمريكي فقط، هو القادر على التعامل مع القوات المتمردة. ومن وجهة نظر تكتيكية، فإن أي اشتباك بين القوات الأمريكية والميليشيات المتمردة سيكون من جانب واحد؛ هذا بالإضافة إلى استعدادات الميليشيات اليمينية، والعدد الهائل من الأسلحة المتاحة في الولايات المتحدة.
3- شكوك حول قدرة الجيش على الحسم: أكد الكاتب أن المشاكل الحقيقية ستكون قانونية وبيروقراطية، وستأخذ بدورها بسرعة طابعاً عسكرياً، في حين أنه لم يتم تأهيل الجيش الأمريكي ثقافياً ولا مؤسسياً ليكون جهة فاعلة محلية مناسبة للتصدي للتمرد الداخلي، بل على العكس؛ تم تصميم دور القوات المسلحة في الحياة الأمريكية بشكل محدد لجعلها غير فعَّالة في العمليات المحلية. وأشار الكاتب إلى أنه لن يكون استخدام الجيش، بحد ذاته، أزمة دستورية؛ حيث إن هناك سوابق قانونية وأوامر تنفيذية صريحة تحكم استخدام القوة العسكرية على الأراضي الأمريكية. لكن من المرجح جداً أن يخرج أي رد عسكري على الاضطرابات المدنية عن السيطرة ويتحول إلى تمرد ممتد، كما أوضح الكاتب أنه على الرغم من براعة الجيش الأمريكي، فإن النتيجة ستكون غير مؤكدة تماماً.
4- تزايد دعوات تدمير السلطة السياسية: تضم الولايات المتحدة حالياً مجموعة متنوعة من الحركات المناهضة للحكومة، بدءاً من الجماعات التي لا تعدو كونها مجرد هواة للبقاء على قيد الحياة، إلى أنصار النازية الجديدة، والمواطنين المسلحين. كما يسعى جزء كبير من الجمهور الأمريكي بنشاط إلى تدمير السلطة السياسية على هذا النحو؛ لذا تساءل الكاتب: ماذا سيحدث إذا استمروا في تفعيل أهدافهم المعلنة المتمثلة في الإطاحة بالحكومة الفيدرالية وفرض رؤيتهم للحرية بقوة السلاح؟
سيناريوهات الحرب الأهلية المحتملة
أشار التقرير إلى عدد من السيناريوهات المحتملة إذا اندلعت الحرب الأهلية في الداخل الأمريكي؛ وذلك على النحو التالي:
1- تعذُّر حسم المعركة المحتملة بين اليمين واليسار: توقَّع الكاتب أنه قد يخوض كلٌّ من اليمين واليسار حرباً أهلية ذات مزايا هيكلية؛ حيث أدرك اليمين ما لم يدركه اليسار، وهو أن النظام في حالة انهيار؛ لذا سيستفيد اليمين من ضراوة وعسكرة قاعدته، والتغلغل الكبير لليمين الراديكالي في المؤسسات، وإرث مجلس الشيوخ والمجمع الانتخابي؛ ما سيوفر أساساً دستورياً للسيطرة على الجيش، على الرغم من أعدادهم الصغيرة. فاليمين يستعد لانهيار القانون والنظام، لكنهم يتفوقون أيضاً على قوى القانون والنظام. ولقد اخترقت منظمات اليمين المتشدد الآن العديد من قوات الشرطة، لدرجة أنهم أصبحوا حلفاء غير موثوق بهم في الكفاح ضد الإرهاب المحلي. بينما يشكل اليسار من جانبه غالبية البلاد، وهم يملكون المال؛ إذ شكلت المقاطعات التي صوتت للرئيس الحالي جو بايدن، في عام 2020، نحو 70% من الناتج المحلي الإجمالي الوطني. لكن اليسار الأمريكي أبطأ في رفض النظام السياسي، لكنهم بدأوا يدركون أن النظام الذي يصفونه بـ”الديمقراطي” أقل استحقاقاً لهذا الوصف. ومن ثم، فإنه بسبب قوة كل طرف، لن تكون هناك قوة ساحقة أو فائز واضح منذ البداية.
2- صعوبة حدوث انقلاب شامل في الولايات المتحدة: يدلل الكاتب على رأيه بأن تشيلي، في عام 1973، تحولت من الديمقراطية الدستورية القائمة منذ ما يقرب من 48 عاماً إلى سياسات حزبية، حتى فرض الجيش الهدوء بالقوة، في حين فرضت دول أخرى، حتى من الديمقراطيات الراسخة مثل كندا، الأحكام العرفية وسط اضطرابات سياسية شديدة. فوفقاً لتايكو هيروي أستاذ العلوم السياسية في جامعة تكساس، فإن من غير المُرجَّح حدوث انقلاب قاسٍ في الولايات المتحدة؛ حيث إن الأسباب العميقة لكل انقلاب تقريباً، في أي مكان، هي “الفقر، وهشاشة الأنشطة الاقتصادية، والأنظمة السياسية المُهجَّنة”، بينما تميل البلدان التي ليست سلطوية ولا ديمقراطية إلى الانقلابات بسبب “عدم الاستقرار الاجتماعي، والاحتجاجات المناهضة للحكومة، والأزمة الاقتصادية، وتحولات النظام”. وأكد هيروي أن السبب الحقيقي وراء عدم ترجيح حدوث انقلاب قوي، ليس عدم تصور هذه الظروف بالنسبة إلى الولايات المتحدة، بل هو ببساطة أن الانقلاب لم يحدث من قبل؛ حيث يؤكد هيروي أن “من أهم العوامل لميل الدولة نحو تجربة الانقلابات هو تاريخها”؛ فمن المُرجَّح أن تحدث الانقلابات في البلدان التي شهدت انقلابات من قبل.
3- تمزُّق المجتمع الأمريكي وتضارب محتمل بين السلطات: تساءل الكاتب أيضاً: “ما الصفقات التي سيتم إبرامها مع السلطات المحلية لوقف العنف في هذه الحالة؟”، واستشهد برأي بولجر في هذا الشأن قائلاً: لن يتطلب تفويض السلطة أي تشريع رسمي؛ فقد يكون الانتقال خفياً تماماً. إنها مسألة تحديد القوانين التي ستختار الحكومةُ الفيدرالية فرضَها. وأضاف الكاتب أن هناك سوابق تاريخية في هذا الشأن؛ فعلى سبيل المثال، سمحت بعض الولايات ببيع الماريجوانا واستهلاكها، على الرغم من أن العقَّار الذي يحتوي عليها لا يزال غير قانوني بموجب القانون الفيدرالي. وتطرَّق الكاتب إلى تساؤل بشأن مدى تسبُّب ذلك في تمزيق المجتمع ككل. في أي مرحلة تذهب بعيداً، وتقول: “لم يعد هذا بلداً. نحن نتظاهر جميعاً أنه الشيء الذي كنا نعيش فيه”. هذا السؤال ليس للأمريكيين في المستقبل فقط، بل إنه يؤثر عليهم في الحاضر أيضًا. فمع وجود حرب أهلية أو بدونها، سيواجه الأمريكيون سؤالاً وجودياً: هل لا يزالون جزءاً من البلد نفسه؟ أم أنهم يتظاهرون بذلك فقط؟ لكن الكاتب توقَّع أن التجرِبة الأمريكية تقترب من نهايتها.
4- إعادة تشكيل الصراع المحتمل للمشهد السياسي الأمريكي: أكد الكاتب من جانبه أنه على الرغم من أن الولايات المتحدة ليس لديها تاريخ من الانقلابات، لكنَّ لديها تاريخاً طويلاً من العنف السياسي الراديكالي. فلقد عانت من قبل في عدة أحداث؛ أبرزها حرب فيتنام، واحتجاجات الحقوق المدنية، واغتيال الرئيس جون كنيدي، وفضيحة ووترجيت، وغيرها من الكوارث الوطنية التي لا تزال في الذاكرة الحية. لكنه أضاف أن الولايات المتحدة لم تواجه أبداً أزمة مؤسسية مثل الأزمة التي تواجهها الآن؛ حيث كانت الثقة بالمؤسسات أعلى بكثير خلال الستينيات. ومن ثم، فإن الاستنتاج النموذجي لصراعات التمرد هو صعوبة انتصار أي من الجانبين، ولكن سيحدث استنزاف للجميع. وأكد الكاتب أن الإرهاق سيعيد تشكيل المشهد السياسي في الولايات المتحدة.
أدوات تجنُّب الحرب الأهلية
ثمة مجموعة من العوامل التي قد تساعد، حال توافرها، في تجنيب الولايات المتحدة سيناريو الحرب الأهلية، وتتمثل فيما يلي:
1- الحاجة إلى الاستقرار وتعزيز الحوار الداخلي: رصد الكاتب تباين وجهات النظر العسكرية في حال اندلاع الحرب الأهلية. إذ تجادل إحداها إنه يجب تضييق الخناق على العنف حتى يمكن إحراز تقدم سياسي، مع الاستشهاد بأحداث الشغب في العراق في عام 2007، وما يتطلبه ذلك من الحاجة إلى الاستقرار لتعزيز الحوار.ومن ثم، سيكون التعامل مع الحرب الأهلية الأمريكية القادمة مشابهاً لكيفية التعامل مع الأزمات التي تواجهها الولايات المتحدة بالفعل اليوم؛ حيث يمكن للجيش، في أحسن الأحوال، أن يوفر المساحة التي تمتلكها الولايات المتحدة حالياً للتفاوض بشأن مشاكلها. فإذا لم تستطع الولايات المتحدة حل هذه المشاكل الآن، فكيف ستتمكن من حلها بعد انتشار العنف؟ فبمجرد أن تبدأ مكافحة التمرد، سيكون من شبه المستحيل إخراج القوات العسكرية.
2- تضييق الخناق على الميليشيات ومواجهة العنف: بحسب الكتاب، فإن المساحة الهائلة للولايات المتحدة من حيث الجغرافيا والتعداد الضخم للسكان سيشكلان أزمة عسكرية مستفحلة. فالولايات المتحدة قارة كبيرة جداً تضم عدداً كبيراً من السكان. ومن ثم، فمن غير المتوقع أن يكون لديهم هذا العدد الكبير من الأشخاص الذين يرتدون الزي العسكري للتصدي للحرب الأهلية. ومن ثم، ما ستراه هو صعود الميليشيات من كل الأطراف لحماية أنفسهم ذاتياً دون الاعتماد على الجيش الوطني؛ وذلك في الوقت الذي سينحصر دور الجيش فيه على قمع العنف. والطريقة الوحيدة لقمع العنف هي وضع البلاد في حالة إغلاق.
3- الاستفادة من تجربة الحرب الأهلية السابقة: وفق الكتاب: “نحن نتحدث عن حرب أهلية مستقبلية في الولايات المتحدة؛ لذا فإن الجهد سيمتد إلى أجل غير مسمى؛ بسبب المشاعر التي قد تستدعيها”، إذ إن الشيء الاستثنائي هو مدى ضآلة ما تعلمته الولايات المتحدة حتى من حركات التمرد على أراضيها. وأورد الكتاب مثالاً آخر من بريطانيا، إذ انتصر الجيش البريطاني تقريباً في كل معركة ضارية في الحرب الثورية، لكن لم يستطع البريطانيون السيطرة على البلاد ضد إرادة سكانها. وبالإضافة إلى ذلك، فإن فشل جهود الإعمار بعد الحرب الأهلية يكشف عن شبه استحالة إخضاع الأمريكيين لنظام سياسي لن يتسامحوا معه.
وقد خلص الكاتب إلى أنه إذا أرادت الولايات المتحدة البقاء كما هي، فسوف يتعين عليها استعادة روحها الثورية؛ حيث إن الأزمات التي تواجهها الولايات المتحدة الآن في وظائفها الحكومية الأساسية عميقة لدرجة أنها تتطلب البدء من جديد. وطرح الكاتب عدة تساؤلات مثل: هل لدى الدولة التواضع للاعتراف بأن أنظمتها القديمة لم تعد تعمل بكفاءة؟ هل لديها الشجاعة للبدء من جديد؟ حيث تحتاج الولايات المتحدة الجرأة لابتكار سياسة جديدة لعصر جديد. ومن الممكن تماماً أن تفعل ذلك؛ فهي بلد مُكرَّس لإعادة الابتكار. وفي الوقت الحالي، فإن أي محاولة من قِبَل الجيش للقيام بذلك لن تؤدي إلا إلى تفاقم التوترات السياسية.
المصدر: “إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية”
Stephen Marche, The Next Civil War: Dispatches from the American Future, (New York: Simon and Schuster, 2022).