- ℃ 11 تركيا
- 4 نوفمبر 2024
صفحة جديدة في علاقات تركيا والغرب؟
صفحة جديدة في علاقات تركيا والغرب؟
- 13 يونيو 2021, 1:12:01 م
- 831
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يتوجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأحد، إلى العاصمة البلجيكية بروكسل للمشاركة في قمة زعماء حلف شمال الأطلسي (الناتو) التي تنطلق الإثنين،
والتي من المقرر أن يعقد على هامشها ثلاث قمم مع زعماء الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا
واليونان في جولة هامة جداً يؤمل منها أن تنجح في تجاوز الخلافات التي تصاعدت بشكل غير مسبوق في الأشهر الأخيرة وفتح صفحة جديدة في العلاقات بين تركيا والغرب.
وعقب سنوات من السياسة التركية الخشنة والتدخلات العسكرية في العديد من الساحات الإقليمية،
وما رافق ذلك من خلافات حادة مع العديد من الأطراف الدولية، تسعى تركيا في الأسابيع الأخيرة
لإنجاح حملة دبلوماسية واسعة أطلقها أردوغان للعودة إلى سياسة خفض المشاكل وتقديم اللغة الدبلوماسية،
وفي هذا الإطار تولي أنقرة أهمية كبيرة لقمة الناتو وما سيرافقها من قمم جانبية في
إمكانية التأسيس لمرحلة جديدة من العلاقات الهادئة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وعلى مدى الأسابيع الماضية، جرى الإعداد لثلاث قمم سيعقدها الرئيس التركي مع نظيره الأمريكي جو بايدن،
والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، إلى جانب المباحثات الجانبية مع باقي الزعماء
واجتماعات قمة الناتو الرئيسية التي ترى فيها تركيا فرصة للتذكير بقوة حضورها داخل الحلف والخروج بنتائج
إيجابية بعيداً عن أجواء الخلافات والتصعيد وحتى التهديد بين الحلفاء التي سادت طوال الأشهر الماضية.
أول لقاء مع بايدن :
تعتبر القمة الأهم هي تلك التي ستجمع أردوغان وبايدن لأول مرة منذ وصول الأخير إلى البيت الأبيض،
حيث تتكدس على الطاولة الكثير من الملفات الخلافية بين البلدين، وسط مساعٍ حقيقية للتوصل إلى الكثير من التوافقات حول ملفات منظومة “إس 400” الدفاعية الروسية،
والبقاء التركي في أفغانستان، والانتقادات الحقوقية والتعاون الاقتصادي والعقوبات، وغيرها الكثير من الملفات.
وفي محاولة للتوصل إلى أفضل نتائج ممكنة في اللقاء، يجري الإعداد له على نطاق واسع عبر سلسلة لقاءات بين وزراء خارجية ودفاع ومساعدي عدد من الوزارات ومستشاري الأمن القومي للبلدين.
وفي قضية “إس 400” التي تعتبر أبرز ملفات الخلاف على الإطلاق بين البلدين، يجري الحديث عن مقترحات جديدة لحل الأزمة،
أبرزها ما يتعلق بتخزينها في قاعدة إنجرليك الجوية التركية التي تتواجد فيها قوات أمريكية، وبيع منظومة باتريوت لتركيا،
وهو ما قد يمهد لإعادة أنقرة إلى برنامج طائرات “إف 35” ورفع العديد من العقوبات، ما يمهد لصفحة جديدة حقيقية في العلاقات بين البلدين،
إلا أن ذلك يبقى في إطار المقترحات والآمال مع تفاؤل أقل بإمكانية التوصل إلى حل كامل وسريع في ظل إصرار أنقرة على عدم تخليها عن المنظومة الروسية واعتبار ذلك “مسألة قومية سيادية”.
وإلى جانب ذلك، سوف تتناول قمة أردوغان- بايدن الطرح التركي بإمكانية بقاء قواتها في أفغانستان عقب انسحاب الناتو من أجل الاستمرار في حماية مطار كابول.
وهو طرح لاقى قبولاً كبيراً من قبل الحلف، إلا أن أنقرة وضعت شروطاً كثيرة تتعلق بتوفير دعم واسع لها في هذه المهمة،
حيث يرى مراقبون أن التوافق داخل الحلف على الطرح التركي سوف يساهم في إعادة تعزيز الثقة بين الجانبين بدرجة كبيرة.
وتولي تركيا أهمية كبيرة لإنجاح هذه المساعي، وبشكل خاص تجنب أي تصعيد مع الإدارة الأمريكية،
بل وتقديم بعض التنازلات في سبيل تحسين العلاقات من أجل تحقيق دفعة للعلاقات الاقتصادية،
ما يساهم في دعم رؤية الحكومة لإعادة ترميم الاقتصاد بعد الأضرار الكبيرة التي لحقت بالاقتصاد التركي بسبب انتشار فيروس كورونا وأدت إلى متاعب اقتصادية صعبة على المواطنين.
قمة صعبة مع ماكرون :
على الجانب الفرنسي، يلتقي أردوغان مع ماكرون في أول لقاء بين الزعيمين عقب أشهر من أسوأ أزمة دبلوماسية بين البلدين،
تخللها خلافات ومشاكل متشعبة من ملف العداء للإسلام وشرق المتوسط وليبيا وصولاً للإهانات الشخصية التي
أطلقها زعيمي البلدين ضد بعضهما البعض في ذروة الخلافات التي كادت ان تتحول لصدام عسكري في محيط ليبيا وشرق المتوسط.
وجرى التمهيد للقاء على مدى الأسابيع الماضية التي شهدت اتصالاً هاتفياً بين أردوغان وماكرون،
وزيارة لوزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو إلى باريس جرى خلالهما التأكيد على ضرورة تجاوز الخلافات والعمل المشترك في إطار “التحالف” الثنائي والناتو.
ويؤمل من هذا اللقاء أن يفتح صفحة جديدة في العلاقات بين الجانبين لا سيما فيما يتعلق بتعزيز الأجواء الإيجابية لاستمرار الهدوء في ملف شرق المتوسط،
وتعزيز التعاون في الملف الليبي بعد سنوات من الخلاف والصدام، والانتقال للحديث عن التعاون الثنائي والجماعي بدلاً من التصعيد الدائم.
وهو هدف لا يبدو سهلاً في ظل تصدير تركيا نفسها في ملف التصدي لسياسات ماكرون اليمينية ضد المسلمين في فرنسا،
والمتوقع أن تتصاعد بشكل أكبر في الأشهر المقبلة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في فرنسا،
إلا ان احتواء التصعيد مع فرنسا يبقى مهماً في مسيرة تحسين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي.
تعزيز الأجواء الإيجابية مع اليونان:
الجهود مع فرنسا فيما يتعلق بالاتحاد الأوروبي لا يمكن أن تكتمل بدون جهود موازية مع اليونان التي تعتبر الخلافات معها أبرز مسببات الأزمة بين تركيا والاتحاد.
ومن هنا تكمن أهمية القمة المقررة بين أردوغان ورئيس الوزراء اليوناني والتي ستبحث بشكل معمق رغبة البلدين
في الانتقال للخطوات العملية لحصر الخلافات وتحييدها قدر الإمكان والعمل على تعزيز ملفات التعاون خلال المرحلة المقبلة.
وجرت في الأسابيع الأخيرة مباحثات تركية- يونانية على مستويات مختلفة لخفض مستوى التوتر بين البلدين
والذي وصل إلى ذروته قبل أشهر بسبب الخلافات حول الحدود البحرية والمناطق الاقتصادية الخالصة
وملف قبرص والتنقيب والمناورات في شرق المتوسط والتي وصلت إلى أخطر مستوى لها على الإطلاق وكادت
أن تتحول إلى مواجهة عسكرية كارثية قبل أن تبدأ خطوات خفض التصعيد عبر مبادرة الناتو لإجراء مباحثات
لمنع الاشتباك وضغط ألمانيا لاستئناف المباحثات الاستكشافية وما أعقبه من زيارات متبادلة لوزيري خارجية البلدين.
ولا يتوقع من لقاء أردوغان- ميتسوتاكيس أن ينجح في حل الخلافات التاريخية المعقدة بين البلدين،
لكن بالحد الأدنى يؤمل منه أن يعزز الأجواء الإيجابية التي تتعزز تدريجياً في الأيام الأخيرة والتأسيس
لمزيد من الاتصالات بين البلدين تعزز لغة الحوار على حساب لغة التصعد التي سادت مؤخراً وتدفع باتجاه
مزيد من الخطوات الإيجابية بين تركيا والاتحاد الأوروبي وربما تؤسس لتحديث اتفاقية اللاجئين بين أنقرة والاتحاد الأوروبي والتي ستعيد ضبط العلاقات بأجندة إيجابية جديدة.
موضوعات قد تهمك:
سامح شكري: تصريحات تشاووش أوغلو حول تبادل السفراء "مقدرة"