- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
طريقة عمل "الفتوى" الشاذة
طريقة عمل "الفتوى" الشاذة
- 4 مارس 2021, 3:25:52 ص
- 1204
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بمناسبة الفتاوى الشاذة التى نسمعها كل يوم مثل الإفطار على الخمر وزواج الفتاه من مسيحي.. عندى قصة حدثت لي شخصيا سنة 2006 ..
كنت أعمل وقتها فى مجال الإعداد التلفزيونى بقنوات عربية بمدينة الإنتاج الإعلامى .
وأحببت أن أدخل عالم الصحافة المكتوبة لتوسيع مجالات العمل .. وعن طريق قريب لى تعرفت على صحفى كان يعمل وقتها مدير تحرير جريدة صوت الأمة..
وتم تحديد موعد للقاء فى مقر الجريد بالدقى لبداية العمل هناك والتى كان يرأس تحريرها فى هذا الوقت الصحفى وائل الإبراشى ..
ذهبت الى مقر الجريدة .. والتقيت بالصحفى الذى رحب بى وتعرف على أعمالى فى مجال الإعلام .
قال فى البداية دخولك مجال الصحافة شي سهل فأنت دخلته بالفعل من خلال الفضائيات ولو اجتهدت فى ما يطلب منك ستحصل على كارنية النقابة باسرع وقت ..
قلت له وما المطلوب .. .سألنى بشكل مباشر ..أنت أزهرى صح ..؟ ..أجبته نعم .. قال : أنا لا أريد منك إلا شيئاً بسيطا بصفتك قارئ ومطلع على كتب الفقه ..
قلت له تفضل .. قال أريد أن تبحث فى كتب الفقه عن الفتاوى الشاذة التى قالها علماء الفقه .. ستجد كثير منها بين السطور .. قلت له فعلا موجود..
وكان قبل سنوات وقتها انتشرت المسألة الشاذة إرضاع الكبير وكانت بالفعل موجودة فى كتب الفقه وكنا درسناها فى المرحلة الإعداديه لكن بمفهومها ولم يخطر على بال أحد منا ما صوره الإعلام بعد ذلك ..
حقيقةً صدمت وأنا معه والجم لسانى عن الكلام .. خرجت من عنده موعوداَ بأنى على قوائم العمل يبقى فقط ما أجتهد فيه للبحث عن الفتاوى الشاذة للفقهاء القدامى .. وبالمناسبة هى مسائل وليست فتاوى ..
رجعت الى بيتى ولم أنم طيلة الليل وأنا أفكر فى ما طلب منى ..
ولم يكن تفكيرى فى ما سوف أفعله ولكن كان فى ما الهدف من ذلك .. ما المراد من النبش عن المسائل الشاذة وإحيائها مرة أخرى ولماذا فى هذه الايام ..
بالطبع هى مادة ثرية للصحفين وبرامج الفضائيات وصناعة جدل وجدال .. وجذب مشاهدين .. واتساع رقعة النقاش والحوار..وأموال وأرابح تدر من الإعلانات .. وفرقعات صحفية وإعلامية كافية أن تضعك فى مصاف الكبار خلال فترة قصيرة ..
جالت فى خاطرى أمور كثيرة .. هل أكمل أم أتوقف .. ؟!!
كنت قبل ذلك الوقت رافضا لما يثار حول مسألة إرضاع الكبير .. كنت أراها عبثاَ لا طائل من ورائه إلا إشغال الناس فى قضايا تافه لا فائدة منها للأمة .. وهذا الشعور هو ما حسم موقفى ..
لن أكمل فى هذا الطريق .. فأنا أعمل والحمد لله بما أراه يرضى ربى مكتفيا بقليله راضيا به .. ولم أدخل عالم الصحافة بعدها إلا ببعض المقالات لبعض المواقع.
لكن فى هذه الأيام وما يدور هذه الايام من فتاوى .. جعلنى أتذكر مسألة من هذه المسائل الشاذة ..
كنت قرأتها اثناء دراستى .. وقبل أن أذكر المسألة هناك شيئ لا بد ان يعلمه الكثير ..
أنه فى زمن علماء الفقه القدامى - وأنا كنت حنفى المذهب - كان مثلا الإمام أبو حنيفة ومعه الصاحبان وغيرهما من علماء الفقه يتوسعون فى مناقشة مسائل كثيرة ربما لم تكن موجودة أصلا ..
فمثلا يقول ما يفعل فلان إذا حدث أمر ما .. وهو لم يحدث من قبل مجرد تخيل وإفتراض غير موجود لكن ربما يحدث فى زمن ما ..
ومن هذه المسائل مسألة غريبة جدا .. تقول إذا كانت هناك سفينة يركبها رجال ونساء وهذه السفينة تكسرت فى البحر لكن من بها إستطاعو أن يعومو ويصعدوا الى جزيرة مهجورة وبعد أن خرجو من الماء وجدو ملابسهم مزقت تماما وأنهم جميعا عرايا كما ولدتهم أمهاتهم ..
وصعدو على جزيرة رميلة لا يوجد بها شي وليس معهم شيئ .. فماذا يفعل هؤلاء اذا أرادو صلاة الجماعة ..؟ تخيل هذا الافتراض ..!!
إن أكبر ما كان يشغل بالهم هو كيفية أداء الصلاة جماعة وليس فرادى حتى .. ومن غرابة الفكرة تحمست لقراءة الأراء المختلفة حولها وكلٌ يدلى بدلوه ..
ومن هذه الأراء أن يقف الإمام خلف صخرة إن وجدت تستر ظهره ويقف الرجال خلفه متباعدين صفا واحدا ويستكمل الصف الواحد بالنساء متباعدات أيضا حتى لا يرى أحدهم سوئة اخيه ..
ومنهم من قال أن يصلو جالسين .. ومنهم من قال أن يتفرقو حيث لا يرى احدهم الاخر ويجمعهم فقط صوت الإمام .. وكثير من الاراء التى لا اتذكرها حاليا ..
لكن ما لفت انتباهى هو اجتهادهم وبحثهم عن حلول لمشكلة قد يظنها الناس فى عصرنا أمراً هيناً وهو إقامة صلاة الجماعة .. لكن كما يقول ربنا ( وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ) ..
طبعا إذا عرضت مثل هذه المسألة على الصحافة فى مصر فسيكتب احدهم بالبنط العريض .. "يجوز للمرأة العارية أن تصلى خلف الإمام العاري" ..
ويتم عمل حلقات واستضافة محللين ومحللات وتمتلئ صفحات السوشايل بجدال عقيم .
فى النهاية لا تظن أن الفتاوى الشاذة تخرج من تلقاء نفسها ..أو مجرد صدفة ..أعلم أن ورائها فريق ينبشون ويبحثون وينتقون ويفبركون ثم يعرضونها عليك ..
طارق مهني