- ℃ 11 تركيا
- 23 نوفمبر 2024
طه الشريف يكتب: حينما تسعى إسرائيل وأمريكا وبعض حكومات المنطقة لتعويض خسائرها في الحرب بالسياسة
طه الشريف يكتب: حينما تسعى إسرائيل وأمريكا وبعض حكومات المنطقة لتعويض خسائرها في الحرب بالسياسة
- 3 نوفمبر 2024, 12:42:40 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
لا شك أن خسائر الاحتلال الصهيوني باتت أكبر من مجرد التجاهل الإعلامي لها في تل أبيب أو في أوروبا وأمريكا، رغم محاولات التعتيم والالتفاف على فضائحه في ظل الهزائم التي مُنّيَ بها جيشه، ولم تعد تُجدي محاولات التجميل التي يمارسها إعلام الصهيونية العالمية وذيله في بلادنا العربية، خاصة بعدما تحرر العالم من قبضة الإعلام الواحد الذي يملي ما يريده على جمهور المشاهدين، كما كان في حقبة الستينيات وقبل ظهور الإنترنت والسوشيال ميديا التي قلبت الموازين وأوصلت الحقائق -رغم أنف الحكومات- كما هي دون تدخل من أي جهة كائنة من كانت.
ولا شك أن الضربات الموجعة التي تلقتها دولة الاحتلال في وجه الاستعلاء والعنجهية المبتذلة لقادتها السياسيين والعسكريين من المَرضى بالسادية الذين يتصدرون المشهد في حكومة "بنيامين نتنياهو" أمثال "إيتمار بن غفير" و"بتسلئيل سموتريتش"؛ لم تُبق لهم إلا عض الأنامل ومص الشفاه على مقدار الألم الذي سببته لهم أذرع المقاومة في فلسطين والجنوب اللبناني!
ووجب علينا أن نشيد بدور الحزب في حفاظه على أهم مسلّماته وثوابته: المساندة والدعم الكاملين لغزة، والحفاظ على مبدأ وحدة الساحات؛ ذلك الذي سبب صداعا للدول الحاضنة للأذرع المساندة للمقاومة الفلسطينية في اليمن ولبنان والعراق، ورغم الأعباء التي تفوق القدرة على التحمل فلقد حافظ الحزب على دوره الأخلاقي -بعيدا عن خطاب الكراهية الطائفية المُعَد والمُجَهّز في غرف الأجهزة الأمنية والاستخباراتية- والذي يحمله ببغاوات الشحن الطائفي من أشباه الدعاة!
ورغم الخسائر الكبيرة في صلب قيادات الحزب من الصف الأول إلى مستوى الأمين العام ورئيس أركان التنظيم ثم المرشح الأول لتولى الأمانة العامة وغيرهم من القيادات، إلا أن الحزب استعاد عافيته وحافظ على دوره في الاصطفاف، جنبا إلى جنب مع المقاومة الفلسطينية التي ظهرت في العراء وحدها وجموع العرب والمسلمين عاجزون لا يقدرون على شيء سوى المشاهدة لكل ما تُحدثه الآلة الصهيونية الجبارة فيهم، ولا مغيث لهم إلا الله.
لا بد من التغيير في موازين القوى وعدم تركها في يد أمريكا!
أصبحت الحاجة ملحة إلى قرارات قوية من بعض الدول ذات الثقل الإقليمي والدولي، مثل تركيا المقُصّرة في مسئوليتها تجاه المذابح التي ترتكبها دولة الاحتلال! وبجوارها تصطف بعض الدول العربية والإسلامية البعيدة عن فلك التطبيع أو غير المرتمية في أحضان الراعي الرسمي لجرائم الاحتلال (أمريكا)، وخلفها بعض القوى الدولية الكبيرة مثل روسيا والصين، من أجل إحداث هزة في موازين القوى التي تسيطر عليها أمريكا منفردة، والتي لن تحيد -مع سيطرة اللوبي الصهيوني على البيت الأبيض- عن الانحياز الفاجر للاحتلال!..
أمريكا الممول والشريك الرئيس للمذابح التي يرتكبها العدو الصهيوني، والتي تقف على رأس الوسطاء لن تكترث لآلام الفلسطينيين أو لحرمان الأطفال من أبسط ما يحتاجه الطفل، ولن تسمع لصرخات الثكالى ولم ولن تنظر بعين الرحمة والشفقة إلا لأسرة أحد الأشقياء من الصهاينة القتلة، ولن نسمعها تتحدث إلا عن أسرى العدو ممن يسمونهم بالرهائن، ولن تحرك ساكنا إن كانت الغلبة لحليفتها ولسوف نستمع ساعتها لتصريحات البيت الأبيض ووزارة الخارجية عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها!
احذروا الصهاينة.. يعوضون خسارتهم في الحرب بالسياسة!
ما يشعرنا بالأسى هو حالة الخذلان التي تتلقاها المقاومة من محيطها العربي المدجج بالأسلحة التي جعلت منه الأكثر شراء على مستوى العالم، ومع ذلك فقد أحجم عن نصرة المقاومة وتركها تواجه العالم الغربي كله تحت راية اسرائيل! إلا أن المقاومة قد حققت ما يشبه المعجزة وأوقعت في الصهاينة الخسائر الكبيرة حتى ضجّوا وتعالت صرخاتهم، وتوالت هجراتهم العكسية هربا بحياتهم ورفض أبنائهم التجنيد، وفرت الاستثمارات وأحجمت الشركات التجارية الكبرى، وانخفض مؤشرهم الائتماني وحدث العجز في ميزانهم التجاري، وهنا جاء الدور الأمريكي الشيطان الراعي لما يسمى عملية التفاوض من أجل إيقاف الحرب!
وتتوالى الجولات المكوكية للمبعوث الأمريكي إلى لبنان حاملا أخطر أدوات اللعبة التي تجيدها إدارته، مخاطبا الطوائف اللبنانية لإيقاظ نار الخلاف فيما بينها، فتظهر مصلحة السنّة وممثليها في مواجهة تغول حزب الله الشيعي في الأرض اللبنانية! وهكذا تشيع الفرقة بين مكونات الدولة اللبنانية وتتعاظم نقاط الخلاف التي اختفت أو كادت، مع تلويح الإدارة الأمريكية بعصا العقوبات وجزرة المساعدات للحكومة اللبنانية للحديث عن ضرورة نزع سلاح المليشيات غير الشرعية (حزب الله)! وضرورة رجوع قوات الحزب إلى الوراء لمسافة 10 كيلومترات، وبذلك تجد المقاومة اللبنانية نفسها بين مطرقة الأمريكان وسندان الفرقاء!..
لا حل -كما أسلفنا- سوى دخول بعض القوى الإقليمية والدولية، متعاضدة فيما بينها لنزع فتيل الفرقة بين مكونات الدولة اللبنانية لمواجهة ما تريده الإدارة الأمريكية، الشريك الرئيس للعدوان الصهيوني، وتقديم بعض الضمانات للفرقاء من أجل نزع فتيل الفُرقة والعداء السني الشيعي؛ حتى يلتفت الجميع لمواجهة العدو الرئيس لشعوبنا وثرواتنا ومقدساتنا وتاريخنا وجغرافيتنا، أمريكا وذيلها في المنطقة العربية (إسرائيل)..