- ℃ 11 تركيا
- 30 يناير 2025
عاموس هارئيل يكتب: صورة الجموع تجتاز نتساريم تحطم وَهْمَ النصر المطلق
عاموس هارئيل يكتب: صورة الجموع تجتاز نتساريم تحطم وَهْمَ النصر المطلق
- 30 يناير 2025, 12:13:38 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
صور الجموع الفلسطينية التي تعبر سيراً على الأقدام ممر نتساريم في طريقها إلى ما تبقّى من منازلها في شمال غزة تعبّر إلى حد كبير عن نهاية الحرب بين إسرائيل وغزة. كما أن الصور التي التُقطت أمس تحطم وَهْمَ النصر المطلق الذي تحدّث عنه رئيس الحكومة نتنياهو ومؤيدوه طوال أشهر.
خلال الحرب، رفض نتنياهو البحث في ترتيبات اليوم التالي في القطاع، ولم يوافق على السماح بالبدء في تدخّل السلطة الفلسطينية في غزة، وواصل الدفع قُدُماً بسيناريو إخضاع "حماس" عسكرياً بالكامل، والآن من المعقول افتراض أنه مضطر إلى القبول بما هو أقل من ذلك كثيراً.
في الأسبوع الحالي حقق رئيس الحكومة مراده؛ فـ "حماس" وضعت عراقيل على طريق تنفيذ الخطوات المقبلة من المرحلة الأولى من صفقة المخطوفين، لكن نتنياهو نجح في التغلب عليها. وحتى مساء يوم الأحد، أرجأ الموافقة على عودة مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى الشمال، بعد أن تراجعت "حماس" عن وعودها إطلاق سراح المواطنة المخطوفة أربيل يهود من نير عوز.
وفي نهاية الأمر، اضطرت "حماس" إلى التراجع في مواجهة تهديدات نتنياهو والضغط الكبير للجماهير في الميدان، فتعهدت هي والوسطاء العرب بعودة يهود يوم الخميس مع المراقبة الأخيرة المخطوفة أجام برغر، ومع مخطوف إسرائيلي آخر. إن الدفعة المقبلة، وهي تتضمن 3 مخطوفين، ستجري يوم السبت المقبل، وبهذه الطريقة، فقد أدى إصرار نتنياهو إلى التقدم في تحرير 3 مخطوفين إسرائيليين، وهذا ليس بالقليل.
لكن على صعيد الصورة الأوسع، فقد قدمت "حماس" تنازلاً تكتيكياً من أجل تحقيق خطوة استراتيجية؛ عودة السكان إلى شمال القطاع. فبعد عودة هؤلاء إلى بلداتهم المدمرة، سيكون من الصعب على إسرائيل استئناف الحرب أو إجلاء المدنيين من جديد من المناطق التي انتشروا فيها، حتى لو انهار وقف إطلاق النار في نهاية الأسابيع الستة للمرحلة الأولى.
وعلاوة على ذلك، وعلى الرغم من انتشار مقاولين أميركيين من طرف البنتاغون في ممر نتساريم للتدقيق ومنع تهريب السلاح في السيارات، فإنه لا توجد رقابة على الجموع التي تنتقل سيراً على الأقدام، ومن المعقول أن تقوم "حماس" بتهريب القليل من السلاح عن طريقهم. وفي إمكان الذراع العسكرية للحركة التي لم تنسحب تماماً من شمال القطاع أن تجدد بالتدريج كوادرها العملانية.
كل هذه هي قيود عملانية جوهرية تمنع إسرائيل من استئناف القتال. إلى جانب ذلك، ليس هناك مجال لتصديق السردية الكاذبة التي تحاول "حماس" ترويجها بشأن انتصارها في الحرب، وأن "الصمود" يتغلب حالياً على التهديدات الإسرائيلية بالطرد و"النكبة".
أي شخص تجول في الأشهر الأخيرة في شمال القطاع يعلم ما سيكتشفه الآن المواطنون الفلسطينيون؛ منطقة فيها أقسام كبيرة مدمرة بالكامل، والوضع في خان يونس ورفح في جنوب القطاع ليس أفضل كثيراً، وقائمة القتلى من الفلسطينيين هي أكثر من 46,000 قتيل، لكن الجيش الإسرائيلي يقدّر أن الرقم أكبر من هذا، لأن آلاف الجثامين لا تزال تحت الأنقاض، وليس هذا نصراً فلسطينياً.
إن جرف المباني والبنى التحتية المدمرة يمكن أن يستغرق أعواماً كثيرة، وهذا هو أحد الأسباب التي جعلت الرئيس الأميركي دونالد ترامب يدعو بصوت عالٍ إلى إجلاء سكان القطاع بالكامل إلى أن تتم إعادة إعماره، وهي فكرة تتحفظ عليها بشدة دول عربية سنية من المنتظر أن تموّل العملية.
في "حماس"، يعلمون أنه طالما زعامة الحركة هي المسيطرة في القطاع، فإنه سيكون من الصعب إقناع السعوديين والإماراتيين وحتى القطريين بتوقيع الشيكات. وفي حالة كهذه، فهناك خطر كبير بشأن أن تستفز "حماس" إسرائيل وتتسبب باستئناف الحرب، فتجر مزيداً من الدمار إلى القطاع. وحتى أموال دول النفط محدودة.
لقد تلقت "حماس" ضربة عسكرية واضحة، ويبدو أنها أقوى ضربة وجهها الجيش الإسرائيلي في تاريخه إلى عدو لإسرائيل. ومع كل ذلك، فلم يتحقق الحسم. وهذا هو مصدر الوعود التي يطلقها بتسلئيل سموتريتش؛ التمسك بمنصبه على الرغم من معارضته صفقة الأسرى، بشأن العودة السريعة إلى حرب تحل المشكلة مرة واحدة وإلى الأبد.
والحقيقة هي أبعد من ذلك؛ فتجدُد الحرب لا يتعلق بنتنياهو وحده، وبالتأكيد ليس بشركائه من اليمين المتطرف. ويبدو أن القرار النهائي موجود في يد ترامب، وهو الذي من المنتظر أن يستضيف رئيس الحكومة في واشنطن في لقاء لا يمكن وصفه هذه المرة إلاّ بالمصيري.
ترامب يحب الغموض وعدم الوضوح إلى أن يتخذ قراره، لذلك من الصعب توقع سلوكه. لكن بحسب المؤشرات التي تركها في الأسابيع الأخيرة، فإن اهتمامه ليس موجهاً نحو تجدُد الحرب، إنما نحو إنهائها.
وحالياً، يبدو أن هذا سيكون اتجاه الضغط الذي سيمارسه على نتنياهو من أجل استكمال صفقة الأسرى، وإبرام صفقة كبيرة أميركية – سعودية – إسرائيلية، وربما الاعتراف شفهياً على الأقل برؤية قيام دولة فلسطينية في المستقبل.
هآرتس