- ℃ 11 تركيا
- 24 نوفمبر 2024
عاموس هرئيل عن «هآرتس»: "حقل ألغام" صفقة التبادل
عاموس هرئيل عن «هآرتس»: "حقل ألغام" صفقة التبادل
- 3 فبراير 2024, 10:35:36 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
أيضا في هذا الصباح مطلوب مرة أخرى تقديم ملاحظة تحذير. فرغم المعلومات الكثيرة والتنبؤات المتفائلة التي تطلقها مصادر أميركية ومصرية وقطرية، إلا أنه يبدو أن صفقة تحرير المخطوفين القادمة لم تغلق بعد. في الأسبوع الأخير حدث تقدم حقيقي بعد أن قدمت الولايات المتحدة والوسطاء العرب اقتراحاً متفقاً عليه من قبل الوسطاء الثلاثة وتم عرضه على الطرفين، إسرائيل وحماس. لكن ما زالت توجد مسافة يجب اجتيازها في المفاوضات – لا يوجد في الوقت الحالي أي يقين بأن المفاوضات ستنتهي بتفاهمات، أو حتى بجدول زمني واضح لتنفيذها.
قبل استكمال صفقة شاليت في 2011 اهتم رجال المخابرات المصرية بإجراء «محادثات تقارب» بين الطرفين في القاهرة. ممثلو إسرائيل وحماس رفضوا الجلوس في الغرفة نفسها، لذلك تمت استضافتهم في أماكن منفصلة في الفندق، في حين كانوا يتنقلون بين الوفدين للتوصل الى صيغة متفق عليها حول الصفقة. احد كبار ممثلي حماس كان الذي وصف بأنه رئيس الأركان في حماس في ذلك الوقت، احمد الجعبري. بعد سنة على اطلاق سراح جلعاد شاليت قامت إسرائيل باغتياله من الجو في عملية استهلت عملية «عمود الدخان». بعد ذلك تم الادعاء بأن المكوث القسري في القاهرة اثناء المفاوضات «أفسد» الجعبري. فقد تعود على ملذات الحياة خارج القطاع، وتوقف عن التصرف كمطلوب، وفي نهاية المطاف أصيب عندما نزلت عليه شعرة تصويب إسرائيل.
اذا سمعنا في القريب عن البدء في جولة محادثات تقارب فهذا يمكن أن يكون علامة على تقدم حقيقي في المفاوضات. سيكون من الصعب استكمال اتفاق معقد دون المكوث الجسدي للوفود في القاهرة، بالتأكيد في الوقت الذي فيه يحيى السنوار يختبئ في الانفاق ولا يقوم بالاتصال بشكل مباشر مع العالم الخارجي.
الخطوة الأساسية الأولى قبل الصفقة الجديدة تمت في بداية الأسبوع في مؤتمر باريس. هناك، بدون تمثيل لحماس، تم تقديم رسميا اقتراح موجه لممثلي إسرائيل. الآن لا يوجد للطرفين أي مصلحة في التشاجر مع الوسطاء.
فإسرائيل بحاجة اليهم من اجل الدفع قدماً بالصفقة، وحماس بحاجة اليهم اكثر من اجل تزويدها بالأوكسجين المهم، الأموال القطرية، وحرية الحركة من القطاع واليه عبر مصر. في باريس تمت بلورة إطار وآلية للدفع قدما بالاتفاق، لكن بدأت بشكل رمزي أيضا لعبة الاتهامات التي يقودها الوسطاء. سواء إسرائيل أو حماس لا توجد لهم مصلحة في أن يظهروا كمن افشلوا الصفقة.
مؤخراً بدأت تتسرب تفاصيل عن طبيعة الاتفاق. بعضها خرج من إسرائيل، على الاغلب من مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. هذه كانت عملية متعددة المراحل. ففي البداية نشرت خطة مخيفة للصفقة («اطلاق سراح آلاف المخربين»). بعد ذلك تم اجراء استطلاع في «اخبار 12» اظهر أن اغلبية ساحقة من الجمهور تعارض هذه الخطة (من الذي سيرغب في اطلاق سراح آلاف المخربين؟)؛ بعد ذلك اصدر نتنياهو تصريحا اثناء زيارته في المدرسة التمهيدية العسكرية في مستوطنة عيلي («لن نقوم باطلاق سراح آلاف المخربين») وفي نهاية المطاف في اللقاء مع عائلات المخطوفين («كلما تم الحفاظ على سرية هذه الجهود فانه ستكون لها احتمالية اكبر للنجاح»).
بلغة كرة القدم فانه يوجد لهذا السلوك تعبير مناسب وهو «أن تركل الضربة الركنية وتركض لادخال الهدف بواسطة الرأس». نتنياهو يحاول السيطرة على كل مراحل العملية، ويثور الشك بأنه لا يسارع الى الدفع قدما بالصفقة لأن هذه العملية يمكن أن تضعه على مسار التصادم مع الجناح اليميني جدا في الائتلاف. خلال ذلك هو يتجاهل أن مبعوثيه في باريس، رؤساء جهاز الأمن، قاموا بتنسيق المواقف مسبقا مع دول الوساطة منذ فترة طويلة، وأن الكثير من تفاصيل الاقتراح تمت بلورتها بموافقة إسرائيل.
وزراء في اليمين المتطرف وبعض وزراء الليكود انضموا في هذا الأسبوع لتوجيه انتقادات علنية للخطة التي تلوح في الأفق. وحسب التفاصيل التي تسربت فان الحديث يدور عن عدة مراحل، في المرحلة الأولى سيتم اطلاق سراح «حالات إنسانية» من بين المخطوفين، 35 – 40 من النساء (لكن من غير الواضح أن هذا العدد سيشمل المجندات المخطوفات) وكبار السن والمرضى والجرحى. هذه المرحلة ستمتد شهراً ونصف شهر، في المراحل القادمة سيتم اطلاق سراح المزيد من المخطوفين وجثامين إسرائيليين محتجزين في القطاع، في حين أن الجنود الذين بينهم سيكونون آخر من ستتم اعادتهم. الحديث يدور عن مرحلتين أو ثلاث مراحل، على فترة تمتد بضعة اشهر، التي خلالها سيتم الحفاظ على وقف كامل لاطلاق النار. خلافاً للطلبات السابقة فإن حماس الآن يبدو أنها لن تطلب تطبيق انسحاب كامل لقوات الجيش الإسرائيلي من القطاع من اجل المصادقة على الصفقة كشرط للبدء في تطبيقها.
حماس تحتجز حتى الآن 136 مخطوفا إسرائيليا واجنبيا في القطاع. 30 منهم تم الإعلان عن قتلهم على يد الجيش الإسرائيلي استنادا لتحليل المعلومات التي تم جمعها. من المرجح أن عدد القتلى الحقيقي أكبر. في المفاوضات لم يتم تحديد اعداد بعد. ومن غير المعروف عدد السجناء الفلسطينيين الذين سيتم اطلاق سراحهم مقابل كل مخطوف. من المرجح أن عدد المحررين الفلسطينيين سيرتفع بشكل كبير في مراحل الصفقة النهائية. يبدو أن نتنياهو ما زال يستطيع الوفاء بوعوده التي اطلقها في هذا الأسبوع، لا لوقف شامل للحرب ولا لاطلاق سراح آلاف المخربين، على الأقل في هذه المرحلة. لكن استمرار تطبيق الصفقة سيفاقم صعوبته السياسية في الجناح اليميني في الحكومة، وأيضا بالنسبة لعدد من ناخبيه.
في الخلفية هو يكافح ضد التهديد السياسي. رغم أن رئيس الحكومة يواصل مغازلة فكرة صفقة سياسية كبيرة، تشمل التطبيع مع السعودية لكن تنطوي أيضا على اخطار من ناحيته. توماس فريدمان، الصحافي المقرب جدا من الرئيس الأميركي، جو بايدن، قدر أمس في «نيويورك تايمز» بأن الإدارة الأميركية يمكن أن تعرض في الفترة القريبة عقيدة جديدة للشرق الأوسط، أساسها الدفع قدما بإقامة الدولة الفلسطينية وحلف دفاع مع السعودية (الى جانب التطبيع بين السعودية وإسرائيل) و»الصمود» امام ايران. ما هي احتمالية الدفع قدما بمثل هذه المبادرة، بموافقة إسرائيل، طالما أن نتنياهو يوجد في الحكم؟. يبدو أن هذه الاحتمالية ضعيفة جدا.
نتنياهو يأمل أن يجتاز بسلام دورة الكنيست الشتوية التي ستنتهي بعد شهرين تقريبا بدون أي هزة تدمر ائتلاف الحرب. أسلوب البقاء الذي يتبعه قائم على نثر الوعود المتناقضة ونشر الضباب بشكل دائم حول نواياه. كلما اقترب موعد اتخاذ قرار حاسم بشأن صفقة المخطوفين فان الضغط في الشارع والحكومة يزداد، ويصعب عليه أكثر تحقيق أهدافه.
بين جنين وغزة
إلى جانب استمرار القتال في خان يونس فإن الجيش الإسرائيلي عاد لمهاجمة في هذا الأسبوع شمال القطاع، لا سيما وسط وغرب مدينة غزة. الاقتحام البري هناك الذي قتل فيه عشرات مسلحي حماس كان من اجل القضاء على محاولة حماس احياء نشاطاتها العسكرية وسيطرتها المدنية في المناطق التي خفف فيها الجيش الإسرائيلي من تواجده.
للمفارقة، هذه العملية تشير الى محدودية جهود إسرائيل والى ضعف حماس أيضا. أولاً، عندما يقوم الجيش الإسرائيلي بتقليص قواته في بعض المناطق، في ظل غياب أي تحرك سياسي لتحقيق الاستقرار في المنطقة، فان حماس تكون مستعجلة للعودة اليها. ثانياً، القوة العسكرية لحماس محدودة حالياً بدرجة كبيرة. بالنسبة لحماس، الهجوم في الشمال كان الجيش الإسرائيلي يحتاج فقط الى اثنين من الطواقم اللوائية القتالية في المكان الذي استخدم فيه فرقتين، مع دعم سلاح الجو. هذه هي الصيغة التي تخطط لها رئاسة الأركان للسنة القادمة: هجمات مركزة ومحدودة ضد اهداف حماس المتبقية وفي الأماكن التي ستحاول فيها إعادة فرض سيطرتها.
في هذه الاثناء المقاومة التي يواجهها الجيش الإسرائيلي تذكر بما يحدث في مدن شمال الضفة الغربية، جنين ونابلس وطولكرم، أكثر مما تذكر بالوضع الذي ساد في القطاع في بداية الحرب. السؤال هو هل يمكن الحفاظ على مثل هذه النشاطات فترة طويلة، وفي الوقت نفسه مواصلة اضعاف قوة حماس. وقف طويل لإطلاق النار يمكن أن يكون مناقضاً لذلك.
في القسم الجنوبي للقطاع يتعزز الحصار حول خان يونس. الفرقة 98 قامت في هذا الأسبوع بمحاصرة المدينة من الجنوب والغرب، وقامت بإدخال القوات الى مخيم اللاجئين الكبير في غرب المدينة. قائد الفرقة العميد دان غولدبوس وصف «قتال متزامن، فوق الأرض وتحتها أيضا في الأنفاق». الجيش الإسرائيلي، خلافا لخططه السابقة، يقوم بإدخال المقاتلين الى الانفاق، حيث يتم تمشيطها وتطهيرها قبل تدميرها بالمواد المتفجرة.
التحدي الصعب للقتال في منطقة مكتظة، يوجد فيها سكان وانفاق، والجهود المبذولة للعثور على اشارات استخبارية تشير الى وجود مخطوفين، تقتضي العمل المتلازم مع وحدات خاصة، بما في ذلك دورية هيئة الأركان، شلداغ، الكوماندو البحري ووحدة يهلوم التابعة لسلاح الهندسة. للمرة الأولى تندمج سرايا من هذه الوحدات في داخل الطواقم الحربية اللوائية، وهي عملية تعتبر نجاحاً عملياتياً كبيراً رغم أنها جبت خسائر استثنائية لجزء من الوحدات.
مراسل «اخبار 12» رافق في هذا الأسبوع قوة نظامية للمظليين في خان يونس. وعندما سأل الجنود ما هو بالنسبة لهم هدف الحرب كان الجواب واحدا وهو إعادة المخطوفين. من غير المؤكد أن هذا هو ما كان يرغب نتنياهو في سماعه، وأقل منه رغبة بتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غفير.