عاموس هرئيل يكتب: الأهــداف السياسية لحــرب غــزة: معضـلة الوقـت (مترجم)

profile
  • clock 13 ديسمبر 2023, 10:13:39 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

في كل صباح تُنشر في الصحف صور لقتلى الجيش الإسرائيلي، معظمهم من الاحتياط، الذين قتلوا في المعارك في قطاع غزة.
تقدم العملية البرية لا يؤدي إلى تقليص حجم الخسائر، ومقاومة حماس في جزء من القطاعات ما زالت حازمة.
يبدو أنه لا يمكن لحماس وقف هجمات الفرق الإسرائيلية في أي منطقة يتم تنفيذ ذلك فيها، لكن خلايا صغيرة لرجالها يجبون كل يوم من الجيش الإسرائيلي ثمناً للتقدم والسيطرة على مناطق أخرى، في شمال القطاع وجنوبه.


رغم الخسائر إلا أنهم في هيئة الأركان راضون جداً عن إنجازات القتال، الذي يجري في معظمه ببطء وحذر.
في كل يوم قتال منذ استئناف العملية البرية في 1 كانون الأول قتل عشرات من رجال حماس وأصيبت مواقع عسكرية وتم تدمير أنفاق والعثور على سلاح.  أيضاً أمس سجل استسلام لعشرات الفلسطينيين، من بينهم أعضاء في حماس، هذه المرة في الشجاعية في شرق مدينة غزة وفي خان يونس.
لكن النقاش الحساس بدرجة معينة يجري في الاستوديوهات حول أن هزيمة حماس سابقة لأوانها. فتقاطع الأحداث – احتلال مناطق جديدة والاستسلام المتقطع والأحداث الكثيرة في جنوب القطاع بسبب مشكلات في تزويد الغذاء تعكس المشكلات المتزايدة التي تواجهها السلطة في القطاع. مع ذلك لا يوجد أي دليل مقنع على انهيار قريب لحماس.


استمرار التقدم العسكري الذي يبرز في الأساس في خان يونس، يجعل خطوات إسرائيل تركز على القتال نفسه.
هذا يحدث على حساب الجهود المبذولة لإطلاق سراح المخطوفين المتبقين وعددهم 137. يبدو أن الحكومة وجهاز الأمن يتصرفون في هذا الأمر بوتيرة بطيئة رغم إلحاح عائلات المخطوفين ورغم أنه معروف أن المخطوفين يموتون في الأسر وفي بعض الحالات حماس تقتلهم بشكل متعمد.
المفاوضات حول صفقة أخرى بوساطة قطر لم تنطلق حتى الآن. إسرائيل الرسمية تتمسك الآن بالادعاء الذي يقول إنه فقط زيادة الضغط العسكري هي التي ستؤدي إلى ليونة في مواقف حماس وإطلاق سراح مخطوفين آخرين.


المعارك على الأرض تعزز التقدير السائد في هيئة الأركان بأنه يمكن، على المدى البعيد، تحقيق هدف تفكيك قدرات حماس العسكرية والتنظيمية في القطاع.
تحقق ذلك يتعلق بالجدول الزمني – قدرة الجيش الإسرائيلي على مواصلة الهجوم على الأرض بقوة كبيرة، وبعد ذلك تغيير طريقة العمل إلى الاقتحامات، في الوقت الذي فيه معظم القوات العسكرية تنتقل للتواجد قرب الحدود مع القطاع. لكن حتى لو تمسك الجيش الإسرائيلي بتنفيذ خططه إلا أن نقطة الضعف تتعلق بملاءمة تطلعاته مع الجمهور الذي سمع من القيادة السياسية الوعود بتدمير حماس وإعادة جميع المخطوفين وإعادة إعمار بلدات الغلاف، مع إزالة التهديد الأمني عنها.
هذه أهداف طموحة، ومن الآن واضح أنه لن يتم تحقيقها جميعها في الفترة الزمنية الأولية، بضعة أسابيع، التي ستوافق عليها إسرائيل بضغط من أميركا. الصعوبات الاقتصادية الآخذة في الازدياد والعبء على جنود الاحتياط والتوقعات الأميركية، كل ذلك كما يبدو سيؤثر على تقليص مدة العملية الكثيفة داخل القطاع.


في هذه الحالة ستواجه الحكومة والجيش صعوبة مزدوجة. فجزء واسع من الجمهور يرى أولوية لإطلاق سراح المخطوفين، وأن أي تأخير في إعادتهم سيظهر له كفشل ذريع.
من جهة أخرى، كثيرون يطلبون هزيمة حماس بشكل كامل، ويعتبرون تقليص القوات مع الوعد باستكمال المهمة في المستقبل، تملصاً من قبل القيادة لتحقيق الأهداف التي تم الوعد بها بانفعال كبير في بداية الحرب.

إسهام المحتجين


بعد الكارثة الفظيعة في 7 أكنوبر  والفشل الذريع الذي لا يقل عن ذلك، الذي سمح بحدوثها، فإن كبار الضباط في الجيش اتبعوا خطاً موحداً في الظهور أمام الجمهور.  فقد تحملوا المسؤولية عما حدث (ما لم يكلف رئيس الحكومة نفسه بشكل واضح عناء القيام به حتى الآن)، ووعدوا بأن يحققوا بشكل عميق في هذه الإخفاقات بعد انتهاء الحرب. البعض منهم أعطوا إشارات إلى أنهم ينوون تقديم استقالاتهم عند انتهاء المعارك.
هل تغيير مضمون العملية في القطاع، كما يبدو شهر كانون الثاني سيكون الوقت المناسب للبدء في التحقيقات؟.
يتضح بالتدريج أن الجواب هو إيجابي. في هيئة الأركان يقولون إنه منذ اللحظة التي ستخف فيها قوة القتال فإنه سيكون هناك مجال للبدء في التحقيقات.
عملياً، رئيس الأركان هرتسي هليفي صادق في السابق على إجراء عدة تحقيقات معينة تتعلق باستخلاص الدروس ذات الصلة بتحسين أداء الجيش الإسرائيلي أثناء الحرب.


هذا تم في جوانب محددة لنشاطات سلاح الجو، ووحدة جمع المعلومات 8200 التابعة للاستخبارات العسكرية (هناك ثارت عاصفة في الداخل حول قضية الرسائل في البريد الإلكتروني والتحذيرات التي أرسلت من قبل ضابطة الصف ف. عشية الحرب)، والاعتبارات التي تتعلق بقضية المخطوفين. في مرحلة تالية خططوا في الجيش لدمج طواقم تحقيق داخلي كثيرة مع طواقم خارجية ستشكل من الضباط المتقاعدين، ستفحص الأحداث من وجهة نظر نظامية.
من القضايا التي ستكون حاجة إلى فحصها وبأولوية كبيرة «الإسهام العسكري لاستراتيجية إدارة النزاع مع الفلسطينيين في العقد الأخير؛ أحداث 6 تشرين الأول عشية الهجوم الدموي المفاجئ لحماس، نظرية الدفاع عن حدود قطاع غزة، الرد المتأخر لهيئة الأركان وقيادة المنطقة الجنوبية على انقضاض حماس على الكيبوتسات وحفلة «نوفا»، أحداث رئيسة في الحرب نفسها».


من المرجح أن عدداً غير قليل من الضباط في هيئة الأركان سينفذون إعلانهم وسيقدمون استقالاتهم.
في هذه الأثناء لا يظهر أن رئيس الأركان ينوي فرض الاستقالة السريعة على أي واحد منهم.
في الخلفية يوجد توتر كبير بين من يتولون المناصب الرفيعة في القيادة السياسية والأمنية. نتنياهو ووزير الدفاع تقريباً لا يتحدثان باستثناء النقاشات العملياتية.  رئيس الحكومة ومحيطه، بعضهم بشكل علني وبعضهم بشكل سري، يعملون بشكل دائم في محاولة لإلقاء المسؤولية عن الفشل على المستوى المهني فقط.
هذا التوتر يتوقع أن ينفجر، لا سيما عندما سيتغير مضمون العملية في غزة، وإذا كانت هناك خيبة أمل في أوساط الجمهور بسبب عدم تحقيق كل أهداف الحرب.
هنا هيئة الأركان سيتعين عليها التصرف بحكمة. وحتى لو لم يتحمل الجنرالات المسؤولية عن الأخطاء الفظيعة التي ساهمت في الكارثة فإنه يجب عليهم عدم النوم على الجدار من أجل نتنياهو والمستوى السياسي، الذين إسهامهم في الكارثة كبير.
ثانياً، الاستقالة السريعة جداً، طالما أن رئيس الحكومة بقي في منصبه، ستحثه على محاولة السيطرة على عملية التعيينات والتأثير على إشغال المناصب الرفيعة التي سيتم إخلاؤها بضباط مرغوبين عليه (رغم أن غالانت يمكن أن تكون له أجندة مختلفة).


العداء في مثلث نتنياهو – غالانت – الجيش الإسرائيلي لم يبدأ في 7 أكتوبر.


يجب التذكر أنه قد سبقت ذلك فترة غير مسبوقة، تسعة أشهر، التي فيها هز رئيس الحكومة الدولة في محاولته تمرير قوانين الانقلاب النظامي، ولم يخجل من الإساءة لمكانة الجيش على خلفية المعارضة الجماعية لجنود الاحتياط لهذه الخطوة.
عملياً، هرتسي هليفي تم تقييده مرتين. في المرة الأولى عندما تفاجأ ووجد نفسه على رأس الجيش الذي قام بتشكيله سلفه أفيف كوخافي، الذي استبدله في منتصف يناير.


المرة الثانية، معظم الوقت الذي مر منذ ذلك الحين كرسه رئيس الأركان الجديد لجهود الاحتواء لمواجهة الهجوم المتوحش لنتنياهو على الجيش الإسرائيلي.
هناك أمر واحد أصبح واضحاً بالتأكيد وهو أنه لولا تصميم هليفي على احتواء احتجاج رجال الاحتياط وعدم معاقبتهم بكل القوة (الطيارون بشكل خاص) الذين هددوا بعدم التطوع، لكان الجيش الإسرائيلي سيبدأ الحرب من نقطة أسوأ كثيرا.
الصورة التي اختارها رئيس الأركان لاحتواء غضب رجال الاحتياط، علاج الاحتجاج بحذر والامتناع عن التصعيد، خففت التأثير الفوري على أداء الجيش وعلى الأجواء السائدة فيه.
رجال الاحتياط المحتجون عادوا للخدمة في 7 تشرين الأول بالذات، حتى آخر واحد منهم. وعن إسهام الطواقم الجوية في أمن القوات التي تقاتل على الأرض يمكن السماع عن ذلك في كل محادثة مع جنود المشاة والمدرعات الذين يخدمون في القطاع.
ولو أن هيئة الأركان جُرت إلى محاولة رئيس الحكومة تصعيد الأزمة في صفوف الجيش خلال الصيف لكان الجيش الإسرائيلي سيضطر إلى مواجهة الهجوم المفاجئ من نقطة انطلاق أسوأ بكثير.

 

المصادر

المصدر: 

صحيفة «هآرتس»

التعليقات (0)