- ℃ 11 تركيا
- 23 ديسمبر 2024
عام على اتفاقيات التطبيع.. هل نجحت إسرائيل في تغيير قواعد اللعبة الاستراتيجية؟
عام على اتفاقيات التطبيع.. هل نجحت إسرائيل في تغيير قواعد اللعبة الاستراتيجية؟
- 17 سبتمبر 2021, 3:59:42 م
- 640
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في 15 سبتمبر/أيلول 2020، وقعت الإمارات والبحرين على اتفاقيات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، في أجواء احتفالية بحديقة البيت الأبيض. بعد ذلك، انضم السودان والمغرب إلى الاتفاقات التي وافق بموجبها البلدين على تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وبعد مرور عام، يرى الإسرائيليون أن النتائج مختلطة بالنسبة لـ"ثمار السلام". فمن ناحية، أنتجت اتفاقيات التطبيع سلسلة من السوابق في العلاقات الثنائية، وعززت العلاقات الاقتصادية والتجارية مع إسرائيل. ومن ناحية أخرى، فإن المكاسب التي تحققت على المستوى السياسي والعسكري والاستراتيجي لا ترقى إلى مستوى التوقعات الإسرائيلية.
وكانت اتفاقيات التطبيع بمثابة اختراق دبلوماسي للاعتراف بإسرائيل وقبولها بين جيرانها العرب.
وعلى المستوى الدبلوماسي، أسقطت اتفاقيات التطبيع المبدأ الذي كان يبدو بديهيا بأنه بدون تحقيق اختراق على الجبهة الفلسطينية أولا، فلن تتمكن إسرائيل من التوصل إلى أي اتفاقيات سلام أخرى في المنطقة.
وعلى عكس السلام الإسرائيلي "البارد" مع مصر والأردن، كانت الإمارات والبحرين سباقة في إقامة علاقات "دافئة" مع إسرائيل.
وتوافد السائحون الإسرائيليون على الخليج في رحلات مباشرة بالرغم من قيود "كورونا"، وتم استقبالهم بحرارة في شوارع أبوظبي والمنامة.
وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، أرسل المسؤولون بالدول المطبعة إلى الإسرائيليين رسائل تهنئة بالعبرية بمناسبة الأعياد.
وكتب سفراء الدول المطبعة مقالات، عبر وسائل الإعلام العبرية، أشادوا فيها بتحسن العلاقات مع إسرائيل.
ووقعت مؤسسات الفكر والرأي والجامعات في إسرائيل والخليج اتفاقيات تعاون.
وتنافس الرياضيون الإسرائيليون والعرب ضد بعضهم البعض.
وكان هناك عدد لا يحصى من اجتماعات "زوم" الافتراضية والمبادرات الشخصية.
وفي المجال الاقتصادي أيضا، تعتبر الاتفاقيات مع الإمارات والبحرين قصة نجاح من وجهة نظر إسرائيلية.
فقد أسس رواد الأعمال الإسرائيليون والإماراتيون، بمساعدة حكومتيهما، مجلس الأعمال المشترك، وازدهرت العلاقات الاقتصادية بين الجانبين في مجالات التكنولوجيا والزراعة والطاقة والنقل والطب والسياحة وغيرها من المجالات.
وارتفع حجم التجارة بين إسرائيل والإمارات من 50 مليون دولار في الفترة بين يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران 2020 إلى 614 مليون دولار في نفس الفترة من عام 2021؛ أي ما يقرب من ضعف حجم التجارة الإسرائيلية مع الأردن ومصر مجتمعين.
وظهرت ذروة العلاقات الاقتصادية في استحواذ شركة "مبادلة" الإماراتية للاستثمار على جزء من حقل غاز "تمار" الإسرائيلي.
ومع ذلك، بعد مرور عام على توقيع الاتفاقات، يبدو أن هناك إدراكا متزايدا في إسرائيل بأنهم لم يغيروا بعد "قواعد اللعبة" على المستوى الاستراتيجي في المنطقة.
ولم تخلق الاتفاقات تأثيرا على شكل لعبة "الدومينو" في علاقات إسرائيل مع الدول العربية؛ حيث لم تقترب الانفراجة في العلاقات مع السعودية "جوهرة التاج" بالنسبة لإسرائيل.
وبالرغم من المصالح الكبيرة في تعميق العلاقات مع إسرائيل، ولا سيما مكافحة التهديد الإيراني والمساعدة في تهدئة العلاقات مع الإدارة الأمريكية، فقد ترددت السعودية في عبور هذه البوابة.
وباعتبارها راعية لمبادرة السلام العربية لعام 2002 وحارسا على الأماكن الإسلامية المقدسة، فإنها لا تزال مهتمة بمكانتها في العالم العربي؛ نظرا للقوة الناعمة والتأثير الواسعين اللذين يترافقان مع هذه المكانة، وأهمية ذلك للاستقرار الداخلي.
علاوة على ذلك، في حين أن إسرائيل كانت قادرة على تقديم إغراءات لتشجيع الإمارات على التوقيع على الاتفاقات، مثل تعليق خطط ضم أراضي الضفة الغربية، وقبول بيع الولايات المتحدة الإمارات طائرات مقاتلة من طراز "إف-35"، تواجه إسرائيل صعوبة في تقديم حوافز مماثلة للسعوديين، الذين لن يقبلوا بأقل من ذلك.
وتخشى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تقليديا تسليح السعودية ودول الخليج بشكل عام بأسلحة يمكن أن تضعف التفوق العسكري النوعي لإسرائيل.
وأدى حجم السعودية وقربها من إسرائيل تقليديا إلى زيادة حدة هذه المخاوف.
وفي الوقت نفسه، أعلنت الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة "نفتالي بينيت" أنها لن تجري مفاوضات مع الفلسطينيين، في حين تعمل على تعزيز العلاقات مع الأردن ومصر، ويرجع ذلك جزئيا إلى الانتقادات بأنه جرى إهمالهما في أعقاب الانفراجة مع دول الخليج.
وفي حين أن ذلك لا يهدد اتفاقيات التطبيع الحالية، لكنه يجعل من الصعب على السعوديين تبني مبادرة جديدة.
في ظل هذه الظروف أيضا، فإن خطط إسناد الوصاية على الأماكن المقدسة في القدس للسعودية بدلا من الأردن (كحافز محتمل للسعوديين) أصبحت غير واردة تماما.
وهناك جانب آخر لم تلب فيه اتفاقيات التطبيع على ما يبدو توقعات إسرائيل، وهو إنشاء جبهة موحدة ضد التهديد الإيراني، وهي رؤية استراتيجية أعاد "بينيت" التأكيد عليها في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" عشية زيارته إلى واشنطن في أغسطس/آب.
وللمفارقة، فإن التهديد الإيراني والشكوك حول مدى إمكانية الاعتماد على الولايات المتحدة (التي دفعت دول الخليج نحو إسرائيل منذ البداية) يبدو الآن أنها تمنع توطيد جبهة مشتركة لمواجهة النظام في طهران.
وأعادت دول الخليج بشكل عام التفكير في تداعيات تخفيض وجود الولايات المتحدة من المنطقة، مع فشلها في الرد عسكريا على هجمات سبتمبر/أيلول 2019 التي قيل إن إيران نفذتها ضد مصافي النفط السعودية وانسحابها السريع من أفغانستان.
وفي الوقت نفسه، هددت إيران صراحة الإمارات والبحرين لردعهما عن تعميق التعاون الأمني مع إسرائيل في الخليج.
وبالرغم أن العلاقات الأمنية والاستخباراتية بين إسرائيل ودول الخليج قد نمت على الأرجح خلال العام الماضي، إلا أنها لا تزال تحت السطح، وامتنعت الإمارات عن الإعلان صراحة عن أي تعاون أمني مع إسرائيل، حتى في الجوانب الدفاعية مثل الدفاع الصاروخي.
علاوة على ذلك، اتجهت دول الخليج، لا سيما الإمارات والسعودية، إلى توسيع المحادثات مع إيران لتخفيف المخاطر والتوصل إلى ترتيبات وتفاهمات أمنية مع طهران.
وأخيرا، كانت إسرائيل تأمل في أن ترى الإمارات والسعودية أكثر انخراطا في الساحة الفلسطينية من خلال زيادة الدعم للسلطة الفلسطينية واستبدال دور قطر في غزة، خاصة بعد الحرب الأخيرة في مايو/أيار التي رسخت وضع قطر من خلال دورها في وقف إطلاق النار.
لكن أبوظبي والرياض ترفضان الانجرار إلى مستنقع غزة التي تحكمها حماس، وهي حركة مرتبطة بالإخوان المسلمين.
وفي حين كسرت اتفاقات التطبيع المحرمات العربية فيما يتعلق بالعلاقات بين إسرائيل والدول العربية، لا يزال الجمود بين إسرائيل والفلسطينيين عائقا أمام توسيع دائرة التطبيع.
وفي الوقت نفسه، يشكل التهديد الإيراني لدول الخليج، والذي دفعها للتقارب مع إسرائيل، عقبة في طريق تعزيز التعاون الاستراتيجي بين الجانبين.
وأخيرا، مع التغيير في الإدارة الأمريكية ونهج الرئيس "جو بايدن" الأكثر حذرا تجاه دول الخليج، ورغبته في العودة إلى الاتفاقية النووية مع إيران، إلى جانب التعاطف طويل الأمد بين مسؤولي الإدارة مع حل الدولتين، فإن جميع الأطراف تفضل نهج الانتظار والترقب.
المصدر | أودي إيفنتال/معهد دول الخليج في واشنطن