عبدالعزيز عاشور يكتب : في علة الصيام

profile
  • clock 14 أبريل 2021, 1:03:35 ص
  • eye 819
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

فى علة الصيام وفلسفته لماذا نصوم رمضان ؟؟


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) البقرة

تلك هى العلة الوحيدة لفريضة الصيام ولا علة سواها ..

فى خطبة جمعة على مشارف رمضان منذ زمن بعيد حاولت تقريب الصورة الذهنية لعبارة : 

( لعلكم تتقون ) .. 

وتقريب الصورة العملية لكيفية الوصول للتقوى من خلال صيام رمضان ..

فتقوى الله خشيته والإمتثال لأوامره وتجنب معصيته ..

فهل يمكن ان ينالها الصائم ،؟

وهل يمكن ألا ينالها ؟

وكيف ؟

لم أجد صورة ذهنية تقرب المثل للمستمع سوى ما سقته للمصلين فى هذه الخطبة ..

فقد ضربت مثلا بلعبة كرة القدم وبفريق النادى الاهلى الذى كان يدربه حينها مدرب برتغالى اسمه مانويل جوزيه ..

فقلت ..

اعتاد النادى وهذا المدرب ان يقوم بعمل معسكر تدريبى لمدة شهر او ما يزيد عن الشهر فى احدى دول اوروبا ..

فى المعسكر ده النادى بيوفر للمدرب والفريق ميزانية تبلغ الملايين من الجنيهات ..

المدرب يصطحب معه مدرب أحمال وطبيب وكل من يمكن ان يساعده فى رفع مستوى كفاءة الفريق ..

ويستخدم المدرب ( المدير الفنى ) كل خبراته ويوظفها لرفع مستوى الفريق ليقدم فى المسابقات المحلية والقارية مستوى أفضل مما كان عليه فى الموسم المنصرم ..

وبعد انتهاء المعسكر وعودة الفريق وبدء المنافسات تنتظر الادارة وينتظر الجمهور مشاهدة اداء الفريق ..

فإن قدم الفريق مستوى متميزا عما كان عليه وأدى عروضا جيدة وأحرز نتائج ايجابية كان معنى ذلك نجاح المعسكر ..

واذا قدم الفريق عروضا هزيلة وحقق نتائج مخيبة للآمال كان معنى ذلك ضياع اموال النادى فى معسكر تدريبى لم يؤت ثمارا ..


ايه علاقة الكورة والاهلى ومستر جوزيه بصيام رمضان وعلة التقوى ؟


رب العالمين أباح ضمن ما أباحه للخلق الطعام والشراب وعلاقة الزوجية على مدار الساعة ليلا ونهارا ..

ثم يأمرك بالإمتناع عن كل تلك المباحات من الفجر الى الغروب ..

ثم يدع أمر الإمتناع وكيفيته لك أنت وحدك دون رقيب او حسيب ممن هم حولك ..

فلا يعرف حقيقة صومك سواك انت وحدك .. 

فلو أردت تناول الطعام او الشراب خفية ثم أظهرت للناس أنك صائم فإنه يمكنك فعل ذلك متى شئت ..

يعنى لو قررت تصوم  وتمتنع عن المباح فى نهار رمضان فلا رقيب عليك سوى مراقبتك انت لربك ..

اول يوم فى الشهر بيكون الامتناع ده صعب شويتين ..

وتقل الصعوبة يوما بعد يوم حتى اذا اقترب الشهر من نهايته وكنت انت قد اعتدت على الامتناع تشعر بالوحشة لقرب فقدانك للشهر الكريم ..

خلاص خلصنا الشهر وأكملنا الصيام ..

واحد ظل طوال شهر كامل يمتنع عن المباحات طواعية ودون رقيب ..

يعنى اتمرن واعتاد على الانصياع لأمر الامتناع ..

يعنى مفروض انه اكتسب لياقة الإمتناع متى أراد ..

يخلص الشهر وينتهى الامتناع عن المباحات ..

ويتبقى ان يمارس المؤمن نفس سلوك الامتناع بعد رمضان ..

ولكنه الامتناع عن كل ما يغضب الله .. 

يعنى فى كل حركته بين الناس يتلمس كل ما يغضب الله منه فيمتنع عنه طواعية ودون حاجة لرقيب من قانون او حتى من لوم الناس ..

فإن أفلح فى الامتناع بعد رمضان عما يغضب ربه فقد اكتسب التقوى وتحققت له علة الصيام ..

والا فإنه حرم نفسه من المباحات فى نهار رمضان دون ان تتحقق له علة ما فعل .. 

يعنى الترمومتر بتاعنا مرحلتين :


الاولى .. انه مينفعش يمتنع عن المباحات فى نهار رمضان ثم يأتى ما نهاه الله عنه فى نهاره وليله..

مش معقول امتنع عن المباح واسرق وارتشى واظلم واشتم وأسيئ للجار او زميل العمل او ما اشتغلش بذمة بحجة انى متعصب وجعان ..


والثانية .. انه زى ما اتمرنت على الامتناع طول النهار وطوال شهر كامل يبقى برده لازم استمر فى الامتناع عن كل ما يغضب الله طوال احد عشر شهرا يستمر خلالها الشد والجذب بينك وبين منغصات الحياة حتى يأتى معسكر رمضان القادم فتعود للتمرين من جديد ..


فكما يرتبط أداء فريق الكورة فى الموسم الجديد بمستوى الاستفادة من المعسكر التدريبى السنوى يرتبط الأداء السلوكى للمؤمن بين الناس بما اكتسبه من التقوى خلال موسم الصوم السنوى ..

أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم ..


بعد انتهاء الصلاة تقدم بعض الاخوة المشايخ الذين كانوا يصلون معنا وأبدوا استغرابهم ومنهم من أبدى استنكاره لما قلته فى الخطبة ..

وكدأبى فإننى أسعد بمن يصحح لى خطئى ..

فسألتهم عن الملاحظات التى لم ترق لهم فى موضوع الخطبة ..

ازاى يا مولانا تضرب مثل بلعبة كرة القدم ؟

على المنبر تضرب مثل بشيئ يلهى الناس عن عبادة الله ؟

وازاى تضرب مثل على المنبر بخواجة كافر فى موضوع زى الصيام ؟ 

طيب يا مشايخ ..

بالنسبة للكورة كرياضة .. هل هى منهى عنها بحيث يعتبر من يمارسها آثم ومن ثم لا يصح القياس عليها ؟

ايوه يا مولانا دى من لهو الحديث اللى بيضل عن سبيل الله ..

فيه نص يا اخوانا بيحرمها او بينهى عنها ؟ 

لا ..

طيب والخواجة اللى ضربت به المثل هل هو من بنى آدم او من جنس آخر من الخلق ؟

لا بنى آدم طبعا ..

طيب ألم تقرأوا قول الله تعالى :

( ولقد كرمنا بنى آدم ) ؟

بنى آدم على اطلاقهم ؟

ألم تروا أن الله سبحانه فى كتابه الكريم قد ضرب لنا الأمثال ؟

ألم تروا حين ضرب مثلا بالكلب وبالبعوضة والذباب ؟

أترون ان هذا الخواجة اللى من بنى آدم أهون عند الله من الكلب ومن البعوضة والذباب ؟

عندكم ملاحظة تانية على موضوع الخطبة ؟

هل وصلت الفكرة الى أذهانكم وتبينتم ما معنى علة التقوى فى قوله ( لعلكم تتقون ) ؟

قالوا بصراحة الفكرة وصلت ..

بارك الله لكم ..

والسؤال المهم بعد حوار المشايخ :

هل يمكن لمثلى أن يطمع فى بلوغ التقوى ومن بعدها رضوان ربه وهو قاطع لرحمه قبل وأثناء وبعد الصيام ؟

أو وهو خائن للأمانة الموكولة اليه فى عمله سواء كان عاملا للنظاف أو مسئولا أو حاكما مؤتمنا على مصالح البلاد والعباد ؟

وهل نحرص على بلوغ العلة والهدف من الصيام أم نكتفى بممارسة الصيام كشعيرة بدنية بحكم الإعتياد فقط دو أن تؤتى فى نفوسنا الأثر المراد ؟


وكل رمضان وانتو طيبيين ..


رزقنا الله واياكم حسن العمل وحسن التقوى ..

التعليقات (0)