- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
عبدالعزيز عاشور يكتب : لست كلبي
عبدالعزيز عاشور يكتب : لست كلبي
- 13 أبريل 2021, 7:11:48 م
- 1409
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
شعر بأنه استرد عافيته بعد طول عكوف فى البيت لمرض ألم به منذ شهور ..
قام الى الحمام وخرج منه منتشيا يحرك ذراعيه بقوة يمنة ويسرة ..
ارتدى بدلته الجديدة التى لم يكد يسعد بها حتى أقعده المرض ..
اتجه صوب باب البيت ممنيا نفسه بجوله يشتاقها ..
ما أن فتح الباب وقبل أن يمد قدمه الى خارجه حتى هب الكلب الرابض أمام باب بيته واقفا وبدأ فى النباح ..
لا بد أن الكلب قد استوحش صاحبه فقد مرت شهور دون أن يره ..
ولكن نباح الكلب ليس فى نبرته الترحيبية التى كانت معهودة وذيله لا يهتز مرحبا وإنما هو مقعوف للأعلى معبرا عن انفعال غير معهود ..
وقف برهة ينظر الى كلبه الذى اشتراه صغيرا ورباه وأطعمه حتى اشتد عوده وأصبح جديرا بحراسة البيت ..
لكن الكلب أصبح أشد عودا وجلده يلمع وتبدو صحته أفضل بكثير ..
ماذا حدث طوال هذه الشهور ؟
اعاد النظر الى الكلب الذى ما زال ينبح وشكله ينبح عليه لا له ..
نظر الى عينى الكلب فإذا بهما وكأنهما تطلقان شررا ..
حاول مد قدمه للخارج قليلا فإذ بالكلب يشتد نباحه الغاضب ويثب واقفا على خلفيته وكأنه يقول له لن تمر ..
تذكر أنه كان يحاور كلبه من قبل فقال لكلبه :
انت مش عايزنى أخرج ؟
فاشتد نباح الكلب بما يعنى أنه لن يسمح له بالخروج ..
فسأل الكلب قائلا :
مش عايزنى أخرج ليه ؟
انت طول عمرك بتسمع كلامى ايه اللى حصل ؟
فوجئ بالكلب ينطق ويرد عليه :
انت ناسى انك نايم من شهور ؟
فقال له : وايه يعنى ؟
انت مش قاعد قدام بيتى وبتاكل منه ؟
انت بتسمى أكلك ده أكل ؟
فيه اللى كل يوم يبعت لى عضم ..
مين ده ؟
عمدة القرية الذى تولانى بعظام فراخه وخرافه فجعلنى كما ترى ..
وأمرنى ألا أسمح لك بالخروج ..
ليه ؟
شوف بقى انت وفتح مخك ..
عمدة القرية استولى على حديقة القرية وشرع فى بناء دوار فخم له ..
والعمدة عارف انك لسانك طويل وصاحب حجة ولما عرف انك شفيت خاف أحسن تهيج الناس عليه وتقعد تتفلسف وتقول ان الحديقة دى بتاعة القرية كلها وانها المتنفس الوحيد لكل اهل القرية وخصوصا الأطفال وهو مش ناقص ..
فأمرنى ألا أسمح لك بالخروج حتى ينتهى البناء وينتقل للإقامة فيه ..
ألست كلبى أنا ؟
بلى يا سيدى أنا كلبك وحارسك ..
وأمنعك وفاء لعضم فراخ وخراف العمدة من ناحية ..
وامنعك أيضا حماية لك من لسانك الطويل واندفاعك المعهود عنك ..
وحتى لا يصيبك غضب العمدة بسوء من ناحية أخرى ..
وقف الرجل مشدوها لا يدرى بم يجيب وماذا يفعل ..
كيف للكلب ان يتحدث بكل هذه الطلاقة ؟
وكيف تبدل وفاء الكلب الى النقيض وهو من رباه صغيرا ؟
وكيف يمكنه ان يتخطى هذا الكلب الشرس؟
وماذا يمكن ان يلحق به من الإصابات بعد ان قويت أنياب وأظافر الكلب بفضل عضم فراخ وخراف العمدة ؟
وبينما هو فى حيرته ودهشته وخوفه من العواقب اذ به يشعر بدفء يد على كتفه وصوت زوجته يناديه قائلا :
اصحى يا بوسيد خد الدوا احسن حرارتك عالية قوى ..
فانتبه لنفسه وهو يصحو من نومه ولسانه يردد رغما عنه :
لست كلبى ...