- ℃ 11 تركيا
- 23 ديسمبر 2024
عبد الله أمين الخبير الاستراتيجي:إلى متى تحارب غزة وحدها ؟؟
عبد الله أمين الخبير الاستراتيجي:إلى متى تحارب غزة وحدها ؟؟
- 13 مايو 2021, 11:25:59 م
- 791
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
ها نحن نعيد الحديث من جديد ، وكما في كل مرة ، قبل أي معركة ، ومعها وبعدها ، قلنا ونقول وسنبقى نقول : إلى متى ستبقى غزة تقاتل وحيدة وتتحمل أكلاف كل مواجهة من لحمها الحي ،
فما يدمر لا يعاد ترميمه ؛ وإن رمم بعد طول زمن فبشق الأنفس ، ومع ذلك لا تتوانى غزة عن تلبية نداء الواجب ،
فهبت وتهب نصرة للأقصى والقدس ودفاعاً عن الضفة وأهلها ، واستنهاضاً لأهلها في فلسطين المحتلة عام الثمانية وأربعين ،
لا تكل ــ غزة ــ ولا تمل ولا تشكو ولا تظهر عجزاً أو ضعفاً ولا تمنّ على أحد بما تقدم من خيرة أبنائها وقادتها ، وترضى بما يقال لها وتسمعه بعد كل معركة مع هذا المحتل ،
من أنها لن تقاتل في المعركة القادمة وحدها ، ولكن لا تلبث هذه المرة القادمة أن تحضر بثقلها وبأكلافها ، ثم تجد غزة نفسها وحدها كما في كل مرة ؛ تقاتل وتضحي وتنزف ،
تهدم بيوتها ويشرد أهلها وييتم أبناؤها !! أما آن لحلقة النار المفرغة هذه من أن تكسر ؟ أما آن لهذا الحديث أن يتوقف بعد أن قيل في معركة 2008 و 2012 و 2014
ويتحول إلى برنامج عمل يحمل أكلافه الكل الفلسطيني أولاً والكل المقاوم ثانياً ؟ أما آن لنا أن نمتثل قول ربنا سبحانه " وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة " وإلا حق علينا قول ربنا "
إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " وهل أكبر من فتنة قتل الأحبة وفقدان الأب والإبن والأخ والأخت ، هل أكبر من هذه الفتنة فتنة ومن هذا الفساد فساد ؟
نعم لقد آن لنا أن نخرج من هذه الحلقة المفرغة وأن نقف عند مسؤولياتنا وأن يتحمل كل منا نصيبه وأن يدفع سهمه في مسار التحرير والنصر والتمكين .
والسبيل واضحة ومعالمها جلية ولا تحتاج منا سوى وقفة مسؤولة وتسمية الأمور باسمها ، والكف عن التلطي خلف شعارات أكل عليها الزمان وشرب ، نعم العمل السياسي جهاد ، والعمل التربوي جهاد ،
والعمل المالي من خير الجهاد ، ومن يظّهر الصور ويوصل الخير مجاهد ، ومن يعول اليتامى ويعلم القرآن في المسجد مجاهد ، ولكن فوق هذا الجهاد جهاد وفوق هذا الجهد جهد ،
فلا يستوي من يقدم دمه وروحه على مذبح التحرير ، مع غيره من العاملين ، وحتى إن قيل كل ميسر لما خلق له ؛ وهذا صحيح ؛ ولكن معركة التحرير بحاجة لمن يضحي بدمه وبدنه وأعضائه أكثر بكثير ممن يضحي بوقته ،
فلا يستقيم أن ترى عشرات الجمعيات والمؤسسات على اختلاف أنواعها وفضل العاملين فيها ، وفي المقابل لا ترى إلا النزر اليسير من مقرات العمل التي يصب عملها في أصل مهمة حركة المقاومة
وواجبها ألا وهو العمل العسكري والعمل الجهادي الخشن ، فالثاني هو مولد الأول ، ولولا الثاني لما ذللت العقبات أما الأول ولما فتحت له الأبواب. آن لنا أن نقول
: إن مشروع التحرير الذي نصبو له وننشده بحاجة إلى تضافر جهود الجميع والعمل وفق برنامج عمل محدد المعالم معروف المراحل مرتب الأولويات مخصصة فيه القدرات ،
يعطى فيه لكل منطقة من مناطق الحركة التنظيمية دورٌ محددٌ وأهدافٌ وغايات مقيسة ، يحاسب فيها المقصر على تقصيره ،
ويشكر فيها المنجز على إنجازه . نعم لقد رأينا في هذه الجولة ما يثلج الصدور ويشفي الغيظ ؛ فقد هب الداخل الفلسطيني وأشعل الأرض تحت أقدام المحتل ،
وأشغل جنده وضباط أمنه في هبة ما توقعها أحد ، ولكن هذا الدور على أهميته ، كان ليكون أكثر جدوى وأثراً لو خطط له من قبل ونسقت حركاته بشكل مسبق وتحددت أهدافه وأُمنت متطلباته وقت السلم والدعة .
وحتى لا نبقى في مجال الإنشاء والتنظير فإننا نقول إن هذا المشروع يمكن تحديد ملامحه من خلال الآتي من نقاط وغيرها من خطوات :
تحديد الغايات العليا التي تحكم مسير مناطق الحركة التنظيمية الثلاثة والتي تصب مجتمعة في أصل مشروع التحرير .
تقسيم وتوزيع هذه الغايات الكلية على المناطق التنظيمية بما يتناسب مع القدرات الحالية والمستقبلية .
تخصيص القدرات الكلية للحركة بناء على سهم المناطق التنظيمية في تحقيق تلك الغايات العليا .
تحديد النواقص المادية والبشرية المؤهلة للقيام بالأدوات التنفيذية ، وتحديد أماكن تأمينها وطرق دمجها وتفعيلها في برامج العمل التنفيذية في كل منطقة من المناطق التنظيمة .
تحديد المشاركين والمساهمين الخارجيين في مشروع الحركة التحرري ، وتعريف دور كل منهم وما هو مطلوب منه .
عقد الاتفاقات والتفاهمات التي تحدد الآليات والظروف الزمانية والمكانية لتدخل هذه الأطراف ، كجهد ثانوي يدعم الجهد الرئيسي الذي سيقوم به أبناء البلد وأهلها .
التفاهم على آليات وطرق وإجراءات القيادة والسيطرة على مسار التعاون والتنسيق بين مختلف المشاركين في هذا المسار ؛ الداخليين ومنهم والخارجيين .
إن هذه الخطوات وتلك الإجراءات ، وغيرها مما قد يقال ويتفق عليه ، كفيلة بأن تخرجنا من مسار التنظير والتلاوم وتقاذف المسؤولية عن الهزيمة أو الخسائر أو التقصير ،
وأن تجعلنا كالبنيان المرصوص ، يشد بعضه بعضاً ويكمل أحدهم نقص الآخر ، وننال معية الله بامتثالنا لأمره إذ يقول : " إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص "
ومن كان الله محبه كان هو عز وجل ناصره ومؤيده والرامي عنه والحامي له ، ومن كان الله له هكذا ، فلا غالب له ولا فالّ لحديده .