- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
عبد الله الشايجي يكتب: مخاطر وتداعيات حرب عسكر السودان!
عبد الله الشايجي يكتب: مخاطر وتداعيات حرب عسكر السودان!
- 24 أبريل 2023, 4:17:17 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في أجواء التهدئة الإقليمية وإعادة التموضع والمصالحات بين خصوم وأعداء الأمس انطلاقاً من المصالحة والتقارب ووضع جدول زمني لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران وأذرعها في اليمن وسوريا، كما شهدنا في الأسابيع الأخيرة بزيارات وزير الخارجية السعودي إلى بكين والاتفاق على جدول لإعادة فتح السفارات وتبادل السفراء بين الرياض وطهران ـ وزيارة وزير الخارجية السعودي إلى دمشق ولقائه مع رئيس النظام في سوريا ـ وزيارة وزير الخارجية السوري للرياض. ونشهد تبادل زيارات بين وزير الخارجية المصري والتركي- وزيارة وزير الخارجية السوري تونس ولقائه الرئيس سعيّد الذي يخوض مواجهة داخلية واعتقال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وقيادات من حركة النهضة، وقراره إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، والتصعيد الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في الداخل وحرب الجبهات في الخارج، وتفاقم وطأة حرب عسكر السودان وإجلاء دبلوماسيي ومواطني دول عربية والدول الكبرى الاستثناء المقلق في هذا المشهد المعقد.
تشكل حرب عسكر السودان المدمرة انتكاسة وتصعيدا كبيرين للسودان بجرفه نحو حافة الهاوية وتعميق أزمته كدولة هشة منذ تقسيم السودان عام 2009- وانقلابات العسكر منذ عام 2019-والإطاحة بحكم عمر البشير-وصراع جناحي المؤسسة العسكرية التي يتشارك رئيساها الفريق عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة العسكري الحاكم العسكري وقائد الجيش الفريق محمد حميدتي نائب رئيس مجلس السيادة وقائد قوات التدخل السريع (قوات الجنجويد من القبائل العربية في دارفور المتهمة بارتكاب جرائم حرب تحت حكم الرئيس المعزول عمر البشير) ما جعل السودان تُحكم بالشراكة والتنافس والصراع بين القائدين العسكرين وبالتالي ـ كانت المواجهة العسكرية والحرب التي نشهدها في نهاية العشر الأواخر من رمضان وعيد الفطر أمراً محتماً، خاصة بعد اتفاق الإطار في ديسمبر الماضي، وقرار دمج وضم قوات التدخل السريع ضمن قوات الجيش السوداني ـ وهوما يرفضه محمد حميدتي ـ حتى لا يفقد سلطته وسيطرته على قوات التدخل السريع.
ما يعمق المأزق والمواجهة هو دعم دول عربية إقليمية ودول كبرى، وخاصة روسيا ومجموعة مرتزقة فاغنر الروسية التي تقاتل بشراسة مع القوات الروسية في أوكرانيا وفي دول الساحل غرب أفريقيا ـ التي شهدت سلسلة من الانقلابات عام 2022 ـ وصعود روسيا وفاغنر وتعدد الانقلابات على حساب التراجع وانسحابات قوة الاستعمار السابق فرنسا من المنطقة.
تشكل حرب عسكر السودان المدمرة انتكاسة وتصعيدا كبيرين للسودان بجرفه نحو حافة الهاوية وتعميق أزمته كدولة هشة منذ تقسيم السودان عام 2009-وانقلابات العسكر منذ عام 2019- والإطاحة بحكم عمر البشير
واليوم باتت الخشية من فشل نجاح الوساطات لإنهاء حرب العسكر المدمرة في السودان من تداعيات داخلية تدفع السودان لحافة حرب أهلية بين مكونات المجتمع السوداني والانقسام والشرخ داخل المؤسسة العسكرية، بين الجيش النظامي وقوة التدخل السريع التي تحولت بوصف المؤسسة العسكرية لقوة متمردة. وهناك خشية إذا لم تضع الحرب أوزارها بسرعة وتنجح الهدن وآخرها هدنة ثلاثة أيام بمناسبة عيد الفطر-الأسوأ بتاريخ السودان، بسبب خرق الهدنة من الطرفين، من تحول الصراع لحرب إقليمية بتداعيات مدمرة.
كما هناك مخاوف من إعاقة الحرب للانتقال للمسار الديمقراطي الذي يضع حداً لسيطرة العسكر على الحكم منذ انقلابهم الأول على نظام عمر البشير المنقلب أصلاً عام 2019 ـ وانقلاب الثنائي البرهان وحميدتي العسكري الثاني عام 2021.
واضح من تجارب انقلابات العسكر على الأنظمة المدنية في الجمهوريات العربية منذ الخمسينيات وحتى اليوم كما في في مصر وسوريا وليبيا والعراق والسودان وحتى في جمهوريات الساحل-غرب أفريقيا كما شهدنا مؤخراً في تشاد ومالي-مرتين وبوركينا فاسو- مقاومتهم ورفضهم التنازل عن السلطة والحكم والعودة إلى مكانها الطبيعي في الثكنات العسكرية. لذلك نشهد مؤخراً كثرة الانقلابات العسكرية ومحاولات الانقلابات، وديمومة حكم العسكر وتمسكهم بالسلطة والحكم وإقصاء المدنيين ـ ما يقود الدول للانهيار والفشل. وهذا ما نشهده في السودان اليوم.
وفي حالة السودان يبرز عامل خارجي مؤثر بتدخلات قوى إقليمية عربية ودولية تدعم طرفا على حساب طرف في الصراع المحتدم. كما يبرز دور إسرائيل منذ عام 2020. وتبدو إسرائيل قلقة من تردي الأوضاع الأمنية في السودان وتأخير استلام المكون المدني للسلطة ـ ما يؤخر اكتمال تطبيع الاتفاقات الإبراهيمية. بتطبيع العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وكل من دولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب عام 2020 ـ بمبادرات وضغط وحوافز ودور قيادي من إدارة الرئيس ترامب. ورفع تصنيف السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ورفع العقوبات عنها.
وكان ملفتاً ومعبراً ما أورده موقع اكسيوس الإخباري الأمريكي عن طلب إدارة بايدن من إسرائيل الضغط على طرفي الصراع في السودان لوقف الحرب المستعرة! ما يدل على حجم النفوذ وعلاقة إسرائيل مع القيادات العسكرية في السودان!
تخشى إسرائيل من تداعيات حرب العسكر في السودان في تأخير وحتى عرقلة التوصل لاتفاقية سلام بين السودان وإسرائيل. حسب إسرائيل تم الاتفاق قبل أشهر على الخطوط العريضة لتوقيع اتفاقية سلام بين إسرائيل والسودان بموافقة واشنطن ـ وتم التأكيد على الاتفاق بزيارة وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين للخرطوم في فبراير الماضي. بدمج قوات التدخل السريع والاتفاق مع قوى الحرية والتغيير لتشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات عامة، تضع السودان في مسار ديمقراطي ـ ويتم نقل السلطة بعد عامين من المؤسسة العسكرية لحكومة مدنية، وتدمج قوات التدخل السريع مع القوات المسلحة خلال عامين. بينما يصر حميدتي على فترة انتقالية مدتها 10 سنوات! والمستغرب وصف حميدتي أن مواجهته العسكرية مع البرهان هي دفاع عن الديمقراطية! ويصادق البرلمان المنتخب على اتفاقية السلام مع إسرائيل.
وارتبطت إسرائيل مع السودان في عهد جعفر النميري بعلاقات ساعدت بنقل يهود أثيوبيا إلى إسرائيل وعمل الاستخبارات الإسرائيلية في السودان. لتنتكس العلاقة في عهد عمر البشير. وخاصة مع دعم إسرائيل تقسيم السودان وانفصال جنوب السودان!
للأسف تداعيات الحرب كبيرة وضحيتها الشعب السوداني!