- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
عصام نعمان يكتب: السؤال المركزي في «إسرائيل»: كيف سيواجه نتنياهو وحلفاؤه المقاومتين الصاعدتين اللبنانية والفلسطينية؟
عصام نعمان يكتب: السؤال المركزي في «إسرائيل»: كيف سيواجه نتنياهو وحلفاؤه المقاومتين الصاعدتين اللبنانية والفلسطينية؟
- 24 يوليو 2023, 2:49:25 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
«اسرائيل» ترتع في أزمةٍ خانقة، بعض المحللين السياسيين والعسكريين ومراكز الدراسات الاستراتيجية يرون أن حدّة الصراعات الداخلية، العنصرية والسياسية، ستفضي عاجلاً أو آجلاً إلى حربٍ أهلية. بعضهم الآخر يستبعد ذلك ويرجّح أن يتفكك الكيان ببطء لكن باطّراد.
في غمرة الانشغال باستشراف المصير تمتلئ أعمدة الصحف الإسرائيلية بمقالات ودراسات وتقارير حول ما يتهدّد الكيان المعطوب من تحديات ومخاطر، وما يراه خبراء وضباط أركان متقاعدون وباحثون متخصصون من سبلٍ وعلاجات وآليات لمواجهتها. لعل السؤال الأبرز المطروح في هذا السياق: كيف سيواجه حزب الليكود بقيادة بنيامين نتنياهو وحلفاؤه من أحزاب اليمين والمتديّنين والصهاينة الفاشيين المخاطر والتحديات الماثلة، وفي مقدمها المقاومة المتصاعدة ضد العدو الصهيوني في كلٍّ من لبنان وفلسطين؟ من مجمل ما يُطرح في صحف الكيان ومنشوراته من أسئلةٍ وأجوبة يمكن استخلاص الواقعات والتوقعات الآتية:
أولاً، تبدو المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله، الهاجس الأول للإسرائيليين، مسؤولين ومواطنين، في هذه الآونة. مردُّ القلق مسارعةُ قيادة المقاومة إلى الردّ بتدابير لافتة على تحركات «إسرائيل» العدوانية في المناطق الحدودية بين لبنان وفلسطين المحتلة. ذلك أن جيش العدو سرّع بناء سياج إسمنتي سميك من الغرب إلى الشرق بقصد توفير الحماية للمستوطنات الكائنة في شمال منطقة الجليل المحتل، كما قام ببناء سياج إسمنتي آخر في القسم الشمالي من مستوطنة الغجر، الذي تعتبره حكومة لبنان كما الأمم المتحدة وقوات «يونيفل» الدولية جزءاً من الأراضي اللبنانية. في هذه الأثناء كانت المقاومة تتابع بدقةٍ ما يقوم به العدو على طول الحدود، من خلال أبراج أقامتها «جمعية أخضر بلا حدود» كما ركزت خيمتين في منطقة مزارع شبعا المحتلة يقول العدو إنهما تخفيان قاذفات صواريخ لـِ«كتيبة الرضوان» القتالية المتطورة تدريباً وتسليحاً. إلى ذلك، يعتقد الإسرائيليون أن حزب الله يحاول إحباط استكمال بناء السياج الإسمنتي السميك وتعطيله، وأن إقامة الخيمتين هي محاولة «ابتزاز من الكيان للمقاومة بغية تغيير مسار السياج، خصوصاً في منطقة الغجر، وأن حزب الله يسعى مداورةً من خلال الوسيط الأمريكي عاموس هوكشتين للتوصل إلى «خطة تسوية» تقوم «إسرائيل» من خلالها بتحويل مسار السياج الحدودي في منطقة الغجر في مقابل إزالة الحزب للخيمتين. مراقبون سياسيون وخبراء عسكريون لبنانيون استبعدوا أن يسعى حزب الله عبر الأمريكيين، أو غيرهم إلى تسوية مع «إسرائيل» بشأن أي مسألة من المسائل، وإن كانوا لا يستبعدون أن يكون لتركيز الخيمتين غاية معيّنة في إطار خطط الحزب للردّ بفعاليةٍ على اعتداءات «إسرائيل» في المناطق الحدودية. في المقابل، يتضح من تحليلات معظم الخبراء العسكريين الإسرائيليين أنه: «حسب معادلة الردع التي صاغها السيد حسن نصرالله، فإن كل قتيل لبناني، سيجري الردّ عليه بأيام قتالٍ ستجعل «إسرائيل» تدفع في خلالها الثمن نتيجة إطلاق صواريخ وقذائف على المستوطنات في الشمال، وصواريخ مضادة للدروع على الجيش الإسرائيلي في مناطق الحدود مع لبنان» (رون بن يشاي – محلل عسكري، «يديعوت أحرونوت» 2023/7/13).
بات مستبعداً رضوخ الحكومة اللبنانية لضغوط واشنطن الرامية لإعادة ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة بدعوى تفادي الانزلاق إلى حربٍ جديدة بين «إسرائيل» والمقاومة
ثانياً، تحاول «إسرائيل» مؤخراً تخفيف استفزازاتها العدوانية للفلسطينيين في الضفة الغربية بفعل عوامل ثلاثة: فشلها في عملية «منزل وحديقة» الوحشية على مخيم جنين ؛ ردود الفعل السلبية الناجمة عن استئناف سياسة الاستيطان في الضفة الغربية وإدانتها من طرف أمريكا وأوروبا، فضلاً عن روسيا والصين ودول أخرى في آسيا وأمريكا الجنوبية وافريقيا؛ وانشغال قياداتها بمفاعيل التظاهرات الحاشدة المتصاعدة وإعلان جنود قوات الاحتياط في سلاح الجو الإسرائيلي الامتناع عن الخدمة العسكرية احتجاجاً على مشروع قانون «الإصلاح القضائي» الذي تحاول حكومة نتنياهو تمريره في الكنيست.
ثالثاً، اتساع التباين بين الولايات المتحدة و»إسرائيل» بشأن عدّة قضايا أهمها، عودة حكومة نتنياهو إلى تسريع عمليات الاستيطان في الضفة الغربية، مع ما يرافقها من اعتداءات وحشية على الفلسطينيين المدنيين، ومعارضة الرأي العام في الغرب عموماً وفي الولايات المتحدة خصوصاً، ولاسيما في أوساط الجاليات اليهودية والحزب الديمقراطي لمشروع «الإصلاح القضائي» الذي يعتبرونه معادياً للديمقراطية ومفضياً إلى إقامة ديكتاتورية سافرة، الأمر الذي يقضي على ما يسميه المسؤولون الأمريكيون «القيم المشتركة» مع «إسرائيل» التي برّرت وتبرر لواشنطن دعمها المطلق لها سياسياً واقتصادياً وعسكرياً منذ قيامها.
يتحصّل من مجمل هذه الواقعات والتوقعات ـ المار ذكرها ـ أنه بات من الصعوبة بمكان أن يلجأ نتنياهو وحلفاؤه المتديّنون والفاشيون إلى شنّ «هجوم وقائي» على لبنان بذريعة إجهاض هجمة للمقاومة، تعتزم شنّها على المستوطنات الكائنة في منطقة الجليل المحتل، كما بات مستبعداً أيضا أن ترضخ الحكومة اللبنانية إلى ضغوط واشنطن الرامية إلى إعادة ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة بدعوى تفادي الانزلاق إلى حربٍ جديدة بين «إسرائيل» والمقاومة. وعليه، كل ما يمكن أن يحصل، على الأرجح، مزيد من الضغط تمارسه واشنطن على «إسرائيل» لتفادي انزلاقها إلى تشريعات منافية للديمقراطية ومؤّدّية تالياً إلى الديكتاتورية وإلى ممارسات أكثر عدوانية ضد الفلسطينيين، من شأنها إحراج إدارة الرئيس بايدن في الداخل والخارج، جاعلةً من الاستمرار في دعم «إسرائيل» بالوتيرة المطلقة ذاتها في المستقبل امراً بالغ الصعوبة