- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
علي حمادة يكتب: بعد ليبيا… السودان الى التقسيم الواقعي!
علي حمادة يكتب: بعد ليبيا… السودان الى التقسيم الواقعي!
- 18 سبتمبر 2023, 3:23:03 م
- 444
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
فيما دخلت حرب الجنرالين في السودان شهرها السادس قبل أيام، كانت جبهات القتال لا سيما في العاصمة الخرطوم تلتهب في جميع النقاط الاستراتيجية التي كان ولا يزال القتال يدور حولها.
فبالرغم من أن طرفي النزاع، أي الجيش بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان، و”قوات الدعم السريع” بقيادة احمد حمدان دقلو “حميدتي” كانا يتوعدان بعضهما البعض في الساعات الأولى لنشوب القتال في 15 نيسان (أبريل) الماضي بحسم سريع، فقد طالت الحرب من دون ان يتمكن أي منهما من ان يحقق مكاسب كافية للقول إن الحسم سيكون لجهة على حساب الأخرى. فالقتال الذي تمدد الى ولايات أخرى خارج العاصمة الخرطوم، مثل كردفان ودارفور، انعكس على المدنيين بشكل كبير، وشكل كارثة إنسانية كبيرة، تزامنا مع تدمير عشوائي للبنى التحيتة والمرافق الرئيسية في البلاد مما هدد وسيهدد ملايين الناس في المستقبل القريب.
ومع تمدد القتال لم يتمكن أي من الطرفين من تحقيق تقدم حاسم. فبقيت موازين القوى على حالها، مع تسجيل تنامي الحركات الانفصالية والمافيوية الجهوية في عدد من الولايات على أنقاض سيادة الدولة، وسلطة الحكومة ومؤسساتها. كما ان المبادرات التفاوضية الثلاث، “منبر جدة”، منصة مجموعة دول “ايغاد” ومنصة “دول الجوار” التي أطلقت تباعاً في محاولة لحل الازمة لم تحقق أي نتائج تذكر لوقف القتال، او تثبيت هدن إنسانية.
اما المستوى السياسي السوداني فبقي طوال نصف عام على الهامش، ودون أي فعالية تذكر. في نهاية القسم الأول من جولته الخارجية اثر خروجه من العاصمة الخرطوم، ألمح الجنرال عبد الفتاح البرهان في 25 آب (أغسطس) الفائت لبعض الشخصيات السياسية والعسكرية التي التقته في مدينة بورتسودان انه بصدد التفكير بتشكيل “حكومة طوارئ” ومقرها بورتسودان لادارة شوؤن البلاد مؤقتاً من مدينة مضمونة امنياً. لكن الطرح بقي في اطار المشاورات ريثما يستكمل البرهان جولته الخارجية التي لا تزال محطاتها تتوالى حتى الساعة. وقد اثار الطرح تساؤلات في الأوساط المراقبة عما اذا كان تشكيل “حكومة طوارئ” خارج العاصمة معناه ان الجيش يستبق خسارة السيطرة على الخرطوم قريباً، لينتقل الى مدينة بورتسودان الواقعة على البحر الأحمر لمواصلة الحرب ضد “قوات الدعم السريع”. وقبل أيام اتى الرد من قائد الدعم السريع الجنرال “حميدتي” عبر تسجيل صوتي يعلن فيه انه اذا شكل البرهان حكومة في بورتسودان فسيسارع هو إلى تشكيل حكومة في العاصمة الخرطوم ! هذا تطور خطير.
ان يبدأ السجال حول تشكيل حكومتين في بلد يعاني من حرب تكاد تصبح حرباً أهلية شاملة على ما وصفها اكثر من مسؤول اممي كبير. والخطورة ان الحديث عنها يمهد لتحضير الرأي العام السوداني، والخارجي لاحتمال ولادة “شرعيتين ” في السودان. والأهم انها تمهد لتقسيم السودان الحالي في مرحلة أولى الى سودانين، وصولاً الى تفتته الى عدة دويلات لاحقاً. ويذكر هذا الوضع إن حصل، بما حصل في ليبيا مع تقسيم البلاد من الناحية العملية الى قطاع شرقي حول طبرق، وآخر غربي حول طرابلس الغرب مع تفتيت المؤسسات الدستورية، وتوزيعها هنا وهناك. والادهى ان التقسيم ان حصل فسيحول الدويلات، والحكومات المتناحرة الى مطايا للتدخلات الخارجية، بحيث يتحول السودان الى ساحة لتصفية حسابات دول الجوار وقوى إقليمية ودولية في ما بينها، بما ينذر بإطالة امد الحرب لسنوات عدة، مع استحالة العودة الى الوراء في ما يتعلق بإستعادة وحدة التراب السوداني. و لتذكير فإن ليبيا مقسمة الى شطرين منذ حوالي عشرة أعوام من دون ان تلوح في الأفق أي بوادر لحل الازمة، وإعادة توحيد البلاد. في مطلق الأحوال، فإن الحديث عن حكومتين في السودان هو الوصفة المثالية لتفتيت ما تبقى من البلاد، وادامة الصراع بين الجنرالين، ومعه الصراعات الأخرى التي ستتوالد على هامشه لأمد طويل!