- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
علي حمادة يكتب: سوريا على حافة حرب إقليمية دولية؟
علي حمادة يكتب: سوريا على حافة حرب إقليمية دولية؟
- 12 أغسطس 2023, 5:02:34 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
لم يكن مفاجئاً أن يسارع الرئيس السوري بشار الأسد إلى استبعاد فرضية التعامل مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان. ولا كان مفاجئاً أن يعتبر اللقاء مع نظيره التركي امراً لا فائدة منه ما لم ينسحب من سوريا. فالرئيس التركي كان سبق أن غيّر توجّهه حيال اللقاء مع الأسد مباشرة بعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية الاخيرة في تركيا.
وبدا واضحاً أنّ “الغزل” التركي للأسد كان جزءاً من الحملة الانتخابية. ومباشرة بعد الانتخابات وفوز إردوغان وحزبه فيها ، طُوي الحديث عن احتمال تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، كما طُوي موضوع الانسحاب من سوريا. والسبب أنّ قرار أنقرة، وبمعزل عن إردوغان نفسه بمواصلة التواجد في سوريا مرتبط بنظرة الدملة العميقة إلى الأمن القومي التركي. وهذا أمر يتجاوز بأهميته أي علاقة محتملة مع الأسد وحكومته. فالأولوية التركية هي للحزام الأمني في شمال سوريا. وغداً إن خرج إردوغان من الحكم وحلّ مكانه أحد خصومه، ولم يتغيّر شيء على الأرض السورية، لن تتغيّر النظرة إلى مصالح تركيا الأمنية البعيدة المدى.
ما ينطبق على تركيا ينطبق على الولايات المتحدة لأسباب أخرى، ولاعتبارات أخرى متصلة بمصالح واشنطن في العراق، وسوريا، ولبنان، والأردن. ومن هنا فإنّ الوجود الأميركي في سوريا، أكان في قاعدة التنف، أو في الشمال الشرقي، غير قابل للتغيّر في هذه المرحلة. لا انسحاب من سوريا، ولا التفات إلى الدعوات للانسحاب من سوريا كالتي أطلقها وزير الخارجية السوري فيصل المقداد من طهران، مهدّداً اميركا بدفعها إلى الانسحاب عنوة. وليس من مصلحة العراق، ولا الأردن، ولبنان، ولا تركيا أن تنسحب القوات الأميركية من سوريا. فالحرب هناك لم تنتهِ، ولن تنتهي قريباً، ولن يحصل أي تغيير في المشهد السوري مع بقاء الأسد، لا على الصعيد الداخلي لجهة البحث عن حلّ سياسي شامل، ولا على الصعيد الإقليمي المحيط لسوريا، التي تظلّ حتى اللحظة ساحة صراعات غير منتهية .
لكن ما سبق لا يعني أنّ الأوضاع لن تتدهور في سوريا. فالحديث عن خطة أميركية لقطع طريق طهران – بغداد – دمشق – بيروت من نقطة معبر البوكمال، ومحاصرة الميليشيات الإيرانية المنتشرة في منطقة دير الزور، ترفع من منسوب التوتر على الأرض. ومعلوم أنّ الإيرانيين متمسكون بقوة بهذا “الكوريدور” الذي يشكل نقطة الربط بين طرفي “الإمبراطورية ” الإيرانية في المشرق العربي. وإذا ما تأكّد أنّ الخطة جدّية فإنّ الإيرانيين قد يتجّهون ومن خَلفهم ما تبقّى من القوات الروسية التي تتحرّش باستمرار بالقوات الأميركية في سوريا، إلى مزيد من الاحتكاك بالقوات الأميركية المرابطة في سوريا، وصولاً إلى اتخاذ قرارات دراماتيكية في مواجهتها. من هنا خطورة المرحلة في سوريا، حيث انّ احتمالات الصدام بين الاميركيين والإيرانيين (ومن خلفهم الروس) محتملة في المدى القريب.
لماذا يرتفع منسوب الخطر في هذه اللحظة بالذات؟ ربما لأنّ بعض الأطراف، لاسيما الإيرانيين، يعتقدون أنّ اللحظة الإقليمية (على خلفية تراجع التوتر مع دول الخليج، وارتفاع منسوب الأزمة الداخلية في إسرائيل) مؤاتية لمحاصرة الوجود الأميركي في سوريا، وتسجيل نقاط في المرمى الأميركي، قد تؤدي الى اتخاذ قرار في واشنطن للانسحاب من سوريا. لكن دون هذه النظرة المتسرّعة واقع على الأرض، مفاده أنّ بقاء القوات الأميركية في سوريا له انعكاسات في أرجاء المحيط الإقليمي، لجهة العراق، والخليج وصولاً إلى إسرائيل، والأردن، ولبنان. ومن هنا فإنّ المصلحة الإقليمية بشكل عام تصبّ في صالح بقاء الأميركيين في سوريا، وخصوصاً أنّ الحرب لن تنتهي، وأنّ الأزمة طويلة لا بل طويلة جداً. من هنا أهمية عدم ارتكاب أي جهة أخطاء مميتة