علي محمد علي يكتب : إصحى للكلام

profile
علي محمد علي شاعر وكاتب مصري
  • clock 6 أغسطس 2021, 6:22:48 م
  • eye 1000
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

في عام ١٩٧١ والذى اسماه السادات عام الحسم ، أمر الرئيس في نهايته بتقليل عمليات الاستنزاف  ، ثم أطلق على العام الذي يليه " عام الضباب " نظرًا لمماطلة روسيا بتوريد إحتياطي السلاح المطلوب ، فخرج أحد العربجية بسيارته الكارو في الصباح الباكر ، وعطل المرور على كوبري قصر النيل ، فذهب إليه أحد الضباط وسأله : لماذا لا تتحرك ؟ فأجابه الرجل بكل ثقة : الضباب ، فالتفت الضابط يمينًا ويسارًا وقال له : أين هذا الضباب ؟ أنا لا أرى شيئًا ، فقال العربجي : إسأل الحمار ، وسرعان ما أبلغوا الرئيس بالواقعة ، فنزل مسرعًا ، لمقابلة ذلك العربجي بعد أن أحضروه هو والحمار ، لكنه تذكر شيئًا مهما قد نساه ، فنادى على  " جيهان " ، فنظرت له من الشباك ، فقال لها : إحدفيلي " زبيبة الصلاة " ، نسيتها فوق على " الكوميدينو " .

كل هذا حدث قبل ولادتي في مارس ١٩٧٣ ، وبعد ولادتي بست شهور وأيام ، إتخذ السادات قرار الحرب وإنتصرنا ، تقريبًا كان بيطمئن على سلامتي ، لتعود السياسة من جديد لتقلب النصر إلى هزيمة ، باتفاقية السلام " معاهدة كامب ديفيد " والتي استقال بسببها ٣ وزراء خارجية ، وبين النصر والهزيمة إتخذ السادات قرار الإنفتاح الإقتصادي ، ومن هنا إنتشرت مقولة نسبت للسادات - وأشك أنه قالها - : " إللي مش هايتغنى في عصري مش هايتغنى طول عمره "  ، لكن هذا كان الحال في مصر ، فالمرحلة إستهدفت الفهلوية و النصابين والناس بتوع البيضة والحجر ، أما المثقفين فتراجعوا للخلف ، لدرجة أن أحدهم لو ذهب طبيب وسباك لخطبة إبنته ، لإختار السباك دون تردد ، تلك كانت طبيعة المرحلة ، وهاهو الرئيس المؤمن ، يقتل بيدي صبيانه ، داخل محرابه ، وسط ذهول  الحاضرين .

ثم يأتينا رجل أول ما تحدث ، قال : " الكفن مالوش جيوب " ثم إكتشفنا مع الأيام أن الكفن ماهو إلا " جيب كبير " ثم شيئًا فشيئًا تداول الناس مقولة للسادات بعد مماته ، أنه جاء لأحدهم في المنام ، وقال له : " لقد مشيت وتركت لكم خازوقًا كبيرًا ، اسمه حسني مبارك " .

لكن هذا الخازوق ، أقصد الرئيس محمد حسني مبارك كان عنده ثوابت كان حريصًا عليها على الأقل في العشرين سنة الأولى من حكمه ، آه والله " عشين سنة " ما أنا نسيت أقولك الحكم عندنا إجتهادي ، يعني ممكن واحد بس يحكم ٢٠ أو ٣٠ ، أو لحد سنة ٢٠٣٣ م ، مفيش حاجة اسمها فترات منصوص عليها في الدستور ، الدستور نفسه عندنا شكليات ، نغيرها زي ما إحنا عاوزين ووقت ما إحنا عاوزين ،  فكان حريصًا كل الحرص على محدودي الدخل ، وعدم اللعب أو المغامرة بضروريات حياتهم ،  وكان يحترم القضاء ، باستثناء واقعة معركة إستقلال القضاء في ٢٠٠٦ ، فكان الرجل يقدر القضاء ويظهر ذلك في كثير من خطاباته ، وكان له موقف صارم من قضية مياه النيل ، وبصراحة شديدة أثقلته فترة حكمه الطويلة بخبرات وتجارب في العلاقات الدولية وأضفت عليه صفة الرجل العجوز الحكيم ، وجنب مصر ويلات التصادمات والحروب بسياسة شبه متوازنة ، لكن في آخر فترة حكمه بدأت الأمور تخرج عن سيطرته ، وبدأ بعض الصقور يتلاعبون بالثوابت التي كان حريصًا عليها طيلة حياته ، نعم كان هناك فساد منذ البداية ، لكنه إستشرى وعظم شأنه على يد رجال الأعمال الجدد ومن كان يدعمهم ، حتى أن هناك نكتة كنا نتداولها فيما بيننا تقول : أن أحدهم أشار على الرئيس أن يشتري دكانًا لجمال ولده في مرسى مطروح ، وآخر لعلاء ولده البكري في أسوان ، ويفتح الدكانين على بعض .

وذهب أبو علاء ، وجاء مرسي فجأة ومشى فجأة ، ولا أذكر له سوى : جاز آند كحول دونت ميكس ، ولعبه في " بيضانه " أو " أعضائه التناسلية " أثناء لقاءه مع وزيرة الخارجية الأسترالية " جوليا جيلارد " ، لكنه قال : " أوعوا الثورة تتسرق منكم " وقد صدق ، كما قال : " الحفاظ على الشرعية تمنها حياتي " وقد صدق .

ثم عادت فترة الضباب ، وتولى شئون البلاد رجل لا أذكر اسمه قالوا أنه رئيس المحكمة الدستورية ، ولم نشعر به طيلة عام لأنه كان ينام معظم الوقت ، يعني " صوفي أبو طالب " أنا تفاعلت وحسيت بوجوده  في ٨ أيام ، إنما ده أنا حتى لا أذكر اسمه .

ثم زادت الشبورة ، وانعدمت الرؤية الأفقية والرأسية ، وأصبحت المرأه تضرب زوجها وتعلمه الأدب ، وإذا إعترض ، غزته بالسكينة في كرشه ، وطبيب أسنان يطعن زوجته ١٢ طعنة ، الغني والفقير أصابتهم حالة من الجنون ، الجهلة والمتعلمون أمام حالة التخلف التي تعم المكان متساوون ، غرقنا في الديون و تنازلنا عن الأرض ، وخسرنا شريان الحياة ، ولا نملك قوت يومنا ، عرفت أنا هذا الرجل يهتم ببناء الحجر على حساب البشر لما قال : هابني وهابني وهابني ، عرفت أنه لا يحترم الناس ، ولا إرادتهم ، لما قال لأبو المعاطي مصطفى نائب دمياط : أنت مين ؟ ومجلس شعب إيه ؟ أنتوا دارسين الكلام ده ؟ وهو نفسه من قال : أنا لو إعتمدت على دراسات الجدوى ، ما كنتش عملت ولا مشروع .

إننا حرفيًا وللأسف نباع ، وجهة واحدة تتحكم في كل شيء حتى يصعب زحزحتها من مكانها وردها إلى مكانها الطبيعي ، حينما تأتي ساعة الحسم ، إن كل تأخير ، سندفع ثمنه دم ، فتلك الجهة هي آلة قتل كما هددنا بها مرات عديدة ، نحن نعلم جيدًا أن ساعة الحسم آتية لا محالة ، وإن مصر ستعود مدنية ، لا دينية ولا عسكرية ، وكونك تفكر تقرب من رغيف العيش ، فأنت بتلعب في عداد عمرك كما حذروك وأجبروك على التراجع ، أنت تيجي إيه جنب " أبو زبيبة " الله يرحمه ، كانت إنتفاضة الخبز هاتجيب أجله بدري بس تراجع من نفسه ، وإنا لمؤمنون بعقيدتنا ، كما أنكم مؤمنون أنكم نجحتم في السيطرة علينا وتكميم أفواههنا ، لكن هيهات هيهات هيهات ، مش تقولي تحيا مصر ٣ مرات ، إصحى للكلام .

التعليقات (0)