- ℃ 11 تركيا
- 24 نوفمبر 2024
عماد الصابر يحقق مذكرات البكباشي جلال ندا( 5 ) الأسباب الحقيقية لنشأة تنظيم الضباط الأحرار
عماد الصابر يحقق مذكرات البكباشي جلال ندا( 5 ) الأسباب الحقيقية لنشأة تنظيم الضباط الأحرار
- 20 يوليو 2021, 11:32:12 م
- 1044
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
التنظيم نشأ من رحم "النكبة" كرد فعل للفشل العسكري والثأر من خيانة الأنظمة العربية للقضية الفلسطينية
نتائج الحرب قبل الهدنة فاجأت الغرب فأجبر العرب علي قبولها وأمد الصهاينة بمختلف الاسلحة فكانت هزيمة الجيوش العربية ساحقة
انجلترا راهنت علي حرب قصيرة تنتهي بهزيمة العرب وضياع الجيش المصري نهائيا فتستمر في احتلال القناة طبقا للمعاهدة
المحصلة النهائية للحرب 15 ألف شهيد و 25 ألف مصاب .. لذا كان التغيير واجبا في فكر الضباط العائدين من فلسطين
جلال ندا : عبد الناصر نفسه أسقط حكاية الأسلحة الفاسدة وأكد انها لم تستخدم قط خلال الحرب
فكرة التنظيم بدأت في عام 1938 وهو العام الذي تخرج فيه ندا و جمال عبد الناصر ومعه عديد من ضباط الثورة
قبل الثورة بعامين امتلأت مصر بالأحداث الملهمة للضباط وكان الشعب سباقا بالثورة علي ظلم الانجليز لذا فضل جلال ندا عبارة المواطنين الأحرار
يكمل الراحل جلال ندا من خلال ما ورد في أوراقه :" منذ أن أصدر القائمقام سيد طه أول أوامره القتالية، أستطيع أن أقسم بشرفي العسكري، أنه منذ ذلك اليوم وحتي الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم 7 يناير عام 1949 لم يتلاش من أذني دوي النيران، حيث القيت علينا القنابل من كل وزن، وقذفتنا باللهب كل المدافع بشتي أنواعها، وحلقت فوقنا قاذفات العدو من كل نوع، وتوالي هجوم اليهود في كل يوم وفي كل ساعة من ساعات النهار، بالرجال والمصفحات والدبابات، وذات مرة أوقفنا القتال لنمنحهم فرصة سحب 38 جثة من أرضنا، ومرة ثانية سحبوا 37 ، وثالثة قاموا بهجوم علي عراق المنشية، وبعده سحبوا 500 رجلا منهم إلي أواسط القرية، فكر جنودنا عليهم، فلم يبق من جنود العدو إلا خمسة تم أسرهم".
رسائل مجلة "الفالوجا"
ثم تضيف الأوراق قائلة:" لم يكن هناك ما يرفه عنا سوي ما كنا نسمعه من أخبارنا في الخارج، يذيع الراديو فنسمع أنهم يصفوننا بقولهم "أبطال الفالوجا"، وكان هذا يلقي علينا مسئولية ضخمة، وكنا جميعا نريد إثبات استحقاقنا لهذا الوصف، فيما كانت أجمل اللحظات، وقت صدور مجلة الفالوجا التي صدر منها 7 أعداد، و كانت حافلة برسوم الكاريكاتير التي يصممها ويرسمها اليوزباشي محمود كشك، ويرأس تحريرها الملازم إبراهيم بغدادي، وكان أول من يقرأها القائد "الأمير آلاي " ومن بعده تنتقل من يد إلي يد ، حتي تعم الموقع بأكمله ابتسامات حالمة علي شفاه الجنود والضباط الذين يعيشون علي خد النار" .
علي الجانب الآخر جاءت علي القوات فترات شح فيها الماء، فأصدر الأميرآلاي أمرا بأن يشرب الجنود من ماء المطر، الذي كان غزيرا لا ينقطع، ثم جاءت فترات لم يعد فيها طعام، أي طعام فقال القائد :" الحقول ملأي بالقمح وليس لدينا من يطحن أو يعجن ويخبز، فأطاع الجنود أمره فبدأوا يجرشون القمح، وكنت تجد أحدهم في خط النار الأول، وهو يخرج من جيبه حفنة من الحنطة "القمح" يضعها في فمه ليسد جوعه، وحدث أكثر من مرة أن أحس بعضهم بأنه يجرش حديدا، ثم اكتشف أنه رصاص أو شظايا، من بين مئات منها ملأت جيوب الجنود".
القناة مقابل فلسطين
الحاصل كما يذكر المؤرخون أن الحرب انتهت بنصر ساحق للقوات الصهيونية، لا بسبب بسالتها في الحرب لكن بسبب قبول العرب للهدنة واحترامهم لها، فيما استغلتها "اسرائيل" وحلفاؤها للتسلح بكل أنواع السلاح، فيما كان ذلك محرما علي كل الجيوش العربية، خاصة المصرية التي كبدت العدو خسائرا فادحة، وهوما جاء علي عكس التصور البريطاني للحرب، حيث كانت انتهاء الانتداب البريطاني علي فلسطين عشية يوم 14 مايو 1948، يقوم علي أن العرب واليهود سيخوضون حربا طاحنة، فقام الاستعمار البريطاني بتزويد الطرفين بأسلحة تمنحهما حربا قصيرة، وكما قالت أوراق جلال ندا :" كانت معلومات الانجليز تقول بأن العرب لن يتمكنوا من هزيمة الصهاينة، ثم تتخذ الحكومة البريطانية من الهزيمة المتوقعة للجيش المصري ذريعة بأنه لن يستطيع الدفاع عن قناة السويس، ومن ثم تبقي القوات الانجليزية هناك طبقا لمعاهدة 1936.
لكن جاءت الرياح عكس ما اشتهته الحكومة التي خططت، حيث اتحدت الدول العربية كما لم تتحد من قبل، ودخلت معركة تحرير فلسطين، فحققت الجيوش العربية انتصارات هائلة، واقتربت من القضاء علي الجيش الصهيوني، فلم يعد بينها وبين تل أبيب سوي كوبري واحد، دمرته طائرات الصهاينة، التي حصلوا عليها استغلال للهدنة قبل أن يخرقوها تحت سمع وبصر الغرب، ذلك باعتراف عزرا فايتسمان وزير الدفاع الاسرائيلي الأسبق، .. وهنا تدخلت القوي العالمية لمساندة اسرائيل، وفرضت علي العرب قبول الهدنة، التي استمرت من أول يونيو 1948 إلي 16 أكتوبر من نفس العام، وعندما نقضها الصهاينة، كانت الدول الكبرى قد زودتهم بكميات ضخمة من الأسلحة والعتاد، لتعويض هزائمهم السابقة، مما مكنهم من الاستيلاء علي مساحات مضاعفة من الأراضي العربية، إلي أن توقف القتال مرة أخري بقرارمن مجلس الأمن، عندما حوصرت قواتنا في الفالوجا، وبعد أن توقفت اسرائيل عند الحد الذي تستطيع الدفاع عنه، وكانت النتيجة أن تكبدت قواتنا العربية، 15 ألف شهيد و 25 الف جريح".
السياسة لا الأسلحة الفاسدة كانت سبب الهزيمة، وهو ما يؤكده جلال ندا بقوله أمام لجنة توثيق تاريخ ثورة يوليو :" بالفعل حدث جدل كبير بشأن الاسلحة الفاسدة حتى ان جمال عبد الناصر، كتب عنها وقال انها لم تستخدم نهائيا في فلسطين، وفي كتابه فلسفة الثورة اسقط جمال عبد الناصر حكاية الأسلحة الفاسدة، وأورد الاسباب التي نطقت بها المحكمة في حكمها ببراءة المتهمين في القضية، وعلى حد قول عبد الناصر :" اذا كان هناك أسلحة فاسدة ومتهمون لماذا تمت تبرئتهم؟"، وأنا أميل إلى هذا الكلام فيما يتعلق بقضية الأسلحة الفاسدة".
فأل "الفالوجا" الحسن
يبدو أن "الفالوجا" رغم كل ما حدث فيها كانت فألا حسنا علي مصر، ربما بدأ بالصحيفة التي حملت اسمها، وذكر ندا أنها كانت تقرأ بالتمرير علي القوات، وانتهت إلي ان تكون الحرب هي البداية الحقيقية لنشأة تنظيم الضباط الأحرار، أو لنقل الطريق إلي ثورة يوليو، كما ذكر مؤرخون آخرون، ففي حين قال ندا :" لم يكن عندي فكرة عن الضباط الأحرارغير المنشورات التي كنت أقرأها، لأنني في ذلك الوقت كنت مشغولاً بحركة الفدائيين، وتقابلت مع جمال عبد الناصر اكثر من مرة، وطلب مني أن أذهب اليه لنتناول القهوة معا، لكن الظروف منعتني لانشغالي الشديد، واعتقد أنه كان يريد ضمي لتنظيم الضباط.. لكن هذا لم يحدث"، إلا أنه قال في أوراقه :" أن فكرة الضباط الأحرار بدأت في عام 1938، وهو العام الذي تخرج هو وجمال عبد الناصر ومعه عديد من ضباط الثورة، من الكلية الحربية، وأورد تأسيسا علي ذلك القول عدة روايات منها حكاية الصول كامل، في الكتيبة الثانية مدافع بمرسي مطروح، الذي سلمه قائد الكتيبة ذقنه، فكان يتعامل مع الضباط بالقوة الممنوحة له من هذا القائد، إلا أن جلال ندا لم يعجبه الأمر فأصر علي كسر أسطورة الصول كامل، فأمر بوضعه بعد سوء تصرف ارتكبه محبوسا في غرفة الحرس، إلا أن القائد استدعاه عندما علم بذلك، محاولا اقناعه بصرف الصول كامل من محبسه، فقال له :" ضبطته وهو يسرق وسوف أسجل الحادث في تقريري، ورغم ان ما فعله ندا يخالف القانون العسكري، إلا أنه أعلن للقائد استعداده لتحمل الخطأ، لكن حين رجاه القائد بشرط اعتذار الصول كامل، أخرجه من الحبس.
ثم روي قصة أخري عن تصرف ضباط الكلية الحربية ضد الضباط الانجليز، واتفاقهم عقب حصار قوات الاحتلال لقصر عابدين، علي عدم القاء التحية، أو ردها من أي ضابط من الاحتلال، وكان من بين هؤلاء الضباط " جلال ندا ووجيه خليل و زكريا محي الدين و هلال المنجوري وحسن احمد كامل ويوسف صديق" .
المواطنون الأحرار أصح
كان جلال ندا يريد من هذه الروايات الوصول إلي أن هناك خطأ في تعبير الضباط الأحرار، حيث كان يري أن من واجه الاحتلال بصدر عار دون أن يخشي التشريد أو الاعتقال هو المواطن الحر، ومن ثم قال :" أود أن أفسر المعني الكبير الذي يختفي وراء عبارة الضباط الأحرار، وأود أن أصحح معني كبيرا للتاريخ، وأود ان أقول :" المواطنون الأحرار" وهم من المدنيين الذين أبت نفوسهم تحمل الظلم والطغيان، ورغم انهم كانوا عزلا، إلا أنهم جاهروا بأصواتهم وعارضوا السلطان، دون أن يخشوا تشريدا او اعتقالا، في الوقت الذي كان الجيش هو القوة الوحيدة التي تُرهبهم، فلما تفاعلت نفس العوامل في نفوس الضباط، أداروا نفس الأسلحة التي كانوا يوجهونها ألي صدور الشعب، لصدر مصدر أوامر توجيهها، لذا احتمي الضباط خلف السلاح لتنفيذ حركتهم، ومن هنا - بحسب ندا – يكون المكافح الأول والفدائي الأول الحقيقي هو الذي قاوم الطغيان وهو أعزل وعلانية وليس في السر ".
التحرك الشعبي الذي قصده جلال ندا أكده الكاتب العراقي احمد هاشم جواد في كتابه " تنظيم الضباط الأحرار في مصر وحركة يوليو 1952 "، عندما قال :" أعلن النحاس عام 1950 عن إلغاء معاهدة 1936 بعد فشل المفاوضات مع بريطانيا لتعديلها، وأدى ذلك إلى إلغاء جميع الامتيازات والإعفاءات التي كانت تتمتع بها القوات البريطانية الموجودة في مصر، مثل إلغاء جميع الإعفاءات المالية التي تشمل الرسوم الجمركية، على المهمات العسكرية والأسلحة والعتاد والمؤن،.. وهبت الجماهير المصرية تساند الوزارة في هذا المسعى، إذ طالب الشباب المصري بقطع جميع العلاقات مع بريطانيا ومقاطعتها، كما طالب الشعب بشن حرب عصابات ضد قواتها المرابطة في قناة السويس.
فيما صرح وزير خارجية بريطانيا، إن بلاده ستقابل القوة بالقوة إذا اقتضى الأمر، لبقاء قواتها في منطقة القناة، وان حكومته لن تذعن لمحاولة مصر تمزيق المعاهدة، وأصدرت السفارة البريطانية في القاهرة مساء 8 أكتوبر عام 1951 بيانا، أعلنت فيه إن إلغاء مصر للمعاهدة من جانب واحد، عمل غير قانوني يخالف أحكام المعاهدة، وان بريطانيا تعتبرها سارية المفعول، وتعتزم التمسك بحقوقها بمقتضى هذه المعاهدة، وأضاف :" قامت بريطانيا بتعزيز قواتها في منطقة القناة وزاد حجم تلك القوات، حتى وصل إلى ثمانين ألف جندي، ووجدت نفسها في موقف صعب،وقررت أن تتخذ عددا من الإجراءات، والتدابير لإجبار حكومة الوفد على التراجع عن موقفها".
وتأكيدا لما قاله جلال ندا أضاف جواد :" رفعت التنظيمات الوطنية على اختلاف اتجاهاتها، لواء الكفاح المسلح ، وشكلت كتائب التحرير التي شاركت فيها التنظيمات المختلفة " الحزب الاشتراكي "مصر الفتاة" الشيوعيون"، وكانت الخسائر البريطانية نتيجة العمليات الفدائية فادحة، خاصة في الفترة الأولى، كذلك فأن انسحاب العمال المصريين من معسكرات الانجليز، أدى إلى وضع القوات البريطانية في حرج شديد، وحينما أعلنت الحكومة عن فتح مكاتب لتسجيل أسماء عمال المعسكرات، الراغبين في ترك عملهم مساهمة في الكفاح الوطني، سجل 91572 عاملا أسماءهم، في الفترة من 16 أكتوبر 1951 وحتى 30 نوفمبر 1951 ، كما توقف المتعهدون عن توريد الخضراوات، واللحوم والمستلزمات الأخرى الضرورية لإعاشة 80 ألفا من قوات الاحتلال.
النشأة أيضا كانت مخالفة لما ورد علي ألسنة الكثيرين حيث الروايات متعددة، حول نشأة التنظيم وتناقضها فيما بينها تتناقضا واضحا، بعد أن غابت المؤسسة العسكرية عن الحياة السياسية في مصر، فترة جاوزت الخمسين عاما منذ الاحتلال البريطاني، حيث تمت تصفية الجيش من العرابيين، ثم غُيّب ثانية في السودان، غير إن حركة الضباط بدأت تنشأ في أواخر الثلاثينيات - كما قال ندا- من مجموعات من الضباط بأهداف عامة شائعة، تمثل استجابة لروح العداء للاستعمار البريطاني، فبدأت بلقاءات شباب الضباط في معسكرهم في "منقباد" بصعيد مصر عام 1938م ، ومنهم جمال عبد الناصر وعبد اللطيف بغدادي ثم ما لبث هؤلاء أن شكلوا حركتهم التنظيمية السياسية، وأثروا الابتعاد عن الارتباط بالحركات الحزبية في المجتمع, وان انتمى بعضهم إلى تيارات سياسية وفكرية معينة،فتحدث أنور السادات عن تنظيم قام بمعرفته، عام 1939م شاركه فيه عبد المنعم عبد الرؤوف وعبد اللطيف بغدادي، ووجيه أباظة وحسن إبراهيم واحمد سعودي وحسن عزت بالإضافة إلى خالد محي الدين.
لكن بغدادي تحدث أيضا عن نفس الأسماء التي وردت في تنظيم السادات، وقال أنها اللجنة التنفيذية للتنظيم الذي قام سنة 1940م بمعرفته، وان حسن عزت اقترح اسم الملازم أنور السادات لينضم إليه، لكن البغدادي أوضح أهداف تنظيمه فقال انه كان لإعاقة انسحاب الانجليز بالاتصال بالألمان، وإرسال خرائط الحاميات العسكرية الانجليزية إليهم، وفي مذكراته يقول بغدادي معترفا بقصور الفهم وغياب الرؤية الصحيحة للواقع :" ربما يكون هذا التفكير منا فيه سذاجة.. لكن لا ينسى القارئ قلة خبرتنا بالسياسة في ذلك الحين.. فلم يكن عمر أحدنا قد تعدى 22 عاما، كما لا ينسى أيضا إن الدافع لهذا التحرك منا، كان الحماس الوطني مع اندفاع الشباب.. ولم تكن صورة ألمانيا النازية، على حقيقتها واضحة لنا،فيما يعترف بغدادي إن هذا التنظيم ليس هو تنظيم الضباط الأحرار، ويقرر إن التنظيم سمي بهذا الاسم نهاية عام 1949، فيما يقرر خالد محي الدين إن إنشاء التنظيم كان في نهاية سنة 1948، ويقول إن نسبة كبيرة من أعضائه من الإخوان المسلمين بالإضافة إلى جماعة عزيز المصري والشيوعيون والوفد إلى جانب عناصر جديدة،وتكونت لجنته التأسيسية عام 1949 .
كماتذكر الدكتورة هدى جمال عبد الناصر، إن عام 1945 شهد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وبداية حركة الضباط الأحرار وتنقل عن جمال عبد الناصر ما نصه:" ركزت حتى عام 1948 على تأليف نواة من الناس الذين بلغ استياؤهم، من مجرى الأمور في مصر مبلغ استيائي، الذين توفرت لديهم الشجاعة الكافية والتصميم الكافي، للإقدام على التغيير اللازم، وكنا يومئذ جماعة صغيرة من الأصدقاء المخلصين نحاول أن نخرج مثلنا العليا، في هدف مشترك وفي خطة مشتركة".
يؤيد هذا الرأي أحد ضباط الثورة احمد حمروش فيقول:" إن الفكرة نشأت مرتبطة بنضال الشعب المصري بعد الحرب العالمية الثانية، من اجل تحرير مصر من الاحتلال البريطاني، وتشكل التنظيم عام 1948، بعد انتهاء حرب فلسطين، وحرص جمال عبد الناصر رئيس اللجنة التنفيذية المنتخب لدورتين، على أن يكون التنظيم منفصلا عن أي تنظيمات سياسية أخرى، كانت قائمة في ذلك الوقت، وان يمثل كافة التيارات السياسية ليكون جبهة وطنية عسكرية مصرية، و كانت الفترة مابين 1945 و 1947، هي البداية الحقيقية لتكوين نواة التنظيم، فقد كان معظم الضباط الذين أصبحوا فيما بعد "اللجنة التنفيذية للضباط الأحرار"، يعملون في العديد من الوحدات القريبة من القاهرة, وكانت تربطهم علاقات قوية بزملائهم,فكسبوا من بينهم مؤيدين لهم، وفي صيف 1949 نضجت فكرة إنشاء تنظيم ثوري سري في الجيش،وتشكلت لجنه تأسيسية ضمت في بدايتها خمسة أعضاء فقط هم : جمال عبد الناصر, وكمال الدين حسين،وحسن أبراهيم , وخالد محي الدين،وعبد المنعم عبد الرؤوف، ثم زادت بعد ذلك إلى عشرة، بعد أن انضم إليها كل من : أنور السادات، وعبد الحكيم عامر، وعبد اللطيف بغدادي، وزكريا محي الدين، وجمال سالم، وظل خارج اللجنة كل من : ثروت عكاشة، وعلي صبري، ويوسف منصور صديق.
مما سبق يبدو أن التاريخ الحقيقي لبدء تنظيم الضباط الأحرار، لم يجد زمنا محددا يرسو عليه، وهو ما حاول الكاتب العراقي أحمد هاشم جواد في كتابه المشار إليه سلفا، أن يحلل كافة التواريخ فقال :" الباحثون الذين يرجعون تأسيس التنظيم إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية، يراعون تأثر أولئك الضباط بالمتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية، بعد تلك الحرب، ويضعون جذورا للذين ذهبوا وشاركوا في حرب فلسطين1948 "، أما الذين يؤرخون لسنة 1949،باعتبارها سنة التأسيس الحقيقية للتنظيم، فأنهم يربطون ذلك بردة فعلهم لفشل الجيوش العربية في تحرير فلسطين، ويربطونه أيضا بخيانة الأنظمة العربية للقضية الفلسطينية، ومنها النظام المصري، فوجد الضباط العائدون من الحرب، الفرصة أمامهم من اجل تنظيم أنفسهم والقيام بعمل عسكري، ضد ذلك النظام القائم غسلا للعار الذي أصابهم بسبب تلك الهزيمة".