- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
عماد توفيق عفانة يكتب: بعد 75 عاماُ من النكبة: اللاجئون الفلسطينيون وممكنات الفعل والتأثير
عماد توفيق عفانة يكتب: بعد 75 عاماُ من النكبة: اللاجئون الفلسطينيون وممكنات الفعل والتأثير
- 10 سبتمبر 2023, 11:23:03 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
لقد كف اللاجئون الفلسطينيون عن عد المرات التي تعرضوا فيها للخذلان.
فبعد أن حرمهم العالم العربي كما الغربي من أدني مقومات الحياة الإنسانية، لم يتبقى للاجئين الفلسطينيين سوى كرامتهم.
فحق اللاجئين الفلسطينيين في حياة كريمة قضية لا يمكن التفاوض بشأنها.
ففي الوقت الذي لم تكف فيه الاونروا ومن خلفها الأمم المتحدة عن تداول قضية اللاجئين الفلسطينيين لجهة وضعها في مسار بديل، يضع اللاجئين الفلسطينيين في صلب حوار متجدد حول حقوقهم وكيفية الحفاظ عليها.
استمر العالم بالنظر الى قضية اللاجئين الفلسطينيين من الزاوية الإنسانية، فيما بات مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بالارتقاء بالنقاش نحو إيجاد حل سياسي يضمن كرامة ورفاة اللاجئين الفلسطينيين من جانب، ومن جانب آخر يحقق استقرار والسلام لمختلف دول المنطقة.
فلا سلام ما لم يتمتع به الفلسطينيون، ولا استقرار ورفاه ما لم يحياه الفلسطينيون، ولا أمن ما لم ينعم به الفلسطينيون.
لا يجب أن تترك عودة ملايين اللاجئين المشردين حول العالم الى ديارهم وبيوتهم التي هجروا منها رهينة مصالح دول ارتبطت مصالحها بمصالح كيان العدو المغتصب لأرض فلسطين.
مخيم جنين كما مختلف مدن وقرى ومخيمات اللاجئين في الضفة المحتلة تعاني من اثار عدوان لا يتوقف.
فيما مخيم عين الحلوة في لبنان، عاصمة الشتات الفلسطيني، يشهد مزيد من الاشتباكات المسلحة، كتطبيق عملي لمخطط الاستنزاف الذاتي لجهة انهاء قضية اللاجئين، من خلال إعادة تهجيرهم في المنافي والشتات.
كما تشهد غزة عدوان لا يتوقف وسط حصار خانق مستمر يحرم اللاجئون الفلسطينيون من أي نوع من الحياة الطبيعية، الأمر الذي بات يدفع آلاف الشباب لطرق أبواب الهجرة من جديد، بحثا عن حياة أكثر إنسانية وكرامة.
في هذه الاثناء ما زال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا لم يتعافوا من اثار الزلزال المدمر، حيث لم يحظوا بدعم محلي او دولي كاف في ظل بيئة طاردة تلفها رائحة الدماء والدمار.
أما في الأردن، فما زال 180 ألف لاجئ فلسطيني مّن الذين فروا من سوريا أو من غزة عام 1967 يعيشون حالة فقر متزايدة ومعاناة متفاقمة جراء حرمان المملكة لهم من أية حقوق في العمل أو التملك.
ما قدمته الأونروا طوال 75 عاما، من خدمات للاجئين الفلسطينيين في جميع أنحاء المنطقة على أهميته، يقع في الإطار الإنساني فقط، فيما واصلت قضية اللاجئين الفلسطينيين في اطارها السياسي تتراجع الى ذيل سلم اهتمام الامم.
ومع ثبات حق اللاجئين الفلسطينيين في توفير الأونروا لهم المدارس والمراكز الصحية والحماية الاجتماعية، والاستجابة للأزمات الإنسانية العاجلة من خلال توفير المساعدات الغذائية والنقدية وإعادة تأهيل المساكن المتضررة، إلا أن حقهم في احياء البعد السياسي لقضيتهم أكثر ثباتاً، ولكنه في ذات الوقت مع الأسف أكثر غياباً.
من حق الأونروا الزهو فخراً بقدرتها على منع وتسكين ثورة اللاجئين الفلسطينيين بفعل تأثيرها الإيجابي على المجتمعات في جميع أنحاء المنطقة، ولكن مع الأسف، قد لا تتمكن الأونروا من الاستمرار في الضلوع بدورها بنفس الطريقة لفترة أطول بكثير.
ففي الوقت الذي يشكل فيه الوضع المالي للأونروا قلقاً لكثير من الجهات الراعية لقضية اللاجئين الفلسطينيين، حيث تتعمق الأزمة المالية عاما بعد عام، وتتسع الفجوة بين الموارد والطلب على الخدمات بينما تزداد احتياجات اللاجئين.
يجب أن يشكل الوضع القائم الذي يشكل تهديداً وجودياً للأونروا، فرصة ودافعا قويا للاجئين الفلسطينيين والقائمين على شؤونهم، لجهة توظيف القوة الديموغرافية للاجئين وتوزعهم على خارطة الفعل المؤثر في الإقليم، لناحية تغيير كل شيء فيما يتعلق بواقعهم ومستقبلهم.
إن لحظة انهيار الأونروا وسقوطها، يجب ان يشكل يوم قيامة اللاجئين الفلسطينيين لجهة أخذ زمام المبادرة، لناحية تطبيق حق العودة بقوتهم الديموغرافية، واختراق الحدود المصطنعة بأعدادهم المليونية، وتنفيذ حق العودة بأجسادهم القوية وارادتهم الصلبة.
تفاهة المبالغ المالية التي تحتاجها الأونروا، ما بين 170 إلى 190 مليون دولار للحفاظ على الخدمات الأساسية حتى نهاية هذا العام، في وقت تنفق فيه الدول المتسببة بنكبتنا، والدول التي ساعدت وصمتت على نكبتنا، المليارات على قضايا أتفه من ذلك بكثير، يعطينا مؤشر على مدى الضعف والهوان الذي وصلت اليه قضية اللاجئين الفلسطينيين.
مع اقترابنا من 75 عاما على إنشاء الأونروا، تحتاج الأونروا إلى 75 مليون دولار لمواصلة إمدادات الغذاء المنقذة لحياة أكثر من نصف السكان في غزة.
صحيح أن ملايين اللاجئين الفلسطينيين بحاجة الى الحصول على التعليم وفرصن العمل، ولكنهم بحاجة أكثر للحصول على الحرية في وطنهم السليب، والعيش بكرامة فوق أرضهم المنهوبة.
قد يكون اللاجئون الفلسطينيون بحاجة أن يكونوا وثيقي الصلة بأسواق العمل الإقليمية والعالمية، حتى لو كانوا قابعين في غزة، ولكنهم بحاجة أكثر للتفكير فيما وراء كفاحهم اليومي، إلى مستقبل أكثر ازدهارا واستقرارا.
بعد أكثر من 75 عاماً من نكبة اللجوء، بات اللاجئون الفلسطينيون بحاجة لإحداث تحول من الوضع الراهن الذي انتهى أمده، إلى مسار جديد، مسار يفتح للاجئ الفلسطيني فيه طريقاً ملموساً للأمل طريقاً للعودة.
لن يضع العالم قضية اللاجئين الفلسطينيين على قمة جداول أعماله السياسية، ما لم يفلح اللاجئون في توظيف أوراق قوتهم، وإبراز قدرتهم على تهديد مصالح الجميع في المنطقة، فالعالم لا يفهم سوى لغة المصالح.
فهذه هي الطريقة الوحيدة التي قد يتمكن من خلالها اللاجئون الفلسطينيون من انشاء واقع ينعمون فيه بالسلام والازدهار، فمن يرغب في السلام عليه ان يكون مستعداً للحرب.