- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
عماد توفيق عفانة يكتب: فلسطينيو الداخل نحو قلب المعركة
عماد توفيق عفانة يكتب: فلسطينيو الداخل نحو قلب المعركة
- 10 سبتمبر 2022, 2:31:17 م
- 521
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
مدير مركز دراسات اللاجئين
في كل صباح كما في كل مساء تواصل وسائل الاعلام اطلاعنا على تفاصيل استمرار نزيف المجتمع الفلسطيني في الداخل، بفعل الجريمة المنظمة البشعة التي يغذيها كيان الاحتلال في طار حربه المعلنة على شعبنا في الداخل المحتل، بهدف هدم وتفكيك المجتمع الفلسطيني من الداخل، والتي يذهب ضحيتها العشرات بل المئات كل عام، ويترك مئات العوائل والأسر المنكوبة والمكلومة، ويخلف جيلا من الارامل والثكالى واليتامى.
الأمر الذي يضع الشعب الفلسطيني في الداخل المحتل امام خيارات صعبة، فإما التخلي عن هويتهم الوطنية الفلسطينية، والتساوق والرضوخ للمطالب الصهيونية، لناحية الاندماج في المؤسسات الرسمية الصهيونية امن جيش وشرطة، وإما المواجهة مع كيان أمني بوليس قمعي، لا تحتل حقوق الانسان فضلا عن حقوق الفلسطينيين أي موقع على جدول اعماله.
الحرب التي يشنها العدو الصهيوني على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة بالتجويع الحصار والافقار وجز العشب بشكل دوري.
والحرب التي يشنها العدو على شعبنا في الضفة المحتلة قمعا واعتقالا وملاحقة، تهويدا نفيا وهدما وتشريدا.
تجد ما يقابلها في الداخل المحتل، حيث يشن العدو حربا من نوع آخر على الشعب الفلسطيني في الداخل لهدم كل امكانية لاستمرار التمسك بالهوية الوطنية الفلسطينية، تلك الهوية التي عبرت نفسها بشكل جلي ابان هبة الكرامة في 2021.
حرب ستهدف اعدام كل امكانية للنهوض العربي، او للعب أدوار توازي او تفوق حجمهم ووزنهم الحقيقي والنوعي والديموغرافي في قلب فلسطين التاريخية.
حرب غير مباشرة يوظف فيها العدو الجريمة المنظمة التي يوفر لها دفيئة مواتية للنمو والتطور، باتجاه اغراق شعبنا في الداخل في قضاياه الداخلية، عن الانشغال بقضاياه الوطنية، وعن التفاعل مع باقي مكونات شعبه في غزة والضفة والشتات، ولمنع أية إمكانية للتلاحم مع الساحات الأخرى كما حدث ابان معركة سيف القدس-هبة الكرامة.
ولكي ندرك حجم المجزرة المرتكبة بحق شعبنا في الداخل المحتل، فلنطلع على الأرقام، فاذا كان قد ارتقى في الضفة وغزة نحو 140 شهيدا برصاص الاحتلال المجرم منذ بداية هذا العام، فقد سقط برصاص الجريمة في الداخل المحتل نحو 74 ضحية في ذات الفترة.
ليس سرا أن أرباب الجريمة المنظمة في المجتمع الفلسطيني في الداخل المحتل هم صناعة صهيونية بامتياز، فهم أبوات المافيا، وهم من يصدرها الى الدول والمجتمعات لخدمة أهدافهم الخبيثة.
فليس من المنطق ان تتطور مافيا بأعداد قليلة وبأسلحة فتاكة، في بيئة أمنية معقدة لكيان امني بوليسي بامتياز، تقوده وتتحكم فيه الأجهزة الأمنية، ويذهب ضحيتها العشرات بل المئات من الفلسطينيين كل عام، اللهم الا اذا كانت هذه المافيا احد افرازات أجهزة الامن وأحد أذرعها غير المباشرة، لإخضاع المجتمع العربي والشعب الفلسطيني في الداخل المحتل، وتمييع هويتهم الوطنية، واستهداف كل مقومات نهضتهم المبدعة والمشرقة.
متضادان لا يلتقيان، أدرك العدو خطورتهما فأوجد الجريمة للمنظمة بديلا عنه، وهو أن المواجهة المباشرة مع الشعب الفلسطيني في الداخل، تحيي فيهم البعد والحس القومي والوطني، وتغذي فيهم نوازع المقاومة الشعبية، فاستعاض العدو عن المواجهة المباسرة بالجريمة المنظمة، لاستنزافهم من الداخل وتفتيت هويتهم الوطنية كونهم من أكثر ساحات الشعب الفلسطيني تأهيلا وقدرة على أخذ دورهم والإسهام في قضية فلسطين بكل مستوياتها.
تقول الإحصاءات غير الرسمية أن نحو نصف مليون قطعة منتشرة بأيدي الفلسطينيين في الداخل، بمعرفة ورعاية أجهزة الامن وتحديدا الشاباك الذي يدير الساحة هناك، لجهة استغلال البنية الاجتماعية والبلدية والحالة الاجتماعية الاقتصادية للمجتمع لخدمة مصالحه، وفرض سطوته على المجتمع الذي بات يفتقد الشعور بالأمان، على الصعيد الجمعي والفردي، ما خلق ظاهرة هجرة داخلية، من المثلث الى يافا مثلا.
يقول الخبراء أن ما يحدث للمجتمع الفلسطيني في الداخل المحتل هي أحد الارتدادات الطبيعية لهبّة الكرامة في أيار/ مايو 2021 التي صعقت وصدمت كيان العدو، وفي المقدمة اجهزته الأمنية والاستخباراتية، والتي طوّرت من جانبها عقيدة أمنية تستهدف هدم بنية المجتمع، و تراهن على ألا تتكرر تلك المشاهد التي واجه شعبنا ابانها قوات العدو من نقطة صفر ومن داخل غرفة نومه كما يقولون.
الأمر الذي يفرض على كل قوى شعبنا في الداخل نخب وأحزاب وقوى مجتمعية، مشاركة او مقاطعة للمشاركة في انتخابات الكنيست، الاجتماع تحت لواء لجنة المتابعة العليا، والاتفاق على مشروع سياسي يسير في طريقين متوازيين:
الأول الاتفاق على مشروع سياسي بأدوات سياسية يلعب على وتر ويناغي مؤسسات الكيان الديمقراطية والقانونية والحقوقية والبرلمانية.
والثاني هو صناعة وقيادة حراك شعبي عريض، يفرض على كيان العدو الاستجابة لمطالبة، والتهديد بتشويش سير الحياة العامة.
تيار شعبي بأدوات نضالية سلمية كفيل بعرقلة عمل المرافق العامة، وتقييد حركة المغتصبين الصهاينة من والى مدنهم ومغتصباتهم، فلا امن لهم ما لم يتوفر الأمن لشعبنا في مدنه وقراه.
أما الطريق الثالث الذي يجب ان تسير فيه القوى الشعبية بشكل خفي، هو احياء البعد الوطني والقومي في صفوف شعبنا في الداخل، واعلاء القيم النضالية، وصولا إلى إعادة توجيه سلاح الجريمة، وتوظيفه في أي حراك نضالي قد يحدث وسيحدث لا محالة مستقبلا، سيكون ما حدث ابان هبة الكرامة مشهد صغير منه، ويعيد مشاهد النكبة 1948، ولكن بشكل معكوس، يستعيد فيه شعبنا حقوقه وارضه ووطنه، ويهرب فيه العدو عبر البحر من حيث اتى.
نحو مليون ونصف فلسطيني في الداخل المحتل، قادرون على قلب الكيان واحداث التغيير المطوب باتجاه تحصيل حقوقهم وتحصين مجتمعهم، والتفاعل والتناغم مع مختلف الساحات الفلسطينية الأخرى، لو نجحوا في جميع صفوفهم وتوحيد كلمتهم.