- ℃ 11 تركيا
- 24 نوفمبر 2024
عماد عبدالرحمن يكشف : وثائق الدور السعودي في حرب يونيو
عماد عبدالرحمن يكشف : وثائق الدور السعودي في حرب يونيو
- 6 يونيو 2021, 8:09:15 م
- 1709
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
وثائق الدور السعودي في حرب يونيو
"فيصل" خاف علي حكمه فحرض نيكسون علي دفع "اسرائيل "لضرب مصر وسوريا وتقسيم العراق
علم بموعد الهجوم الصهيوأمريكي علي مصر وسوريا وأخبر به رجاله
ماقدمه فيصل لمصر وسوريا قدمه كان بالاتفاق مع واشنطن
قال لجونسون : بتنفيذ الحرب نعطى لأنفسنا مهلة طويلة لتصفية أجساد المبادئ الهدامة لا فى مملكتنا فحسب بل فى البلاد العربية
كلما سئل الملك عبد العزيز عن فلسطين يقول :"في عيني" ويشير للعين العوراء !
الوثيقة الأهم نشرها لأول مرة الكاتب السوري حمدان حمدان في كتابه عقود من الخيبات الصادر في يناير من عام 1995 عن دار بيسان للنشر والتوزيع، كذلك نقلها عنه الكاتب السعودي الشهيد ناصر السعيد في كتابه تاريخ آل سعود ونقل عنهما الكثير من الكتاب بل أنها قتلت كما يشاع الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح كما تحدث عنها الكاتب والباحث المصري عمرو صابح في مقال له بعنوان "خطة الخلاص من جمال عبد الناصر..خفايا الدور السعودي في حرب يونيو 1967"
ولا يزال الكثيرون يتهامسون بمحتواها كلما قفزت أخبار العائلة الحاكمة بالجزيرة العربية وتصدرت شاشات الأخبار، سواء بادعاء العروبية أو مساندة أية قضايا عربية، كذلك يتذكرها القليل ممن عرفوها عندما يأتي تاريخ أسوأ يوم مرَّ علي الوطن العربي، وهو يوم الخامس من يونيو يوم النكسة أو الهزيمة العربية أمام الكيان الصهيوني، ومن ثم إحتلال عديد من الأراضي العربية من بينها سيناء، وغزة التي كانت تحت الإدارة المصرية وباقي الأراضي الفلسطينية والضفة الغربية لنهر الأردن.
الوثيقة التي ننشرها اليوم ربما تتسبب في بعض الأذي للموقع أو لكاتبها لكن التاريخ سيذكر الكل بما هو أهل له، كذلك نتوقع أن يصب البعض جام غضبه علينا لأن المتهم فيها نفذ أحد أهم بنودها تحت شعار "بعض الأموال لشرير قوم ذل .. والمقصود هنا هوالرئيس جمال عبد الناصر ، أما المانح فهو الملك الذي حاولإخفاء دوره ببعض الأموال التي منحها لمصر ولسوريا، مقابل حي أو شارع أو مدينة هنا أو هناك سميت بإسمه لترسيخ فكره عطاءاته اللا مسبوقة في أذهان الشعوب.
وكما قلنا أن الشرير قصد به الزعيم عبد الناصر، فإن الملك هو فيصل بن عبد العزيز آل سعود، ولعل بعضنا يذكر كلمات الرئيس جمال عبد الناصر فى خطابه يوم 23 يوليو 1967 تعليقا على حملة الهجوم والشماتة التى شنها النظام السعودى بقيادة الملك فيصل بن عبد العزيز على هزيمة مصر فى حرب 5 يونيو 1967، عندما قال :" "السعودية من يوم العدوان لغاية دلوقتى بتهاجمنا.. بتهاجمنا فى جرايدها وبتهاجمنا فى إذاعتها، لكن لو بدينا إحنا بكره نهاجم السعودية كل الدنيا حتقول إن عبد الناصر ابتدا المهاترات وبيهاجم الملك فيصل، وباقول دلوقت بقى لنا شهر ونص من يوم المعركة، الجرايد السعودية بتهاجمنا، الإذاعة السعودية بتهاجمنا وتظهر الشماتة فينا، وبرغم كده، باقول إن إحنا قمنا بالواجب والرجا
ل دايماً يقوموا بالواجب، ما هربناش من المعركة، كوننا خسرنا المعركة مش عيب، لكن لو كنا هربنا من المعركة كان دا اللى يكون عيب".
رد ناصر علي حملة تشهير مفروض أن تصدر عن إعلام الكيان المحتل المنتصر بحسب قوانين الحرب، لكنها صدرت للأسف عبر أجهزة إعلام تابعة لدولة آل سعود التي طالما ادعو ملوكها أنهم مناصرون للقضية الفلسطينية، حتي أن الملك المؤسس كان دوما يشير إلي عينه اليمني قائلا :"فلسطين في عيني" بينما علمنا مؤخرا أن هذه العين كانت عمياء كما ذكر كتاب تاريخ آل سعود للكاتب ناصر السعيد، وتلك حكاية أخري!
ليتبادر سؤال هام بل هو الأهم في المسألة : هل اقتصر الأمر علي الشماته فقط ؟ أم أن في الخلفية أدوار اخرى لابد للتاريخ أن يحاسب عليها ؟ هنا يأتي دور الوثيقة التي أشرنا إليها في صدر المقال، وهي مكونة من سبع ورقات وتحمل ذات الرقم 9 /342م ز / س بتاريخ 15رمضان 1386هـ الموافق 27ديسمبر 1966م
، وموجهة للرئيس الأمريكي الأسبق ليندون جونسون حملت الورقات الخمس الأولي شرحا وافيا للموقف العربي وتأثير انتصار القوات المصرية في اليمن بعد أن اقتربت من حدود جيزان ونجران اليمنيتين أصلا وتم بيعهما للملك سعود عبر الإمام البدر آخر ملوك اليمن قبل ثورتها، وفيها أوضح الملك فيصل خطورة أن تسود مبادئ عبد الناصر وأفكاره الاشتراكية الوطن العربي بعد سقوط المملكة السعودية ، مشيرا إلي ما توصل إليه الخبراء الأمريكان من نتائج بعد ثبوت أخبار انتصار الجيش المصري علي فلول البدر والقوات السعودية الموالية له، كما تناول الملك ما أسماه اتفاق بينه وبين عبد الناصر لحل الأزمة اليمنية عبر تشكيل حكومة مختلطة بين الملكيين وأنصار الجمهورية كما وصفهم، مدعيا أن ناصر خالف الاتفاق، ومن ثم فإن علي أمريكا ألا تثق فيه وتعمل علي إسقاطه !!
ثم يضيف الملك الخيِّر :"من كل ما تقدم يا فخامة الرئيس، ومما عرضناه بإيجاز يتبين لكم أن مصر هى العدو الأكبر لنا جميعا، وأن هذا العدو إن تُرِك يُحرض ويدعم الأعداء عسكريا وإعلاميا، فلن يأتى عام 1970 – كما قال الخبير فى إدارتكم السيد كيرميت روزفلت – وعرشنا ومصالحنا فى الوجود، لذلك فأننى أبارك، ما سبق للخبراء الأمريكان فى مملكتنا، أن اقترحوه، لأتقدم بالاقتراحات التالية:
-أن تقوم أمريكا بدعم إسرائيل بهجوم خاطف على مصر تستولى به على أهم الأماكن حيوية فى مصر، لتضطرها بذلك، لا إلى سحب جيشها صاغرة من اليمن فقط، بل لإشغال مصر بإسرائيل عنا مدة طويلة لن يرفع بعدها أى مصرى رأسه خلف القناة، ليحاول إعادة مطامع محمد على وعبد الناصر فى وحدة عربية، بذلك نعطى لأنفسنا مهلة طويلة لتصفية أجساد المبادئ الهدامة، لا فى مملكتنا فحسب، بل وفى البلاد العربية ومن ثم بعدها، لا مانع لدينا من إعطاء المعونات لمصر وشبيهاتها من الدول العربية إقتداء بالقول :( أرحموا شرير قوم ذل ) وكذلك لاتقاء أصواتهم الكريهة فى الإعلام.
- سوريا هى الثانية لا يجب ألا تسلم من هذا الهجوم، مع اقتطاع جزء من أراضيها، كيلا تتفرغ هى الأخرى فتندفع لسد الفراغ بعد سقوط مصر.
- لا بد أيضا من الاستيلاء على الضفة الغربية وقطاع غزة، كيلا يبقى للفلسطينيين أي مجال للتحرك، وحتى لا تستغلهم أية دولة عربية بحجة تحرير فلسطين، وحينها ينقطع أمل الخارجين منهم بالعودة، كما يسهل توطين الباقى فى الدول العربية.
- نرى ضرورة تقوية المُلّا مصطفى البرازانى شمال العراق، بغرض إقامة حكومة كردية مهمتها إشغال أى حكم فى بغداد يريد أن ينادى بالوحدة العربية شمال مملكتنا فى أرض العراق سواء فى الحاضر أو المستقبل، علما بأننا بدأنا منذ العام الماضى (1965) بإمداد البرازانى بالمال و السلاح من داخل العراق، أو عن طريق تركيا و إيران. -" المقترح الأخير حاول محمد بن سلمان ولي العهد السعودي تنفيذه قبل عامين، عندما دعم قضية انفصال الأكراد عن العراق لتقوم بهم دولة كردية منفصلة عن الدولة الأم في العراق"-
يا فخامة الرئيس
إنكم ونحن متضامين جميعا سنضمن لمصالحنا المشتركة و لمصيرنا المعلق ، بتنفيذ هذه المقترحات أو عدم تنفيذها ، دوام البقاء أو عدمه.
أخيرا
أنتهز هذه الفرصة لأجدد الإعراب لفخامتكم عما أرجوه لكم من عزة، و للولايات المتحدة من نصر وسؤدد ولمستقبل علاقتنا ببعض من نمو و ارتباط أوثق و ازدهار".
المخلص : فيصل بن عبد العزيز
ملك المملكة العربية السعودية
وحتي لا نغفل دور الباحث عمرو صابح نورد ملاحظاته علي الوثيقة حيث قال :بقراءة دقيقة للرسالة/الوثيقة يمكننا ملاحظة التالى:
- الخطة التى يقترحها الملك السعودى للعمل ضد الدول العربية تكاد تكون هى خطة الحرب الإسرائيلية فى يونيو 1967م.
- زوال العرش السعودى عام 1970م إذا استمرت خطط جمال عبد الناصر واستمرت قواته فى اليمن، والجدير بالملاحظة أن عبد الناصر هُزم عسكريًا عام 1967 م وتوفى عام 1970م.
- بذلك نعطى لأنفسنا مهلة طويلة لتصفية أجساد المبادئ الهدامة، لا فى مملكتنا فحسب ، بل وفى البلاد العربية ومن ثم بعدها، لا مانع لدينا من إعطاء المعونات لمصر وشبيهاتها من الدول العربية إقتداء بالقول "أرحموا شرير قوم ذل"وكذلك لاتقاء أصواتهم الكريهة فى الإعلام.
هذه الجملة الواردة فى الرسالة / الوثيقة هى ما تم فعلا بعد الهزيمة فى 1967 عقب الهزيمة العربية فى حرب 5 يونيو 1967، تم عقد مؤتمر القمة العربى فى الخرطوم فى أغسطس 1967 وفيه تعهدت الدول العربية البترولية" السعودية، الكويت، ليبيا" بتقديم مساعدات مالية إلى دول المواجهة مع إسرائيل لكى تستطيع مواصلة الحرب والعمل على محو أثار الهزيمة، كما أتفق الرئيس عبد الناصر مع الملك فيصل على حل لمشكلة اليمن تضمن عودة فرقتين مصريتين كانتا هناك إلى مصر.
أما الكاتب السعودي الشهيد علي طريقة قتل جمال خاشقجي ناصر السعيد فقال :" ازداد قلق فيصل من عدم إسراع أمريكا في دعم إسرائيل لضرب مصر وسوريا… وبعد ثلاث أشهر من الرسالة سافر فيصل إلى أمريكا لاستعجال تنفيذ "فكرة" هجوم إسرائيل على مصر وسوريا، ووعده الامريكان "خيرا.
ويومها قالت معظم الصحف العربية، بما فيها صحف القاهرة ، "لقد سافر الفيصل إلى أمريكا حاملا وجهة النظر العربية!"…
وعاد فيصل "حاملا" هذه المرة "زنوة" أمريكية.. ثم سافر في /20مايو 1967ولم يذهب ـ هذه المرة ـ إلى أمريكا، حبا في الستر، ستر المؤامرة.. بل سافر إلى بريطانيا وبلجيكا ليقابل وزير الخارجية الامريكي الذي طمأنه عن تحديد اليوم الذي ستنفذ فيه فكرته بهجوم إسرائيل، وان امريكا ستشارك إسرائيل لضمان نجاح الفكرة بجزء هام من قواتها البحرية والجوية…
وكانت إسرائيل قد بدأت حشد قواتها على الحدود السورية، وتحركت القوات المصرية إلى سيناء لنجدة سوريا، وأمر عبد الناصر بابعاد جنود الامم المتحدة، قوات اسرائيلية إلى حدود مصر…
وفي الأول من يونيو، 1967أذيع من الاذاعة السعودية تغطية مفادها "ان جلالة الملك فيصل سيصل من رحلته الميمونة عن طريق جدة!"، لكنه وصل عن طريق مطار الظهران يوم 4يونيو، 1967واجتمع حال وصوله في الدمام بقادة قوى الامن وكان ذلك الاجتماع أول اجتماع للملك من نوعه بقوى الامن، وأبلغهم فيه وبكل وضوح:
أن إسرائيل ستحتل مصر وسوريا يوم غد الخامس من يونيو و سيكون احتلالها هذه امرا فاصلا يغير مجرى التاريخ وستكون نهاية البكباشي" قاصدا عبد الناصر… وكرر فيصل تحذيره لرجال الامن بقوله: "لابد أن تحدث مظاهرات ومشاغبات وتفجيرات، فعليكم الضرب بكل قسوة وبلا تردد! "…
وسافر فيصل إلى الرياض، وفي اليوم الذي حدد لفيصل، يوم الخامس من يونيو1967هاجمت إسرائيل مصر وسوريا والتهمت ما تبقى من فلسطين غزة والضفة الغربية، تدعمها أمريكا بكل قواها
وفي يوم 6حزيران، 1967أقيم مهرجان في ساحة الملز بالرياض ، وجاء فيصل لالقاء خطاب في المهرجان، ويومها ـ يوم 6يونيو ـ لم يوضح فيصل فرحته فحسب
بتجاهله لكل ما يصب على مصر وسوريا من دمار أمريكي صهيوني بل راح يمتدح "الاصدقاء الامريكان والبريطانيين"
محاولا أن يقنع الجمهور الحاشد "بأن الامريكان والبريطانيين ـ أخوة لهم ولنا نحبهم ويحبوننا" بقوله حرفيا: " أيها الأخوة، لقد جئتكم من أخوة لكم في أمريكا وبريطانيا وأوربا تحبونهم ويحبوننا… و.." فقاطعه الجمهور بصوت واحد:" يخسأون… يخسأون… لا نحبهم ولا يحبوننا.!"
وتابع الجمهور هتافاته:" البترول… البترول… اقطعوا البترول عن أمريكا وبريطانيا واسرائيل يتوقف العدوان الصهيوني الامريكي على إخواننا في مصر وسوريا وفلسطين..!( فلم يتم الملك الخطاب ، وغادر المكان لكن الجمهور لم يتركه يغادر بل لاحقه وأمسك ـ الجمهور ـ في بشت "البشت" أي عباءته، وراح يصرخ فيه.. "البترول يا فيصل… اقطع يا فيصل البترول" ..
كل هذا والتلفزيون السعودي يصور بالسرعة البطيئة هذه الانتفاضات التاريخية، ويسجل وجوه أصحابها…
فانفلت فيصل من الجماهير باستعمال الهراوات، وسارت الجموع بمظاهرة في شوارع الرياض … وتهتف بسقوط الخونة وبالموت لامريكا الصهيونية وعملاء أمريكا.!. وفي ذات اليوم بدأت السعودية بحملة اعتقالات "سعودية" في الرياض لهؤلاء الشبان الذين أخذت أجهزة الفساد أسماءهم من تتبعها لصورهم في التلفزيون السعودي..
وفي يوم 7يونيو قامت المظاهرات في الظهران والمنطقة الشرقية، وأحرقت عددا من البيوت و البنوك المتعاملة مع أمريكا والسيارات الامريكية…
وقام اتحاد شعب الجزيرة العربية بنسف عدد من أنابيب البترول… وتوقف البترول بإعلان من مكتب شركة أرامكو في يوم 8حزيران 1967يقول:" نظرا لما وقع من أحداث واضطرابات في مناطق البترول في المملكة العربية السعودية توقف ضخ البترول لمدة شهر تقريبا … وزعمت بعض الصحف العربية ان السعودية هي التي أوقفت البترول..! بينما استمرت حملة الاعتقالات السعودية في الظهران…
ويروي السعيد قصة موحية تشي بكل ما يمكنك استنتاجه عن فقال :" وفي يوم 8يونيو 1967وصل من جدة إلى الرياض الامير سلطان الملقب بـ "وزير الدفاع والمفتش العام السعودي!"… وحالما وطأت قدماه مطار الرياض وكان ضمن المستقبلين وزير الاعلام السعودي… فيصل الحجيلان، وما أن شاهد وجهه حتّى أمطره سلطان بوابل من الشتائم ا فكيف بها تقال "لوزير اعلام" وقائلها وزير مثله وفي آخر اللعنات السعودية تساءل "سلطان أمريكا" عن سبب سماح الوزير الاعلامي للرسام "الخرجي" أن يرسم في الصحف السعودية الرئيس الامريكي "الجليل" بشكل امرأة صهيونية تخرج ثدييها لترضع إسرائيل!!.
وتساءل " سلطان " بقوله: "كيف؟. كيف يحصل هذا في بلادنا؟. يا للفضيحة"!… ثم ـ بصق ـ الوزير سلطان بوجه وزير الاعلام، وأمر بعزله.!. إلاّ أن صاحب الوزير ـ الملك فيصل ـ توسط له
بنقله من وزارة الاعلام إلى نائب لوزير الصحة، ثم بعد ذلك، أبعد ليصبح سفيرا تحت الاختبار في حسن السلوك السعودي… أما الرسام الخرجي فقد اعتقل وبعدها أوقف عن الرسم!!
و فى كتابه (عام من الازمات) الصادر عام 2001م، تناول الأستاذ هيكل الدور السعودى فى حرب 5 يونيو 1967 م، فخلال الجزء الذى خصصه فى الكتاب عن الوثائق الإسرائيلية المفرج عنها بخصوص حرب 5 يونيو 1967 نجد التالى:
أن الرئيس الأمريكى ليندون جونسون فى مايو 1967م، وبعد أن تم تجهيز كل الخطط لضرب مصر، أراد أن يستوثق من احتمالات غضب الشارع العربى على العروش العربية فى حالة شن إسرائيل الحرب على مصر وقد أستقر رأيه بعد التشاور مع مساعديه على التوجه بالسؤال مباشرة إلى ملكين فى المنطقة تعتبر الولايات المتحدة عرشيهما مسألة هامة لأمنها القومى، وهما الملك حسين بن طلال فى الأردن، والملك فيصل بن عبد العزيز فى السعودية، وبالفعل قابل روبرت كومار مساعد الرئيس جونسون الملك حسين فى عمان يوم 28 مايو 1967، كما توجه ريتشارد هيلمز مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لمقابلة الملك فيصل بن عبد العزيز فى نفس اليوم فى لندن التى كان الملك فيصل فى زيارة رسمية لها من أجل تخيير الحكومة البريطانية بين حلين:
الأول: تأجيل تنفيذ سياسة الانسحاب من شرق السويس، واستمرار بقاء القوات البريطانية فى المنطقة لسنة كاملة على الأقل حتى يتمكن الجميع من ترتيب أوضاعهم، وإلا فإن إتمام الانسحاب البريطانى فى المواعيد المعلنة عام 1968 م كما أعلن رسميا من مجلس العموم البريطانى، سوف يخلق فراغا يملؤه الجيش المصرى و يدخل إلى عدن ذاتها.
الثانى: أن تبذل الحكومة البريطانية مساعيها لإقامة تجمع يضم كل دول شبه الجزيرة العربية و الخليج لكى يكون للمنطقة تجمع إقليمى تتمايز به عن الجامعة العربية، ويكون للسعودية فيه دور مؤثر يوازى الدور المصرى فى جامعة الدول العربية التى يوجد مقرها فى القاهرة.
و تمت المقابلة بين الملك فيصل و ريتشارد هيلمز يوم 29 مايو 1967 فى جناح الملك فى فندق دورشستر وحضر المقابلة بين الملك وهيلمز, كمال أدهم مستشار الملك الخاص ورئيس المخابرات السعودية وشقيق زوجته (الملكة عفت )، أستمر الاجتماع من العاشرة مساء وحتى الثانية صباحا وقد تم تأمين مكان الاجتماع بواسطة خبراء وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وعاد هيلمز عقب الاجتماع إلى واشنطن لإخطار الرئيس الأمريكى بما دار مع الملك فيصل،وكما نعلم جميعا بعد هذا اللقاء بأسبوع اندلعت حرب 5 يونيو 1967 م.
لم يكتف النظام السعودى بالتورط فى تدبير الهزيمة لمصر فى عام 1967 بل أيضا أنخرط فى عملية الاغتيال المعنوى لشخصية جمال عبد الناصر ونظام حكمه أثناء حياة عبد الناصر.
ففى الحلقة الأخيرة من برنامج "مع هيكل" - مجموعة الطريق إلى أكتوبر- عرض الأستاذ مجموعة من الوثائق عن الأطراف التى تريد قتل جمال عبد الناصر وتلح عليه قبل نهاية عام 1970 ،وقبل أن يبدأ حرب التحرير ضد إسرائيل وكان من ضمن تلك الأطراف النظام السعودى، وللسعوديين باع طويل فى محاولات للتخلص من جمال عبد الناصر سواء فى عهد الملك سعود بن عبد العزيز أو فى عهد خلفه الملك فيصل بن عبد العزيز، وقد روى الأستاذ هيكل تفاصيل بعض تلك المؤامرات فى كتابه (سنوات الغليان) ، كما نشرها الدكتور"رفعت سيد أحمد"فى دراسته الموثقة "مؤامرات مجهولة لاغتيال عبد الناصر".
هذا ما أخبرتنا به الوثائق التى تم كشفها حتى الآن عن خفايا الدور السعودى فى التأمر على مصر خلال عهد الرئيس جمال عبد الناصر، فمن التحريض على تجويع المصريين إلى حث الأمريكيين على ضرب مصر عسكريا عام 1967م ، إلى تلفيق وفبركة الكتب والمذكرات لتشويه تاريخ جمال عبد الناصر وثورته، إلى التخطيط الدائم لاغتيال جمال عبد الناصر والخلاص منه