- ℃ 11 تركيا
- 4 نوفمبر 2024
عماد عفانة يكتب تقدير موقف: "أونروا" واتحاد الموظفين ... في محكمة النزاعات
عماد عفانة يكتب تقدير موقف: "أونروا" واتحاد الموظفين ... في محكمة النزاعات
- 7 ديسمبر 2021, 9:35:22 ص
- 572
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يعد الإعلان عن القرار الذي اتخذه المؤتمر العام لاتحادات موظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، برفع قضية على إدارة وكالة "أونروا" في محكمة النزاعات ومحكمة لاهاي الدولية لتعويض الموظفين عن الضرر النفسي والمعنوي والمادي الذي لحق بهم بسبب عدم صرف رواتبهم حتى اللحظة.
يعد هذا الإعلان عن هذا التوجه سابقة تاريخية غير مسبوقة تسجلها اتحادات موظفي "أونروا"، فلم يسبق أن مثلت "أونروا" كمنظمة إنسانية أممية أمام محكمة النزاعات ومحكمة لاهاي الدولية. فهل فعلا تريد اتحادات موظفي "أونروا" مقاضاة "أونروا" في هذه المحاكم الدولية، أم أن الإعلان جاء في اطار الضغط في بعده الإعلامي والحقوقي على "أونروا" لتتحمّل كامل المسؤولية والنتائج السلبية التي يتعرض لها الموظفون، جراء تعرضهم للضرر المادي في عدم الحصول على الرواتب في موعدها المحدد والمتعارف عليه منذ عشرات السنين، ما أدى-وحسب اتحادات موظفي "أونروا"- إلى النيل من سمعة موظفي "أونروا" لدى البنوك والمؤسسات المالية والشركات، جراء عجزهم عن تسديد الأقساط الشهرية المترتبة عليهم للقروض، ما اضطر البنوك لسحب رصيد الكفيل، وإلحاق الضرر بالموظف عندما يقوم البنك بسحب رصيده "المدخر لوقت الحاجة" لتسديد قيمة الأقساط قبل نزول الرواتب.
إن الرسالة التي تريد اتحادات الموظفين إيصالها إلى رئاسة "أونروا" في بعدها الأخلاقي، هي أن موظفي "أونروا" الذين تميزوا طوال الـ72 الماضية بالانسجام مع الإدارة، والتفهم الإيجابي لقراراتها، أصيبوا جميعاً اليوم بخيبة أمل نتيجة إعلان المفوّض العام فيليب لازاريني عن تأخير الرواتب حتى مضى أسبوعاً كاملاً عن موعد صرفها المعتاد، حيث تم ترك الموظفين نهبا لحالة القلق والترقّب لنزول رواتبهم لتسيير شؤونهم الأسرية والاجتماعية أسوة بغيرهم من الموظفين، الأمر الذي يعرض إدارة "أونروا" إلى احراج بالغ جراء المجازفة بفقدان موظفي "أونروا" الثقة بشكل مزدوج.
من ناحية، فقدان البنوك والمؤسسات المالية المختلفة الثقة بموظفي "أونروا" واحجامها عن منحهم القروض أو الامتيازات اللازمة، لأن "أونروا" وفرت جو لدى الجميع بعدم قدرة موظفيها على تلبية الشروط المطلوبة مع وجود الكفلاء عند الحصول على قرض.
ومن ناحية أخرى فقدان موظفي "أونروا" الثقة بهذه المؤسسة الأممية العريقة، وبقدرتها على توفير الأمان الوظيفي لموظفيها ما يعرض حياة أفراد العائلة التي يعيلها الموظف للخطر نتيجة عدم صرف الرواتب حتى اللحظة.
الأمر الذي بات يدفع اتحادات موظفي أونروا لاتهام إدارة "أونروا" بسوء التقدير ما أدى إلى تأخير صرف الرواتب، وليس اتهام العجز المالي الذي تعانيه "أونروا"، وتعلل اتحادات الموظفين هذا الاتهام، باعتماد إدارة "أونروا" على دعم المانحين في الوقت بدل الضائع من شهر تشرين الثاني الماضي لتأمين 40 مليون دولار وما زالت تنتظر هذه الوعودات، عوضا عن تأمين رواتب موظفيها من أي جهة بشكلٍ عاجل وطارئ، على أن تقوم بسدادها بعد وصول حوالات الدول المانحة.
إن تلويح اتحادات موظفي "أونروا" باللجوء إلى محكمة النزاعات ومحكمة لاهاي الدولية، يعد ورقة ضغط قوية على إدارة "أونروا"، أولا باتجاه تأمين راتب هذا الشهر لموظفيها بشكل عاجل وبأي وسيلة، علما أن "أونروا "تملك خيارات مالية تمكنها من تأمين راتب الشهر الماضي والحالي دون تأخير.
وثانيا باتجاه إجبار "أونروا" على عدم اللجوء إلى تأخير رواتب موظفيها بحجة العجز المالي، أو تأخر الدول المانحة في دفع اسهاماتهم المالية لها، مع وجود خيارات مالية أخرى.
وثالثا باتجاه ارسال رسالة قوية إلى الدول المانحة، بأن حالة الاستقرار التي توفرها "الأونروا" مع رعايتها لنحو ستة ملايين لاجئ في مناطق عملياتها الخمس باتت مهددة، وأن الأمن الإقليمي الذي تسعى الدول المانحة بما تقدمه "للأونروا" من دعم مالي غير مستدام، باتت مهددا مع تلويح اتحادات الموظفين بالإضراب الشامل، ليبقى هذا التهديد في ذاكرة إدارة "أونروا"، كي تكف عن سياساتها بالتضييق على الموظفين.
وعليه فان تقدير الموقف في هذه الحالة يسير باتجاه ان اتحادات موظفي "أونروا" تدير الأزمة مع "أونروا" بثقة وقوة واقتدار، وأنها تجيد استخدام أوراق القوة التي تملكها، الأمر الذي يتوقع معه اضطرار "أونروا" التي يقودها المفوض العام فيليب لازاريني إلى الاستجابة للضغوط التي تمارسها اتحادات الموظفين
وأن لازاريني سيحرص مستقبلا على الالتزام بالمواعيد المقررة مسبقا لصرف رواتب الموظفين، لأن اتحادات الموظفين نجحت من خلال خطواتها التصعيدية المتدرجة نجحت في كي وعيه.
إضافة إلى أن هناك فرصة لدى لازاريني لتوظيف هذه الضغوط التي تمارسها اتحادات موظفي "أونروا" وتلويحهم بورقة اللجوء الى المحاكم الدولية، إضافة للتلويح بالإضراب المفتوح، باتجاه الضغط على الدول المانحة للوفاء بالتزاماتهم المالية "للأونروا"، إضافة لإقناعها بتوفير دعم مالي مستدام يساعد "أونروا" على الوفاء بما عليها من واجبات والتزامات تجاه مجتمع اللاجئين فضلا عن الموظفين، ما يحافظ على حالة الاستقرار التي تسعى الدول المانحة للحفاظ عليها في هذا الإقليم الملتهب.