عماد عفانة يكتب: فلسطين وأوكرانيا وتسييس الرياضة ... بين الممنوع والمسموح

profile
عماد عفانة كاتب وصحفي فلسطيني
  • clock 6 ديسمبر 2022, 12:50:06 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

يُنظر عالميا وتحديدا غربيا إلى التضامن مع أوكرانيا على أنه واجب إنساني أساسي وواجب وطني ورسالة واضحة لأهمية المواقف السياسية في الرياضة، ولكن هذه المعايير لا تنطبق على فلسطين في صراعها مع العدو الصهيوني.

تزعم الفيفا واللجنة الأولمبية الدولية أنهما يحاولان فصل الرياضة عن السياسة، ولكن في بعض الحالات والظروف، مثل فلسطين، تحاول الهيئات الرياضية الدولية تجنب التدخل أو حتى التعبير عن آرائها بشأن الاحتلال الصهيوني لوطن شعب آخر، اعتمادًا على المصالح السياسية التي تحكم معايير تعامل هذه الهيئات الرياضية.

فان إبداء أي رأي مخالف لسياسات الولايات المتحدة وحلفائها يعتبر دخول منطقة محظورة موبوءة بالألغام، مما قد يؤدي إلى قيام المؤيدين والمجتمع الدولي ومجموعات الضغط بمقاطعة هذه المؤسسات أو الجهات التي تجرأت وأبدت رايا مخالفا.

إن استقلال المؤسسات الدولية عن الشؤون السياسية ما هو إلا تعريف ضبابي، يعمل وفق توجهات ومكانة القوى العظمى على الساحة الدولية، والتي تمارس سطوتها على الجميع.

ففي حالة الصراع الأوكراني الروسي فقد وضعت القوى الغربية له معايير ومحددات مختلفة، وكأنهم يقولون صراحة أن الوضع في أوكرانيا هو استثناء منصوص عليه في الأنظمة الأساسية لهذه الهيئات الرياضية الدولية.

يصنف العالم الجاري 2022 من الأعوام الأكثر دموية نظرا لارتفاع اعداد الضحايا الذين قتلهم الاحتلال الصهيوني، بمتوسط أعمار 20 عاما فقط.

وفي الوقت الذي تعددت فيه الإجراءات السياسية للاتحادات والدول الدولية في مجال الرياضة تجاه روسيا، من مقاطعة أولمبياد موسكو 1980 إلى منع الفرق واللاعبين من المنافسات لأن بلادهم بدأت الحروب، لكن لم تخضع الأحداث في فلسطين لذات المعايير لجهة فرض مقاطعة دولية على كيان العدو، فإلى متى ستبقى فلسطين استثناءً، ففي جميع الأحوال التضامن مع الضحايا هي القضية الوحيدة التي أسفرت باستمرار عن عقوبات وحرمان من المنافسة الرياضية.

إرشادات FIFA القانونية؛ تحث نظريا على استقلال الرياضة عن الشؤون السياسية، حيث تنص المادة 4 من الدليل القانوني على ما يلي:

"أي شكل من أشكال التمييز ضد بلد أو شخص أو مجموعة على أساس العرق أو اللون أو العرق أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الجنس أو الإعاقة أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غير السياسي أو الملكية أو المولد أو أي رأي آخر "الوضع الجنسي أو الجنسي التوجه أو أي سبب آخر محظور تمامًا ويعاقب عليه بالتعليق أو الطرد، ويظل الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) محايدًا في الأمور السياسية والدينية، ويمكن إجراء استثناءات بشأن القضايا التي تتأثر بالأهداف القانونية للاتحاد."

لكن فيما يتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية، عملت الفيفا بجد لفرض عقوبات على الفرق واللاعبين الروس في الوقت الذي تحارب فيه بلادهم أوكرانيا المجاورة، بينما في حالة الاحتلال الصهيوني في الفلسطيني، يُعاقب الرياضيون الذين يظهرون دعمًا سياسيًا ورياضيًا للفلسطينيين ويتم تغريمه.

الاحتلال فتح في المغتصبات التي بناها في الضفة الغربية المحتلة نوادي رياضية في تحدي واضح للقانون الدولي، في الوقت الذي يرى فيه الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم أنه يجب منعها من المسابقات لأنها تنتهك القانون الدولي والأعراف الأخلاقية وهو ما يخالف قانون الأمم المتحدة، لكن الفيفا ذات المعايير المزدوجة لم تفعل شيئا.

الخلاصة:
المعايير المزدوجة أحد ثوابت القوى للعظمى التي تضع أنظمة وقوانين لتحكم بها العالم والدول والمؤسسات الدولية، لكن هذه القوانين والأنظمة يتم الضرب بها عرض الحائط عندما تمس قيم ومصالح وتوجهات هذه القوى العظمى، لصالح معايير أخرى تخدم توجهاتها ومصالحها، فالقوي هو من يفرض معاييره وقوانينه وأنظمته في هذا العالم.

التعليقات (0)