- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
عمرو الشوبكي يكتب: بين احتجاجين
عمرو الشوبكي يكتب: بين احتجاجين
- 2 أبريل 2023, 2:38:35 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بدا لافتًا الفارق بين رد فعل السلطات فى فرنسا وإسرائيل تجاه الاحتجاجات التى شهدها كلا البلدين، ففى فرنسا يحتج الناس ولا تتراجع الحكومة عن قرار رفع سن التقاعد من ٦٢ إلى ٦٤ عامًا، وفى إسرائيل تظاهر الناس واحتجوا فتراجعت الحكومة عن مشروع تعديل قانون السلطة القضائية.
لماذا لم تتراجع الحكومة الفرنسية؟ وتراجعت حكومة الدولة العبرية؟ ولماذا فى تجارب كثيرة تتراجع الحكومات عن بعض أو كثير من قراراتها وفى حالات أخرى لا تتراجع؟ ولماذا هناك نظم تسقط بفعل الاحتجاجات، حتى لو تراجعت عن قراراتها؟ وفى حالات أخرى يكون تراجعها هو طوق النجاة وبداية لقبولها وتصحيح مسارها؟
والحقيقة أن ما تشهده فرنسا هو احتجاجات اجتماعية ترجع لأسباب اقتصادية ومطلبية وهى ساحة معركة بالنقاط بين الرئيس وحكومته وبين النقابات وقطاع من الشعب الفرنسى.
وقد سبق أن عرفت فرنسا فى عهد الرئيس الراحل جاك شيراك احتجاجات واسعة رفضًا لمد سن التقاعد (من 60 إلى 62 عامًا)، وقد تراجع شيراك عن القانون بعد تمريره من البرلمان عقب انتشار صور لاعتداء مهين لبعض رجال الشرطة على شباب (ما بين 18 و21 عامًا) وانتشرت فى الصحف تحقيقات تقول هكذا تعامل الدولة شبابها (ضرب وصفع) بصورة جعلت المظاهرات تتحول من احتجاجات على مطلب اجتماعى (رفع سن التقاعد) إلى رفض لانتهاك قيمة عليا وهى حقوق الإنسان.
أما الرئيس الأسبق ساركوزى فقد نجح فى تمرير القانون ورفع سن التقاعد من 60 إلى 62 عقب دخوله فى حوار مع النقابات أعطى لبعضها مميزات فى مقابل القبول بالقانون ونجح فى تقسيمها ومرّر القانون.
أما الرئيس الحالى ماكرون فقد تمسك بتطبيق القانون، أى رفع سن التقاعد إلى 64 عامًا، رغم الاحتجاجات التى اعتبر أنها ستخفت، خاصة أنه فى ولايته الثانية والأخيرة وسيترك السلطة بعد 3 سنوات.
أما الاحتجاجات السياسية أو احتجاجات الخلاف على جوهر توجهات النظام القائم، فهى عادة لا تقبل «القسمة على اثنين»، ولا بد أن يتقدم أو ينتصر طرف أو يتراجع أو يخسر طرف آخر.
فالاحتجاجات التى شهدتها مؤخرًا إسرائيل جاءت ردًّا على قانون السلطة القضائية الذى اعتبره تيار واسع من المواطنين اليهود يهدف لهدم دولة القانون وسيطرة السلطة التنفيذية على القضاء.
ناهيك عن كون هذه السلطة تضم عناصر من اليمين المتطرف الذى يحرض كل يوم على العنف والإرهاب ويعمل على إدخال عناصر دينية متطرفة داخل الأجهزة الأمنية تحت مسميات مختلفة.
إن هذه النوعية من الخلافات لا تقبل عادة الحلول الوسط؛ لذا سنجد أن نتنياهو أعلن تأجيله قانون القضاء، ولن يستطيع تمريره كما فعل ماكرون مع قانون التقاعد (تداعياته بالأساس اقتصادية)، لأنه يطرح قانونًا يمس الأسس التى تقوم عليها الدول الحديثة.