عند رحيله في 28 أكتوبر 1973 كنت في الصف الأول الثانوي، وكنت قد صممت على زيارته في مرضه الأخير مهما حدث، 

ومهما منعوني! وفي ذلك اليوم، وبينما أنا جالس بين إخوتي على مائدة الغداء، أعلن مذيع النشرة بصوت حزين نبأ رحيله عن دنيانا.

وهكذا، وبدلاً من أن تنعم عيني برؤية واحد من أكثر من أحببت في الدنيا فإنها في ذلك اليوم، تعلمت درسها الأول في بكاء الأحباب...

مسـحـراتـي بطبــل عاقـل رزيــن

بانـده على دكتورنـا طه حســين

وكإنـي كنـت معـاه ليـالي زمــان

داخلـين رُواق الجامــع الأزهـــر

متعطريـــن بالمســك والعنــــبر

ومُجـاوِريــن حوالينــا بيكــبّروا

مـــع الأدان ..لمّــــا الأدان كــبّر

.

وكإني شايف صاحبي طه حسين

رَيْعان شباب..

شنب الرجال خضّر

قاعد وساند ضهره جنب العمــود

قاعـد بعيــد مهمـــوم.. وبيفكــــر

شاء العليم اللي طفـا له البصــــر

يجعـل فــي قلبـه نــور بيتفجّـــر

قالـوا: مرضنا

الجهـل .. ولاّ

الفقـــر .. ولاّ

قـال: يا أجِلّه

الاتنـين سوا

دكتورنــا طـه

بـــدر الأهلّـــه

فرش المصلى

النـــور تجـلّى

والجهـل ولّـى

لمـــا نَــــــوى

يـا ألــف مــدنـــه

عـلّـــي أدانــــــك

الليــل بيـمـشـــي

وانتي في مكانك

أدبنـــا جـامـعـــه

وانـت العـمـيــــد

والدنيـا سـامـعـه

صـوت من بعيــد

بيقول: يـا هـادي

أولاد ولادي

العـلــم ليـهــــــم

ميـــه وهــــــــوا

بالطبــله دقه      وبقلبـي دقه

ياللى سامعني    ما تقولش لأ

قاللـي يـا إبني

أشواك طريقي

قطيفـه ناعمـه

لا كنـت تـايــه

ولا كنت أعمى

ديمهـا يـا ربي

واحفظها نعمه

كــان التــاريـخ عـن حقنـا سـاهي

يـا مصـر ليكــي الحــق تتباهـــي

يـا ألف رحمـه يا عـم طـه حسين

وانـا اللـي داير في حواري مصـر

مسحـــراتـي ما خدعنـي الهـــوى

منقوش في قلبي من آيات الذِّكْر

{مَـا ضَـلَّ صَاحِبُكُـمْ، وَمَـا غَــوَى}

اصحى يا نايم 

رمضـان كـريـم