قصة البيجر أكبر بكثير من هجمة تكتيكية فقد خلقت فزعا في الشرق الأوسط

profile
  • clock 24 ديسمبر 2024, 1:33:59 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

آفي أشكنازي - معاريف
الكل يسأل كيف ستعمل إسرائيل ضد الحوثيين في اليمن. 
سينشر في برنامج التحقيقات الصحفية “60 دقيقة” لشبكة “سي.بي.اس” الأمريكية وستبث في “إسرائيل” في شبكة “سلكوم تي.في” قصة عملاء الموساد الذين اعتزلوا مؤخرا، وكانوا جزء من حملة أجهزة البيجر وأجهزة الاتصال ضد حزب الله. فهم يجرون لقاءات صحفية لأول مرة وسيكشفون تفاصيل جديدة عن الحملة السرية التي امتدت على مدى عشر سنوات. أحد العملاء روى بأنهم عندما انهوا الاعداد للحملة كانوا انتقلوا لاعداد الحملة التالية.

القرار بتحرير المعلومات ونشرها لملايين المشاهدين في الولايات المتحدة وفي العالم هو لاجل نقل رسالة خاصة لقادة النظام في طهران، للحوثيين ولكل أعضاء المحور الشيعي الذين لا يزالون يعملون بالإرهاب: إسرائيل ستصل الى كل واحد منهم بشكل ابداعي، من المكان الذي لا يتوقعونه، وستقطع أيديهم في افضل  الأحوال وحياتهم في اسوأئها.

هجمة أجهزة البيجر هي احدى الحملات الأكثر ذكاء التي نفذها عالم الاستخبارات في اي مرة. في كل العالم ذهلوا من القدرة، الإبداعية والذكاء لحملة الموساد. يدور الحديث عن حملة استراتيجية، في ضغطة زر واحدة  نجح في تعطيل بين خُمس ورُبع القوة العسكرية لحزب الله. الهجمة كانت مركبة من سلسلة تفجيرات منسقة لالاف الاستدعاءات ومئات أجهزة الاتصال لنشطاء حزب الله في لبنان وفي سوريا.

الهجمات على أجهزة البيجر وأجهزة الاتصال وقعت في 17 – 18 أيلول من هذا العام وكانت خطوة البدء للمناورة البرية. العملية نفذها كما اسلفنا الموساد. في هذا الهجمة، ما لا يقل عن 59 شخصا قتلوا في لبنان وفي سوريا (منهم أربعة مدنيون) وأصيب نحو 4.500 منهم مئات بجراح خطيرة حتى ميؤوس منها. في اثناء الحملة كان عدد جيش حزب الله يبلغ اقل بقليل من 20 الف مخرب.

الحملة بدأت قبل عقد، عندما خططوا في الموساد تفخيخ أجهزة الاتصال لحزب الله. الاف أجهزة اتصال “ووكي توكي” فخخت بمادة متفجرة. لكن في الجيش الإسرائيلي فهموا بان تفعيل العبوات يمكنه أن يتم فقط في اثناء قتال قوي، حين تكون الأجهزة موضوعة في السترات القتالية على أجساد المخربين. رئيس الموساد دادي برنياع بحث عن سبيل للوصول واصابة اكبر كمية من المخربين، وليس فقط في ميدان المعركة بل وأيضا حين يكونوا يتجولون في الجينز وفي القمصان البيتية. عندها جاءت الفكرة لانتاج أجهزة بيجر توضع في حزام البنطال، وعند قراءة بلاغ مشفر تفعل في وقت واحد يقررونه في إسرائيل. هكذا في العام 2022 بدأت الوحدة الفنية في الموساد تنفذ الحملة.

هنا يمكن الإبحار في الخيال وفي الإبداعية لرجال الموساد. فقد اقاموا شركة فرعية للشركة التايوانية التي تنتج أجهزة البيجر ونجحوا في التغطية على من يقف من خلف شركتهم – أي رجال الموساد. انتاج أجهزة البيجر جرى في إسرائيل. البيجر الجديد كان الجهاز الأكبر، الاثقل والابشع الذي انتج في عالم البيجر. داخل الأجهزة أدخلت مادة متفجرة يفترض أن تعمل حين يصل بلاغ مشفر. لاجل قراءته على المستخدم ان يضغط باصبعين من اليدين على زرين. وعندها فقط يفتح مضمون البلاغ لقراءته.

كان هذا هو هدف رجال الموساد، في أن تكون الإصابة اشد وتخرج المستخدم بشكل كامل عن الأداء بعد الانفجار في كلتي اليدين على الأقل. معظم المصابين فقدوا بصرهم أيضا. بعضهم كما اسلفنا أصيبوا بجراح خطيرة وميؤوس منها وبضع عشرات قتلوا.

السؤال كان كيف نقنع "منظمة إرهاب" عملت كجيش بان تشتري بالذات الأجهزة البشعة، الثقيلة والكبيرة في السوق. الجواب بسيط – رجال الموساد، الذين اختصوا بالتسويق أيضا، عرضوا فضائل الجهاز: فهو الأكثر مصداقية ويمكنه أن يتلقى البلاغات حتى من تحت الماء – في اثناء العرض وضع الجهاز في حوض مليء بالماء. كما رووا بان هذا هو الجهاز الأقوى ولا يمكن تحطيمه حتى بضربات مطرقة.

عندما جاء رئيس الموساد ليعرض الجهاز على رئيس الوزراء قبل أن يحصل على إذنه بالحملة، شكك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بقوة الجهاز. نتنياهو سأل: اذا ما القى بالجهاز الى الحائط في المكتب بقوة، فهل الجهاز سيبقى كاملا ام سيتحطم؟ فاقترح عليه رئيس الموساد دادي برنياع ان يجرب ويرى. فالقى نتنياهو بالجهاز الى الحائط بقوة شديدة والنتيجة ثقب في الحائط في مكتب رئيس الوزراء. بالمناسبة هو موجود حتى اليوم، والبيجر في سلام. فهو حتى لم يتشقق، كما يقول العارفون.

قصة البيجر هي اكبر بكثير من هجمة تكتيكية. فقد خلقت فزعا في طهران، في بيروت، في دمشق وفي أماكن أخرى في الشرق الأوسط. خلق معادلة جديدة – عدو إسرائيل لا يعرف من اين، متى وكيف سيصاب. "إسرائيل" نقلت رسالة لكل العالم في هجمة البيجر. اليوم إسرائيل تؤكد الرسالة. وجدير جدا جدا سماع رجال الموساد الذين يروون بان حملة البيجر ليست الورقة الأخيرة في كمهم.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)