- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
قطر بعد كأس العالم.. نفوذ دولي مدعوم بثروة الغاز
قطر بعد كأس العالم.. نفوذ دولي مدعوم بثروة الغاز
- 7 يوليو 2023, 11:30:06 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
سلطت صحيفة "فايننشال تايمز" الضوء على مستقبل قطر بعد 6 أشهر من تنظيمها لأكبر حدث كروي عالمي، كأس العالم 2022، مشيرة إلى أن المسؤولون بالبلد الخليجي يتحدثون عن انتهاج سياسة خارجية متوازنة ترتكز على الشراكة مع واشنطن.
وذكرت الصحيفة البريطانية، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن التحدي أمام قطر يكمن في تجنب التراخي وإقناع المستثمرين الأجانب بأن الدولة التي يبلغ عدد سكانها 3 ملايين شخص، 400 ألف منهم فقط قطريون، وجهة استثمارية مفضلة.
وقد تكون قدرة الدولة الصغيرة، التي اكتسبت سمعة باعتبارها وسيطًا على مر السنين، على التنقل في العلاقات المتصدعة في المنطقة، أمرًا بالغ الأهمية لمستقبلها، بحسب التقرير، الذي أورد أن رئيس الوزراء القطري، وزير الخارجية، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أكد أن "كأس العالم بداية وليست نهاية".
وتتوقع الدوحة تجديد تأجير الولايات المتحدة لقاعدة العديد الجوية لمدة 10 سنوات أخرى اعتبارًا من عام 2024، مشيرة إلى أن "خط الدفاع الأول لقطر كدولة صغيرة هو دبلوماسيتها والتأكد من أن لديها شراكات استراتيجية قوية مع العديد من البلدان بما في ذلك الولايات المتحدة".
وأورد التقرير أن الانسحاب الفوضوي للولايات المتحدة من أفغانستان في عام 2021 أبرز قيمة الدوحة كحليف قادر على التفاوض مع أعداء الولايات المتحدة بعد استيلاء حركة طالبان على السلطة، مشيرا إلى أن قطر استضافت مكتبا لطالبان منذ عام 2013، ولعبت دورًا أساسيًا في إجلاء الأفغان الذين عملوا مع الولايات المتحدة، بالإضافة إلى آخرين معرضين لأعمال انتقامية.
ومنذ ذلك الحين أصبحت قطر قناة واشنطن للتواصل مع طالبان، ولذا رفع الرئيس الأمريكي، جو بايدن، البلد الخليجي الصغير إلى مستوى "حليف رئيسي من خارج الناتو".
وكواحدة من الدول القليلة التي تتمتع بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة وإيران، تلعب الدوحة دورًا في نقل الرسائل بين إدارة بايدن ونظام الجمهورية الإسلامية، ومع ذلك، لا تزال قطر تتحوط لمستقبلها عبر علاقات وثيقة مع تركيا وروسيا والصين.
فالمسؤولون في الدوحة، لا يزالون غير متأكدين مما إذا كان الانفراج في العلاقات الخليجية مع إيران استراتيجيًا أم تكتيكيًا، كما أن آثار عداء جيرانهم لهم لا تزال كامنة.
ولذا فإن قطر على استعداد لتمييز نفسها عن بعض جيرانها، إذ تستضيف الدوحة مكتباً لحركة حماس الفلسطينية، وقاومت استعادة العلاقات العربية مع رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وهو ما تم تمريره لاحقا بدعم سعودي، كما لا تصنف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية.
ونقلت الصحيفة البريطانية عن مسؤول قطري كبير، لم تسمه: "لقد واجهنا العديد من الأزمات على مر السنين في منطقتنا، وهناك دائمًا خطر حدوث أزمة جديدة (..) هدفنا هو ضمان الاستقرار في منطقتنا والحفاظ على هذه العلاقات مع جيراننا".
وتشير إلى أن قطر سعت، في أعقاب الانتفاضات العربية عام 2011، إلى زيادة نفوذها ودعمت الجماعات الإسلامية من مصر إلى سوريا، وواجهت اتهامات بدعم الجماعات المتطرفة، لكن بحلول الوقت الذي اعتلى فيه الشيخ تميم بن حمد آل ثاني السلطة، كان للدوحة القليل من الأصدقاء في الجوار وكانت علاقاتها مع واشنطن متوترة.
وينقل التقرير عن محللين قولهم إن الأمير الجديد أكثر تحفظًا من والده، الأمير السابق، حمد آل ثاني، ويتمحور حول سياسة خارجية مدروسة بدرجة أكبر.
وهنا يشير مهران كامرافا، الأستاذ بجامعة جورجتاون قطر، إلى أن ضمان بقاء قطر على صلة بالقوى العالمية "هو نوع من استراتيجية البقاء"، مضيفا: "الطريقة التي تؤكد بها أهميتها هي امتلاك شركة طيران عالمية المستوى؛ كونها مركزًا للخدمات اللوجستية والنقل، والمشاركة في جهود الوساطة الإقليمية والحصول على سمعة صانع السلام في منطقة مضطربة".
ولفت كامرافا إلى أن ثروات قطر من الغاز تمنحها الموارد اللازمة "لضمان ملاءمتها" لأهدافها الاستراتيجية، كما تساعدها على تعميق العلاقات من الشرق إلى الغرب.
وفي هذا الإطار، ثمة اتجاه واضح لتوسيع إنتاج قطر من حقل الشمال، وهو أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم، الذي تشترك فيه مع إيران، وذلك مع تصاعد الحرب في أوكرانيا وزيادة الطلب على الغاز الطبيعي المسال.
وأعلنت قطر عن المشروع في عام 2017، قبل أشهر من حصارها إقليميا عبر حملة مقاطعة قادتها السعودية والإمارات ومصر والبحرين، وبوقت كانت الكثير من دول العالم تتحول فيه بعيدًا عن الوقود الأحفوري.
ومن شأن المشروع أن يرفع الطاقة الإنتاجية السنوية للغاز الطبيعي المسال في قطر من 77 مليون طن إلى 126 مليون طن بحلول عام 2027، أي ما يعادل ثلث إجمالي الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال العام الماضي.
ووقعت الصين وألمانيا وبنغلاديش اتفاقيات طويلة الأجل لتأمين شحنات الغاز الطبيعي المسال من الإنتاج القطري الجديد.
وكانت الدول الأوروبية الأخرى أبطأ في الانخراط في اتفاقيات مماثلة، لكن سعد الكعبي، وزير الطاقة القطري، يقول إنه سيبرم صفقات مماثلة مع المملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا هذا العام.
ويضيف الكعبي: "لن تتخلص من الغاز أبدًا (..) الغاز هو وقود وجهة الانتقال الأخضر، سواء أحببنا ذلك أم لا".
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يرفع توسع الغاز الطبيعي المسال الناتج المحلي الإجمالي لقطر بنسبة 5.7% بحلول عام 2027، وأن يضيف حوالي 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عائدات التصدير سنويًا.
ويدعم كل ذلك الثقة في الدوحة، لكن الخطر يكمن في "أنهم (القطريين) يقعون مرة أخرى في فخ الإفراط في التمديد بما يتجاوز قدراتهم"، حسبما يرى كامرافا.
وأردف الأستاذ بجامعة جورجتاون قطر: "لقد استعادوا التباهي بهم. لقد أقاموا كأس عالم ناجحة للغاية، وأصبحوا أقوى بعد الحصار وأقل اعتمادًا على جيرانهم تجاريًا (..) السؤال هو: هل سيترجم هذا إلى غطرسة لا يمكن الدفاع عنها على المدى الطويل؟".