"قمة بلا معجزات".. هل يصبح مؤتمر بغداد 2 نقطة انطلاق للاستقرار الإقليمي؟

profile
  • clock 28 ديسمبر 2022, 12:51:49 ص
  • eye 477
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

في 20 ديسمبر/كانون الأول، استضاف الأردن الدورة الثانية من "مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة"؛ بهدف تعزيز الحوار الإقليمي حول الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية والبيئية في العراق. 

وجمعت القمة بين القادة الإقليميين وممثلي فرنسا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، لاستكشاف أطر التعاون المحتملة بين العراق وجيرانه، وكذلك الشركاء الدوليين.

يشار إلى أن الدورة الأولى من المؤتمر عقدت العام الماضي في بغداد.

ومن منظور عراقي، كان الاجتماع مع ملك الأردن "عبدالله الثاني" والرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" بمثابة خطوة إلى الأمام في التعاون الثلاثي المتزايد بين عمان وبغداد والقاهرة (من المقرر أن تستضيف مصر قمة العام المقبل)، كما كان الاجتماع إنجازًا شخصيًا إيجابيًا لرئيس الوزراء العراقي الجديد. 

ولكن، تم إحراز تقدم ضئيل بشأن تهدئة التصعيد الإقليمي، فقد أظهر المؤتمر عزم إيران على الحفاظ على ارتباطها الوثيق بالعراق، في حين لم يتم عقد أي اجتماع بين الممثلين الإيرانيين والسعوديين. 

أطلق البعض على القمة لقب "قمة بلا معجزات"، وربما مثلت نجاحًا أكبر لأصحاب المصلحة الأوروبيين أكثر من الجهات الفاعلة الإقليمية. ويبدو أن باريس مستعدة للاستثمار في العراق (كوسيلة لإعادة إحياء حضورها في الشرق الأوسط بعد سنوات من انحسار النفوذ)، كما استفادت القمة من الوجود الأوروبي الرفيع بشكل عام.

في هذا المقال، يقيم خبراء شبكة "المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية" نتائج النسخة الثانية من مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة في عمان.

دوافع العراق للاستثمار في الاستقرار الإقليمي

يقول "دلاور علاء الدين"، رئيس مؤسسة الشرق الأوسط للبحوث (ميري)، وهي معنية بالأبحاث السياسية ومقرها في أربيل: "لا يزال العراق يواجه العديد من الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية والبيئية؛ لذلك يحتاج إلى فهم وتعاون كبير من جيرانه".

وأردف: "على سبيل المثال، صعدت إيران وتركيا مؤخرًا هجماتهما ضد المليشيات الكردية في العراق، مما زاد من توتر الأوضاع في المنطقة". وتابع: "ما زالت المشاريع التركية والإيرانية تؤثر على تدفق المياه في أنهار العراق، مما يزيد من تفاقم أزمة المياه في جنوب العراق".

وأضاف: "تريد الحكومة العراقية الجديدة إشراك هذه البلدان بشكل بناء من خلال الدبلوماسية والحوار. بالإضافة إلى ذلك، يحتاج العراق إلى الاستثمارات العربية في بنيته التحتية وكذلك التعاون بشأن إمدادات الطاقة ومواجهة التطرف".

في المقابل، فإن العراق على استعداد للعب دور إيجابي في المنطقة، خاصة في مجال الحوار متعدد الأطراف والوساطة بين المنافسين الإقليميين، بما في ذلك إيران ودول الخليج العربية.

أول اختبار دولي لرئيس الوزراء الجديد 

يرى الباحث "فرانسيسكو سالزيو تشيافي" من قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، أن مؤتمر بغداد الأخير يعد إنجازًا إيجابيًا للعراق، حيث أظهر أن الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية على استعداد للتعاون مع الحكومة العراقية الجديدة. 

وأوضح: "في البداية، كان هناك قلق من الحكومة الجديدة بسبب قلة خبرة محمد شياع السوداني في السياسة الخارجية وقربه من إيران، لكن لاحقا شعر القادة الإقليميون بالارتياح نتيجة التزام السوداني بسياسة سلفه التي كانت موضع تقدير كبير في المنطقة وخارجها". 

وعلى نطاق أوسع، سمحت القمة لـ"السوداني" بتسليط الضوء على بعض القضايا الإقليمية الشائكة التي تؤثر على العراق، بما في ذلك إمدادات المياه والانتهاكات المنتظمة للسيادة العراقية.

ويرى الباحث أن هذا "كان إنجازًا مهمًا لرئيس الوزراء العراقي الجديد، حيث أظهر أداؤه الإيجابي في المؤتمر أنه قادر على تطوير ما حققه سلفه".

تقدم لإطار عمل الثلاثي "عَمان-بغداد-القاهرة"

ترى الكاتبة الصحفية "رشا حلوة" من مركز "رفيق الحريري للشرق الأوسط" التابع للمجلس الأطلسي، أن "مشاركة الأردن في المؤتمر تعكس التزام عمّان القوي بتعميق التكامل الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا". 

وتضيف: "شاركت مصر أيضا في القمة، وهي شريك رئيسي آخر، وتعاونت الدول الثلاث في إطار العمل الثلاثي لاتفاقية عمّان - بغداد - القاهرة منذ عام 2019. وفي الوقت الحالي، تواجه الدول الثلاث تحديات اقتصادية وسياسية واجتماعية وبيئية كبيرة، بما في ذلك الأمن الغذائي وأمن الطاقة وكبح المخدرات، وهي التحديات التي فاقمتها حرب أوكرانيا والتباطؤ الاقتصادي العالمي". 

ومن خلال التعاون في المشاريع وربط أسواقهم وسياساتهم، يمكن لمصر والأردن والعراق وضع الأساس لصوت أقوى وجبهة اقتصادية موحدة. وتمثل الدول الثلاثة معًا سوقًا كبيرًا يضم 150 مليون مواطن ويتخطى الناتج المحلي لهم جميعا 500 مليار دولار.

خطوة مزعجة لطهران؟

وقالت "باربارا سلافين"، مديرة مبادرة مستقبل إيران في المجلس الأطلسي: "كانت التوقعات الإيرانية منخفضة بخصوص هذا المؤتمر، بالنظر إلى التدهور الإضافي في الملف الدولي لإيران بسبب حملة طهران الوحشية ضد الاحتجاجات المحلية وتزويد روسيا بطائرات مسيرة فضلا عن التعثر في المحادثات النووية". 

ولا يبدو أن اجتماع المسؤولين الإيرانيين مع شخصيات كبرى في الاتحاد الأوروبي على هامش القمة لمناقشة الاتفاقية النووية أدى إلى طفرة، بينما تظلت محادثات إيران مع السعودية حول النزاعات الإقليمية متوقفة. 

وأضافت: "لا تزال الحرب في اليمن بدون حل، وتشعر إيران بالتوتر من تزايد العلاقات العربية مع إسرائيل، خاصة مع عودة بنيامين نتنياهو. لذلك لم تشعر إيران بالارتياح من هذه القمة في هذه الظروف".

فرنسا تعيد إطلاق دبلوماسيتها في المنطقة

ترى "جين لو سمعان" الباحثة الأولى في معهد الشرق الأوسط التابع لجامعة سنغافورة الوطنية، والباحثة المشاركة في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية: "يعكس مؤتمر بغداد الثاني رغبة ماكرون في إحياء سياسة فرنسا تجاه الشرق الأوسط بعد سنوات من تراجع النفوذ في جميع أنحاء المنطقة".

وأضافت: "في حين أن الولايات المتحدة تنظر إلى الشرق الأوسط من خلال عدسة منافستها مع الصين، فإن فرنسا حريصة على بناء مقاربتها الدبلوماسية الخاصة، والتي لا تهتم كثيرا بالتنافس بين واشنطن وبكين وتركز على مجالات التعاون بين جميع اللاعبين الإقليميين؛ بما في ذلك إيران". 

ويأتي المؤتمر بعد فترة حاولت خلالها باريس تعزيز علاقاتها مع شركائها في الخليج مثل الإمارات وقطر والسعودية، وكذلك خطة الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" لإنقاذ لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت 2020 (والذي واجه في النهاية مقاومة شرسة من الطبقة السياسية اللبنانية). 

كما يستند المؤتمر أيضًا على العلاقة الفرنسية والعراقية المتنامية، والتي تنطوي على تعاون دبلوماسي وأمني واقتصادي. على سبيل المثال، أبرمت شركة "توتال" الفرنسية صفقة طاقة مع العراق العام الماضي بقيمة 10 مليارات دولار. 

وبالنظر إلى النتائج المحدودة للمؤتمر الأول في عام 2021، ستكون هذه النسخة الثانية اختبارًا مهمًا لقياس قدرة فرنسا على تعزيز دبلوماسيتها التوافقية في الشرق الأوسط.

المصدر | المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية

التعليقات (0)