- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
كاتب إسرائيلي: طهران تمسك زمام المبادرة الإستراتيجية في المنطقة
كاتب إسرائيلي: طهران تمسك زمام المبادرة الإستراتيجية في المنطقة
- 31 يناير 2024, 2:26:10 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بقلم: تسفي برئيل
بعد أقل من يوم على مهاجمة قاعدة للجيش الأمريكي في شمال شرق الأردن من قبل مليشيات مؤيدة لإيران، ما تسبب بموت ثلاثة جنود أمريكيين، تمت مهاجمة قاعدة أخرى في شمال سورية بعدة قذائف أطلقت هي أيضا على يد المليشيات.
في الوقت نفسه تستمر هجمات الحوثيين على وسائل الملاحة التجارية وعلى سفن التحالف البحري في البحر الأحمر، على الرغم من الهجمات الأمريكية على قواعد الحوثيين في اليمن.
الرئيس الأمريكي جو بايدن وعد أول أمس بأن بلاده سترد بشكل قوي وسريع على الهجمات ضدها. في الوقت نفسه المتحدث بلسان البيت الابيض، جون كيربي، أعلن أن الولايات المتحدة لا تريد توسيع المعركة أمام إيران، وسارع إلى الإبلاغ عن المحادثات في باريس بمشاركة رؤساء اجهزة المخابرات بهدف التوصل إلى صفقة جديدة لإطلاق سراح المخطوفين.
هكذا فإن واشنطن تجد نفسها في حرب ثانوية، ثابتة ومرهقة، أمام تنظيمات ومليشيات وليس أمام دول. الحرب تتسبب بأضرار كبيرة لاقتصاد دول المنطقة، التي أدركت أن استعراض الردع الأمريكي لا يحقق أي نتائج حقيقية.
بعض الدول، من بينها مصر والسعودية واتحاد الإمارات، بدأت في خطوات «خاصة»، غير منسقة مع الولايات المتحدة، ليس فقط مع التنظيمات، بل أيضا مع إيران.
أول أمس نشر في موقع «العربي الجديد» أن رجال مخابرات من مصر توجهوا لقيادة الحوثيين وطلبوا منهم الاكتفاء بهجمات متفرقة تكون موجهة فقط ضد السفن التي لها علاقة بإسرائيل، والإعلان بشكل علني عن نيتهم المس بهذه السفن فقط.
أيضا طلبوا منهم تقديم ضمانات علنية بأن السفن الأخرى لن يتم المس بها. هذا الطلب كان من أجل تقليص حجم الأضرار التي أصابت الملاحة في البحر الأحمر، بالأساس مصر، بعد أن انخفضت حركة الملاحة في قناة السويس 40 في المئة تقريباً.
وحسب هذا التقرير فان الحوثيين رفضوا هذا الطلب رغم حقيقة أن إيران كانت مشاركة في المحادثات، وأن مصر ليست عضواً في التحالف البحري الذي شكلته الولايات المتحدة لضمان الملاحة في البحر الأحمر.
السعودية من ناحيتها تواصل القيام بالخطوات الدبلوماسية التي تهدف الى الدفع قدماً باتفاق السلام بينها وبين اليمن الحوثي، هذا بعد أن تم التوصل الى خطة متفق عليها تسمح بالاستخدام الكامل لميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون، والذي كان تحت الحصار طوال سنوات الحرب، وأيضا تشغيل مطار صنعاء.
اضافة الى ذلك الخطة تشمل مساعدات اقتصادية من السعودية تشمل، ضمن أمور أخرى، دفع الرواتب التي يجب على حكومة اليمن الرسمية أن تدفعها لموظفيها الذين يعملون في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
هذا الاتفاق غير النهائي يوفر في هذه الأثناء للسعودية مظلة حماية من هجمات الحوثيين، والافتراض هو أن إيران، التي أعلنت أنها غير مسؤولة عن نشاطات الحوثيين ونشاطات المليشيات المؤيدة لها، هي التي تعطي للسعودية الضمانات كي لا تتم مهاجمتها.
دولة الامارات كانت الدولة الأولى التي حمت ظهرها من هجمات الحوثيين. فقد قامت بسحب قواتها من اليمن في نهاية 2019 ووقعت على عدة اتفاقات تعاون مع إيران، وفي صيف 2021 استأنفت العلاقات الدبلوماسية معها بشكل كامل.
قطر هي حليفة قديمة لإيران، ليس فقط بفضل الشراكة بين الدولتين في حقل الغاز الأكبر في العالم، «فارس الجنوبي»؛ الذي وقعت الدولتان على اتفاق لاستمرار تطويره في أيار السنة الماضية بمبلغ 10 مليارات دولار.
وقد كانت إيران وتركيا هما أنبوب الأوكسجين الرئيس لقطر عندما كانت تحت الحصار الاقتصادي الخانق الذي فرضته عليها السعودية والإمارات ومصر والبحرين في العام 2017 الذي استمر أربع سنوات.
غطاء العلاقات، الذي نسجته إيران مع دول الخليج، والذي كانت ذروته في آذار 2023 عندما استأنفت علاقاتها الدبلوماسية مع السعودية الى جانب جس النبض لاستئناف علاقاتها مع مصر، يخلق حزام أمان الذي يعتبر جزءا من معادلة الردع التي تحاول الولايات المتحدة إقامتها بعد انتهاء الحرب في قطاع غزة. النتيجة هي أن أي عملية تنوي واشنطن القيام بها ضد إيران تواجه بحاجز الدفاع الذي توفره لها دول الغلاف العربية.
ميزان الردع هذا توجد له أيضا جوانب سياسية. فعندما قررت الولايات المتحدة مهاجمة قواعد المليشيات الشيعية في العراق، بعد أن هاجمت الاخيرة 150 هدفا أمريكيا في سورية وفي العراق منذ بداية الحرب، رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني طلب من الإدارة الأمريكية سحب الـ 2500 جندي أمريكي من العراق.
الولايات المتحدة في البداية ردت بأنها لا تنوي سحب قواتها، وأنها تتواجد في العراق في إطار الحرب ضد داعش. لكن في يوم السبت الماضي تم عقد الجلسة الأولى للطواقم المهنية، العراقية والأمريكية، من أجل مناقشة الجدول الزمني وترتيبات انسحاب القوات.
إذا تم الاتفاق على انسحاب القوات فان هذا سيعتبر نجاحا فعليا للمليشيات المؤيدة لإيران ولإيران بشكل عام. وهذا يمكن أن يكون له تأثير على طلب انسحاب القوات الأمريكية أيضاً من سورية، حيث يتواجد هناك نحو 900 جندي أمريكي.
الولايات المتحدة تعمل في سورية بالتعاون مع الأكراد كجزء من الحرب ضد داعش، وخلال ذلك تقدم الحماية للأكراد من توق سورية إلى تعميق سيطرتها على الأقاليم الكردية في سورية.
في شرنقة العلاقات هذه التي تقيد قدرتها على الرد الكامل والمباشر ضد إيران فان واشنطن تحاول التفاوض مع طهران حول تهدئة المنطقة.
في 8 كانون الثاني قال السفير الإيراني في سورية، حسين اكبري، في إحدى المقابلات بأنه «قبل عشرة أيام أرسلت الولايات المتحدة رسالة لإيران بواسطة دولة خليجية، (لم يذكر اسمها) تفيد بأن واشنطن معنية بتسوية شاملة في المنطقة، وليس فقط التوصل إلى حلول جزئية».
إذا كانت هذه الأقوال صحيحة، لم يتم نفيها حتى الآن، فان هذه الخطوة تتجاوز الرسائل التي تم إرسالها لطهران بواسطة سفارة سويسرا في طهران والتي تمثل الولايات المتحدة. حتى الآن تم نقل بالأساس تحذيرات وتهديدات ضد أي تدخل عسكري إيراني في نشاطات في المنطقة.
تقارير أخرى تتحدث عن أن التدخل الدبلوماسي الكثيف من قبل السعودية، سلطنة عُمان وقطر، ينقل الرسائل بين إيران والولايات المتحدة. السعودية تشارك أيضا في العملية السياسية في لبنان التي تهدف إلى إنقاذ الدولة من الأزمة السياسية والاقتصادية الموجودة فيها منذ 2019.
يبدو أن الرياض قد تحولت إلى شريكة في الحوار مع طهران، وأنها ستكون مستعدة أيضا لتليين المواقف فيما يتعلق بحزب الله، طالما أن هذا الأمر مطلوب من أجل التوصل إلى مصالحة سياسية حول تعيين الرئيس وتشكيل حكومة جديدة في لبنان؛ من أجل تسوية قضية الحدود بين إسرائيل ولبنان بصورة تبعد تهديد المواجهة الواسعة بين إسرائيل وحزب الله.
المشكلة هي أن هذه التطورات، التي هي وليدة الحرب في غزة، جاءت لتجد الولايات المتحدة بدون خطة منظمة. فهي تلزمها بتحديد إستراتيجيتها حسب ردود إيران ونشاطات المليشيات التي تخلق بواسطة الهجمات التكتيكية واقعاً سياسياً جديداً.
عن «هآرتس»