- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
كانت أول مسؤولة أمريكية تلتقي به..أولبرايت تستذكر بوتين "البارد مثل الزواحف" وتحذره
كانت أول مسؤولة أمريكية تلتقي به..أولبرايت تستذكر بوتين "البارد مثل الزواحف" وتحذره
- 23 فبراير 2022, 4:10:21 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
قالت وزيرة الخارجية الأمريكية ما بين (1997- 2001)، مادلين أولبرايت، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرتكب خطأ تاريخيا.
وذكرت في مقال نشرته بصحيفة “نيويورك تايمز” أنها كانت أول مسؤولة أمريكية بارزة تلتقي بداية عام 2000 مع بوتين في عاصمته الجديدة وكقائم بأعمال الرئيس. و”لم نكن نعرف في ذلك الوقت، نحن في إدارة كلينتون الكثير عنه. غير أنه بدأ حياته العملية في كي جي بي (وكالة الاستخبارات السوفييتية). وكنت أرغب بأن يساعدني اللقاء على وزن الرجل وتقييم ما يعني صعوده المفاجئ إلى السلطة للعلاقات الأمريكية-الروسية والتي تدهورت وسط الحرب في الشيشان” و”جلست خلف طاولة صغيرة تفصل بيني وبينه ودهشت على الفور للتناقض بينه وبين سلفه المتباهي بوريس يلتسين”.
وفي الوقت الذي كان فيه يليتسين يتحدث متملقا ومجاملا ومتوددا إلا أن بوتين كان يتحدث بدون عاطفة وبدون ملاحظات حول إصراره على إحياء الاقتصاد الروسي وسحق المتمردين الشيشان.
وسجلت أولبرايت انطباعها عن بوتين بعد عودتها إلى واشنطن قائلة “بوتين بدا صغير الحجم وشاحبا” و “بارداً جدا لدرجة أشبه بالزواحف” و “زعم أنه يفهم سبب انهيار جدران برلين لكنه لم يكن يتوقع انهيارا كاملا للاتحاد السوفييتي” و”يشعر بالخجل لما حدث لبلده وهو مصمم على إحياء مجده”.
وتقول إنها تذكرت كل هذا عندما حشد بوتين قواته على الحدود الأوكرانية في الأشهر الأخيرة. وبعد وصفه في خطاب متلفز أوكرانيا بالبلد الزائف أصدر مرسوما اعترف فيه بمنطقتين منفصلتين في أوكرانيا وأرسل قواته إلى هناك.
وتقول أولبرايت إن رؤية بوتين التصحيحية وتأكيده على أن أوكرانيا هي “مخلوق روسي بالكامل” وأنها سرقت من الإمبراطورية الروسية، في تواصل مع رؤيته المنحرفة للتاريخ، وما أثار قلق المسؤولة السابقة هي محاولة بوتين خلق ذريعة لشن غزو شامل. و “لو فعل هذا فسيكون خطأ تاريخيا”.
وتعلق أولبرايت أنه ومنذ لقائها مع بوتين قبل عشرين عاما، خط طريقه في الحكم بالتخلي عن التطورات الديمقراطية ومتبعا أساليب ومبادئ ستالين. وجمع السلطات السياسية والاقتصادية لنفسه، واحتوى أو سحق المنافسين المحتملين، وبنفس الوقت واصل جهوده لإعادة بناء مجال الهيمنة الروسية في أنحاء الاتحاد السوفييتي السابق.
ومثل بقية الحكام الديكتاتوريين فقد ساوى سلامته بسلامة أمته والمعارضة بالخيانة. وهو متأكد من أن الأمريكيين يعكسون استخفافه وشهوته للسلطة، وفي عالم يكذب فيه الجميع فهو ليس مضطرا لقول الحقيقة. ولاعتقاده أن الولايات المتحدة تهيمن على منطقتها فهو يرى أن روسيا لها الحق نفسه.
وعلى مدى سنوات حاول بوتين صقل سمعة بلاده الدولية ووسع قوتها العسكرية وقوتها الاقتصادية وحاول إضعاف الناتو وتقسيم أوروبا، ودق إسفينا بينها وبين الولايات المتحدة. وكانت أوكرانيا حاضرة في كل هذا.
وبدلا من تعبيد الطريق لعظمة روسيا، فإن غزو أوكرانيا سيدخل بوتين في سجل العار ويخلف بلاده معزولة دبلوماسية ومنهارة اقتصاديا واستراتيجيا وعرضة للضعف أمام تحالف أقوى وموحد.
وتحرك بهذا الاتجاه عندما أعلن يوم الإثنين عن اعترافه بجيبين منفصلين في أوكرانيا وأرسل قوات “حفظ السلام” إلى هناك. ويطلب من أوكرانيا الآن الاعتراف بضم القرم والتخلي عن أسلحتها المتقدمة. وأدت تحركات بوتين لعقوبات كبيرة، وأخرى قادمة لو قرر القيام بغزو شامل وحاول السيطرة على كل البلاد. ولن يدمر هذا اقتصاده، بل الأتباع الفاسدين والمقربين منه والذين قد يتحدون سلطته.
وما هو مؤكد أن الغزو سيجفف مصادر الثروة الروسية ويؤدي لخسارة أرواح، وسيمنح الدول الأوروبية الحافز لوقف اعتمادها على الغاز الطبيعي الروسي، وقد بدأ هذا من خلال إعلان المستشار الألماني أولاف شولتز عن تعليق خط نورد ستريم2. وفعل كهذا سيدفع الناتو لتعزيز جبهته الشرقية ووضع قوات دائمة في دول البلطيق، بولندا ورومانيا.
وأعلن الرئيس جوي بايدن يوم الثلاثاء عن تحريك قوات جديدة إلى البلطيق. كما سيؤدي الغزو لمقاومة شديدة من الأوكرانيين وبدعم ثابت من الغرب. ويتم التداول في الكونغرس بشأن قرار يسمح بتزويد أوكرانيا بأسلحة قاتلة. وسيكون سيناريو أبعد من ضم شبه جزيرة القرم عام 2014، بل ويذكر بالاحتلال الروسي الفاشل لأفغانستان في ثمانينات القرن الماضي.
ووضح بايدن وقادة الغرب كل هذا عبر دبلوماسية شرسة.
ولو كان الغرب قادرا على ردع بوتين -وهو أمر ليس مؤكدا- فمن المهم التذكر أن خيار التنافس الذي تبناه ليس لعبة شطرنج، ولكن جودو. وعلينا توقع استمراره في البحث عن فرصة وزيادة ورقة نفوذه والضرب في المستقبل. والأمر يعود للولايات المتحدة وأصدقائها لحرمانه من هذه الفرصة عبر الدبلوماسية القوية المستمرة والدعم الاقتصادي والعسكري الدائم لأوكرانيا.
ومن تجربة الكاتبة مع بوتين، فهو لن يعترف أبدا بارتكاب خطأ، إلا أنه أظهر صبرا وبراغماتية. وهو واع أن المواجهة الأخيرة تركته معتمدا أكثر على الصين، كما ويعرف أن روسيا لن تزدهر بدون علاقات من نوع ما مع الغرب. وأخبرها بوتين “بالتأكيد، أحب الطعام الصيني، ومثير أن تستخدم عيدان الطعام”، مضيفا “هذا أمر تافه، وليست هذه عقليتنا، التي هي أوروبية، ويجب أن تظل روسيا جزءا من الغرب”.
ويجب على بوتين معرفة أن حربا باردة ثانية قد لا تكون جيدة لبلاده حتى مع امتلاكها الأسلحة النووية. فحلفاء أقوياء لأمريكا يمكن العثور عليهم في كل قارة، أما أصدقاء بوتين فيضمون أمثال بشار الأسد وألكسندر لوكاشينكو وكيم جونغ- أون. ولو وجد بوتين نفسه محشورا في الزاوية فما عليه إلا لوم نفسه.
لو كان الغرب قادرا على ردع بوتين -وهو أمر ليس مؤكدا- فمن المهم التذكر أن خيار التنافس الذي تبناه ليس لعبة شطرنج، ولكن جودو
وكما قال بايدن فإن أمريكا لا رغبة لها لزعزعة استقرار روسيا أو حرمانها من الطموحات الشرعية. ولهذا السبب عرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها التعاون مع موسكو في عدد من القضايا الأمنية.
ويجب على الولايات المتحدة التأكيد لروسيا ضرورة التصرف بناء على معايير القانون الدولي التي تلتزم بها كل دولة. ويحلو لبوتين وصديقه شي جين بينغ القول إننا نعيش اليوم في عالم متعدد الأقطاب، ومع أن هذا واضح، لكن لا يعطي القوى الحق لقصقصة العالم إلى مجالات تأثير كما فعلت الإمبراطوريات الاستعمارية سابقا. وللأوكرانيين الحق بالسيادة أيا كان جيرانهم. وفي العصر الحديث، على الدول الكبرى القبول بهذا، ويجب على بوتين أيضا.