- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
كلمة الدكتور جورج الحبش في المخيمات الفلسطينية عيد العمال ١٩٧٠
كلمة الدكتور جورج الحبش في المخيمات الفلسطينية عيد العمال ١٩٧٠
- 2 مايو 2021, 4:14:12 م
- 1360
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الحكيم د.چورچ حبش في عيد العمّال 1970 "مخيَّم العودة في مهرجان حاشد أقامه تنظيم الجبهة الشعبيَّة لتحرير فلسطين
أيّها الرفاق العمَّال، أيّها الأخوة المواطنون:
نُقيم هذا المهرجان احتفالًا بعيد العمّال. وقد يقول البعض، وقد قيل لنا فعلًا، "ما شأنكم والعمَّال؟ وما شأن العمل الفدائيّ والعمَّال؟ وما شأن الجبهة الشعبيَّة لتحرير فلسطين وشأن العمَّال؟" إنَّ الجبهة الشعبيَّة لتحرير فلسطين تحتفل بهذا العيد، عيد العمَّال، انسجامًا مع خطِّها السياسيّ ورؤيتها السياسيَّة لمعركة التحرير. نحتفل بعيد العمَّال لأنَّنا نؤمن أنَّ الطبقة العاملة هي مادّة ثورة التحرير. نحتفل بعيد العمَّال لأنَّنا نؤمن أنَّ الطبقة العاملة هي قيادة ثورة التحرير، ومن خلال نظريَّتها ومواقفها ومفاهيمها فقط يمكن أن يتمّ النصر وأن يتمّ التحرير. لهذا نحتفل بعيد العمَّال.
أيّها الأخوة المواطنون: هذه العبارات التي نُطلقها أو نكتبها أو نتحدَّث بها حول الطبقة العاملة ــــ والتي تتلخَّص بأنَّ الطبقة العاملة هي مادَّة الثورة أوَّلًا، وقيادة الثورة ثانيًا، ولا يمكن أن يتمّ التحرير إلَّا من خلال نظريَّتها ومواقفها ومفاهيمها ــــ هل هذه العبارات بالنسبة لنا مجرَّد عبارات؟ مجرَّد كلمات؟ مجرَّد فذلكات أخذناها من الكتب نتلهّى بها وندغدغ بها عواطفَ الجماهير؟
إنّني أُعلن هنا باسم الجبهة الشعبيَّة لتحرير فلسطين، باسم مقاتليها وتنظيمها السياسيّ ولجنتها المركزيَّة، أنّ هذه الشعارات التي نُطلقها ليست بالنسبة لنا كلامًا للفذلكة. إنّها بالنسبة لنا كلام علمي، وثوريّ نؤمن به عن قناعة راسخة، تؤيِّده تجاربُ الثورات الكبرى في العالم أوَّلًا، وتؤيِّده تجاربُنا في فلسطين ثانيًا، ويؤيِّده الواقعُ الذي نعيشه اليوم ثالثًا.
لماذا الطبقة العاملة هي مادَّة الثورة؟
لماذا الطبقة العاملة هي قيادة الثورة؟
لماذا نقول إنّه من خلال نظريَّة الطبقة العاملة فقط يمكن أن تنتصر الثورة؟
ما هي الثورة؟
قد نُعطي للثورة مائة تعريف وتعريف، غير أنَّ كلّ هذه التعاريف لا تغيِّر من جوهرها الأساسيّ الواحد. كلّ ثورة في التاريخ هي ثورة المستغَلّين ضدّ المستغِلِّين، ثورة المظلومين ضدّ الظالمين، ثورة الفقراء والتعساء ضدّ الذين يسبِّبون لهم الفقرَ والتعاسةَ والشقاء. كلّ ثورة في التاريخ هي ثورة ضدّ اضطهاد قوميّ أو اضطهاد طبقيّ.
إذا كانت هذه هي الثورة، فما هي إذن رؤيتنا السياسيَّة لثورة التحرير الفلسطينيَّة؟ من الذي يثور وضدّ من يثور؟ من هم المستغِلُّون الذين يستغلُّون شعبنا، ومن هم المستغَلُّون؟ ما هي الصورة؟ إنَّ الصورة أيُّها الأخوة واضحة أمامنا: في نهاية القرن التاسع عشر، مجموعة من الرأسماليّين اليهود، مستندة إلى نموّ الحركة الرأسماليَّة في العالم، ومتحالفة مع الرأسماليَّة العالميَّة، ومستفيدة من اضطهاد جماهير اليهود، خطَّطتْ لمشروعٍ رأت أنّها عن طريقه تستطيع أن تثبّتَ استغلالَها وتنمِّي رساميلَها وتستمرّ في عمليّة استغلالها للطبقات الفقيرة والشعوب الفقيرة. كما خطَّطتْ لإنشاء دولة يهوديَّة صهيونيَّة في فلسطين، وتحالفتْ مع الرأسماليَّة العالميَّة، وبقيتْ تعمل حتّى استطاعت في عام 1948 أن تُقيم في وطننا دولةَ "إسرائيل" العدوانيَّة مستندةً إلى قوَّة الإمبرياليَّة العالميَّة.
ولكي تحافظ "إسرائيل" والصهيونيَّة والإمبرياليَّة على كلّ مصالحها ونفوذها، وحتّى تبقى جماهيرُ شعبنا مقيّدةً، غيرَ قادرة على الثورة وغيرَ قادرة على مقارعة الاستغلال، فهي تُوجِد من بيننا طبقةٌ، تُعطيها بعضَ فُتات المائدة، وتشاركها في المصالح. هذه الطبقة هي الطبقة الرأسماليَّة الرجعيَّة التي تصبح مسؤولة عن تكبيل الشعب وتكبيل حركته.
الصورة واضحة في معركة التحرير الفلسطينيَّة: "إسرائيل" والصهيونيَّة والإمبرياليَّة والرجعيَّة العربيَّة، هذا هو التحالف الرباعي الإسرائيليّ الصهيونيّ الإمبرياليّ الرجعيّ القذر المجرم المستغِلّ، الذي يستغلّ جماهيرَ شعبنا وأبناءَ شعبنا.
أيّها الأخوة المواطنون:
مقابل هذا الحلف المستغِلّ، ماذا نجد؟
نجد جماهيرَ شعبنا الفلسطينيّ التي شُرِّدتْ من وطنها وطُرِدَتْ. ونجد أيضًا جماهير الشعب العربيّ المستغَلَّة التي يهدِّدها الخطرُ نفسُه. ولكنّنا نُضيف إلى ذلك أنّه، وسط هذه الصورة الجماهيريَّة العامَّة، فإنّ الطبقة العاملة هي الطبقة التي تُعاني أشدّ ما يكون من هذا الاستغلال؛ وبالتالي تكون هي نارَ الثورة، شعلةَ الثورة.
من هنا نقول إنّ الطبقة العاملة هي مادَّة الثورة. لماذا الطبقة العاملة؟ الجواب لأنّ الطبقة العاملة هي التي تُعاني أشدّ ما يكون من طغمة الاستغلال؛ لأنّ الطبقة العاملة هي التي لا تملك شيئًا، لا تملك أيّة وسيلة من وسائل الإنتاج، لا تملك رأس المال، لا تملك الأرض، لا تملك الآلة ولا تملك أيّ شيء على الإطلاق. الشيء الوحيد الذي تملكه هو سواعدُها، عرقُها، وجودُها فقط. وطريقتها الوحيدة في الحياة في ظلِّ أوضاعٍ استعماريَّة مستغلّة غير إنسانيَّة، هي أن تبيع قوَّةَ عملها هذه بأبخس الأثمان. هذه الطبقة التي تعيش يوميًّا تحت وطأة الاستغلال هي مادّة الثورة، هي نار الثورة، هي الطبقة الوحيدة التي تستطيع أن تقود الثورة.