- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
كيف توظف تايوان الدبلوماسية في مواجهة الصين؟
كيف توظف تايوان الدبلوماسية في مواجهة الصين؟
- 2 نوفمبر 2022, 8:47:34 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
على الرغم من بلوغ عدد سكان تايوان 23 مليون نسمة، ومساحتها 36000 كيلومتر مربع تقريباً، وتمتلك حكومة وطنية منتخبة ديمقراطياً، وتُلبِّي ثلاثاً من الخصائص التقليدية الأربعة للدولة القومية؛ فإن السمة الرابعة الحاسمة، هي “السيادة”، لا تزال محل نزاع إلى الآن؛ لذلك تسعى تايوان إلى تقوية أدواتها الدبلوماسية لتعزيز حضورها على الساحة الدولية، لكنها غالباً ما تخسر أمام الصين، أو تضطر إلى التنازل في العديد من المعارك. ومع ذلك تستمر تابيه في السعي لزيادة تمثيلها في بعض المنظمات الحكومية الدولية، والمشاركة في الأحداث الدولية بما في ذلك الألعاب الأولمبية. وفي كثير من الأحيان، تفعل ذلك باستخدام حيل مختلفة، فتسمي نفسها “كياناً” بدلاً من “دولة”، أو تستخدم اسمها الرسمي أو اشتقاقاً منه، أو تحت اسم منظمة، وغير ذلك فقط لمواجهة النفوذ الصيني.
ولا شك أن الورقة التايوانية حاضرة بشكل متزايد في الصراع الأمريكي–الصيني على مدار السنوات، إلا أن استجابة تايوان لضغط بكين الدبلوماسي تباينت بشكل ملحوظ وفق حدة التوترات على الساحة الدولية، لكن الجدير بالملاحظة أن السياسة الخارجية التايوانية تشهد اليوم نمواً ملحوظاً؛ ليس من الناحية الكمية، بل من الناحية الكيفية، وهو ما يعكس تفوُّق تايوان في استخدام أداة الدبلوماسية بجدارة للخروج من عباءة الصين، وأشارت إلى ذلك رئيسة تايوان “تساي إنج وين”، في خطابها في اليوم الوطني لتايوان في 10 أكتوبر الماضي، قائلةً: “تحظى تايوان الآن باهتمام دولي أكثر من أي وقت مضى”.
أهداف رئيسية
بدأ التنافس الدبلوماسي بين الزعماء الشيوعيين حول تمثيل الصين منذ نهاية الحرب الأهلية الصينية في عام 1949. عندما بدا انتصار الحزب الشيوعي الصيني أمراً لا مفر منه، رفض حزب الكومينتانج (KMT) – وهو حزب سياسي بقيادة “تشيانج كاي شيك” – الاعتراف بانتصار الحزب الشيوعي الصيني وجمهورية الصين الشعبية المُشكلة حديثاً تحت حكم الحزب بقيادة “ماو تسي تونج”، ولجأ إلى جزيرة تايوان؛ لذلك أُجبرت الدول الأخرى على اختيار جانب والاعتراف إما بتايوان أو جمهورية الصين؛ لذلك لا تعترف الكثير من الدول باستقلالية تايوان؛ حيث كان معظم المجتمع الدولي غير متأكد مما يجب فعله بالجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي. وفي هذا السياق، يمكن القول إن النشاط الدبلوماسي لتايوان يرتبط بعدد من المحفزات الرئيسية:
1- تجنب العزلة الدولية المفروضة من الصين: تتصل التحركات التايوانية في المقام الأول بمساعي التخلص من القيود الانعزالية التي حاولت بكين فرضها عليها خلال العقود الماضية؛ فخلال عقد التسعينيات وصفت تايوان سياسات الصين في هذا الصدد، بأنها تقوم على استنفاد الدول التي تعترف بتايبيه، واستنفاد الفضاء السياسي الدولي لتايوان، واستنفاد أوراق المساومة التايوانية. وعليه حددت بكين قضية تايوان كأحد الخطوط الحمراء والمحاذير الاستراتيجية في علاقاتها بالأطراف الدولية الأخرى.
وتفاقمت محاولات الصين لتحجيم التحركات الخارجية لتايوان عقب انتخاب “تساي إنج وين” رئيسةً لتايوان في يناير 2016؛ حيث انتهت الهدنة الدبلوماسية، وأصبحت الخريطة العالمية مرةً أخرى قائمةً على الاستقطاب. ومنذ ذلك الحين، أقنعت الصين ثماني دول أخرى بتحويل اعترافها الدبلوماسي إلى جمهورية الصين الشعبية. ومن ثم، فإن هناك اليوم 14 دولة ومنطقة تعترف بتايوان؛ وذلك بحسب الموقع الرسمي لوزارة الخارجية التايوانية. كما سعت الصين إلى تقييد مشاركة تايوان في المنظمات الدولية؛ فاعتباراً من عام 2022، تم سحب هذا الامتياز أيضاً، وعارضت الصين مشاركة تايوان في الحوكمة الدولية، حتى في الأمور غير السياسية ظاهرياً مثل سلامة الطيران، وكذلك في أن تكون عضواً في منظمة الأمم المتحدة أو أيٍّ من وكالاتها المتخصصة.
2- توطيد العلاقات بالقوى الدولية الرئيسية: تحاول تايوان من خلال تحركاتها الدبلوماسية تعزيز علاقاتها بالقوى الدولية الرئيسية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة والدول الأوروبية وبريطانيا؛ حيث تبنت هذه القوى الدولية على مدار السنوات الماضية خطاباً داعماً لتايوان، كما قام العديد من المسؤولين الغربيين، على غرار رئيسة مجلس النواب الأمريكي “نانسي بيلوسي”، بزيارة تايوان لتقديم الدعم السياسي لها في مواجهة الصين. علاوةً على ذلك ظلت تايوان ورقة توظفها الدول الغربية في إدارة علاقاتها مع الصين والضغط على تحركاتها في منطقة الهندو–باسيفيك.
3- تأكيد مكانة تايوان في الاقتصاد العالمي: مع احتدام المناقشات حول إعادة رسم سلاسل التوريد العالمية لتقليل الاعتماد على الصين وروسيا، سعت تايوان إلى استغلال هيمنتها في مجال تصنيع أشباه الموصلات لإيجاد مقعد على طاولة المفاوضات. وبالفعل يمكن لتايوان الاستفادة من الدور الحيوي الذي تلعبه شركاتها في سلاسل التوريد العالمية استناداً إلى الاتصال الموثوق به لتوسيع مساحة التفاوض الخاصة بها؛ فحسب إحصائيات الربع الأخير من 2021 حازت تايوان وحدها 65% من سوق “أشباه الموصلات”، واحتلت المركز الأول بصفة أكبر منتج للرقائق الإلكترونية، بينما تراجعت الصين، التي يعاني اقتصادها توقفات كثيرة من جراء توالي اكتشاف بؤر جديدة لكورونا، فأتت رابعةً؛ إذ حازت 6% من هذه السوق.
أدوات دبلوماسية
على الرغم من التفوق الدبلوماسي لتايوان، فإنها تواجه أزمة هوية وجودية يمكن أن تتعدى عواقبها المنطقة؛ حيث تقع الجزيرة بين سيادتين: سيادة داخلية وهي آمنة في هويتها كدولة ديمقراطية وقوة اقتصادية، لكنها في الوقت نفسه، تتمتع بسيادة دولية غير مؤكدة وغير آمنة في معركة أكبر مع الصين حول تلك الهوية. ولمواجهة هذا التحدي، تباينت استجابة تايوان لضغط بكين الدبلوماسي على مدار السنوات؛ حيث تبنت العديد من الاستراتيجيات الدبلوماسية، يتمثل أبرزها فيما يلي:
1- التوسع في دبلوماسية “دفتر الشيكات”: كان جزء من استراتيجية تايوان في العقود الماضية هو التنافس مع بكين بالدولار مقابل الدولار؛ حيث تمول تايوان النخب المحلية والمشاريع السياسية في البلدان التي اعترفت بها رسمياً. وفي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، استخدمت ثقلها الاقتصادي النسبي للحصول على حلفاء. وفي غضون سنوات قليلة، لعب وضعها كمستثمر ومانح دوراً مهماً في تشكيل هذه الاستراتيجية.
وتجلى هذا التوجه مع التطور الحادث في الآونة الأخيرة في العلاقات بين تايوان وليتوانيا؛ إذ سعت تايوان إلى تقديم الدعم الهائل لليتوانيا، وأعلنت تايوان، في شهر يناير الماضي، عن إطلاق صندوق بقيمة مئتي مليون دولار للاستثمار في ليتوانيا، بالإضافة إلى إطلاق برنامج بقيمة مليار دولار لتمويل مشروعات مشتركة بين الدولتين، علاوة على ذلك، فقد تم تدشين حملة داخل تايوان لتشجيع المنتجات الليتوانية داخل تايوان.
2- تجنب التركيز الحصري على العلاقات الدبلوماسية الرسمية: ارتبط هذا التوجه بالاستراتيجية الدولية المرنة التي تبنتها تايوان خلال السنوات الماضية، وخاصةً منذ عام 1999، حينما أصدر الحزب الديمقراطي التقدمي ذو الميول الليبرالية ورقة بيضاء تحدد استراتيجية جديدة تعكس الكثير من استراتيجية السياسة الخارجية الحالية لتايوان. وفي هذا الإطار، باتت تايوان مقتنعة بأن “التفاعل بين الدول لم يعد يعتمد على الحفاظ على العلاقات الرسمية وغير الرسمية فقط”؛ لذلك ينصب تركيز تايوان الآن على بناء علاقات جوهرية غير رسمية مع الدول الكبرى وتوسيع علاقات المجتمع المدني، وقد سعت إلى إبرام اتفاقيات تعاون اقتصادي مع قوى مهمة مثل الولايات المتحدة والهند.
كما سمحت منتديات مثل “إطار التعاون العالمي والتدريب” (GCTF)، التي شاركت في تأسيسها مع الولايات المتحدة في عام 2015، لتايوان بالتعاون مع الشركاء الدوليين في القضايا الرئيسية مثل مكافحة المعلومات المضللة والجرائم الإلكترونية، وتعزيز التنمية، كدفعة لسياستها الخارجية. كذلك تلعب المنظمات مثل مؤسسة “تايوان للديمقراطية” و”صندوق التعاون الدولي والتنمية” دوراً رئيسياً في تمكين تايوان من تكوين روابط عالمية غير رسمية.
3- التعاون مع المنظمات والهيئات الدولية: وتسمى هذه الاستراتيجية “كما لو”؛ حيث تعمل تايوان كما لو كانت عضواً معترفاً به تماماً في المجتمع الدولي؛ وذلك أملاً في زيادة قدرة تايوان على التصرف كعضو في نظام مفتوح بشكل أساسي أو حصري للدول؛ ما يؤدي إلى زيادة الأمل في الحصول على مزايا الدولة (أو وضع شبه الدولة) في النظام الدولي.
لذلك سعت تايوان إلى الحصول على عضوية أو وضع مراقب في المنظمات الدولية، ولا سيما منظمة الصحة العالمية ومنظمة الطيران المدني الدولي والإنتربول. ويشير الموقع الرسمي للحكومة التايوانية إلى أنها تتمتع بالعضوية الكاملة في 40 منظمة حكومية دولية وفروعها، وحالة مراقب (أو ما يشبه ذلك) في 25 منظمة دولية أخرى. ووفقاً لمؤشر الدبلوماسية العالمية التابع لمعهد Lowy، يوجد في تايوان أيضاً 111 مكتباً تمثيلياً في الخارج؛ ما يجعلها متقدمة على دول مثل ماليزيا وإسرائيل والنرويج.
4- تطوير آليات العمل الدبلوماسي غير التقليدي: وهو ما يتضمن مجالات منفصلة من النشاط الدبلوماسي، وفي مقدمتها ما يعرف بـ”دبلوماسية الجوار”، التي تصل إلى القوى الوسطى في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، وهي محاولة لتوسيع مصادر تايوان للدعم الدبلوماسي. ومن ثم، فإن توقيع رئيسة تايوان “تساي” على سياسة التوجه الجنوبية الجديدة، التي أدرجت الهند كمحور تركيز، كانت وسيلة تايوان لبناء شراكات متعددة.
وتستخدم أيضاً تايوان الدبلوماسية المدنية والإنسانية والبيئية، التي تشكل جزءاً من استراتيجية “القوة الدافئة” لتايوان؛ حيث تتطلع تايبيه إلى أن يشعر شركاؤها “بحسن نية حكومة تايوان وشعبها”، وهو ما يظهر في استثمارات تايبيه الكبيرة في التنمية الدولية والتعليم والإغاثة من الكوارث والتدريب والرعاية الصحية والزراعة، كأساس لتواصلها الموجه نحو المجتمعات والبلدان التي تأمل التقارب معها.
5- تعظيم استخدام القوة الناعمة: وذلك من خلال تعزيز مكانة تايوان كدولة ديمقراطية نابضة بالحياة ومستقرة، لكنها مهددة من قبل “قوة أكبر”. ونظراً للتركيز الجديد على الشراكات القائمة على القيم، يمكن لتايوان التحرك لتلائم نفسها في أطر مثل إطارَي المحيط الهندي والمحيط الهادئ الحر والمفتوح والإطار الاقتصادي الهندي والمحيط الهادئ؛ لذلك قد تكثف تايوان أيضاً، وخصوصاً في سياق ما بعد الحرب الأوكرانية، حواراتها الأمنية والدفاعية مع دول المنطقة، مستغلةً خبرتها الكبيرة في صد الهجمات الإلكترونية والمعلومات المضللة؛ الأمر الذي سيثير اهتمام القوى الإقليمية أيضاً، ويمكن أن تكون نقطة انطلاق رئيسية للمناقشات التي تركز على الأمن.
وفي هذا الإطار، تشير الأدبيات إلى ممارسة تايوان ما تُعرف بـ”دبلوماسية الديمقراطية”، التي يتم ممارستها تقليدياً من خلال مؤسسة تايوان للديمقراطية، التي تسعى إلى بناء تعاون دولي قائم على الديمقراطية وحقوق الإنسان؛ حيث يرى الخبراء أن جزءاً من جاذبية تايوان يتمثل في قوتها الناعمة كديمقراطية نشطة.
6- الاستخدام المكثف للدبلوماسية الرقمية: شهدت السنوات الماضية اعتماد تايوان على ما يعرف بالدبلوماسية الرقمية digital diplomacy والتي تشير إلى الاستخدام الواسع للتكنولوجيا، ولا سيما الإنترنت وغيرها من الابتكارات القائمة على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT)، في تحقيق أهداف الدبلوماسية. وفي هذا الصدد، يذكر “داميان كيف” و “إيمي تشانغ شين”، في مقال منشور لهما بصحيفة نيويورك تايمز يوم 25 أكتوبر الماضي، أن “المنظمات العاملة في مجال الدبلوماسية الرقمية قامت بنشر رسائل مؤيدة لتايوان على منصات التواصل الاجتماعي في جميع أنحاء العالم من خلال الرسوم الهزلية والهدايا المتعلقة بالمنتجات التايوانية”. ومن المنظمات التايوانية النشيطة في هذا المجال مؤسسة جمعية تايوان للدبلوماسية الرقمية، والتي تضم موظفين متعددي اللغات، وتستهدف إنتاج محتوى وسائط اجتماعية للبلدان التي تنشط فيها تايوان، وتدريب مئات المتطوعين على منصات التواصل الاجتماعي حتى يتمكنوا من المساعدة في إبقاء تايوان مركز اهتمام.
قيود التحرك
بالرغم من هذه التحركات الدبلوماسية لتايوان، فإنها تواجه تحديات رئيسية؛ أهمها القيود الاقتصادية؛ فعلى سبيل المثال، تعرضت سياسة تقديم الدعم وتمويل النخب في الدول الأخرى للحصول على المساندة، لانتقادات شديدة في تايوان، خاصة بعد أن خسرت تايوان ما يقدر بنحو 30 مليون دولار أمريكي في محاولة فاشلة للحصول على اعتراف دبلوماسي من بابوا غينيا الجديدة، كما تم تقويضها بسبب النمو الاقتصادي في جمهورية الصين الشعبية في العقود الأخيرة؛ حيث بلغت مساعدات بكين لدول جزر المحيط الهادئ 10 أضعاف مساعدات تايوان؛ لذلك تم إجبارها على تغيير المسار.
كما أن مكانة الصين الدولية وقدرتها على الضغط على الدول الأخرى لمنع اعترافها بتايوان يشكل عائقاً هائلاً أمام التحركات الدبلوماسية التايوانية؛ فعلى مدار عقود، سعت بكين إلى تقييد الفضاء الدبلوماسي لتايوان، وتعطيل علاقاتها الدبلوماسية الحالية باستخدام مجموعة من الأدوات، أهمها علاقتها الاقتصادية والتجارية الكبيرة مع مختلف البلدان؛ فعلى سبيل المثال، سحبت جزر سليمان اعترافها بتايوان في عام 2019؛ لأن الصين بحلول ذلك الوقت كانت أكبر شريك تجاري لها، كما وعدت بكين بتقديم مساعدات هائلة لجزر سليمان.
خلاصة القول: أدت الحرب الحالية في أوكرانيا إلى مخاوف من اندلاع صراع مماثل في مضيق تايوان. وعلى الرغم من اختلاف السياق الجيوسياسي بين أوكرانيا وتايوان، فإن هناك بعض النقاط المتشابهة التي قد تقلق تايبيه؛ حيث أثبتت روسيا أن القوى العالمية يمكن أن تتبع سياسات شديدة العدوانية، حتى لو كلفتها كثيراً، لإصلاح ما تعتبره “أخطاء تاريخية”. وفي الوقت نفسه، تدرك تايوان أن الحزب الشيوعي الصيني قد بنى الكثير من شرعيته السياسية المحلية على فكرة الصين الموحدة، ومن ثم فإن لدى بكين حافزاً قوياً لفرض توحيد تايوان مع الصين الأم و”لو بالقوة”.
وهكذا، يبدو أن المقاربة الحالية لتايوان هي أنه يمكنها تعويض الضغط الصيني باستثمارات أكبر في الداخل، وقدرات دفاعية محسنة، وسياسات ثابتة ومتوقعة عبر المضيق، واستدامة دورها المركزي في سلاسل القيمة العالمية، وتنسيق أكثر إحكاماً مع الأصدقاء والشركاء في الخارج. وفي الوقت نفسه، فإن الوضع عبر المضيق ديناميكي وليس ثابتاً؛ فمع تصاعد التحديات من جانب الصين بشأن قدرة تايوان على الحفاظ على الاستقلال السياسي، والحكم الديمقراطي، والحيوية الاقتصادية، والفضاء الدولي، يجب أن تتكيف استراتيجية تايوان الشاملة.
في المقابل، فإن استراتيجية بكين لعزل تايبيه جزء من مواجهة أمنية وأيديولوجية وتكنولوجية أوسع بين الصين والدول الغربية؛ حيث لا يسعى البر الرئيسي للصين فقط إلى عزل تايوان من خلال إقناع حلفائه الدبلوماسيين بتبديل ولائهم، بل إن مناوراتها هي أيضاً جزء من استراتيجية جيوسياسية أوسع؛ فمن خلال إقناع بنما بتغيير موقفها في عام 2017، كان الحزب الشيوعي يربح معركة دبلوماسية ويؤمن علاقة مميزة مع حكومة دولة تسيطر على أحد أهم ممرات التجارة البحرية في العالم، كما أن هناك حالة مماثلة في جزر سليمان؛ فبعد الاعتراف بالبر الرئيسي للصين في عام 2019، وقعت الحكومتان مؤخراً اتفاقية أمنية تسمح للسفن الحربية الصينية بالرسو على الجزر، مقابل أنه يمكن أن ترسل بكين قوات أمن “للمساعدة في الحفاظ على النظام الاجتماعي”.