كيف يتسبب «التبجح» الإسرائيلي في إشعال حرب بحرية مع إيران؟

profile
  • clock 12 أبريل 2021, 9:19:08 م
  • eye 812
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

قال يوسي ميلمان في تقرير على موقع «ميدل إيست آي» إن إيران غضت الطرف عن الهجمات البحرية الإسرائيلية لسنوات. لكن التسريبات المتغطرسة لوسائل الإعلام العبرية أجبرت طهران على الرد. وإليكم ترجمة التقرير كاملًا.


تلعب إسرائيل بالنار بهجماتها المتكررة على السفن الإيرانية في البحر والاحتفال بذلك من خلال التسريبات إلى وسائل الإعلام. وبينما تكافح الولايات المتحدة وإيران لإيجاد صيغة للعودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، يبدو أن قادة إسرائيل ورؤساء الأمن والاستخبارات يحاولون عرقلة أي مصالحة محتملة بين طهران وواشنطن.

وقد شهد الأسبوع الماضي أحدث حلقة في هذا الاتجاه؛ إذ تعرضت سفينة إيرانية تدعى سافيز، يوم الثلاثاء الماضي، لتفجير بلغم أثناء إبحارها في البحر الأحمر بالقرب من الساحل الإريتري. يُعتقد أن الهجوم عملية أخرى تقوم بها كوماندوز البحرية الإسرائيلية. ولم تعلق إسرائيل على الحادث. لكن صحيفة «نيويورك تايمز»، الناشر الحصري للتسريبات الإسرائيلية الرسمية، قالت: إن مسؤولًا أمريكيًّا أبلغ إدارته بأن القوات الإسرائيلية هاجمت السفينة.

لم يتم الإبلاغ عن الحجم الكامل للضرر، ولكن قيل فقط أن سافيز قد تضررت بسبب لغم كان مثبتًا بالسفينة. ووفقًا للمسؤول الأمريكي، وصف الإسرائيليون الهجوم بأنه رد انتقامي على الضربات الإيرانية السابقة على السفن الإسرائيلية، وقالوا: إن السفينة سافيز تعرضت لأضرار تحت خط الماء.

وعلى الرغم من تسجيلها رسميًا باعتبارها سفينة شحن، إلا أن سفينة سافيز هي عمليًا سفينة عسكرية يملكها الحرس الثوري الإيراني وتديرها القوات الخاصة. وقد زعمت المواقع الإيرانية ووسائل التواصل الاجتماعي أن مهمة سافيز كانت مكافحة القراصنة، لكن مصادر المخابرات الغربية تقول إن السفينة معروفة بأنها تُستخدم كمنصة لمهام جمع المعلومات الاستخبارية الإيرانية ولتنفيذ عمليات سرية.

حرب بحرية جديدة

اشتعلت الحرب البحرية بين إسرائيل وإيران في عام 2018، بعد أن أعلن دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني وفرض عقوبات مؤلمة على طهران.

كان قرار واشنطن الإستراتيجي الأحادي – ولم يزل – يمثل ضربة كبيرة للاقتصاد الإيراني، لا سيما النفط، الصناعة التصديرية الرئيسية فيه. شجع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس الموساد يوسي كوهين ترامب وقدموا له مساندة قوية.

وقد أجبر تدهور الاقتصاد الإيراني طهران على تقليص الدعم المالي لميليشياتها الشيعية المنتشرة في سوريا وحزب الله اللبناني. تقدر المخابرات العسكرية الإسرائيلية أن دعم إيران لحزب الله – حوالي 700 مليون دولار في السنة – عانى من انخفاض كبير منذ عام 2018.

وقد أدى ذلك إلى خفض رواتب عشرات الآلاف من مقاتلي الحزب، وتقليص المدفوعات لعائلات القتلى أو الجرحى في الحرب الأهلية السورية، وتقليل التدريبات، مما قوض الاستعداد واللياقة العسكرية.

كان حزب الله والميليشيات الأخرى المدعومة من إيران بحاجة إلى المال، وقد توصل الجنرال قاسم سليماني، القائد الأسطوري لفيلق القدس الذي اغتالته الولايات المتحدة في يناير (كانون الثاني) 2020، إلى خطة إبداعية لتمويلها. فقد رتب لتهريب النفط وبيعه في سوريا، متحايلًا على العقوبات الدولية المفروضة على كل من دمشق وطهران.

وقد استُخدمت كل الوسائل الممكنة لتضليل وكالات التجسس الغربية وشركات الشحن الدولية. بدأ تحميل النفط الإيراني في الموانئ باستخدام شركات وهمية، وتهريبه على ناقلات تحمل أسماء متغيرة. اشترى تجار إيرانيون وسوريون ولبنانيون النفط، وبالمقابل مولوا الميليشيات الشيعية وحزب الله بالليرة السورية.

على الرغم من انخفاض قيمة عملات سوريا ولبنان خلال العام الماضي، إلا أنها تتسم بالسيولة. لقد تحدت تحركات سليماني المعقدة إسرائيل التي ردت بخطتها الخاصة. كانت الفكرة العامة هي بدء حملة وقائية واسعة النطاق باستخدام الأدوات العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية والنفسية.

وقد تُرجم ذلك إلى عشرات من عمليات جمع المعلومات الاستخبارية السرية من قبل المخابرات العسكرية ووحدات الموساد، إلى جانب آلاف الضربات الجوية على أهداف مرتبطة بالميليشيات الشيعية وحزب الله والحرس الثوري الإيراني. ونُفِّذت معظم الهجمات في سوريا، وأخرى على الحدود العراقية، وزُعم أن بعض الهجمات المعزولة وقعت في لبنان. وهكذا امتدت المعركة بين إسرائيل وإيران من الأرض والجو والأمن السيبراني إلى البحار.

كانت الفكرة هي استخدام الموساد وقدرات المخابرات العسكرية للحصول على معلومات دقيقة من شأنها أن تمكن إسرائيل من تخريب القوارب الإيرانية دون إغراقها أو التسبب في كوارث بيئية.

بداية الرد الإيراني

سارت الأمور بشكل جيد حتى فاض بإيران الكيل.

قبل أسابيع قليلة، قرر الحرس الثوري الإيراني الرد بشكل تدريجي. هاجمت قواته سفينة شحن مملوكة جزئيًا لتاجر السيارات الإسرائيلي وقطب الشحن رامي أنجار، وكانت تنقل مركبات من شرق آسيا إلى الهند. أنجار هو صديق لكوهين وحتى تبرع بالمال إلى كنيسه.

لم تكن مثل هذه الخطوة لتحدث لو لم تسرّب إسرائيل أنباء هجماتها على السفن الإيرانية بشكل متكرر؛ فلم يعد بإمكان إيران أن تغض الطرف. وسرعان ما أتبعته طهران بهجوم آخر؛ إذ قامت القوات البحرية التابعة للحرس الثوري بتخريب سفينة أخرى يملكها رجل الأعمال الإسرائيلي إيهود أنجل، الشريك التجاري لعائلة عوفر.

تمتلك عائلة عوفر أسطولًا من السفن وناقلات النفط التي تتخذ من سنغافورة مقرًا لها، التي كانت في الماضي تتعامل مع إيران، وفي النهاية فرضت عليها إدارة أوباما عقوبات. وطالما كانت المهمات التخريبية تتم سرًا، كان من الملائم لإيران أن تتجاهلها وكأنها لم تحدث. لكن في اللحظة التي بدأت فيها الثرثرة، كان من الواضح للقيادة الدبلوماسية والعسكرية الإسرائيلية أن هذه ستكون لعبة خطيرة ذات تأثير عكسي.

إن إيران يمكنها أن ترد وتفعل الشيء نفسه. لكن آخر ما تحتاجه إسرائيل هو حرب بحرية؛ فحوالي 90% من البضائع التي تستوردها إسرائيل وتصدرها تأتي وتذهب عن طريق السفن. لذا فإن الطرق البحرية هي نقطة ضعف إسرائيل.

موجة التقارير تزعج دوائر الشحن أيضًا، خوفًا من زعزعة الاستقرار التي قد ترفع تكاليف التأمين وخسائره. بالإضافة إلى ذلك، تناقش الإدارة الأمريكية الجديدة سياستها تجاه إيران وتحاول تحديد كيفية العودة إلى الاتفاق النووي ورفع العقوبات. والمواجهة في البحر تدمر تطلعات البيت الأبيض للاستقرار والتقدم.

في نهاية أبريل (نيسان) يعتزم رئيس الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي ويوسي كوهين، الذي يغادر منصبه في الموساد، السفر إلى واشنطن لمناقشة مخاوف إسرائيل بشأن الاحتمال المتزايد بتغلب الولايات المتحدة وإيران على صعوباتهما، وإبرامهما صفقة نووية جديدة.

ومع ذلك فإن المسؤولين الأمريكيين الذين يدركون أن الحملة البحرية الإسرائيلية تهدف إلى الإضرار بالمحادثات النووية سوف يحذرون القادة الإسرائيليين من الاستمرار في نهجهم.

التعليقات (0)