- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
كيف يمكن أن تتعامل واشنطن مع سيناريوهات الأزمة الأوكرانية؟
كيف يمكن أن تتعامل واشنطن مع سيناريوهات الأزمة الأوكرانية؟
- 17 فبراير 2022, 2:36:14 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
عرض: صباح عبدالصبور
لا تزال التوترات الناجمة عن التحشيد العسكري الكبير للقوات الروسية على الحدود الأوكرانية، تحظى بصدارة الاهتمام العالمي، خاصةً في ظل قيادة الولايات المتحدة جهوداً دولية حثيثة من أجل نزع فتيل الأزمة، عبر التلويح بعقوبات واسعة ضد موسكو، بالتنسيق مع الحلفاء الغربيين، وكذلك عبر تعزيز تموضع قوات حلف الناتو، ورفع التسليح العسكري للجيش الأوكراني. وقد فشلت جميع الجهود الدبلوماسية حتى الآن في التوصُّل إلى حل للأزمة الأوكرانية، وأدَّى هذا الأمر إلى تزايد الهوة بين الغرب وروسيا بدرجة غير مسبوقة منذ انهيار الاتحاد السوفييتي.
حيث أوضح المسؤولون الروس أنهم غير مهتمِّين بالمُقترَحات التي تركِّز على الاستقرار أو التدريبات العسكرية فقط، أو حتى على وقف عضوية أوكرانيا في الناتو، بل يسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى التفكيك الكامل للهيكل الأمني لأوروبا بعد الحرب الباردة، والتراجع عن الاتفاقيات الدولية الأساسية التي تحكم حقوق الدول في تقرير المصير، وهو أمر لن يقبله الغرب. وفي ضوء هذا، نشر موقع “فورين أفيرز” تقريراً بعنوان “اليوم التالي لهجمات روسيا: كيف ستبدو الحرب في أوكرانيا؟ وكيف يجب أن تستجيب الولايات المتحدة؟”؛ إذ يركِّز التقرير بنسبة أساسية على السيناريوهات المُحتملَة لمستقبل الوضع في أوكرانيا.
أفضلية روسية
أوضح التقرير أن هناك جملة من المؤشرات تؤكد وجود أفضلية للجانب الروسي على خصومه في الأزمة الأوكرانية، ويمكن استعراض أبرز هذه المؤشرات من خلال ما يلي:
1- الحشد العسكري الروسي على جميع الجبهات: على الرغم من تأكيد روسيا عدم وجود خطط لديها لغزو أوكرانيا، استمرت موسكو في تعزيز حضورها العسكري على طول الحدود الأوكرانية الروسية بلا توقف؛ حيث تم نقل المعدات العسكرية من المنطقة العسكرية الشرقية في روسيا إلى غرب البلاد. وشملت المعدات العسكرية التي تم نقلها طائرات الهليكوبتر الهجومية وطائرات النقل، وكذلك وحدات الدعم. وبررت روسيا أيضاً قيامها بالحشد العسكري شمال أوكرانيا بأنه يأتي في إطار إجراء تدريبات عسكرية مشتركة مع بيلاروسيا حتى 20 فبراير الجاري. وتتركَّز القوات الروسية بالفعل بالقرب من الحدود الجنوبية والجنوبية الشرقية مع أوكرانيا. وتشير التدريبات التي يقوم بها الجيش الروسي باستخدام الذخيرة الحية، ووصول وحدات الدعم اللوجستي إلى مناطق التدريبات؛ إلى وجود قوة تستعد للحرب. وقد رجَّح الرئيس الأمريكي جو بايدن، في 19 يناير الماضي، أن يُقدِم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على غزو أوكرانيا، متوقعاً أن يقرر بوتين في النهاية شكلاً من أشكال الغزو أو التوغل. ولفت بايدن إلى أن الرئيس الروسي “يريد اختبار الغرب والولايات المتحدة والناتو”.
2- تراجع قدرة واشنطن على ردع الجانب الروسي: على الرغم من أن إدارة بايدن تعاملت مع عملية المفاوضات الزائفة مع روسيا بأسلوب مثير للإعجاب؛ فإن النتيجة النهائية ستظل تذكِّر بالفرص الضائعة؛ فقد وضعت واشنطن نفسها في موقف ربما يفشل فيه الردع، ما لم يقترن بالتصعيد العسكري. وتعتبر خيارات الردع اليوم أسوأ بكثير مما كانت عليه العام الماضي أو الشهر الماضي أو حتى الأسبوع الماضي. ولقد كان التزام الولايات المتحدة بالسلام والقرارات الدبلوماسية خلال هذا الوقت جديراً بالثناء. ولكن بالتركيز على الدبلوماسية دون التركيز المتناسب على أدوات القوة الصلبة، أضاعت إدارة بايدن فرصة للتحكم في مسار الأزمة؛ إذ كان من الممكن أن يؤدي الرد على التعزيزات العسكرية التي قامت بها روسيا على حدودها مع أوكرانيا بأسلوب واسع وغير مسبوق؛ إلى تغييرات استباقية في ميزان القوة، وإدخال المساعدات اللازمة إلى أوكرانيا التي ربما كان لها تأثير أكبر على تغيير حسابات الكرملين وتعامله مع الأزمة. وأصبحت الولايات المتحدة مضطرة، في ظل هذا الواقع، إلى أن تواجه روسيا بقدرة محدودة على الردع والإكراه.
3- نجاح موسكو في إرباك خصومها الرئيسيين: أصبح العالم الآن على شفا أكبر هجوم عسكري في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وبالنظر إلى الحسابات الحالية لأصحاب المصلحة الرئيسيين، فمن غير المُرجَّح أن تقوم الولايات المتحدة أو أوكرانيا أو روسيا بإحداث تغييرات كبيرة في نهجهم الحالي في التعامل مع الأزمة بوضعها الراهن؛ إذ لا ترغب واشنطن في استخدام القوة الصارمة لردع روسيا، ولن تتراجع عن المبادئ أو القيم التي تتبناها منذ عقود. وفي أوكرانيا، يبدو أن موقف الرئيس فلاديمير زيلينسكي محفوفاً بالمخاطر فعليّاً؛ وذلك نظراً إلى تراجع معدلات التأييد الشعبي له، وفشله في تنفيذ خطة ثنائية لخفض التصعيد مع روسيا، مع ثقة متوسطة بقدرته على قيادة البلاد خلال وقت الحرب؛ وذلك في ضوء تركيزه على محاكمة الرئيس السابق بترو بوروشنكو بتهمة الخيانة، وتقليله من التهديد الروسي الحالي. وحتى إذا غيَّرت واشنطن أو كييف موقفها من الأزمة، فلا يوجد ضمان بأن موسكو ستكون راضية بقدر يدفعها إلى وقف التصعيد. ويعني هذا الأمر نجاح موسكو في إرباك حسابات الخصوم.
سيناريوهات ثلاثة
أكد التقرير أنه بافتراض فشل التوصل إلى حل دبلوماسي، فإن هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة لمستقبل أوكرانيا. ويمكن استعراض هذه السيناريوهات من خلال ما يأتي:
1- التوصل إلى حل دبلوماسي قسري للأزمة: يتضمَّن السيناريو الأول حلّاً دبلوماسيّاً قسريّاً للأزمة الحالية. وتتمثل أبرز أبعاد وتداعيات هذا السيناريو في الاعتراف رسميّاً بمنطقة دونباس؛ إذ يمكن لروسيا أن تتحرك للاعتراف رسميّاً بمنطقة “دونباس” المحتلة في شرق أوكرانيا أو ضمها، أو قد تتورط كييف في اتباع نموذج جورجيا؛ حيث تأمل القيادة الروسية أيضاً في دفع أوكرانيا إلى تقدير الأمور تقديراً غيرَ صحيح، على غرار ما حدث في عام 2008 من قبل الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي الذي اختار محاربة الانفصاليين المدعومين من روسيا في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، فمنح الكرملين ذريعة للقيام بعمل عسكري إضافي دون الشعور بأي ذنب. وعلى الرغم من ذلك، فإن مثل هذه التحركات بمفردها غير كافية لتحقيق مكاسب لروسيا، بل قد تزيد الوضع الراهن تعقيداً، وتُفقد روسيا إمكانية إدخال “طابور خامس” مؤيد للكرملين في السياسة الداخلية الأوكرانية. وإذا اختار بوتين هذا السيناريو، فعندئذ قد تستمر الولايات المتحدة والناتو في الرد بعمليات نشر إضافية على طول الجناح الشرقي لحلف الناتو؛ ما قد يؤدي إلى ترسيخ نوع من المعضلة الأمنية التي يريد الكرملين تجنبها.
2- تعرض أوكرانيا لهجوم محدود من روسيا: قد ينطوي السيناريو الثاني على هجوم روسي محدود، مع قوة جوية محدودة، للاستيلاء على أراضٍ إضافية في شرق أوكرانيا وفي دونباس، وربما يكون ذلك تمهيداً للاعتراف أو الضم الكامل، وقد تتحرك موسكو من خلال عدة مسارات محتملة: إما اتباع طريقة “هجوم الكماشة” للاستيلاء على مناطق حيوية، أو من الجنوب يمكن لروسيا إنشاء “جسر بري” يربط شبه جزيرة القرم بالبر الرئيسي لروسيا. ويمكنها أيضاً إطلاق عملية برمائية للاستيلاء على أوديسا التي تعد أهم ميناء في أوكرانيا، ثم الاندفاع نحو القوات الروسية المتمركزة بالفعل في ترانسنيستريا، وهي منطقة انفصالية في مولدوفا. وفي سياق متصل، قد تتجه موسكو إلى تحويل أوكرانيا إلى دولة غير ساحلية. وستحرم مثل هذه الخطوة أوكرانيا من الموانئ الاقتصادية الحيوية على طول ساحلها الجنوبي، وتجعلها دولة بغير سواحل. أما المسار الأخير فقد يرتبط بإدخال موسكو في حرب شوارع ممتدة.
3- هجوم روسي واسع النطاق ضد أوكرانيا: يدور السيناريو الثالث حول قيام روسيا بشن هجوم واسع النطاق تستخدم فيه القوة البرية والجوية والبحرية على جميع محاور الهجوم. ويعتبر هذا السيناريو هو الأكثر ترجيحاً؛ إذ قد تفضِّل موسكو حصاراً شاملاً وسريعاً للقوات الأوكرانية. وفي هذا السيناريو، ستحقق روسيا تفوُّقاً جويّاً وبحريّاً في وقت قياسي. ويمكن لهذه القوات التقدم نحو كييف مباشرة وتسريع استسلام الحكومة الأوكرانية. ومن غير المُرجَّح أن يحدث احتلال طويل الأمد في هذا السيناريو؛ إذ قد يؤدي اقتحام المدن الكبرى إلى حرب حضرية وخسائر إضافية ربما يرغب الجيش الروسي في تجنُّبها.
وفي ذات السياق، قد تركز موسكو على الضربات العقابية ضد الحكومة الأوكرانية والجيش والبنية التحتية الحيوية والأماكن ذات الدلالة للهوية الوطنية للأوكرانيين ومعنوياتهم، أو قد تلجأ موسكو إلى إحداث شلل تام للدولة الأوكرانية. وستشمل هذه العملية شن هجمات إلكترونية تستهدف البنية التحتية الحيوية، مثل شبكة الكهرباء في أوكرانيا التي يمكن أن تشل الدولة الأوكرانية. كما ستعطي روسيا الأولوية لتدمير مصنعي الأسلحة الأوكرانيَّيْن. ومن خلال القضاء على قدرة أوكرانيا على تطوير وإنتاج صواريخ نبتون كروز، وأنظمة صواريخ سابسان، وصواريخ هريم 2 الباليستية القصيرة المدى، يمكن لروسيا أن تزيل التهديد المحتمل للردع التقليدي من أوكرانيا في المستقبل القريب. ووفقاً للسيناريو الثالث، ستُصاب الحكومة الأوكرانية والجيش والبنية التحتية الاقتصادية بالشلل، فتتحول أوكرانيا إلى دولة فاشلة.
الاستجابة الأمريكية
أشار التقرير إلى أنه بغض النظر عما إذا كانت روسيا ستختار توغلاً محدوداً أو هجوماً أوسع نطاقاً، فإن العواقب التي تواجهها من الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها يجب أن تكون غير مسبوقة كما سبق أن حذرت إدارة بايدن. واقترح التقرير على إدارة بايدن والكونجرس بعض الخطوات المقترحة، وهي:
1- دعم مشروع قانون الدفاع عن سيادة أوكرانيا: قدَّم السيناتور الأمريكي روبرت مينينديز الديمقراطي عن ولاية نيو جيرسي ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، مشروع قانون الدفاع عن سيادة أوكرانيا لعام 2022. ويحقق مشروع القانون هذا أمنيات مناصري السيادة الأوكرانية. ويتضمَّن مشروع قانون مينينديز جملة أحكام داعمة لأوكرانيا، مثل قروض إضافية لدعم الجيش الأوكراني، وتعزيز القدرات الدفاعية الأوكرانية، وزيادة الدعم لبرامج التبادل العسكري بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، ومساعدة إضافية لمكافحة المعلومات المضللة في أوكرانيا، والكشف العلني عن الأصول غير المشروعة التي يملكها بوتين وأعضاء دائرته الداخلية.
2- إنهاء الانقسامات الحزبية بشأن دعم أوكرانيا: لقد أشارت إدارة بايدن بالفعل إلى دعمها مشروع قانون مينينديز. ويجب على بايدن أن يخطو خطوة أخرى إلى الأمام ويرعى عملية تمرير المشروع من خلال مجلس الشيوخ ومجلس النواب، والمناورة بعناية لضمان ألا تصبح هذه الإجراءات الحاسمة ضحية أخرى للمشاحنات الحزبية. وقد بدأ بايدن بداية جيدة بالاجتماع حول أوكرانيا مع أعضاء مجلس الشيوخ من كلا الحزبين. ويجب على أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين التفكير في إضافة عناصر إلى مشروع قانون مينينديز من مشروع قانون منافس قدمه جيم ريش النائب الجمهوري لولاية أيداهو والعضو البارز في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، على اعتبار أن ذلك سيخفف الانقسامات الحزبية. ويعتقد الكرملين أن الافتقار إلى التماسك الداخلي للولايات المتحدة سيقوِّض قدرة واشنطن على الرد القوي. ويجب على الكونجرس ألا يضفي مصداقية على هذا الاعتقاد.
3- فرض عقوبات تطال الأوليجاركية الروسية: يجب على الإدارة الأمريكية أيضاً متابعة العقوبات التي تستهدف صادرات التكنولوجيا الأمريكية المتقدمة إلى روسيا، وهو إجراء يمكن أن يؤثر سلباً على صناعات الفضاء والأسلحة الروسية. ويتعين على الكونجرس أو إدارة بايدن تجاوز مجرد الكشف عن الأصول التي تحتفظ بها الدائرة المقربة لبوتين إلى استهداف الأصول نفسها بشكل مباشر، بدءاً من العقوبات المفروضة على 35 فرداً كان المنشق الروسي أليكسي نافالني أوصى بها. وسيكون الضغط على الأوليجاركية (القلة الحاكمة) الرئيسية المحيطة ببوتين بأهمية معاقبة المسؤولين الذين سيشاركون بشكل مباشر في الأعمال العسكرية، إن لم يكن أكثر من ذلك.
وقد يشكك البعض في فاعلية العقوبات كأدوات للردع أو تغيير السلوك، خاصةً أنه مع وجود 630 مليار دولار من الاحتياطيات الدولية، وزيادة توطين الصناعات الحيوية، وسوق طاقة مواتية، وبدائل لنظام سويفت في شكل النظام الروسي المحلي لنقل الرسائل المالية والنظام الصيني للدفع بين البنوك وعبر الحدود؛ فقد تكون روسيا قادرة على الصمود في وجه العقوبات. ومع ذلك، فإن مثل هذه المخاوف تتجاهل حقيقة أن العقوبات تتسبب بخسائر مادية وغير مادية بشكل متزايد، وتضعف شبكات نفوذ الكرملين. كما كان لتهديد العقوبات تأثير سلبي على سوق الأسهم الروسية.
4- إشراك الحلفاء الأوروبيين في فرض العقوبات: ستكون العقوبات أقل جدوى وفاعليةً بكثير من دون تأمين الوحدة عبر الأطلسي وضمان تعاون الاتحاد الأوروبي. أضف إلى ذلك أن حلفاء واشنطن الأوروبيين قلقون من احتمال أن تضر العقوبات باقتصاداتهم. وبناءً على التعليقات التي أدلى بها جو بايدن في الآونة الأخيرة، يبدو أن واشنطن قد تكافح من أجل حشد رد موحد على العدوان الروسي المرتقب، لا سيما في حالة الهجمات الإلكترونية أو الأعمال غير العسكرية أو شبه العسكرية. ويمكن أن تحاول الولايات المتحدة إجبار الدول الأوروبية على المشاركة، كما فعلت في عام 2012، عندما ضغطت لفصل إيران عن نظام سويفت، ولكن في ظل خطر تفكك الوحدة عبر الأطلسي، قد تكون واشنطن غير مستعدة لإكراه حلفائها.
5- تقديم دعم عسكري نوعي للقوات الأوكرانية: يمكن للولايات المتحدة أن تساعد في تمكين الحكومة الأوكرانية من الرد على العمليات الروسية المرتقبة، من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية الاستراتيجية والتشغيلية حتى التكتيكية. ويجب عليها أيضاً أن تحذو حذو بريطانيا، وأن ترسل مساعدات جادة قبل أي هجوم روسي مرتقب، وأن تزود أوكرانيا بالأسلحة الخفيفة والذخائر والمعدات، وبكميات كبيرة من أنظمة الدفاع الجوي المحمولة، بالإضافة إلى أنظمة متطورة وحديثة، بما في ذلك صواريخ باتريوت المضادة للطيران وصواريخ هاربون المضادة للسفن.
وقد يجادل منتقدو هذا النهج أن تسليم هذه الأنظمة من شأنه أن يوفر ذريعة للكرملين لشن هجومه بشكل استباقي. ولكن إذا كان العمل العسكري الروسي أمراً مفروغاً منه بالفعل، فلن يكون هناك سبب لعدم التحرك. وبرغم أنه لا يمكن تسليم أنظمة متطورة في الوقت المناسب؛ لأنها تتطلب تدريباً خاصّاً لتشغيلها؛ لا يزال من الممكن نشر بعض الأنظمة بقدرة تشغيلية أولية. وتلك الأنظمة لن تغير ميزان القوة العسكرية بين أوكرانيا وروسيا، لكنها ستفرض تكاليف إضافية على الغزاة الروس وتساهم في الردع عند اقترانها بأعمال أخرى.
6- وضع خطط مبكرة لاستيعاب اللاجئين المحتملين: يجب على واشنطن وحلفائها وشركائها الأوروبيين، إنشاء ممرات إنسانية بالموارد والأفراد لحماية اللاجئين؛ وذلك بالاشتراك مع المنظمات الإنسانية الدولية؛ إذ قد يفر عشرات الآلاف –إن لم يكن مئات الآلاف أو الملايين– من الصراع، إما كمشردين داخل أوكرانيا أو كلاجئين في البلدان المجاورة؛ لذا يجب على الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي استيعاب هذا التدفق من طالبي اللجوء واللاجئين بخدمات خاصة طارئة، وتأشيرات هجرة من النوع الذي تم توفيره للأفغان الفارين من سيطرة طالبان. وسيحتاج أعضاء الناتو إلى تقاسم العبء الذي يفرضه هذا التدفق.
وختاماً، أشار التقرير إلى أن نشوب نزاع عسكري كبير في أوكرانيا سيكون كارثة، ونتيجة لا ينبغي لأحد أن يتوق إليها، لكن التقرير أكد ضرورة استعداد الولايات المتحدة لهذا الاحتمال. وذكر التقرير أنه في اللحظة التي تبدأ فيها الحرب، سيصبح المشهد الجيوسياسي أكثر تحدياً للأمن القومي الأمريكي. وشدد التقرير على ضرورة أن تتحمل واشنطن الأسوأ، وأن تخطط وفقاً لذلك، مستفيدة من جميع عناصر قوتها لحماية المصالح الأمريكية. كما نوه التقرير بضرورة أن تحافظ إدارة بايدن على توازن دقيق، بحيث تتجنب مواجهة عسكرية فردية مع روسيا.
المصدر:
– Alexander Vindman and Dominic Cruz Bustillos, the Day after Russia Attacks What War in Ukraine Would Look Like—and How America Should Respond, Foreign Affairs, January 21, 2022.